اختلف رد فعل جماعة «الاخوان المسلمون» حيال موقفين كلاهما يشبه الاخر وإن اختلف المصدر واتفقت الاسباب، الأول حينما نشرت الدانمارك الرسوم المسيئة للنبي صلي الله عليه وسلم، والثاني في الأزمة الاخيرة، حينما قام بعض اقباط المهجر بعمل فيلم مسيء عن النبي صلي الله عليه وسلم. اعتبر البعض ان رد فعل جماعة الاخوان المسلمون تجاه الفيلم المسيء لم يكن متوقعاً بأي حال من الاحوال، لاسيما حينما أقاموا الدنيا ولم يقعدوها إبان نشر الرسومات المسيئة عام 2006. عندما وقعت الرسوم الدنماركية كان موقف الاسلاميين مشرفاً لأقصي حد وانتشرت دعوات المقاطعة للمنتجات الدنماركية في مصر انتشار النار في الهشيم ولاقت صدي واسعاً علي المستوي الشعبي، وخسر الاقتصاد الدانماركي خسارة فادحة. كما وصل الامر إلي القيادة السياسية والمتمثلة في المخلوع مبارك ذلك الوقت، واجري وزير الخارجية المصري مباحثات مع سفير الدنمارك في مصر، وبغض النظر عن قوة الموقف الرسمي أو عدمه ظهرت القوة الحقيقية للإخوان في ذلك الوقت رغم أنها كانت «جماعة محظورة» ناهيك عن التظاهرات العارمة التي شملت مصر من أقصاها لأقصاها. ودعا مرشد الاخوان محمد مهدي عاكف حينها المسلمين في جميع انحاء العالم إلي مقاطعة المنتجات الدانماركية واتخاذ مواقف حازمة تجاه اهانة رمز الامة الاسلامية، وندد القيادي الاخواني محمد البلتاجي في مؤتمر جماهيري بمدينة القليوبية بالرسوم المسيئة، وانتقد تعامل الغرب مع القضية باعتبارها مجرد حرية تعبير وليست تعديا علي الدين الاسلامي وخروجا عن اطار الحرية بإهانة مشاعر المسلمين. وتقدمت الكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان المسلمون في برلمان 2005 -2010 بعشرين بياناً عاجلاً وطلب احاطة للحكومة تنديدا بالرسوم وطالبوا بسحب السفير المصري من كوبنهاجن ووقف العلاقات مع الدنمارك، ونظموا مظاهرة في المساجد الكبري في القاهرة والمحافظات، للمطالبة بالضغط وتفعيل سلاح المقاطعة للبضائع والمنتجات الدنماركية. واصدرت الجماعة بيانا دعت فيه للتظاهر بطول البلاد ضد الدول التي تسيء للاسلام ومقاطعة تلك البلاد اقتصادياً. علي النقيض تماماً، اصاب التخاذل الجماعة حينما حازمت مقاليد السلطة في اكبر بلد في منطقة الشرق الاوسط، جاء موقف الاخوان المسلمون مخيباً لآمال الكثيرين الذين عولوا عليهم حمل لواء النهضة والخلافة الاسلامية في الوطن العربي. وخرج الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمون بتصريح مقتضب عن الفيلم المسيء، قال فيه إنه فتنة يهودية خبيثة لضرب الاستثمار في مصر بعد النهضة التي بدأت بوادرها تلوح في الافق طوال الاسابيع الماضية، واعلن محمد البلتاجي ان المحرضين علي الخروج في مظاهرات يسعون لتوريط الاخوان في الدماء، ونفي مشاركة الجماعة في مليونية نصرة الرسول التي دعت لها وتراجعت، بينما طالب نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمون الدكتور رشاد بيومي وسائل الاعلام بالاهتمام بقضايا اكبر من قضية الفيلم المسيء، واعتبر التعليق عليه كلاماً فارغاً. وقال خيرت الشاطر الرجل الاول في الجماعة لصحيفة نيويورك تايمز ان الجماعة لا تحمل امريكا او مواطنيها المسئولية عن اعمال فئة قليلة أساءت للقوانين التي تحمي حرية التعبير، وقدم العزاء للشعب الامريكي في مقتل السفير في ليبيا. وناشد حزب الحرية والعدالة العقلاء من ابناء الوطن العمل الجاد من اجل وأد الفتنة ومكافحة الظواهر السلبية عن طريق تعزيز الحوار فيما بين الاديان. واثبتت شواهد الموقف أن ما جري من احداث السفارة الامريكية، دلل علي ان الاخوان لديهم قدرة غريبة علي ان يحيروا الرأي العام، ففي الوقت الذي دعوا فيه إلي مظاهرات للخروج يوم الاعلان عن نتائج انتخابات الرئاسة التي فاز فيها الرئيس محمد مرسي وجاءوا من كل المحافظات وملأوا ميدان التحرير، ولكن في الجمعة الماضية رأينا ميدان التحرير خاويا ولم يحضر فيه اي اخواني لارتباط مصالحهم اليوم مع امريكا. ونسبت الدعوة التظاهرات بادئ الامر إلي الاخوان إلا أن قيادات الجماعة سارعت إلي الاعلان عن استنكارها التظاهر وان دعواتهم لا تتعلق بميدان التحرير وانما ستكون في شكل رمزي في المحافظات. ولم يكن تصريح المهندس خيرت الشاطر لنيويورك تايمز هو رد الفعل الوحيد، فقد تداولت الوسائل الاعلامية انباء عن التدوينات التي جرت علي موقع تويتر بين «الشاطر» ومسئولي السفارة الامريكية وذكرت أن «الشاطر» وجه رسالة للسفارة الامريكية من خلال الصفحة الخاصة بموقع اخوان ويب علي موقع تويتر، واعرب فيه عن ارتياحه لسلامة وأمن افراد السفارة وعدم تعرضهم لأي اذي خلال الاشتباكات بين المتظاهرين، وقوات الامن، وأكد اهمية بقاء قوة العلاقة المصرية الامريكية وعدم تأثرها بمجريات الوضع الحالي. وطالب «الشاطر» ايضا بفتح تحقيق مع القيادات المسئولة عن تأمين السفارة ومعاقبتها علي التقصير، وكان رد السفارة «شكراً وبالمناسبة هل تفحصت تدويناتك المدونة بالعربية، نرغب أن تعرف اننا نقرأها أيضاً».