أظن أنه قد أصبح لدينا الآن أرشيف ضخم استوفى قضية «ختان الأنثى» وأحاطها من جميع جوانبها الدينية والأخلاقية وحقوق المرأة التى يظلمها هذا الختان ظلماً بيناً مما كان عليه شبه إجماع من الذين تطرقت أقلامهم وآراءهم فى هذه القضية، منظمات حقوقية إنسانية ورهط من علماء الاجتماع، وأطباء تخصصوا فى طب النساء وعلماء أفاضل تفقهوا فى أمور الدين، وما انطوى عليه من رحمة واحترام لجسد المرأة، بل لم تخف المرأة ضيقها بهذه العادة التى يتم السطو بها مبكراً على جزء من جسد المرأة هى التى تملكه بعد خالقها، وبدا الاتجاه شبه توجه مجتمعى إلى نبذ هذه العادة المقيتة، ولا يفوتنى أن أسجل أن هناك المئات من القضايا التى تحمل حتى الآن مضموناً يسجل أن المرأة أصبحت فى طور حياتها الزوجية تكره علاقتها الحميمية بالرجل لأنها لا تجد إشباعاً فى هذه العلاقة بسبب العدوان على جسدها بالختان، وهى لم تدرك بعد خطورة مستقبلها كزوجة بعد العدوان!، وقد أصبح من المتعذر حالياً فى العاصمة وبقية الحواضر أن تجد أسرة طبيباً يقبل القيام بهذه العملية!، فضلاً عن أن هناك القانون الذى يجرم ختان الإناث ومن يقومون به من دايات الطب الشعبى النسائى، ونفر من الأطباء يقبلون حتى الآن سراً القيام بهذه العملية إذا ما قصدتهم بعض الأسر بطلب ذلك، دونما دراية بخطورة هذه العملية والانسياق دون وعى وراء بعض الآراء الدينية والذين يفتون فى كل شىء وقد شاع دورهم فى أرياف مصر وصعيدها من خلال الاجتماعات الدينية فى المواسم والأعياد! وبعد ذلك كله أدهشتنى تصريحات د. أميمة كامل، مستشارة رئيس الجمهورية، عندما ذكرت أن المرأة التى لم تجر لها عملية الختان إيمانها ناقص!، مضيفة إلى أن الختان لم يجرم قانوناً، وأن هذه العملية مجرد عملية تجميلية، وأنها تخاطب الرئيس بألا يبيح عملية الختان إلا بعد سن البلوغ!، ولن أناقش أولاً، ما ذهبت إليه السيدة د. أميمة كامل، مستشارة رئيس الجمهورية، لأننى لا أعتبر أن أزمات ومشاكل المرأة من الناحية الاجتماعية لا تصنع ختان المرأة لا قبل البلوغ ولا بعده حتى تأتى المستشارة بهذه القضية التى أشبعت نقاشاً كما أسلفت لتتهم التى لم تجر لها عملية الختان بأنها ناقصة الإيمان!، ولما كان ذلك كذلك عند المستشارة فإنها قد رأت وجه عجلة فى إحالة الموضوع إلى رئيس الجمهورية مباشرة ليرى فى أمر ختان المرأة ما أوصت به هى من ألا يكون ختان المرأة فى مصر إلا بعد سن البلوغ!، ومهما بلغ بى حسن الظن برئيس الجمهورية فإننى أرى من واجبى أن أناشد الرئيس ألا يلتفت إلى توصية المستشارة فى هذا الصدد!، ومبعث ثقتى فى الرئيس بوجه عام أنه يعرف جيداً مدى جسامة المسئوليات الملقاة على عاتقه!، وليست مسألة ختان المرأة المصرية من برنامجه الإصلاحى فى مائة يوم ولا بعد ذلك! وقد طالعت إدانة المركز المصرى لحقوق المرأة لما صرحت به مستشارة الرئيس، والحقيقة أن الإدانة جاءت وافية ضافية من حيث إحاطتها بمختلف الجوانب التى كانت حصيلة التطرق إليها تدين أولاً عادة ختان المرأة!، كما أثبتت الإدانة فى جانبها القانونى أن الختان يعتبر جريمة منذ عاقب عليها القانون عام 2008، وكل من يقوم بهذه الممارسة، وأضيفت غرامات وعقوبات متنوعة بالحبس لكل من أحدث الجرح المعاقب عليه بمادتين فى قانون العقوبات عن طريق إجراء ختان الأنثى! واستشهد المركز القومى لحقوق المرأة بما جاء عند المفكر الإسلامى د. محمد سليم العوا، الأمين العام للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين فى كتيبة المحرر بعنوان «ختان الإناث فى منظور الإسلام»، وما ذهب إليه فيه من أن ختان الإناث ليس ممارسة دينية!، ولعل فى هذا فقط ما يؤكد أن المرأة التى لم تجر لها عملية الختان إيمانها ناقص!!، كما رأت مستشارة رئيس الجمهورية فى تصريحاتها بشأن الختان!، وكنت قد احتفظت بهذا الكتاب فعدت إليه بعد تصريحات د. أميمة، وبضمير نقى أقول إن ما جاء فيه هو فصل الختام وغاية ما يقال فى الظلم الذى يقع على المرأة من نشأتها وحتى انقضاء عمرها تعانيه ولا تشكو إلا لخالقها وهى كاملة الإيمان، من ذلك كله وللإنصاف كانت دهشتى لتصريحات مستشارة رئيس الجمهورية!، ولا أحب لها أن تكون ضد الجميع!