خمسون يومًا مرت على بداية العام الدراسى الجديد، رفعت خلالها العديد من المحافظات تزامنًا مع بدء الدراسة شعار «المدارس جاهزة لاستقبال الطلاب»، إلا أن الواقع داخل المدارس يأتى بمشاهد عكس ما قيل من شعارات رنانة رفعها مسئولو التعليم داخل المحافظات. قام مراسلو «الوفد» بجولة داخل المحافظات رصدوا خلالها أبرز المشكلات والصعوبات التى تقف عائقًا فى استكمال سير العملية التعليمية للطلاب والمدرسين داخل المدارس ونجملها فى السطور القليلة القادمة. الإسكندرية شهدت مدارس محافظة الإسكندرية منذ بدء العام الدراسى وعلى مدار ما يقرب من 60 يومًا العديد من المخالفات نتيجة لعدم جاهزية المدارس لاستقبال الطلاب وانتظام العملية التعليمية، الأمر الذى أدى إلى تكدس الطلاب داخل الفصول ومحاصرة القمامة ومخلفات المبانى والصرف الصحى فى بعض المناطق، فضًلا عن عدم انتهاء أعمال التطوير لعدد من المدارس التعليمية الأمر الذى أدى إلى استياء أولياء الأمور وضجرهم لعدم انتظام سير العملية التعليمية على الرغم من مرور شهرين على بدء العام الدراسى. قامت «الوفد» بجولة داخل عدد من مدارس المحافظة رصدت خلالها العديد من المشاهد الصادمة وكانت البداية بمدرسة الشهيدة أم صابر الإعدادية بنات، بمنطقة «الحضرة» والذى تمت إعادة بنائه من جديد قبل أعوام قليلة، تعانى دورة المياه التى ظهرت عليها علامات التصدع بشكل واضح، وفى المبنى الرئيس للمدرسة، حيث الفصول والمكاتب الإدارية، لم يختلف الأمر كثيراً تآكلت الحوائط وتشققت الأسقف الخرسانية لتلفظ ما فى باطنها من حديد يظهر عليه علامات الصدأ. وقالت ابتسام احمد، أحد اولياء الأمور: المدرسة غير مؤهلة لاستقبال الطلاب دورة المياه متهالكة ومهددة بالسقوط على ابنائنا، والطابق الثانى من مبنى الفصول أيضًا به شروخ. وأضافت ابتسام: الأسقف والجدران تملؤها الشقوق وهى مهددة بالسقوط وموت المئات من الطالبات، وأنا عن نفسى بخاف على البنات اللى فى المدرسة ليقع عليهم السقف فى أى وقت»، وفى منطقة الحضرة مشهد آخر من مشاهد القمامة المتجمعة أمام المدارس، حيث مدرسة «العروة الوثقى الابتدائية»، أمام الباب الرئيسى تحول إلى مقلب كبير للقمامة وانتشرت رائحته الكريهة فى المنطقة كلها، وتسللت إلى داخل أسوار المدرسة، لتكون هواءً يستنشقه الطالب والمعلم فى أثناء العملية التعليمية، وبجوار السور من الخارج، كان نوع آخر من المعاناة، حيث اصطفت «الميكروباصات» بجوار بعضها البعض مكونة موقفاً عشوائياً للركوب أغلقت به المدخل المؤدى إلى المدرسة، وفى الناحية الخلفية كانت أكشاك الباعة قد اتخذت من سور المدرسة مقراً لها فى صورة اختفت معها معالم السور والرصيف معاً. الفيوم وفى الفيوم تعانى أغلب مدارس المحافظة من ارتفاع الكثافة فى الفصول الدراسية والتى وصلت فى المتوسط الى 65 تلميذًا، فضًلا عن عجز شديد فى المدرسين فى اغلب قرى المحافظة خاصة مدارس يوسف الصديق واطسا وطامية بسبب توقف تعيين المدرسين منذ عدة سنوات وإلغاء تكليف خريجى كليات التربية، وقام مديرو الإدارات التعليمية فى بداية العام الدراسى بضم الفصول لمواجهة هذا العجز وإعداد تقارير بعدم وجود عجز, وبعد أن تعالت الأصوات رافضة ما يقومون به تم إدخال المشاركة المجتمعية فى محاولة حل هذه الأزمة بتعيين مدرسين يتحمل مجالس الأمناء أو الجمعيات الأهلية برواتبهم التى