لم يعد خافياً أن الكثيرين يحاولون السطو علي الثورة الطاهرة لشباب 25 يناير التي نجحت بمساندة القوات المسلحة المصرية الخالصة.. يحاولون السطو.. بمختلف الحيل والأساليب والأقوال والتنهدات والتأوهات... وكلها أساليب لابد أن نقر بها أمانة منا لشباب مصر الطاهر... والذي حرم طويلاً من المشاركة... والآن نحن بصدد محاولات مستميتة للعودة بذلك الشباب الحر إلي الحرمان من المشاركة...!! لقد آن الأوان أن يتعرف الشباب المصري علي بعض الحقائق التي قد تنير لهم الطريق إلي مستقبل "مصر" القوية والحديثة... التي تشارك في ريادة... في بناء العالم أجمع.. عالم يتأسس علي تطور سليم وحقيقي للبشرية جمعاء...!! يا أبنائي وأحفادي... لا تستمعوا إلي فحيح الأفاعي... ولا إلي نقيق الضفادع... فكلها تستهدف مصالحها... وتريد أن تبعدكم عن أهدافكم السامية الطاهرة... وهي أهداف بالقطع ستصل بمصر إلي ما يطمح إليه كل مصري أصيل..!! خذوا وقتكم... ادرسوا... وتمعنوا... وتناقشوا... واتفقوا... واختلفوا... ولكن في نهاية الأمر أنتم.. وأنتم فقط.. تتوصلون إلي... الشكل والمضمون..!! وهنا لابد أن أوجه كلمة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بقيادة الرجل المصري الأصيل المشير حسين طنطاوي... لقد كنتم عاملاً أساسياً في إنجاح ثورة الشباب..!! وعلي الرغم من الأعباء الثقيلة.. فقد تحملتم الكثير...!! ولكن.. هذا قدركم... وعليكم أن تستكملوا المسيرة : حماية لشباب مصر من المتسللين... ووصولاً بمصر إلي نقطة الانطلاق الحقيقية .. !! لا تستعجلوا... ولا تتعجلوا..! وأعطوا لأنفسكم... وللشباب الطاهر... فرصة... للحوار... والمدارسة... والمداولة ... والتوصل إلي ما تريده مصر... ومصر فقط ..!! إن تجربتي عبر تسعة عقود من الزمان... قد تؤهلني لأن أورد فيما يلي عدداً من الثوابت التي - في تصوري - تحدد عدداً من المعالم الرئيسية للدولة الجديدة التي اندلعت الثورة من أجلها... والتي ألخصها فيما يأتي: 1- إن مصر الحديثة دولة مدنية تؤمن إيماناً مطلقاً بمبدأ المواطنة المصرية الخالصة... يتعايش فيها أغلبية من المسلمين مع أقلية من المسيحيين بذات الحقوق والواجبات... وتحترم الحرية الدينية كاملة دون تمييز.. أو تفرقة...!! هكذا تنتهي حدوتة "الفتنة الطائفية"... إلي الأبد..!! 2- بعيداً عن "فذلكة" الصياغات الدستورية والتشريعية فإنني أعتبر أن دستور 1971 قد أصبح غير ذي موضوع... وبما أننا نعيش تحت مظلة "الشرعية الثورية" فإن الأولوية ستكون لوضع دستور جديد يأخذ في حسبانه بالدرجة الأولي المبادئ التي تم الاستفتاء عليها في 19-3-2011... بالإضافة إلي العديد من المبادئ الواضحة والصريحة التي نريد لأنفسنا، ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا، أن يتمتعوا في ظلها بديمقراطية وحرية... وبما لا يعطي مجالاً في المستقبل لكي يعطي أحداً إجازة - ولو عارضة - للديمقراطية والحرية..!! 3- في تصوري أننا ولمدة طويلة - نحتاج إلي نظام رئاسي برلماني - يشابه ولكن لا يطابق النظام الفرنسي. وبالتالي فإن الدستور يجب أن يحدد سلطات بذاتها - وفي إطار مؤسسي - للرئيس ولباقي الأطراف... وبحيث لا يكون لأحد سلطات مطلقة.. أو يكون لأحد إمكانية أن يجور علي باقي المؤسسات التي تشترك في إدارة الدولة..!! ومن ناحية أخري فإنني أري أن أنسب أسلوب في انتخاب مجلس الشعب هو أسلوب "القائمة" مصحوباً بتحديد واضح للاتفاق.. في إطار من الرقابة الكاملة والشفافية المطلقة..!! 