تلقي الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء عرضاً متكاملاً من شركات إيرانية لضخ استثمارات للسوق المصري تصل إلي 10 مليارات جنيه كأول استثمارات إيرانية تعمل علي أرض مصر بعد الثورة منها مليار جنيه من هذه الاستثمارات لشراء ديون المصانع المتعثرة في بعض المدن الجديدة وإعادة تأهيلها بما يمكنها من تطوير وزيادة الإنتاج والتصديروهذه الاستثمارات لم يتم الموافقة عليها حتي الآن وهي تحت الدراسة لكنها تطرح قضية العلاقات الاقتصادية مع إيران وتضعها علي مائدة البحث وهل أهداف هذه الاستثمارات الإيرانية هي التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين فقط أم هناك أهداف سياسية أخري؟ وهل المجتمع الغربي وعلي رأسه أمريكا سوف يقبل بهذه الاستثمارات أم يحاول الضغط علي الجانب المصري برفضها خاصة في ظل العلاقات المتوترة بين أمريكا وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر؟.. وخاصة ان إيران انتهزت فرصة تلويح أمريكا بمنع المعونات عن مصر لتصرح رسمياً باستعدادها مساعدة مصر اقتصادياً ووضع كل امكانياتها أمامها إذا تعرضت مصر لمثل هذه الضغوط. خبراء السياسة والعلاقات الدولية والتجارة انقسموا بين مؤيد لقبول هذه الاستثمارات نظراً للحالة التي تمر بها البلاد مع وضع ضوابط والتعامل معها بوعي أمني لهذه العلاقات. وجانب آخر يرفض تماماً هذه الاستثمارات لأنها تؤدي لسوء العلاقات بين مصر والدول الغربية خاصة التي تربطها بمصر علاقات تجارية قوية. ومن المعروف أنه كان لمصر وإيران علاقات اقتصادية دائمة منذ أقدم العصور لكنها توقفت بسبب الاختلاف في مواقف البلدين وسياستهما الخارجية وتشير بيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر إلي أن الاستثمارات الإيرانية تشارك في 8 مشروعات يبلغ رأسمالها 454 مليون جنيه وتبلغ تكاليفها الاستثمارية 563 مليون جنيه وتبلغ قيمة المساهمة الإيرانية فيها نحو 108 ملايين جنيه وذلك منذ نهاية عام ..2000 وأهم الاستثمارات الإيرانية في مصر تتمثل في شركة مصر وإيران للغزل والنسيج عام 1974 حصة إيران في هذه الشركة 49% وبنك مصر إيران للتنمية 20% من أسهم البنك تخص الجانب الإيراني والهدف من تأسيس هذا البنك منذ عقدين هو توفير التسهيلات البنكية لرجال الأعمال لتنمية العلاقات الاقتصادية وإنشاء خمسة مصانع لإنتاج سكر القصب في إيران ويتولي خبراء مصريون مهمة التخطيط والتشغيل والانتاج والإشراف عليها بالإضافة إلي الاتفاقات العديدة المبرمة لإنشاء شركات مصرية إيرانية لصناعة السيارات. السفير أحمد الغمراوي عضو المجلس المصري للشئون الخارجية يري أن هناك مفاهيم كثيرة لمعني الاستثمار تغيرت بعد أحداث الثورة حيث سافرت وفود لإيران وجاءت وفود لمصر من إيران رغبة في تغيير السياسات التي كانت المتبعة أيام مبارك أن تكون هناك علاقات جيدة بين الشعوب الإسلامية وأهمها الاقتصاد وفتح مجالات للاستثمار لأن الاستثمار ليس له جنسية فأهم شيء مصلحة الشعوب. يؤكد أن عروض الاستثمار من إيران لمصر تعبر عن رغبتها في فتح صفحة جديدة بعد عهد مبارك لأن الرئيس السابق كان له موقف معروف تجاه العلاقات المصرية الإيرانية وكان ينفذ السياسة الأمريكية والإسرائيلية بعدم التعامل معها. يتمني أن تتم الموافقة علي تلك العروض الاستثمارية فمصر تحتاج لهذه الإستثمارات من ناحية كما تحتاج للتوازن في العلاقات والمصالح.. كما يجب التعامل في مجال السياحة بين البلدين بكل موضوعية فلا مانع أن يحصل الإيرانيون علي