رغم دعوات بعض المتهورين إلغاء ميزانيات وزارة الثقافة لتحل محل الاقتراض من صندوق النقد الدولي، إلا أن الشاعر «سعد عبدالرحمن» رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة يؤكد أن حظ كل مصري من نصيب الهيئة فقط ربع جنيه مصري فميزانيتها 283 مليونا تقسم علي 91 مليون نسمة حسب تقدير آخر إحصاء لسكان مصر. التقيت الشاعر الذي يحمل هم كل مبدع، فأشركني في حمل أمانته وهذا شأن كل مسئول جاد. سألته ما هو شكل المستقبل الثقافي في ظل حكم الإخوان؟ - هذا أمر سيشهد عليه المستقبل، لكن علي الجميع أن يدرك ان هيئة قصور الثقافة، هي أعرق مؤسسة ثقافية في المنطقة العربية، وعلينا أن نعيد لها دورها في المجتمع المصري، لكن علينا أن نتفاءل فالتغيير في الواقع المصري أت لا ريب فيه. لكن ما تزال هناك معوقات أمام طريق التفاؤل؟ - بالفعل.. فلدينا إرث من العشوائية في الحجر والبشر والنشاط، بالإضافة إلي ضعف الميزانيات بشكل ملحوظ، انظر معي إلي المواقع الثقافية لا موقع فيها يشبه الآخر، وتجهيزاتها لا تمكنها من أداء دورها المطلوب، وبالنسبة للبشر توجد لدينا تخصصات عليا ووسطي، لكن التخصصات التي نريدها غير موجودة، فعدد موظفي الهيئة يبلغ 16 ألف موظف، قد يكون منهم عشرة آلاف زيادة، لكن إذا بحثنا عن التخصص المطلوب لا نجده، مثل تخصص وثائق مكتبات وإخصائيين موسيقي ومسرح وفنون تشكيلية وفنيي عرض وصوت وإضاءة. ما هي ميزانية الهيئة؟ - الميزانية هزيلة لدرجة لا يتصورها عقل، فإجمالها 283 مليونا تشمل النشاط والحوافز والمرتبات، ولو قسمت هذا المبلغ علي عدد سكان مصر لاكتشفت أن نصيب المواطن ربع جنيه، ونحن نمتلك 300 موقع تحتاج في أكثرها إلي إحلال وتجديد، ومنظومة للدفاع المدني حتي لا تتكرر مأساة حريق مسرح بني سويف، وأمامنا معوقات أخري كثيرة تتمثل في تدريب العمالة حتي أتمكن من الاستفادة منها، وماتزال مؤسسات الدولة كل منها يعمل في مؤسسة منعزلة، وهناك احتقان لدي العاملين، إذ يجد نظيره في أي مؤسسة أخري وعلي نفس الدرجة يحصل علي أضافي مرتبه، وقد يكون يجمعهم مبني واحد، كما أن دعم الثقافة من خلال صناديق المحافظات يرجع إلي مزاج كل محافظ عن آخر، وهناك ما يثير الدهشة إذ يحصل كل عامل في الدولة علي حافز جذب حين يعمل في أي محافظة نائية إلا موظف الثقافة، الأمر الذي خلف الإحباط لدي كثير من العاملين، فكيف نخلق لدي هذا الموظف الانتماء الذي ليس هو ورقة معلقة في الفضاء، إنه لابد من إعادة تنظيم الوظائف وأجورها في كل القطاعات والوزارات، فلا يحصل موظف الثقافة علي أقل من نظيره في نفس الدرجة في وزارات أخري كالكهرباء والبترول. ما الواجب إذن علي الجمهورية الثانية أن تفعله إزاء الثقافة؟ - ما ذكرته لك، بالإضافة إلي أن تنظر إليها علي اعتبار أنها ضرورة وركيزة من ركائز التنمية، ولابد أن تعرف أن أي مشروع للنهضة أو للتنمية لا ينظر إلي الثقافة أنها بعد رئيس لها، هو مشروع محكوم عليه بالفشل. لماذا لا تصدرون منتجاتكم الثقافية إلي نوافذ الإعلام لتنقيتها ورفع شأنها؟ - الإعلام الوحيد الذي يتعامل معنا هو الإعلام الورقي، لكن الإعلام المرئي ثم المسموع لا يتعاون معنا إلا في القليل النادر. فالمرئي لم يتغير عن شأنه المعتاد في دعمه للقيادات والنجوم، ولا يهتم بالحدث الثقافي إلا إذا كان فيه وزير الثقافة أو رئيس الهيئة أو المحافظ علي حسب الدرجات الوظيفية، ولا يهتم بسوي الافتتاح الذي يكون أقل ما في العمل، إذ هو مجرد إعلان عنه، فالإعلام المصري مقصر ناحيتنا للغاية، حتي إن قناة النيل الثقافية لا تأخذ منتجاتنا الثقافية، رغم أنها لا يجد ما تبثه. هل تؤثر إلي حد كبير تصريحات بعض المتطرفين بمحاربة الإبداع ونبذ الثقافة؟ - هذه التصريحات تصب في مصلحة التخلف وثقافة التراجع والظلامية، وهو يعني نوعا من الجهل الصريح، فعلي سبيل المثال الذين هاجموا نجيب محفوظ لم يقرأوا له، ولم يعرفوا عنه سوي اسمه، ويجهلون التاريخ الإسلامي ذاته الذي أمتلأ بالعديد من أنواع الأدب. وعليهم أن يقرأوا علي الأقل قصيدة كعب بن زهير في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام وكيف بدأت بالغزل.