تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    انتخابات رومانيا.. مرشح المعارضة يعترف بهزيمته ويهنئ منافسه بالفوز    السفارة الأمريكية فى ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة فى طرابلس    فلسطين.. شهيد و13 مصابًا في غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    نادية الجندى لعادل إمام: ربنا يديك الصحة بقدر ما أسعدت الملايين    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تشخيص بايدن بنوع عدواني من السرطان    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    مبابي في الصدارة.. تعرف على جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    البرتغال تتجه مرة أخرى نحو تشكيل حكومة أقلية بعد الانتخابات العامة    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    سعر الريال السعودي اليوم الإثنين 19 مايو 2025 في البنوك    سرطان عدواني يصيب بايدن وينتشر إلى العظام.. معركة صحية في لحظة سياسية فارقة    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    الملك مينا.. البطل الذي وحد مصر وغير مجرى التاريخ| فيديو    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم الأحداث تثير الجدل
18 سنة رخصة القتل وأقصى عقوبة 15 سنة
نشر في الوفد يوم 27 - 10 - 2019


انقسام حول تعديل قانون الطفل لمواجهة جرائم الصغار
الموافقون: التعديل ضرورة لمواجهة ظاهرة قتل الأطفال
المعارضون:يخالف الدستور ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية
الخبراء: اهتمام الأسر بتربية النشء أهم من تعديل القانون
د.أحمد كريمة: فارق كبير بين سن البلوغ وسن الرشد
قبل أيام استيقظ المصريون على جريمة قتل الطفل محمود البنا «شهيد الشهامة» على يد طفل آخر بحسب التعريف القانونى، وبالتعاون مع حدثين آخرين! الجريمة أشعلت مدينة تلا بالمنوفية وأثارت موجة غضب كبيرة فى جميع محافظات مصر، ومواقع التواصل الاجتماعى، وسط مطالبات بإعادة النظر فى عقوبة جريمة القتل التى تتم على يد «حدث» أو التى تقع ل«حدث».
قتل محمود البنا بطريقة بشعة أعاد للأذهان جريمة قتل الطفلة «زينة» بنت بورسعيد ذات ال3 سنوات والتى ألقاها ذئب بشري من الدور ال11 بعد اغتصابها وكانت عقوبته السجن 15 سنة لأنه «حدث»!! ولم تقبل والدته الحكم فاستأنفته!
وحسب دفتر أحوال الجريمة فى مصر فإن جرائم عدة وقعت ما بين قتل واغتصاب وسرقة وعمليات إرهابية وكان الجانى فيها «حدثًا» أى عمره أقل من 18 سنة ومن لم يتجاوز هذه السن فإنه مهما ارتكب من جرائم بشعة فإن أقصى عقوبة لن تتجاوز السجن 15 عاما على أقصى تقدير مع إيداعه إحدى المؤسسات العقابية وليس السجن العادى وعلى حسب ثراء أهله سيتحدد شكل المعاملة داخل هذه المؤسسات ويخرج من جديد للخياة شابًا يافعًا معافى يسير أمام أهل الضحية فتتجدد الآلام والأحزان.
ومن هنا تتعالى الأصوات مطالبة بضرورة النزول بسن الحدث وما بين المؤيدين والمعارضين وخبراء القانون ورجال الدين تفتح «الوفد» الملف من جديد لحماية 38 مليون طفل مصرى بحسب تعداد الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
جريمة قتل محمود البنا «شهيد الشهامة» لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة لشاب لم يتجاوز 18 سنة وعلى يد قاتل هو أيضا لم يتجاوز 18 سنة، فمن قبله المسلسل طويل ومتكرر ومن بينها 6 جرائم قتل واغتصاب هزت الرأى العام، تبدأ بالطفلة زينة بنت بورسعيد 3 سنوات التى اختطفها جارها من أمام شقتها وصعد بها إلى سطح العمارة وحاول اغتصابها ثم ألقاها من الدور ال11 لتسقط جثة هامدة وحكم عليه بالسجن 15 سنة مع النفاذ فاستأنفت والدته على الحكم. ومن «زينة» إلى «رودينا» بقويسنا بمحافظة المنوفية عمرها 5 سنوات فشل الطفل 17 سنة فى اغتصابها فضربها على رأسها بحجر هشمها بالكامل ثم ذبحها بسكين وأخفى جثتها فى سحارة الكنبة بمنزله، ومن «زينة» و«رودينا» إلى «چنى» ذات ال6 سنوات التى اغتصبها «ف. ى» 17 عاما وخوفا من افتضاح أمره قام بخنقها ببنطلون كانت ترتديه ثم ظل يضربها على رأسها للتأكد من وفاتها.
وتتواصل الكوارث لتصل إلى سيدة مدينة نصر التى حاول اغتصابها طفل 17 سنة وعند محاولتها الإفلات منه ذبحها وهرب.. وقبض عليه فيما بعد بعدما نصحه آخرون بأنه لن يعدم!
وهناك محمد 9 سنوات بمنطقة العمرانية الذى قتله شاب عمره 16 عاما بعد محاولته اقتحام شقة أسرة الطفل واستدراجه للحصول على 15 جنيها بحوزته ومع مقاومة الطفل قام بخنقه برباط الحذاء ثم قام بعد ذلك باغتصابه!
جرائم يندى لها الجبين تتكرر بسبب المادة 111 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 26 لسنة 2008 بعدم الحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يتجاوز 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة وحتى فى حالة توجيه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار ستكون أقصى عقوبة 15 عاما ولن تصل العقوبة إلى الإعدام بسبب خضوعهم لقانون الطفل وهو ما يعتبره الكثيرون رخصة بالقتل.
تكمن حساسية وكارثية الجرائم التى يرتكبها الطفل الحدث أن بمصر وحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى تعداد 2017 يوجد 38 مليون طفل يمثلون 40٪ من إجمالى السكان فى عمر ال18 سنة وأن عدد الأطفال فى الفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة يمثلون 14٫5٪ من عدد الأطفال ويبلغ عدد الأطفال الذكور 19٫6 مليون طفل بنسبة 51٫7٪ وعدد الإناث حوالى 18٫3 مليون طفلة بنسبة 43٫3٪ من إجمالى عدد الأطفال.
هذه الملايين تستدعى التدخل السريع لإنقاذ المجتمع المصرى من انتشار جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بأيدى من هم أقل من 18 عاما من خلال تعديل قانون الطفل وخفض سنه إلى 15 سنة تماشيا مع الشريعة الإسلامية وقانون الأحوال الشخصية بحسب ما طالب به دفاع شهيد الشهامة محمود البنا وجموع المصريين التى خرجت للمطالبة بالإعدام للجانى ليس فى تلا بالمنوفية فقط بل فى جميع محافظات مصر.
تضارب التوجهات
يرى بعض خبراء القانون أن تعديل قانون الحدث ممكن، ويمكن إدخاله ضمن تعديلات تجرى على دستور 2014 وفيما يخص الاتفاقيات الدولية من الممكن أن تطرح مصر وجهة نظرها ودواعى مطالبتها بتطبيق بنود الأمم المتحدة ولكن بما يتماشى مع توحش جرائم الحدث، وكذلك مع بعض الآراء الدينية والشرعية التى تؤكد أن علامات البلوغ هى السبيل للخروج من هذا المأزق وأنه لا تعارض ما بين القانون والدين كما أكد بعض فقهاء القانون أن النزول بسن الحدث غير مرتبط بفتح الباب لزواج القاصرات.
إلا أن المؤسسات المعنية بالطفل وحمايته وكعادتها سلكت الطريق الأسهل وأطلقت سيلا من التصريحات التى تؤكد صعوبة إجراء أى تعديل من شأنه النزول بسن الحدث دون الانتظار لأى مناقشة مجتمعية، ومن جانبها أكدت لجنة التضامن بمجلس النواب أنها تنتظر مجموعة من التعديلات على القانون تعدها وزارة التضامن إلا أن تلك التعديلات التى تم تشكيل لجنة خاصة بشأنها لا تتعرض لسن الطفولة بل إنها تصب فى صالح تقديم المزيد من أوجه الرعاية والحماية للأطفال. وبحسب صبرى عثمان،
رئيس خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للأمومة والطفولة فى رده على دعوات المطالبة بتعديل القانون بأنه لا إمكانية لذلك لالتزام مصر بالمعاهدات الدولية الخاصة بالطفل وحقوقه، وإنما من الضرورى إعادة النظر من قبل الأسرة والمجتمع فى طريقة ومنهج تربية النشء والذى يؤكد الواقع المصرى أنها فى حاجة للمزيد من المتابعة من جهة الأسر المصرية.
كلام رئيس خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للطفولة والأمومة ذكرنا بموقف مخالف.. عندما طالبت الدكتورة عزة عشماوى، الأمين العام للمجلس والنائب العام بالتحقيق من جديد والنقض للحكم الصادر بشأن قتل الطفلة «زينة» واغتصابها وهو الحبس 15 عاما مؤكدة أنه من الضرورى أن تغلظ العقوبة حتى ترتقى بمستوى وبشاعة الجريمة خاصة أن المحكمة كانت ترغب بتوقيع أشد العقوبة وهى الإعدام ولكنها وقفت عاجزة أمام المادة رقم 12 لسنة 1996 من قانون الطفل المسايرة للمواثيق الدولية.. اختلاف فى الآراء وتناقضات داخل المؤسسات المعنية بالطفولة.. والجريمة تتكرر ولا رادع.
انقسام برلمانى
بدوره انقسم مجلس النواب ما بين معارضين ومؤيدين حول «النزول بسن الحدث» فتقدم بعض النواب بمقترحات بمشروعات قوانين للنزول بسن الحدث ومنهم النائب عمرو محمد، الذى أكد أنه بصدد التقدم بمقترح بمشروع قانون يتضمن معاقبة الأطفال المرتكبين لجرائم قتل وهم لا يزالون تحت سن 18 سنة بالإعدام وذلك بعد تكرار مثل هذه الجرائم ومع مستجدات العصر أصبح هناك حتمية لتعديل سن الحدث فلا يجوز مع التطور العقلى والتكنولوجى لأبنائنا أن يعاملوا فيما يرتكبونه من جرائم وأخطاء معاملة الأحداث وحتى نتمكن من القضاء على هذه الجرائم فالدول المتقدمة تسن القوانين بما يتماشى وطبيعة الجرائم المنتشرة بها فالقوانين وحتى الدساتير تعدل بحسب تداعيات السلم الاجتماعى والأمن القومى، وعلى نفس النهج أكد النائب حاتم عبدالحميد أنه سيتقدم بمشروع للنزول بسن الحدث استنادا على أن التكوين البدنى والنفسى والجينات الوراثية للطفل اختلفت فصار من يبلغ 18 سنة أكبر من أن تعتبره طفلا.
وفى المقابل أعلن بعض النواب رفضهم تغيير سن الحدث مبررين الرفض بالتزام مصر بالمواثيق الدولية والتى تؤكد أن الطفل دون 18 عاما متهور وغير مدرك يجب ألا يعامل كالإنسان البالغ الراشد وقالوا إنه من الأجدى البحث عن سبل جديدة ومؤثرة لتربية النشء وتأهليه لعدم السقوط فى ارتكاب جرائم قتل.. وأكدت النائبة عبلة الهوارى، عضو لجنة الشئون الدستورية و التشريعية بمجلس النواب على مخالفة تعديل سن الطفل الحدث للمادة 80 من الدستور وقانون الأحوال الشخصية الذى حدد سن الطفل عند 15 سنة، والسن فى هذا القانون يختص بالولاية فقط ولا تتعارض مع الدستور.. وبحسب رؤية عبلة الهوارى فإنه ليس هناك حاجة لتعديل سن الحدث، فالطفل غير مميز وغير مسئول ودائما يظل فى حاجة إلى رعاية وحماية وتربية.
يطالب بالإسراع
إيهاب الخولى، أمين سر لجنة الشئون الدستورية التشريعية بالبرلمان يطالب الحكومة بسرعة تقديم مشروع قانون جديد للطفل متضمنا عقوبات رادعة للحد من انتشار جرائم القتل المتفاقمة بين الأطفال، وقال القصاص العادل هو السبيل للحد من تلك الظاهرة، فجرائم القتل أو الاغتصاب لا يمكن أن يعامل فيها الحدث بحكم القانون على كونه طفلا وتصل عقوبته فى النهاية بعد التداول والنقض والاستئناف إلى السجن من 3 إلى 7 سنوات مما يتطلب إعادة النظر فى مجموعة من القوانين مليئة بالثغرات التى تؤدى فى بعض الحالات للإفلات فى العقاب.
مشكلات أسرية
خبراء علم النفس والسلوك يرجعون تحول صغار السن إلى مجرمين فى معظم الحالات إلى المشكلات الأسرية والاجتماعية، التى جعلت البلطجة لغة الشارع ووسامًا على الصدر! ولذلك فإن تطوير أساليب تربية الأبناء ورعايتهم وضبط انفعالاتهم فى عمر المراهقة أجدى للحد من جرائم صغار السن فالقانون لا يمنع الجريمة سواء للكبار أو الصغار ولذلك وبحسب الدكتورة وفاء الزير أستاذ السلوكيات ونائب رئيس المركز العربى للدراسات فإن السلوك الإجرامى للأطفال مسئولية مجتمعية بدونها تصبح الحياة والمجتمع فوضى والتى انتشرت نظرا لافتقادنا للقدوة وللعادات والموروثات التى اعتدنا عليها فى السابق كالشهامة التى راح ضحيتها محمود البنا، فعلى الأسرة دور فى تعليم قواعد التعامل مع الآخرين لمن هم فى سن المراهقة بالذات وهى بداية النمو النفسى والتمييز مع توجيه أساليب التعبير لدى الأطفال فى سن المراهقة، فالخوف لدى هؤلاء يتحول إلى العدوان بكافة أشكاله والذى يجسده كل ما يعرض على الفضائيات ودور السينما فالبيئة السليمة تنشئ شابا سويا والعكس صحيح.
أحمد مصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل يشير إلى أن القتل العمد فى قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والذى نصت الفقرة الثانية من المادة 122 منه على «تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر فى أمر الطفل عند اتهامه فى إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف كما تختص بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون واستثناء
من حكم الفترة السابقة يكون الاختصاص لمحكمة الجنايات أو لمحكمة أمن الدولة العليا بحسب الأحوال بنظر قضايا الجنايات التى يتهم فيها طفل جاوزت سنه 15 عاما وقت ارتكابه الجريمة متى أسهم فى الجريمة غير طفل واقتضى الأمر رفع الدعوى الجنائية عليه مع الطفل وأضاف: كما كان الأصل هو انعقاد الاختصاص لمحكمة الطفل المستبدلة بمحكمة الأحداث إلا أن هناك استثناءات وبشكل عام - والكلام للدكتور مصيلحى - فهناك صعوبة للنزول بسن الحدث لاعتبارات اجتماعية عدة والتزامات دولية وإنما الأجدى البحث فى أسباب الظاهرة وسبل العلاج كانتشار العنف بكافة أشكاله فى الشارع والمنزل والمدرسة وعلى شاشات الفضائيات والتى أصبحت تشكل شخصية الطفل بنسبة 90٪ كذلك مطلوب عدالة ناجزة لردع المجرمين من الصغار والكبار الذين يقومون بالتحريض فى العمليات الإرهابية على سبيل المثال، كذلك العمل أكثر وأكثر على تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية ومن ثمّ القضاء على الفقر.. والفقراء، وعموما وإن كانت النية تعديل سن الحدث فلا يجوز إلا بعد بلاغ أعضاء منظمة الأمم المتحدة بدواعى مصر لذلك وأخذ موافقتها وإذا ما تأكدت المنظمة من دواعى المجتمع المصرى لمثل هذه الاستثناءات بعد توافر ضمانات توافر حقوق الطفل.
خبراء القانون أيضا انقسموا ما بين مؤيد ومعارض للنزول بسن الحدث لالتزام مصر بالتوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل وتحديد السن ب18 سنة كنهاية لمرحلة الطفولة.
الدكتور فؤاد عبدالنبى، الفقيه الدستورى يرفض مطالبات النزول بسن الحدث لما قبل 18 سنة بإجراء تعديل دستورى حتى لا يفتح باب «إتاحة» التغيير على حسب الأهواء والابتعاد عن الأسباب الحقيقية وراء انتشار الجرائم التى يرتكبها الأحداث. وقال: ليس صحيحا أن عدم إقرار عقوبة الإعدام للحدث وراء تفشى تلك الجرائم فالأخطر هو اختفاء دور الأسر فى رعاية أبنائهم وممارسة العنف تجاه النشء والأطفال فى كل مكان يحيط به ويتواجد فيه فى المنزل والمدرسة والشارع، فالأسرة قوام الدين وكذلك الأخلاق والوطنية وفقا للمادة رقم 10 من دستور 2014 وكذلك المادة 24 الخاصة بالتربية الدينية والوطنية خاصة فى مرحلة التعليم الأساسى وما قبل التعليم الجامعى.
خالد مصطفى، محامٍ شاب له وجهة نظر فى النزول بسن الحدث إلى 15 سنة يدعمه وبقوة ويرفض كل المغالطات التى ترى أن النزول بسن الحدث قد يزيد ويقنن من زواج القاصرات وأن الطفل عادة غير مدرك وغير كامل النمو والنضج، ويؤكد ويتساءل: هل تحديد سن الزواج عند 18 سنة منع زواج القاصرات وإن كان من الممكن عند إجراء أى تعديل بسن الحدث أن يستثنى من ذلك سن الزواج ويظل كما هو عند 18 سنة خاصة وهناك دول كثيرة سن الرشد مثلا فيها يختلف ما بين 16 و17 و18 سنة، كذلك لم يقر القانون إلزام استخراج بطاقة الرقم القومى عند 16 سنة وماذا يعنى ذلك ولماذا ينتهى سن الحضانة عند 15 سنة وهو ما يعنى بداية انتهاء الحماية وترك الأمهات.. ولماذا تأخذ المحاكم بشهادات الأطفال باختلاف أعمارهم فى بعض القضايا التى فى البعض منها أيضا تتضاعف العقوبة إذا كان المجنى عليه طفلًا.. ولكل هذه التساؤلات بحسب خالد مصطفى فإن النزول بسن الحدث ضرورة وممكن ولا يتعارض مع الدستور إذا كان هذا مطلبًا مجتمعيًا تتغير من أجله الدساتير والتى يجب أن تتخلص بعض مواده من ثغرات قد تكون السبيل للإفلات من العقاب.
سن التكليف
قبل أى شىء يجب أن يفهم الجميع والمعنيون الفرق بين سن البلوغ وسن الرشد. كذلك بدأ الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر حديثه ل«الوفد» عن رأى الدين فى السن المناسبة لمحاسبة الشخص أو الطفل على أفعاله مؤكدا أن سن التكليف فى الفقه الإسلامى هو أن يكون الإنسان بالغا عاقلا وهنا توجب عليه العبادات، وفيما يخص المعاملات المالية بالذات يكون سن الرشد هو المعيار، فالله تعالى يقول فى سورة النساء «فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم» ومن ثم فسن الرشد هنا إما مع البلوغ وإما بعد البلوغ وهو يعنى إدراك الإنسان وفهمه للمعاملات المالية لأنها تكشف عن سلامة إدراكه وفهمه. من هنا وبحسب الدكتور أحمد كريمة، الفقهاء حاولوا تقدير سن الرشد للمعاملات المالية فقدروه للذكر ب21 عاما و الأنثى ب18 عاما ولكن مع الانتباه إلى أنه فى فقه التشريع الجنائى ينظر إلى البلوغ وليس إلى سن الرشد فلو أن إنسانا كان بالغا البلوغ الشرعى وهو احتلام الذكر والحيض للأنثى هنا إذا قتل إنسانا يعاقب على جريمته بعقوبة كاملة وليست ناقصة وذلك إذا ارتكب جريمة من جرائم الحدود مثل الزنا والقذف والسرقة وتعاطى المسكرات والبغى فإنه يعاقب على حسب ما جاء فى التشريع الجنائى الإسلامى.
القتل العمد.. فى قانون الطفل
جاءت المادة 111 من قانون الطفل بشأن عقوبات الطفل بالنص على «لا يحكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يجاوز سنه ال18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة» وبالتالى فارتكاب الطفل المتجاوز لعمر 15 سنة لجريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو المشدد يحكم عليه بالسجن إذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر.
ما سبق من منطلق احترام مصر لبنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة والصادرة عام 1989، والمحددة لسن الطفل وقائمة طويلة ومفصلة بالحقوق الواجب احترامها وتؤمن الطفل فى جميع الأوقات والظروف احترام والتزام جاء معه دستور 2014 متوافقا أيضا مع الاتفاقية بنص المادة 80 فى باب الحقوق والحريات فى مقدمة فقراتها يعد طفلا كل من لم يتجاوز 18 سنة .وجاءت آخر فقرة بالمادة بالتزام الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم والشهود ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه على أن توفر له المساعدة القانونية شريطة أن يكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التى تتخذ حياله.
وتبقى كلمة
خبراء القانون الرافضون للنزول بسن الحدث أصحاب وجهة نظر.. وسليمة فيما يخص أن على الأسرة والمجتمع توفير البيئة الصالحة لتربية وتنشئة الأبناء ورعايتهم بشكل سليم يمنعهم من الانحراف والجريمة.. وكذلك الآخرون الذين يرون أن القانون يحدد من هو الطفل بمكيالين ويستخدمه على حسب الاحتياج له فى بعض القضايا من عدمه.. فأحيانا طفل يعهد بشهادته وحضانته عند أعمار أقل من 18 سنة وأحيانا أخرى التشدق فى أبشع الجرائم بأنه حدث.. ويفلت من العقاب وتستمر سياسة العين بالعين والسن بالسن الأوقع لدى أهالى المجنى عليهم على أيدى قتلة صغار مجرمين بل وعتاة فى الإجرام.. والشرع وكما سردنا يرى أن سن البلوغ والإدراك حتى فى العبادات يجب أن يكون الفيصل وأن دستورنا وقانون البلاد يجب ألا يتعارض مع الشريعة الإسلامية من أجل عيون اتفاقيات دولية فلماذا تنفيذ بنود منها والبعض الآخر لا تنفيذ به.
فى النهاية الكلمة العليا يجب أن تكون للشريعة الإسلامية ثم القانون المدنى حتى لا يكون القتل برخصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.