تأشيرات للسياحة في مصر لأن السائح يأتي لمدة معينة للزيارة ثم يرحل. مصلحة الوطن السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب وكبير المفاوضين المصريين يري أن الاستثمارات الإيرانية في مصر موجودة منذ سنوات عديدة مثل بنك مصر إيران ومصانع للنسيج لكن لكل حادثة حديث لأن الموقف الآن بعد أحداث الثورة يتغير تماماً وبالتالي العلاقات مع الدول لابد أن تتغير. يوضح ان إيران منذ فترة تحاول أن تستعيد العلاقات مع مصر بقوة وتعتبر هذه الاستثمارات هي بداية لتقوية العلاقات بين البلدين وإذا كان الاستثمار هدفه مصلحة الوطن فلا مانع من وجود هذه الاستثمارات ولا داعي للتخوف من هذه الاستثمارات.. فمثلاً دولة مثل الإمارات التي تعد مشكلة الجزر التابعة لها والتي تحتلها إيران عاملاً مهماً في عرقلة تطوير العلاقات المصرية الإيرانية هي نفسها الشريك التجاري العربي الأول لإيران. وبالنسبة للتخوف من الوجود الإيراني في مصر علي الحالة الأمنية الداخلية فهذا نتركه للجهات الأمنية لتهتم به وتراقب أي تجاوزات قد تحدث.. فنحن لنا مصلحة في إستعادة العلاقات بهدوء مع إيران ولا يوجد مانع من فتح مجال الاستثمارات الإيرانية السياحية في مصر لأن ذلك سوف يكون عاملاً مهماً لإستعادة قوة الأفواج السياحية إلي مصر مرة أخري. المشاكل السياسية حمادة القليوبي رئيس جمعية مستثمري ومصدري مدينة المحلة الكبري والرئيس الأسبق لغرفة الصناعات النسيجية يرحب بأي استثمار يأتي إلي مصر دون التوقف أمام مصدر هذه الاستثمارات لأن هذا نوع من ضيق الأفق ولكن إذا كان الاستثمار سيؤدي إلي حدوث مشاكل سياسية مع أطراف أخري فلا ينبغي أن نأخذ به. يوضح أن قيمة الاستثمارات المقدمة في العرض الإيراني بنحو 10 مليارات جنيه ليس بالمبلغ الكبير الذي يجعلنا نوافق علي استثمارات قد تؤدي بنا لمشاكل سياسية فقد وصل قيمة مبلغ الإنتاج المصري لعام 2010 إلي تريليون و265 مليار جنيه ولكن الأحداث السياسية في عام 2011 بالطبع قد تؤثر علي الإنتاج. هناك أيضا مجتمع دولي يجب أن نأخذه في جميع الاعتبار ونفكر جدياً قبل قبول أي نوع من الاستثمارات .. فنحن نستورد من دول كثيرة كميات كبيرة من الغذاء والحبوب والملابس والمواد الخام وإذا كانت هذه الدول لها علاقات مضطربة مع إيران فينبغي أن نتدارس الأمر جيدا حتي نكسب دولة ونخسر باقي الدول. لكن.. والكلام مازال للقليوبي.. بالنسبة للاستثمار الإيراني في مجال السياحة فلا يوجد منه أي مخاطر أو مشاكل لأن الإيرانيين يزورون دولاً كثيرة في المنطقة ويحصلون علي التأشيرات بسهولة ويقدر عددهم ب 6 ملايين إيراني وإذا زادت الفرص لمنح التأشيرات السياحية سيكون بداية لعلاقات تجارية قوية بين البلدين. جمال عبدالجواد باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يشير إلي أن هناك اعتباراً سياسياً لابد من أخذه في الحساب لأن الاستثمارات الإيرانية ليست مدفوعة بدوافع اقتصادية غرضها الربح ولكنها مدفوعة لغرض سياسي خاصة أن الاستثمارات الإيرانية استثمارات دولة أكثر منها استثمارات أفراد بمعني ان الاستثمارات المقدمة ليست من رجال أعمال إيرانيين لبحث مكسب إقتصادي لأن إيران دولة لديها فائض مادي.. و في اللحظة الراهنة التي تمر بها مصر لا يجب الدخول في صراعات ومشاكل إقليمية قد تؤثر علي مصر ولا يجب قبول استثمارات إيرانية ينظر إليها الغرب علي أنها توسيع لنفوذ سياسي إيراني ولا ينظر إليها علي انها استثمارات ولكن ليس معني أن نطالب بالحذر من هذه الاستثمارات أن تنغلق