منذ حوالي 3 أسابيع كتبت مقالاً بعنوان «أسبوع الحيرة.. والفجيعة».. تعرضت فيه لأحداث ثلاثة: منهاج الرد علي الاساءة الدينية، تفشي الإضرابات والاعتصامات وتواليها، أحداث سيناء الحبيبة.. وهي أحداث ثلاثة تصيب أي مواطن بالاكتئاب والاحباط.. خاصة أنها تثير في النفوس تساؤلات وهواجس غريبة وقاسية.. «إلي أين.. يا مصر»؟ ومع ذلك والتزاماً مني وغيري من المصريين الحقيقيين وجدت قلمي يخاطب من جديد السيد الرئيس المنتخب – حصرياً – في عدد من الموضوعات ذات الحساسية القومية.. أضمن المقال الحالي بعضها ثم أعقبه بمقالات أخري.. علماً بأنني أخاطب الرئيس من منطلق تجربة وخبرة حوالي تسعة من العقود وبالتالي فليس في النفس مآرب أخري. والغريب أن عودتي إلي الكتابة ومخاطبة الرئيس.. دفعني إليها «برنامج تليفزيوني» للإعلامي الغول عماد أديب وأحد ضيوفه الأخ حسن مالك الذي أحسست للحظة أنه يختلف كثيراً عن المحيطين بالرئيس مما أثار في نفسي شبح الأمل وأوضح لماذا؟! وقبل أن استطرد لابد أن نتفق علي عدد من المبادئ العامة لا نحيد عنها سواء كنا في السلطة أو خارج السلطة وهي مبادئ أساسها الأول يتمثل في الاعتراف بأننا في موقفنا الحالي ونحن نحاول بناء مصر المستقبل وكأننا نخوض حرباً تماثل – إن لم تزد علي – حرب أكتوبر 1973، رحم الله المصري الأصيل محمد أنور السادات!.. وتتمثل هذه المبادئ فيما يلي: 1 - مصر هي الوطن الأوحد.. كل الولاء.. وكل البذل.. لمصر.. ولمصلحة مصر حتي ولو اضطررنا إلي تأجيل صداقات وتحالفات إلي حين تقف مصر علي قدميها. 2 - إن عملية بناء مصر المستقبل ليست حكراً علي جماعة أو مجموعة بذاتها وإنما هي موضع المشاركة من جميع المصريين دون حساب «لأيديولوجيات» أو بيعات أو انتماءات كلنا شركاء مسلمون وأقباط.. البدو وأهل النوبة.. الرجال والنساء! 3 - إن بناء الدولة يرتكز علي «عمودين رئيسيين» تتوازي أهميتهما: الأول البنيان السياسي.. والثاني البنيان الاقتصادي.. ولو أن واقع العالم اليوم يفرض علينا «أولوية محدودة» للبناء الاقتصادي! 4 - نحن بصدد بناء «دولة مدنية حديثة» محددة المعالم تساهم في بناء البشرية وتطورها!.. لا عودة إلي الماضي السحيق.. حين كانت تختلف المجتمعات عدداً وفكراً وسلوكاً ومنهجاً.. لا يمكن أن نتنكر لأكثر من (1500) عام من تقدم المعرفة البشرية! فإذا تعرضنا للمائة يوم الأولي من حكم الرئيس.. وما تم إنجازه في المجالات الخمسة التي حددها في برنامجه.. أقول للرئيس – قولاً أميناً مصرياً خالصاً: 1 - الجانب السلبي تفوق علي الجانب الإيجابي.. لماذا؟.. لأن الوعد تمت صياغته من مجموعة غير متخصصة راعت مجرد «الألوان الزاهية»!! 2 - مازال المتسللون إلي مؤسسة الرئاسة يتبعون أسلوب «التخطيط في الظلام» و«في سرية».. متناسين أن المواقف تغيرت وتبدلت.. وأن المشاركة والشفافية هما أساس النجاح! 3 - غالبية الجهود تتجه إلي التناحر والتصادم في المسرح السياسي.. جمعية تأسيسية يشوبها الكثير.. وصدامات مع الهيئات القضائية.. مضيعة للوقت فيما لا طائل منه مجلس شوري يستخدم كأداة للسيطرة والاستئثار!.. وبقي الصرح الاقتصادي يترنح ويقطر دماً.. وطفت علي السطح «فتاوي».. قاتلة وهدامة وتناسي أصحابها أن المبدأ هو: «الضرورات تبيح المحظورات» حتي ولو كانت هذه المحظورات محلا للشك وعدم اليقين. 4 - التصريحات التي يدلي بها الرئيس منذ توليه الرئاسة بعضها يثير الآمال ولكن مجريات الأمور تدل علي أن قدرة الرئيس علي تحقيق ما يقول قدرة محدودة تتطلب إصلاحاً ذاتياً.. تتطلب جرأة وإقداماً من رئيس يمتلك أدوات تمكنه من ذلك.. ولا تنسوا الآية الكريمة «لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم». والآن يأتي دور برنامج إعلامي القرن عماد أديب وضيفه الأخ حسن مالك وغيره: 1 - ابتعد حسن مالك عن الخلط بين السياسة والاقتصاد.. وبالتالي أبعد «الأيديولوجيات السياسية» عن أصول الاقتصاد السليم!.. وبالتالي فإن الحوار أظهر أن قرار الرئيس بإنشاء «لجنة التواصل بين رجال الأعمال والرئاسة» هو قرار صحيح ومصري خالص!.. عسي أن يأتي بعد ذلك بالثمار المرجوة أو بعضها علي الأقل! 2 - يبدو أن حسن مالك يؤمن بمبدأ «المشاركة» بعيدا عن بعض التعبيرات المتحدثة ومنها فإن الوفود الاقتصادية التي صاحبت الرئيس في جولاته الخارجية ضمت الكثير من رجال الأعمال الناجحين.. بعيداً عن الانتماءات السياسية والأيديولوجية وبالتالي فإن ذلك يضمن تجنيد إمكانيات رأس المال الوطني لخدمة مصر ومصر فقط. 3 - وضح - ولو هامشياً – أن الأولوية في مجال التبادل التجاري الخارجي هي لإنتاج ما نتاجر فيه جودة وتكلفة وقدرة تنافسية!!.. ومؤدي هذا أن الأولوية في مجال البناء الاقتصادي هي للإنتاج الوطني: زراعة وصناعة وسياحة وخدمات! عودة إلي الطريق السليم.. وللحديث بقية - ما دام في العمر بقية - تحيا مصر.. تحيا مصر.. ولسوف تحيا.