لا تزيد على 500 جنيه، وأيضًا يتم الاستعانة بالمكلفين بالخدمة العامة لسد العجز. ويقوم محمد عبدالله وكيل تعليم الفيوم بجولات عديدة ويومية على المدارس لمحاولة ضبط الأداء فى المدارس والعمل بها من خلال مجازاة المخطئين وإثابة من يجيد فى العمل. وفى إطار المشاركة المجتمعية أيضًا قامت جمعية الأورمان مؤخرًا بتطوير ودعم (5) مدارس بالفيوم بالتعاون مع أحد البنوك، وهى مدرسة قلهانة الإعدادية ومدرسة الدبيكى الابتدائية مركز أطسا، ومدرسة ابودنقاش الابتدائية ومدرسة شكشوك الابتدائية مركز ابشواى، ومدرسة التوفيقية الابتدائية مركز سنورس بمحافظة الفيوم، حيث تم تطوير المبانى وتوريد ديسكات وسبورات داتا شو وشاشات عرض وتجهيز المعامل. الغربية فيما شهدت مدارس محافظة الغربية منذ بدء العام الدراسى، بمختلف مراحلها حالة من التخبط والارتباك، نتيجة لعجز المدرسين وارتفاع الكثافة داخل الفصول، فضًلا عن انتشار الباعة المتجولين والبلطجية حول بعض المدارس. قام محرر «الوفد» بجولة داخل مدارس محافظة الغربية رصد خلالها العديد من المشكلات التى تعرقل سير العملية التعليمية داخل المدارس، وكانت البداية بمحيط مجمع المدارس الابتدائية بسمنود والذى يضم 3 مدارس ابتدائية ويتواجد حوله عدد من البلطجية الذين يرهبون المارة، فضلاً عن السور الخلفى للمجمع والذى يتخذه البعض موقفًا لعربات الكارو. وأكد أولياء الأمور ل«لوفد» أن العاملين فى المدرسة والأطفال فى خطر تحت رحمة أصحاب عربات الكارو وخوفًا من بطش البلطجية ومتعاطى المخدرات. وأضاف أولياء الأمور أن هذا المجمع يفتقر إلى بيئة التعليم الجيد، حيث إن المنطقة محاصرة بين سوق شعبى من جهة، وموقف عربات نباشى القمامة من جهة أخرى، فضلاً عن مقلب قمامة أمام المجمع. وأوضح الأهالى أن المشكلة قائمة منذ سنوات، وأن عددًا من أولياء الأمور تقدموا بشكاوى عديدة إلى الإدارة التعليمية دون جدوى. وأشار أولياء الإمور إلى أن أصحاب عربات الكارو يفترشون الأرض وينامون فى المنطقة حتى الصباح، وقت ذهاب الأطفال إلى المدرسة، مما يثير المشاكل، مؤكدين أن هناك حالات كثيرة من تعدى البلطجية على الأطفال. وعبر أولياء الأمور عن استيائهم من تراكم القمامة أمام بعض المدارس والكليات على مستوى المحافظة، الأمر الذى يشكل خطرًا جثيمًا على صحة الطلاب خاصة طلاب رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية. وفى مدرسة العاشر من رمضان الابتدائية بمنطقة أبوسليمان بالمنتزة لم تكن فى حال أفضل من سابقتها رغم بدء عمليات الترميم بها، فبمجرد الدخول من بوابة المدرسة، يلفت نظر الداخل حركة غير معتادة، وعمالًا منهمكين فى إنجاز ما فى أيديهم، فهذا يدهن حائطاً، وآخر يعد مادة الدهان، وثالث يقوم بدوره فى الإشراف على كل منهم، وفى أماكن متفرقة من فناء المدرسة، ألقيت «مقاعد الطلاب » الهالكة، وخلف المبنى المقابل لبوابة المدرسة الرئيسية كانت الكارثة الكبرى منها، بينما أكلت الرطوبة جدران المبانى الثلاثة للمدرسة لتتركها خربة وكأن الترميم لم يطلها منذ أعوام طويلة. وفى الفصول من الداخل جانب تصدعات الجدران، انخلعت الأبواب من أماكنها، ووُضعت قطع الكرتون فى الشبابيك بديلة عن الزجاج المكسور، فضلاً عن «مقاعد الطلاب» التى لم تكن أحسن حالاً من تلك الملقاة فى الفناء الخلفى للمدرسة. وقال أحد المدرسين بالمدرسة