بدأت جمعية المصرفيين البريطانية فى إصدار معدل الفائدة الليبور (Libor) هى مختصر (London Inter-Bank Offered Rate) أى سعر الفائدة المعروض بين المصارف فى لندن عام 1986 كاستجابة للحاجة إلى وجود معدل مرجعى للفائدة على القروض. يتحدد معدل الليبور يومياً للعملات الدولية سواء تلك التى يتم إقراضها أو اقتراضها من جانب مجموعة من المصارف الرئيسية فى سوق لندن النقدى، ويتم اختيارها بواسطة جمعية المصرفيين البريطانية، حيث يقوم كل مصرف فى المجموعة بعرض معدل الفائدة الذى يدفعه على القروض التى يقترضها وكذلك معدل الفائدة الذى يمكن أن يدفعه لكى يقترض من المصارف الأخرى. ويتم احتساب هذا السعر ولخمسة عشر نوعا من الاقتراض ولفترات زمنية تمتد من يوم واحد إلى 12 شهرا، أى أن هناك 150 سعر فائدة ليبور للعملات الرئيسية العشر الكبرى بموجب هذا النظام، مثل ليبور بالدولار والين واليورو والجنيه الاسترلينى وبقية العملات. لكن ليبور البريطانى هو الأكبر عالمياً من دون منازع، بسبب حجم سوق المال الهائل فى حى المال فى لندن. وتزايدت أهمية هذا المقياس بزيادة الاعتماد عليه عالمياً ليصبح المعيار الرئيسى لأسعار الاقتراض البينية بين المصارف. ويرتفع سعر فائدة ليبور عندما ترتفع المخاطرة وتنخفض السيولة المتوافرة للإقراض بين المصارف، فى حين ينخفض عندما تنخفض المخاطر وتتوافر السيولة. ولذلك فإن مستويات ليبور هى أفضل مؤشر للمتعاملين فى الأسواق العالمية لمعرفة مستويات العرض والطلب على الأموال المتاحة للإقراض ومستويات التفاؤل والتشاؤم فى الأسواق العالمية. من هنا تأتى اهمية ليبور الكبيرة والخطيرة فى التأثير في أسواق المال العالمية، فهو المعيار المقبول عالميا، الذى يستند اليه ويرتبط به تريليونات الدولار الأمريكى من الأصول المالية فى أنحاء العالم، نحو 800 ألف مليار دولار أمريكى.. وهى تمتد من القروض العقارية إلى بطاقات الائتمان إلى تمويل المشاريع وعشرات الاصول والتعاملات المالية الأخرى. وفى منتصف 2007 حتى منتصف 2008 حام الكثير من الشك حول أسلوب تحديد الليبور، وعبر الكثير من المراقبين عن شكهم فى مدى اعتمادية الأسلوب الذى يتم على أساسه الحساب. ففى نهاية 2007 لفت المراقبون الانتباه إلى الانخفاض غير العادى بين معدل الفائدة لليبور على الدولار ومعدل الفائدة لمدة ليلة واحدة فى الولاياتالمتحدة، كذلك لوحظ اتساع الفجوة بين معدل الليبور على الدولار ومعدل الفائدة الفعال على الأموال الفيدرالية. ولفت الكثير من المراقبين الانتباه إلى أن المعدلات المحددة لليبور غير معبرة عن الاتجاه العالم لمعدلات الفائدة على عقود مقايضات التخلف عن السداد، التى تعتبر من المقاييس المعتمدة لحساب احتمالات التوقف عن السداد، وخلص المراقبون إلى أنه من الواضح أن المصارف فى لندن تعرض معدلات منخفضة تقلل من تكلفة إعادة التمويل بالنسبة لها ولمستويات السيولة الحقيقية التى تتمتع بها حتى لا تكشف درجة ضعفها. وهذا حدث بوجود تكتل محدد بين مجموعة من المصارف ذات المصالح المشتركة للتأثير فى معدل الفائدة الليبور. تجاهلت طوال هذه الفترة المصارف البريطانية كل جوانب الشك التى أثيرت حول طريقة تحديد معدل الفائدة الليبور، بل إن جمعية المصرفيين البريطانية دافعت عن اعتمادية ودقة عمليات تحديد معدل الليبور فى 2008، وهو ما دفع بالباحثين فى المجال إلى محاولة إثبات أن معدل الليبور لم يكن محدداً بالفعل وفقاً لقوى السوق الحر بما يعكس التكلفة الحقيقية للاقتراض للمصارف المساهمة فى تحديده. وأقدمت الولاياتالمتحدة على مقاضاة عدد من البنوك الأوروبية فى محكمة لندن، على خلفية فضيحة التلاعب فى سعر «الليبور»، وذلك بعد أن تم رفع دعاوى قضائية مشابهة فى نيويورك. وقامت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بالولاياتالمتحدة بمقاضاة بنوك: «باركليز» و«دويتشه بنك» و«لويدز» «رويال بنك أوف سكوتلاند» و«رابو بنك» و«يو بى إس» فضلًا عن جمعية المصرفيين البريطانية (BBA) بتهمة الاحتيال. حيث إن هذه البنوك قدمت عمدًا تقديرات منخفضة لمعدل الليبور متلاعباً بها فى الفترة بين عامى 2007 و2009 إلى جمعية المصرفيين البريطانية التى تقوم بوضع معدل الليبور يومياً باستخدام البيانات المقدمة من البنوك الكبرى، ما جعلها تبدو أكثر جدارة ائتمانية مما كانت عليه فى الواقع. وهذا ما دفع البنوك المركزية إلى البحث عن مؤشرات أكثر دقة لتحديد أسعار الفائدة الفعلية بين البنوك، وبالفعل بدأ ظهور مؤشرات جديدة لأسعار الفائدة الرئيسية منها على سبيل المثال مؤشر سعر الفائدة على الجنيه الإسترلينى لمدة ليلة واحدة، وأطلقت الولاياتالمتحدة المؤشر SOFR وأطلق البنك المركزى الأوروبى المؤشر ESTER، وأطلقت اليابان المؤشر TONA.