4- ونحن نشارك في عالم اليوم والغد، وانطلاقاً مما سبق إعلانه وتأكيداً لارتباطاتنا الدولية... فإن البناء الجديد يجب أن يبتعد اقتصادياً عن "أية" - وأكرر "أية" - أيديولوجيات وأن يكون مصرياً خالصاً تحت عنوان "الاقتصاد الحر ذو الأنياب الإنسانية"... أي أن عائد النمو الاقتصادي يوجه بالدرجة الأولي إلي تنمية الشعب وتحسين مستوي معيشة الأغلبية، مع إعطاء القطاع الخاص الفرصة كاملة لأن يشارك باستثماراته وإبداعاته في بناء مستقبل مصر. 5- واجبات في الفترة القادمة - ولنقل حتي نهاية 2011 - يمكن أن يكون في مقدمتها: علي المشير طنطاوي والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. عليكم أن تتحملوا قدركم وأن تستمروا في إدارة شئون البلاد... وأن تمهدوا التربة الصالحة للبناء الجديد الشامخ..!! علي الشباب الطاهر الذي فجر الثورة... عليكم أن تعدوا أنفسكم سياسياً وعملياً علي مدي الأشهر القليلة القادمة... حتي تستطيعوا كسب المعركة.... وتحقيق التحول. المطلوب..!! مطلوب منكم التصدي للزمارين والمزايدين ومدعي الصلاح ومروجي الإشاعات وشهداء الزور..!! انطلقوا من معرفة حقيقية لمسيرة وتاريخ مصر عبر قرن من الزمان... ليس كله أسود... كلا، وألف كلا... فهناك نقاط مضيئة نبني عليها... عهد فاروق: شهد نهضة صناعية في الثلاثينات والأربعينات... وعهد عبد الناصر: شهد تطوراً اجتماعياً وعربياً.. ولو أنه انتهي باحتلال إسرائيل لسيناء ببدوها ومناجمها وبترولها.. ثم غلق قناة السويس (لا سامح الله من تسببوا في ذلك ومنهم بعض المتشدقين الآن)... وعهد أنور السادات.. من أعظم الرجال الذين شهدتهم مصر الحديثة... الانتصار الوحيد علي الآلة العسكرية الإسرائيلية... تحقيق السلام الصعب... الانطلاق الاقتصادي... ريادة عالمية... أخطأ الرجل في البداية وعندما أراد أن يتدارك الخطأ غدر به من آمن لهم... قدر مصر... ترحموا عليه أيها الشباب الثائر ..فقد كان أنور السادات مصرياً.. ثائراً... ذا رؤية... داهية سياسية..!! ثم عهد حسني مبارك.. لقد سار بمصر في درب السلام الصعب... استكمل البنية الأساسية... قامت صروح صناعية... جاء الفساد في السنوات العشر الأخيرة.. علي أيدي رجال ائتمنهم.. فخانوا الأمانة... وكانت النهاية..!! لا تصدقوا يا أبناء مصر أن كل ما فيها فاسد.. كلا إن لدينا أساساً قوياً سليماً.. كل ما نحتاجه هو إدارة سليمة لمواردنا.. وهو ما سيتحقق علي أيديكم بسرعة... وبإذن الله..!! (ج) علي الحكومة... أن تبتعد عن التيارات التي تريد أن تركب وأن توجه..!! وأن تعمل علي سرعة إعادة الهياكل.. وتحديد مسئوليات الإدارات والهيئات والوزارات... وتحديد أسلوب العمل... وتحديد رؤي اقتصادية لكل القطاعات... وفي مقدمتها الزراعة والصناعة والسياحة..!! ثقتي في د. يحيي الجمل لا حدود لها... ود. جودة عبد الخالق أعلم أنه من أنصار الأنياب الإنسانية للاقتصاد الحر وعليه ألا يتواني في شحذ نواجز اقتصادنا..!! ثم منصور العيسوي.. وأعلم أنه طاهر... وقادر علي العودة بالشرطة إلي حضن مصر..!! ودكتور برعي.. قادر علي إدارة منظومة العمل والعمالة والوصول بها إلي العالمية...!! ود. سمير رضوان أعلم أنه يريد... قدموا له المعرفة السليمة..!! أما عن فايزة أبو النجا ... فأنا أدعو الله أن يحميها... وأن يوفقها.. إنها "رجل دولة" مستحق.. مهمتها صعبة.. ولكني اعلم أنها ستحقق ما نريد.. أما عن فخري عبد النور... فأنا متأكد أن السياحة ستعود إلي دائرة النور علي يديه.. وبسرعة..!! لدينا أيضاً أفاضل كثيرون من رجال الأعمال... شجعوهم.. واحتضنوهم فهم... جزء كبير من أمل المستقبل..!! (د) علي الأحزاب.. وعلي الراغبين في السلطة... تعاملوا مع مصالح مصر بأمانة وحرص... وإلا...فإن الثورة الطاهرة لن تسمح لكم..!! إن القاعدة الشعبية أصبحت أمانة في عنق الشباب الطاهر ... فارفعوا يدكم عنها... ولا تسمموها..!! ومرة ثانية.. وإلا...!! شاركوا عن طهر... وأمانة..!! وليغفر الله.. لكم.. ولنا..!! يا أبنائي وأحفادي.. مصر تنظر إليكم... تدعوكم.. وتبارك خطواتكم..!! إن مصر مليئة بالخيرات ولكن... العيب.. كان... ولا يزال - ولو لفترة - سوء إدارة الموارد وليس قلتها...!! أعيدوا دوران العجلة... كما يجب أن يكون..!! وفي الوقت ذاته احترموا... وتشاوروا... واعملوا وراقبوا... إن الفرصة تأتي مرة واحدة... وقد أتت الفرصة في 25 يناير... فاستثمروها... خاصة وإنها فرصة غالية... ارتوت بدماء غالية من أبناء مصر..!! وتحيا مصر... وتحيا مصر... وتحيا مصر *وزير الهجرة سابقاً "مصري عجوز"