رفض ذكر اسمه «الترميمات دى بتتعمل كل سنة وما بتكملش حاجة وترجع تانى زى الأول وأكتر، وده لأن الميزانية اللى بتكون مرصودة للترميم قليلة، وكشف المدرس أن هيئة الأبنية التعليمية ما بترضاش إننا نضع طوبة واحدة فى المدرسة، وحتى السور اللى بينا وبين المدرسة اللى جنبنا قصير جداً والطلاب هناك بينطوا عندنا، وطلبنا كتير جداً أن نعليه محدش سأل فينا، وفى الآخر قالوا لنا اعملوه حديد، وبعد ما الحديد اتكلف كتير جداً شلناه تانى عشان كان هيقع على طالب يموته، وبعد كده بعناه خردة. وفى منطقة العامرية وهى من المناطق التى تعتبر خارج نطاق الخدمة بالإسكندرية توجد مدرسة الحسن بن الهيثم الابتدائية الإعدادية المشتركة، انتشرت مواد البناء، وعلى اليمين كان حوض حنفيات الشرب التى لم يبق منها شىء سليماً، وبجوارها كانت حمامات البنين، ظهرت عليها هى الأخرى من الداخل علامات الإهمال جلية، فكانت أرضياتها غير نظيفة، وأحواضها متهالكة وبدون حنفيات، ورائحة كريهة ملأت المكان عن آخره. وقالت «سميحة محمود» أحد أولياء الأمور الطلاب يعانى الطلاب بالمدرسة من الحمامات دى على طول كده، والكل بيعانى منها سواء مدرس أو طالب»، الحمام على طول متبهدل ومش نضيف ويجيب للعيال المرض، وعلى قد ما أقدر بحاول ما خليش ابنى يستخدمه، عشان كده بيعمل حمام الصبح قبل ما ينزل، وفى نفس الوقت باديله إزازة ميّه كبيرة معاه تكفيه طول اليوم عشان حنفيات الميّه اللى بيشربوا منها كلها متكسرة والعيال ما بتعرفش تشرب» فضًلا عن كثافة الفصول التى تصل إلى 90 طالبًا بالفصل الواحد. وفى مدرسة «الحسين بن على الإعدادية بنين» لم يختلف الأمر كثيراً، بمجرد الدخول من بوابتها التى لم يكتمل البناء من حولها بعد، تجد نفسك أمام فناء كبير غير ممهد، تناثرت على أطرافه مخلفات بناء ومقاعد طلاب محطمة فوق بعضها البعض، وأشجار تم قطعها وإلقاؤها فى الناحية الخلفية للمدرسة، ودورة مياه المدرسة «الصغيرة» على يسار الداخل لم يكن وضعها يسر، فأحواضها بلا حنفيات، فقط مياه تتدفق من ماسورة مكسورة. وأمام مدرسة المروة الابتدائية بمنطقة كوم الشقافة بمنطقة مينا البصل» كانت القمامة تحاصر المدرسة، فلم تشفع عمليات الصيانة الشاملة التى تمت فى المدرسة منذ أشهر قليلة، لأن تختفى معها هذه الظاهرة التى تعانى منها المدرسة منذ أعوام طويلة، والتى كانت سبباً فى هدم جزء من السور قبل ذلك أثناء حمل القمامة من مكانها،. وفى مدرسة «ابيس» تعانى من تهالك الجدران وتراكم لقمامة فى المنطقة، وتقاعس عمال النظافة عن إزالتها، الأمر الذى يسبب معاناة لأهالى المنطقة، ويهدد بإصابتهم بالأمراض، حيث إن القمامة تتراكم حول مدرسة موجودة فى المنطقة، وتسببت القمامة فى انتشار الروائح الكريهة، والذباب والبعوض، الأمر الذى جعل السكان غير قادرين على فتح نوافذ منازلهم، ويناشد السكان الحى بإزالة أكوام القمامة، ووضع المنطقة فى عين الاعتبار، ومراقبة عمال النظافة حتى يقوموا بإزالة أكوام القمامة من المنطقة بصفة منتظمة يؤكد إسماعيل محمد أحد أهالى منطقة ابيس، أن الأمر الوحيد الذى تقوم به إدارة المدرسة لمواجهة تلك الكارثة هو تغير مكان الفصول، لتحقيق نوع من التوازن، وحتى لا تتعرض المدرسة للانهيار، وتم تقليل عدد الفصول فى المدرسة، وذلك بزيادة الكثافة الطلابية فى الفصول، والتى وصلت إلى 48 طالبة بدلًا من 20.