من الصعب أن نغفل الحالة النفسية التى يمر بها أطفالنا أصيبت براءتهم بشرخ وجرح من هول مايطالعونه على مدار الساعة التليفزيون لايبث إلا الأهوال من قذف بالطوب والحجارة زجاجات حارقة ، عمارات تنهار فوق رؤوس قاطنيها ، رصاص ، أعاصير زلازل براكين ، مظاهرات وقطع للطرق ، قتل وخطف وتهديد ، مسلسلات وأفلام تدعى أنها تنقل الحقيقة والواقع والحقيقة مرة كالأيام ، الأطفال مصابون بالإكتئاب فالحوارات الأسرية لاتخرج عن آلام الوطن وأوجاعه ، وفى المدرسة الخوف والرعب عوضا عن الموسيقى والنشيد ، الطفل محاط بهاجس ( الحرامية ) فكيف يحصل تعليمه والتعليم أساسا فى إنحدار ، الأطفال تتلعثم تعلوهم صفرة مهما حرصنا على تغذيتهم فالصحة النفسية أساس العقل السليم ، باتوا يرددون دون وعى وفهم يلقنون يستقون من معين الغرباء كل خطأ فهناك من يردد على مسامعهم أن الثورة جاءت من أجل الحرية والحرية بمفهومهم مطلقة دون سقف ، لم يعد فيهم من يحترم الكبير أو يوقره ، يعلو صوته كلما إرتاى أن هناك مطلبا أراد تحقيقه فى التو واللحظة ، تبدل سلوكهم وباتوا من عنف الى عنف يدورون غرباء بين أسرهم وأقرانهم الضياع والحرمان والقلق يؤرق مضاجعهم ، محاطون بسياج مكبلون العديد يفترش الرصيف إلى جوار الصناديق حيث كسرةالخبر وبقايا مشروب غفل عنه اصحابه ، يصادقون القطط وكلاب الطريق ، بعض لفظهم الأهل فاتخذوا من الميدان مأوى ينتظرون الأوامر بالشغب والتدمير مقابل جنيهات تقيهم شظف العيش ، الشارع يحتقرهم فملابسهم رثه ، يجوبون الطرق والميادين أسفل الكبارى وأعلاها ، يحومون حول السيارات وبلهجة المتوسل الذى إن لم تعطه الآن سيظل ضميرك يؤنبك ويعذبك فلن تهنأ بخبزك وملحك ، إلحاحهم يذيب الصخر ولو كنت أبا فلن تغفل عينيك ، هؤلاء يطلبون أى شئ يجود به الأغنياء بعضهم يضرب ويهان على مدار الساعة حتى يتعلم صنعة فتقتل آدميته ، وليس أمامه إلا أن يصبح مسجلا خطرا أو لصا محترفا وفى الحقيقة هو ضحية مجتمع وتفكك أسرى ، فقر وجهل وتعليم ثبت فشله ، والكارثة أننا كشعب نرفض أن ننهض مازلنا نبكى على الأطلال ونكيل التهم على الثورة التى حطمت القيود لكننا أسأنا التقدير ، مالزلنا نبحث عن مخارج تلهينا عن البناء والتنمية لتعويض مافات ، نستعيض عن ذلك كله بالإعتصام لأى سبب فقدنا الصبر ولم نعد نسمع إلا أنفسنا الكل منقسم على نفسه يريد أن تتحقق مطالبه وحده الآن والنتيجة هذا الخراب الذى أحاق بالبلاد على كل الأصعدة عجز الموازنة فاق كل التصورات إقربنا من الهاوية ، وصوت العقل غائب والدليل مايحدث من تكدير للسلم والأمن فالجرائم الوحشية على كل لون ، وحينما أردنا أن نعبر عن غضبنا تجاه إزدراء الأديان رشقنا مصريين آخرين وحرقنا سيارتنا ومنشآتنا ، لنخسر التعاطف وتتعثر الحلول ، يامصر متى نفيق ؟ٍ