مصر علي نفسها. يوضح انه حتي الاستثمارات السياحية الإيرانية عليها تحفظات شديدة.. فالسياحة الإيرانية أساسها ديني لزيارة المزارات الدينية وأهم شيء الشيعة في مصر قد تكون بداية لتقوية هذه الطائفة ولا يجب تجاهل أن هناك صراعاً بين المذاهب الدينية من سلفيين وإخوان وشيعة فكيف ننظم العلاقة بينهم إذا تم تقوية الشيعة فالسياحة الإيرانية قد تؤدي إلي تقوية الطائفة الشيعية لذلك يجب التحفظ علي هذا الأمر بشدة. انفتاح مطلوب الدكتور أسامة عبدالخالق الأستاذ بجامعة عين شمس والخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية يؤكد علي ضرورة وجود أسس لبناء القدرات الاقتصادية في الفترة المقبلة لذلك يجب أن تكون مصر منفتحة علي دول العالم.. فخلال الخمسين سنة الماضية كان الصراع بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي يفرض نوعاً من الحذر علي القرار السياسي في مصر وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي جاءت الهيمنة الأمريكية وبالتالي إذا كان المصريون يرغبون بالفعل في الاستقلال السياسي الحقيقي وما يتبعه من استقلال إقتصادي فلابد أن يحدث إنفتاح علي العالم بحيث يتم فتح وتهيئة المناخ في مصر لجذب الاستثمارات بغض النظر عن الجنسية أو الدين واختيار الأصلح والأنسب للشعب المصري.. مع ملاحظة أن هناك تجاذباتً بين الشعبين المصري والإيراني لم يعكر صفوه إلا تأثر القيادة المصرية السابقة بضغوط من الغرب علي معاملات مصر مع إيران.. وقد آن أن نخرج من عباءة التبعية إلي الانفتاح مع التنافس.. لكن يبقي أن البلد الوحيد الذي عليه حذر هو إسرائيل لأن إسرائيل تأخذ مواقف عدائية من مصر في محاولة للتأثير علي القرار المصري مع الدول الأخري. يطالب بضرورة تفعيل السوق الافريقية المشتركة والاتجاه للجوار الافريقي لأن ذلك سوف يؤدي إلي قوة مصر وهذا يتطلب بنية أساسية وخطوط سكك حديد وإذا لم يتم ذلك فسوف يظل الاستقلال السياسي والاقتصادي لمصر منقوصاً. بالنسبة للاستثمارات الإيرانية في مجال السياحة فلماذا نمنعها وإذا كان الأمن الداخلي لمصر بالقوة والشدة فلا يوجد أي خوف فالقيادات السيئة في الدولتين هي التي أدت إلي هذا التخوف وإيران في أشد الحاجة أن تكون لها علاقات طيبة مع مصر بسبب توتر العلاقات بين إيران ودول الغرب.. وقوة العلاقة مع إيران تجعل مصر في وضع أفضل أمام دول العالم الغربي وتعيد لمصر قوتها أمام إسرائيل وأمريكا. جلال الزور رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس شركة النيل للملابس يري انه لا يوجد أي قيود في قبول العروض المقدمة من إيران في فتح علاقات تجارية أوسع بين البلدين في مجال الاستثمارات لكن يجب أن تتم دراسة هذه الاستثمارات بدقة شديدة لمعرفة الغرض منها فإذا كان إقتصادياً فقط فلا يوجد أي اعتراض لكن إذا كانت هذه الاستثمارات تتخفي وراءها أهداف سياسية فيجب الحذر منها تماماً.. موضحاً ان الاستثمارات الإيرانية ليست بالشيء الجديد علي مصر ولكن إذا أردنا أن نفتح علاقات أقوي واستثمارات كثيرة بعد الثورة فلابد أن ندرس هذه العروض لأنها قد تفيد مصر خاصة في تلك الظروف الاقتصادية.. بالنسبة للعلاقات بين البلدين في مجال السياحة واستقبال أفواج فيجب أن يتم تحديد أعداد معينة من السائحين الإيرانيين الذين يدخلون البلاد دون الاهتمام لردود الأفعال الغربية لمثل هذه العلاقات التجارية بين البلدين. فمثلاً فرنسا وألمانيا يوجد لهما علاقات تجارية وأفواج سياحية مع إيران فلماذا نحرم مصر من هذا؟!.