ليست المرة الأولي، ولن تكون الأخيرة، فالحملات ضد الإسلام وضد رسولنا الكريم 'صلي الله عليه وسلم' لا تتوقف، إنها خطط ممنهجة، الهدف منها الإساءة والتشويه، لقد انطلقت الرسوم المسيئة من الدانمارك، وانتقلت إلي العديد من العواصم الأوربية، حملات منظمة، استخدمت فيها وسائل الإعلام والصحافة ومواقع الاتصال الاجتماعي. في كل ذلك كان المسلمون صامتين، اللهم إلا احتجاجات كانت تنطلق من هنا أو هناك، غير أن الأمر هذه المرة تعدي كل الحدود، فكان طبيعيًا أن ينفجر الغضب في الصدور، وأن يحتج المسلمون في العديد من بقاع الأرض، رفضًا واستنكارًا. لقد حمل المسلمون أمريكا المسئولية الأولي، فالإدارة الأمريكية ظلت صامتة لأيام عدة، وكان أكثر ما استفز جمهور الغاضبين، هو الحديث عن تلك الوقاحة، باعتبارها حرية تعبير لا يمكن للحكومة الأمريكية أن تقف ضدها، أو تصادر الفيلم المسيء، بدا الأمر وكأننا أمام مؤامرة مكتملة الأركان يتساءل الناس في كل مكان، إذا كان الأمر متعلقًا بحرية التعبير، فلماذا لا تصمت واشنطن في مواجهة أي شخص ينتقد ممارسات الحكومة الإسرائيلية؟ لقد وضع اسمي واسم شقيقي محمود واسماء أخري علي قوائم وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2010، متهمة إيانا بمعاداة السامية، لا لشيء سوي أننا أنتقدنا سياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة، وطالبنا بتحرير القدس وفك أسر المسجد الأقصي. وما يجري في أمريكا، يجري في العديد من البلدان الأوربية الأخري، حتي وصل الأمر إلي تطبيق العقوبات علي من يشكك في صحة مذابح 'الهولوكست' التي وقعت ضد اليهود في ألمانيا وبعض الدول الأوربية الأخري، وما حدث للمفكر الفرنسي روجيه جارودي وغيره هو خير مثال علي ذلك!! إننا مع الحق في التظاهر السلمي لنصرة الرسول 'صلي الله عليه وسلم' ورفض إهانة العقيدة، لكن المقاطعة هي الحل، يجب أن نقاطع بضائعهم ومنتجاتهم، يجب أن يشعر الأمريكان والغرب أن أمة محمد 'صلي الله عليه وسلم' لن تسمح بعد الآن بأي تطاول علي الدين وعلي الرسول 'صلي الله عليه وسلم'. لقد حققت المقاطعة قبل ذلك نتائج كبيرة، واستطاعت أن تثير الرعب في نفوس العديد من رجال الصناعة والتجارة الأمريكيين والغربيين، فكانت إشارة قوية علي الرفض والمواجهة. إن شعار 'المقاطعة' هو الأكثر جدوي وحضارية، العنف ليس من شيمنا، وقتل الدبلوماسيين أو المواطنين الأمريكيين هو أمر يرفضه ديننا ورسولنا الكريم 'صلي الله عليه وسلم'، المستفيد الوحيد من ذلك هم هؤلاء المجرمون الذين أنتجوا الفيلم، أو هؤلاء الذين يكنون كل الحقد لدين الإسلام. لقد ترك الغرب قضية الفيلم 'المسيء' وراحت صحافتهم تتحدث عن 'همجية' العرب في الاعتداء علي السفارات وقتل الآمنين، وهو أمر بالقطع يسيء إلي صورتنا، ويعطي الفرصة لأعدائنا، ليقولوا ها هو سلوك المسلمين. إننا لا يجب أبدًا أن نسكت علي هذه الجريمة، ولكن يجب في المقابل أن نحذر من استخدام العنف أو التخلي عن الوسائل السلمية في المعارضة، علينا أن نكون أكثر إيجابية وأن نستخدم كل ما نملك من وسائل ضغط سياسي أو اقتصادي لاجبار الغرب علي وضع تشريع يجرم الاعتداء علي الأديان ويضع حدًا لهذه الاستباحة التي تقوم بها دوائر حاقدة علي الإسلام وعلي والمسلمين. كنا نتوقع من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مواقف قوية يجري خلالها التعبير عن غضبة المسلمين، ولكن للأسف، فالكل يغط في نوم عميق. وفي مصر كان خطاب الرئيس محمد مرسي في بروكسل قد حمل كلامًا قويًا وموقفًا يعبر عن الاستياء والرفض، ولكن علي أرض الواقع لم يجر ولو تقديم احتجاج رسمي ضد الإدارة الأمريكية لصمتها علي هذا الفيلم 'المسيء'. أما جماعة الإخوان المسلمين التي تمسك بالسلطة في مصر الآن، فبعد أن دعت إلي مليونية نصرة الرسول 'صلي الله عليه وسلم' عادت وطالبت بحصر الأمر في وقفات رمزية أمام عدد من المساجد، تحت زعم التخوف من استغلال الحدث وارتكاب أعمال عنف ضد السفارة الأمريكية، بل إن السيد خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة راح يبرئ الأمريكيين من أية مسئولية ويعد بإجراء تحقيق شامل حول عدم قدرة الشرطة المصرية علي حماية السفارة الأمريكية في مصر!! كم كان هذا موقفًا غريبًا وعجيبًا، دفع الكثيرين إلي التساؤل بكل ألم وحسرة، هل الذين أقاموا العديد من المليونيات لدعم الرئيس لا يستطيعون الدعوة لمليونية لنصرة الرسول 'صلي الله عليه وسلم'؟!