زيارة الرئيس محمد مرسى لإيران، فى نهاية هذا الشهر بمناسبة حضور قمة عدم الانحياز، المزمع عقدها فى طهران، تعتبر فى تقديرى سلاحاً ذا حدين. ما أريد أن أقوله من عبارة (سلاح ذي حدين) أن هذه الخطوة لها مخاطر وأضرار، قد تفوق بكثير ما قد يترتب عليها من منافع. زيارة ايران فى ظل الظروف الشائكة، لاسيما بسبب الموقف الايرانى المتشدد من مشكلة تخصيب اليورانيوم المشع، بما يشير إلى رغبتها فى انتاج القنبلة الذرية. هذا الموقف المتشدد، ترتب عليه أن أغلب الدول الغربية، وخاصة أمريكا وابنتها إسرائيل، بالإضافة إلى بعض الدول الآسيوية، قد وجدت أنه يمثل خطورة شديدة، الأمر الذى دفع هذه الدول إلى إصدار العديد من العقوبات ضد ايران، عن طريق منظمة الاممالمتحدة ومجلس الأمن. مصر طوال الثلاثين عاما الماضية، كان لها موقف رافض لأى علاقات مع ايران لأسباب عديدة، الظاهر منها، يتمثل فى إصرار الجانب الايرانى على اطلاق اسم - خالد الاسلامبولى - قاتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات على أكبر شوارعها، احتفاء منها بمقتل السادات، الأمر الذى تعتبره مصر اعتداءً صارخا على سيادتها. أما الخفى، فيتمثل فى تلك العلاقات الطيبة القائمة بين مصر وبين الدول الغربية عامة وأمريكا وإسرائيل بصفة خاصة، هذه العلاقات الطيبة، جعلت مصر طوال الثلاثين عاما الماضية، لا تخطو على مثل هذه الخطوة بزيارة ايران. زيارة الرئيس لإيران، ستكون لها أضرار كبيرة على مصر، فى مثل هذه الظروف الدولية الحالية. أولا: نتيجة العقوبات العديدة التى يفرضها المجتمع الدولى ضد ايران. وثانيا: نتيجة الموقف العدائى المتبادل بين ايران ودول الخليج - خاصة الامارات والبحرين وقطر - بسبب المنازعات القائمة على الجزر المنتشرة فى الخليج العربى. وثالثا: نتيجة التدخلات المستمرة من الجانب الايرانى فى العراق وفى سوريا وفى لبنان، لما تسببه من قلاقل واضطرابات عديدة لهذه الدول. وأخيرا: فلا يغيب عنا جميعا أن لإيران مطامع كبيرة فى اعادة دولة الفرس مرة اخرى والاستيلاء على دول الخليج كلها بما فيها السعودية. مثل هذه الظروف الدولية الشائكة، تجعل من زيارة رئيس مصر لإيران، آثاراً عكسية كبيرة على علاقة مصر، بالمجتمع الدولى كله، لاسيما الدول العربية المحيطة بإيران أم التى تتدخل ايران فى شئونها. قد يقال إن زيارة الرئيس لإيران ، قد تكون لها فوائد اقتصادية لصالح بلدنا. ولكن، هل هذه الفوائد، تقابل ما قد يترتب على هذه الزيارة من مخاطر سواء على صعيد علاقات مصر بالدول الصديقة أم بالدول الأخرى التى لنا علاقات طيبة معها. أليس من المتوقع أن يكون للدول العربية - المطلة منها على الخليج العربى - موقف عدائي لمصر؟؟ أليس من المتوقع أن يكون لدول الغرب عامة والمجتمع الدولى بصفة خاصة موقف مختلف من مصر؟؟ أليس من المتوقع أن يكون لأمريكا وإسرائيل موقف آخر من مصر؟؟ أعود فأقول، ان كانت هناك رغبة ملحة فى تحسين العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، فلا مانع أن يكون تمثيل مصر فى مؤتمر دول عدم الانحياز، تمثيلا على درجة سفراء الدول أو حتى درجة وزير الخارجة، وليس درجة رئاسة الجمهورية. فى هذه الحالة سيكون هناك بادرة طيبة من مصر لبداية علاقات جديدة بينها وبين ايران وربما ايران ترد بأحسن منها. أرجو من سيادة الرئيس محمد مرسى أن يعيد حساباته مرة أخرى بدقة شديدة، قبل أن يخطو مثل هذه الخطوة. مصر لم تخطط هذه الخطوة منذ ثلاثين عاماً ماضية، وربما يحدث فى ظل الأوضاع التى نعيشها حاليا، تغير قد لا يحمد عقباه. مصر الان مليئة بالمشاكل والمخاطر ويكفيها ما تمر به من بلايا ونكبات، فلا نزيد عليها المخاطر، فى وقت قد لا ينفع فيه الندم.