مازالت الكنوز التي كان يملكها قارون مدفونة في أرض مصر مصر أغنى الدول حضارة يشهد على ذلك واديها ونيلها العظيمان، اكتفت ذاتيا بغذائها من القمح وسائر الحبوب بل كانت السّلة الغذائية للامبراطورية الرومانية وكان خراجها يذهب لبلاد الاسلام. ثم جاء الفرنسيون والانجليز وبقيت مصر على غناها حتى انها ادانت بريطانيا بمبلغ 500 مليون ليرة ذهب الى عهد الثورة.. خلت خزائن مصر في عهد الخديوي اسماعيل، حيث الصرف على قناة السويس واحتفال استقبال الاباطرة والملوك والسلاطين تكلف الكثير بالاضافة الى تغيير مجرى النيل في العاصمة. الخديوي اسماعيل كان مبذرا لذلك تكدست الديون على مصر، فكون الاجانب المنتفعون (صندوق الدين العام) وراقبوا بهذه الحجة البلاد ومصروفاتها وفي سنة 1875 باع الصندوق اسهم مصر في شركة قناة السويس للحكومة البريطانية بواسطة بنك (روتشيلد) اليهودي الثري.. وباع الخديوي اسهم مصر لدفع فوائد أقساط الدين الموحد وفي سنة 1878 اصبح وزير المالية انجليزيا، ووزير الاشغال العامة فرنسيا، واحتل الانجليز مصر المديونة لتبقى فيها 70 سنة، والدين الموحد بلغ في سنة 1867 (91) مليون جنيه استرليني.. وهو رقم خيالي في ذاك الزمان، (انظر كتاب: «خريف الغضب» للاستاذ محمد حسنين هيكل صفحة 192 الفصل الثالث). وزادت مصاريف الخديوي الخاصة بسبب عشرات القصور وان كان قد عمّر مصر في جوانب عديدة والحقيقة ان وزيري المالية الانجليزي والاشغال الفرنسي هما من وسعا نطاق الديون، اما المشاريع الكبرى فانها ادخلت مصر الى عصر الحضارة الحديثة.. من حفر قناة السويس الى مد خطوط السكك الحديدية وشق الطرق وقنوات الري.. والجسور ولكن لعبة الغرب جعلته يدخل في مأزق مالي. ٭٭٭ في عهد سيدنا موسى عليه السلام استغل احد اقاربه مصر ونهب خزائنها، انه قارون كما جاء ذكره في القرآن الكريم. {ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة، اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين} صدق الله العظيم (القصص 76).. وقد طغى قارون حتى صار اغنى اغنياء بني اسرائيل.. والكنوز التي يملكها مازالت مدفونة في أرض مصر. وجاء عهد الثورة وكان الرئيس جمال عبدالناصر عفيفا نزيها فأمر اهله بالابتعاد عن مراكز القوة. وجاء الرئيس أنور السادات فوجد في سنة 1971 فائضا ماليا من النقد والذهب فأمر وزير شؤون الرئاسة ان يحمل هذا الفائض الى بيته في الجيزة (المرجع السابق صفحة 194) وامره ان يسلمه الى السيدة جيهان زوجته بواسطة فوزي عبدالحافظ.. وصارت الاموال تحت تصرف الرئيس وتضاعفت هذه الاموال في سنواته الاخيرة.. وهكذا أقالت ساجدة زوجة صدام وزير الخزانة الهاشمي ونقلت كل السيولة الى القصر (كتاب فندق السعادات). ٭٭٭ السادات رأى طائرة الرئيس نيكسون فأمر باقتناء واحدة مثلها بمبلغ (12) مليون دولار فيما كان عبدالناصر يذهب راكبا مع وفوده على خطوط مصر للطيران.. وامر السادات بتجهيز سيارة مرسيدس 600 لتكون مقر قيادة متحركة بتكلفة 700 الف دولار (خريف الغصب صفحة 195). وفي اواخر ايام عبدالناصر كانت الديون تبلغ 380 مليون دولار بسبب السد العالي والمشروعات والطرق والتوسعات في زراعة القمح، كانت ديون مصر لايطاليا 122 مليونا ولألمانيا 106 ملايين وللكويت 130 مليون دولار، ومجموع الدين 1300 مليون وقتها كانت مصر تملك اسلحة وذخائر قيمتها 2200 مليون و1700 مليون اخرى حيث قدم الاتحاد السوفيتي لمصر 1839 مليونا.. وصارت مصر عاصمة العالم الثالث.. هذه مصر رغم ان الاعداد لحرب 1973 تم اعداد الميزانية لها في عهد عبدالناصر اما الناهبون لخزائن مصر فقد جاءوا بعد ذلك وليست خزائن مصر فقط هي التي نهبت بل معظم خزائن الدول الاسلامية فمنذ انتهاء دولة الخلفاء الراشدين صارت كلها موروثة منهوبة.. وأشرف اهل الكتاب على حسابات خزائن المسلمين الى عهد قريب لانهم العارفون بأمور المحاسبة فكانوا ينظمون حسابات الخراج والجند ومازالوا هم سادة البنوك والمؤسسات المالية. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية