السيسي يهنئ الشعب المصري والأمتين الإسلامية والعربية بالعام الهجري الجديد    «مستقبل وطن»: ندعم خطط الدولة ونولى ملف الاستثمار أولوية كبيرة    محافظ دمياط يعتمد تنسيق المرحلة الأولى من الثانوية العامة بدمياط| التفاصيل    بلومبرج: البلاتين يسجل أعلى مستوى له منذ 2014 وسط مخاوف الإمدادات وموجة شراء مضاربى    وزارة التموين فى ذكرى 30 يونيو: استراتيجية استباقية لتعزيز الأمن الغذائى واحتياطى مستدام من السلع    قطاع البترول فى ذكرى 30 يونيو.. انطلاقة جديدة نحو مستقبل واعد وثروة مستدامة    رسميًا.. موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة 2025 بعد قرار السيسي    محافظ أسيوط لأهالي قرية نجع سبع: أنتم شركاء التنمية ونعمل معًا من أجل المستقبل    مجلس الوزراء: تراجع واردات السكر الخام 54.5% خلال الربع الأول من 2025    وزير الإسكان يُعلن تسليم مركز شباب نموذجي بمنطقة النوادى بمدينة بدر    ويتكوف: دول "لن تخطر على بال أحد" ستنضم إلى اتفاقيات إبراهام قريبًا    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى وسط حماية شرطة الاحتلال    تضارب بين البنتاجون و"CIA" بشأن نتائج استهداف ترامب نووى إيران    الناطق باسم الأمن الفلسطيني: جرائم الاحتلال لن تثنينا عن أداء دورنا الوطني    الخطوط الجوية القطرية تنهي إجراءات سفر 20 ألف شخص عالق    كوفاتش: التأهل في هذه الأجواء كان جيدا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع.. موقف مرموش.. ورباعي هجومي أمام يوفنتوس    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية والديمقراطية    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    رودري: ما زلت على بُعد أشهر من استعادة مستواي المعهود    طالب بالثانوية العامة ينشر اسمه وباركود الامتحان بعد تصويره أسئلة الفيزياء    إصابة 3 أشخاص إثر حادث انقلاب سيارة فى أطفيح    طقس اليوم.. الأرصاد: أجواء صيفية مستقرة.. والعظمى المحسوسة على القاهرة 38 درجة    كلب ضال يعقر 11 شخصًا ويثير الذعر بقرية إبيار في الغربية    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    حبس عصابة الذهب والمخدرات 4 أيام على ذمة التحقيقات في قنا    قلوب على الأبواب.. أمهات ينتظرن نبض النجاح أمام لجان الثانوية العامة ببني سويف    بعد تجميع الدرجات ورصد الأوائل.. موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025 فور اعتمادها رسمياً    محمد رمضان يكشف قيمة أحدث عروضه للمشاركة في رمضان 2026    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    الجوزاء يفتعل الجدل للتسلية.. 4 أبراج تُحب إثارة المشاكل    عودة الصنادل.. القبقاب والشبشب يتصدران موضة صيف 2025    وفاة والدة المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    لبلبة عن صورتها المتداولة مع عادل إمام: ليست حقيقية وملعوب فيها    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    الصحة: تقديم أكثر من 200 ألف خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال مايو الماضي    رئيس قسم التخدير بجامعة عين شمس: التخدير الموضعى الأكثر أمانًا بيئيًا    ماذا قال مينا مسعود بعد زيارته لمستشفى 57357؟    ماذا يحدث لجسمك عند تناول «فنجان قهوة» على الريق؟    خبير ألماني في النزاعات المسلحة: الناتو في مرحلة غير مستقرة للغاية    26 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    مصير وسام أبوعلي في الأهلي.. موقف اللاعب و4 بدلاء ينتظرون    مواعيد مباريات دور ال16 فى كأس العالم للأندية.. الإنتر يواجه فلومينينسى    رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    بينها تخفيف التوتر وتحسين المزاج.. فوائد كثيرة لشرب الماء الساخن بالصيف    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميشيل كيلو يكتب :سوريا: هل هي مؤامرة على النظام؟
نشر في الوفد يوم 29 - 08 - 2012

كلما التقى الرئيس بشار الأسد أحدا، شرح له تفاصيل المؤامرة التي يتعرض لها نظامه، والتي يعتبرها مؤامرة ضد سوريا، لأن نظامه وسوريا هما في فهمه شيء واحد. من المعروف أن الأسد مقتنع تماما بأن الشعب السوري ضالع في المؤامرة، وقد قال ذلك في أول خطبة ألقاها بعد قليل من بداية القتل في درعا، حين ذكر أن مطالب الشعب المشروعة ليست غير غطاء لمؤامرة خارجية تستغل الربيع العربي وحق الشعوب في الحرية، كي تنفذ مآرب وغايات أخرى لا تمت إليهما بصلة، هي قلب النظم العربية المعادية للغرب والصهيونية!
وقد كنت من الذين اعترضوا بشدة على تفسير كل ما يجري في الداخل السوري بأسباب وإرادات وأوامر خارجية، وعبرت دوما عن وجهة نظر ترفض رؤية ما يحدث في الداخل العربي باعتباره انعكاسا ميكانيكيا لما يقرر خارجه. لكنني سأفترض اليوم أن هناك بالفعل مؤامرة ضد النظام وسوريا، وأن الأسد يتصدى لها دفاعا عنهما، وأود أن أعطي نفسي الحق في السؤال حول ما إذا كان يفعل ذلك بطريقة صحيحة تخرجهما من المؤامرة، أم أنه يتبع سياسات تسهم في تدمير بلاده ونجاحها؟ في هذا السياق، أود أن أذكر بما كان قد قاله صدام حسين بعد غزو العراق، ويكرره رئيس النظام السوري اليوم، وهو أن المشكلات التي يواجهها لا تتصل بأخطاء اقترفها نظامه أو بحريات حرم شعبه منها، بل هي مؤامرة خارجية وحسب، تقتضي المصلحة الوطنية والحكمة والضرورة، مواجهتها من جهة بالطريقة الوحيدة القادرة على مواجهة المؤامرات: ألا وهي القوة، ومن جهة أخرى بالمحافظة على النظام والدفاع عنه في وجه أي تغيير، لأن التغيير هو أصلا وسيلة المؤامرة إلى تقويضه. لا داعي للقول: إن هذا المنطق يضع الشعب في صف المتآمرين ويجعل الامتناع عن تلبية مطالبه المشروعة في التغيير والإصلاح ضرورة وطنية، وسياسة ثورية تحافظ على نظام، هو في الوقت نفسه الوطن الذي تستهدفه المؤامرة! وسأغالط نفسي وأفترض أن هناك حقا مؤامرة خارجية يشارك الشعب السوري فيها، فهل واجهها النظام بطرق تتكفل بإحباطها أم بسياسات تضمن نجاحها؟ وإذا كانت مواجهته لها خاطئة، هل يحق له الادعاء بأنه الجهة التي تحبطها وتصون البلاد والعباد منها؟
يقول النظام: إن هدف المؤامرة هو ضرب شعب سوريا عبر إسقاط نظامه الذي يتماهى تماما معه. فهل مواجهة الشعب بقوى النظام العسكرية والأمنية هي الرد الصحيح على مؤامرة هو هدفها؟ وهل وضع النظام في مواجهة الشعب، وإثارة الخلافات الطائفية بين أبنائه ودفعه إلى اقتتال أهلي مهلك، وإخضاعه لعنف أعمى يكاد يقضي عليه - يفشل مؤامرة موجهة ضده؟ وهل صحيح أنه لم يكن هناك من وسيلة للقضاء على المؤامرة أو للتصدي لها غير عنف موجه إلى الشعب، بينت التجربة أنه لا ينقذ النظام، ويدمر الوطن؟ وماذا يبقى من مسوغات لبقاء نظام يتماهى وطنه معه، إن هو دمر شعبه؟ لنتجاهل الآن تناقضات ونقاط ضعف سياسات النظام، التي تفضح أكذوبة تماهيه مع شعبه وادعاءه الدفاع عنه. إن أكثر نقاط ضعف منطق النظام تهافتا يتجلى في حقيقة أنه لم يقبض إلى اليوم على أي متآمر أجنبي، وأن الدم الذي سفحه كان دم مئات آلاف السوريين، وأن ملايين المشردين كانوا مواطنين دمر قراهم وبلداتهم ومدنهم، وأوصل المعركة ضدهم إلى كل مكان، رغم أنهم لم يطلبوا شيئا ليس من حقوقهم الطبيعية، التي يقول قادته إنه يؤيدها ويعمل على تحقيقها، ويدعي أنه يرى فيها الحامل الرئيس لأي طابع وطني يتمتع به أي نظام من الأنظمة.
إذا كانت هناك حقا مؤامرة، فهل كان من الصواب الرد عليها بذبح الشعب؟ وهل كان من الصواب افتراض أن ذبح الشعب سيتكفل بإفشالها وليس بتحقيقها؟ وما الذي جعل قادة النظام يأخذون شعبهم بالعنف غير ثقتهم بأن المتآمرين الخارجيين الجبابرة سيسمحون لهم بذبح حلفائهم الداخليين؟ ولماذا لم يغير النظام سياساته، بعد أن تبين له أن الخارج لا يكترث كثيرا بمصير هؤلاء وربما كان يرحب بقتلهم بالجملة؟
لا يشك أي سوري اليوم في أن الخيار الحربي كان خطأ فادحا، أقله أنه ورط النظام في حرب داخلية لا يضمن أحد من أهله أنه سيخرج رابحا منها. فمن هي الجهة التي أجبرت «القيادة» على خيار تبين بوضوح أنه خاطئ ولم يترتب عليه أي عائد حقيقي غير تقويض سوريا دولة ومجتمعا، علما بأن تقويضهما هو الهدف الحقيقي لأية مؤامرة تستهدف سوريا؟ لماذا لم ترجع «القيادة» عن خيار الحل الحربي - الأمني، بعد أن بانت نتائجه الكارثية على السوريين جميعهم؟ ومن الذي أجبرها على ارتكاب أخطاء تخدم المؤامرة؟ إذا كان هناك من يريد سرقة منزلك، فهل تترك نوافذه مفتوحة قبل أن تذهب إلى النوم؟ ومن قال إن المؤامرة كانت ستستمر وستفضي إلى الخسائر الرهيبة في الأرواح والأرزاق، لو كان هناك من عرف كيف يحبطها، أي لو لبت «القيادة» مطالب الشعب، ومنعت المتآمرين الخارجيين من استغلال نقمته، وكسبته وحالت دون انحيازه إليهم، في حال سلمنا بوجود مؤامرة ولم نلغ عقولنا، التي لم تر إلى اليوم أية خطوات «إمبريالية - صهيونية» تستهدف حماية الشعب السوري المتآمر عبر الإطاحة بمن يقتله، ولم تفعل شيئا في هذا الاتجاه، بل أعطت نظامه المهلة تلو الأخرى والفرصة بعد الفرصة، حتى إن وزيرة خارجية أميركا كررت قبل أيام: إنه ما زالت لدى الأسد فرصة لحل الأزمة، بينما لم تفعل إسرائيل أي شيء ضده بدورها، رغم أنه ترك المنطقة بين الجولان المحتل ودمشق خالية من أية قوات. أليس أمرا غريبا ألا يبادر المتآمرون الصهاينة إلى الانقضاض على نظام الصمود وركن الممانعة والمقاومة والتحرير، الذي ترك خلال عام ونصف أبواب عاصمته مفتوحة أمامهم؟
في منطق «القيادة»: يتآمر الشعب مع أعداء يبدون حرصا شديدا على بقاء نظامها، وهي تمعن في إلقاء التهم جزافا على الشعب، الذي هو مصدر شرعية أي نظام سياسي عدا نظام البعث، الذي يعتبر نفسه مصدر شرعية الشعب، ويعلن أن من حقه القضاء عليه كشعب متآمر، إن طالب بحريته أو ناضل من أجل تغيير أوضاعه.
هذا المنطق المقلوب يجعل الشعب متآمرا، والقضاء عليه بالمدافع والطائرات إنقاذا وطنيا له من نفسه الشريرة، ويحول المتآمر على شعبه إلى ضحية مزعومة لمتآمرين مزعومين لطالما حموه ودافعوا عنه وسامحوه على أخطائه.
بعد هذا، هل يثير استغرابنا أن منطق «القيادة» قاد سوريا إلى حرب مبررها الوحيد إنقاذ نظام يدمرها، لظنه أن تدميرها سيشفع له عند حماته التقليديين الذين كانوا دوما أصدقاءه وأعداءها؟
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.