تعرف على ترتيب جامعة المنيا في تصنيف الجامعات عالميا    الشيوخ يبدأ مناقشة طلب نقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر والعاملين بالمساجد    عقب صدور القرار الجمهوري| بالأسماء.. تشكيل المجلس القومى للطفولة والأمومة    السيطرة على حريق هائل في هايبر شهير بنجع حمادي    الحكومة تعلن تخفيض أسعار اللحوم البلدي بنسبة 40% بهذه الأماكن    مياه الشرب بالشرقية تطلق قافلة مجانية لخدمة أهالي العدلية في بلبيس    شباب جهاز تنمية المشروعات يشارك في معرض الصناعات التقليدية بالجزائر    تأسيس أول شركة ناشئة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة باستخدام التكنولوجيا المالية    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها ومركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري    رئيس الوزراء الفلسطيني: نطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للإفراج عن أموال الضرائب المحتجزة لديها    وزير الدفاع الإيطالي: إسرائيل تزرع كراهية ستؤثر على الأجيال القادمة    انطلاق فاعليات المؤتمر العربي الثاني والعشرين لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    وزير الخارجية: مصر ترفض محاولات إسرائيل عرقلة المساعدات إلى غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا الأعاصير فى أمريكا إلى أكثر من 118 قتيلا ومصابا    أول تعليق من كولر على تسببه في رحيل سيد عبدالحفيظ    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    انتداب الطب الشرعي لتشريح جثة شخص في حالة تعفن ب6 أكتوبر    القبض على عامل شرع في قتل زميله بمنطقة العياط    خلال 24 ساعة.. ضبط 21889 مخالفة مرورية متنوعة    مركز الفلك الدولى يكشف ظروف رؤية هلال ذى الحجة وموعد عيد الأضحى بدول العالم    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان إبداع 12 للجامعات وتحصد 22 جائزة    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    الأربعاء.. ماريو وأبو العباس ندوة بمكتبة الإسكندرية    انطلاق جلسة الشيوخ لمناقشة قضايا حفظ أموال الوقف ونقص عدد الأئمة    حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزى    للتعاون في مجال التدريب.. تفاصيل توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمي وجامعة بنها -صور    السيطرة على حريق داخل هايبر ماركت في قنا    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    وزير الكهرباء ل"اليوم السابع": كل مليم سيتم تحصيله يساهم فى إنهاء تخفيف الأحمال    حسام حسن يستشهد ب محمد صلاح ويؤكد: أتمنى للجيل الحالي التتويج بالألقاب والتأهل للمونديال    قرارات جمهورية جديدة.. تخصيص 41 فدانا لإقامة مشروعات عمرانية بدمياط الأبرز    نداء شرارة بعد أحداث رفح الفلسطينية: "حسبي الله ونعم الوكيل"    القومى للمرأة يهنئ الدكتورة جيهان زكي لتعيينها رئيسا تنفيذيا للمتحف الكبير    ليلتان لعرض أوبرا كارمن على المسرح الكبير بالقاهرة    البورصة المصرية، ارتفاع جماعي للمؤشرات بمستهل التعاملات    الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية يوضح حكم تصوير الجنازات    "أناشد المسؤولين".. ساويرس: سأتكفل بعلاج المصابين الفلسطينيين    برتوكول تعاون بين هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية وقطاع التدريب بوزارة الصحة    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    تشافي: لابورتا هو من عليه الكشف سبب رحيلي    "التضامن" تؤكد أهمية الكشف الطبي المميكن لجميع أنواع الإعاقة واختلاف شدتها    محظورات مفسدة للحج أو تلزمك الكفارة.. مركز الأزهر العالمي يوضح    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    «التضامن الاجتماعي» تقرر قيد جمعيتين بمحافظتي القاهرة والشرقية    تعليم مطروح: إحالة واضعي امتحان العلوم المترجم للتحقيق وإعادة توزيع الدرجات لصالح الطلاب    إسرائيل تأمر إسبانيا بوقف الخدمات القنصلية المقدّمة لفلسطينيي الضفة الغربية اعتبارا من 1 يونيو    وكيل وزارة صحة الاسماعيلية تفاجئ وحدة أبو جريش الصحية وتحيل المقصرين للتحقيق    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    تشكيل الأهلي المتوقع ضد الفيحاء في الدوري السعودي للمحترفين    معلق مباراة الأهلي ضد الفيحاء اليوم الإثنين في دوري روشن السعودي    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    بعد سدادها 8 ملايين جنيه.. شيرين عبد الوهاب تتصدر السوشيال ميديا.. ما القصة؟    خطوات بسيطة للحصول على نوم هادئ وعميق دون أرق    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    مجزرة جديدة ينفذها الاحتلال فى مخيمات النازحين غرب رفح الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل درويش يكتب:ربيع براغ وخريف القاهرة
نشر في الوفد يوم 04 - 08 - 2012

إذا كانت الشعوب تثور من أجل حياة أفضل؛ فلماذا تستبدل في صناديق الاقتراع الديكتاتورية الساقطة بديكتاتورية أسوأ؟
الشعوب من تونس إلى سوريا شرقا واليمن جنوبا ثارت على ديكتاتورية شمولية كانت الانقلابات العسكرية (بدءا من نظام يوليو في مصر) استنسختها من الدولة البوليسية الأمنية التي ابتكرها جوزيف ستالين، بدعم حزب شمولي أوحد يرفض وجود الآخر، وترسانة قوانين تخنق المبادرات الفردية، وهو النظام الذي ثارت عليه وأسقطته شعوب شرق أوروبا قبل عقدين.
لم يمر على انهيار جدار برلين (1989) غمضة عين إلا وكانت شعوب أوروبا الشرقية لحقت بالعالم الحر في معظم المجالات من سوق تجارية حرة وتوقيع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وسيادة القانون والتحق معظمها بالاتحاد الأوروبي، وهو نادٍ أهم شروط عضويته الديمقراطية والتمثيل البرلماني واحترام حقوق الإنسان بلا انتقائية.
وحتى ساسة الأحزاب الشيوعية السابقة غسلوا من أدمغتهم لوثات الآيديولوجيا الشمولية وقبلوا الديمقراطية وحكم القانون جوهرا وليس مظهرا. وعلى الرغم من مرور خمس أو ست دورات انتخابية لم تكرر هذه الشعوب انتخاب أحزاب شموليات ما قبل سقوط جدار برلين.
والاستثناء هو روسيا التي تتقهقر فيها الديمقراطية بعد عودة فلاديمير بوتين مسؤول المخابرات السابق في العصر السوفياتي إلى الرئاسة، ونظامه هو الوحيد من أعضاء حلف وارسو السابق الذي يدعم ويحمي نظام مافيا عائلة الأسد البعثية في سوريا.
وهناك تشابه يلاحظه المؤرخ مع الحالة المصرية. فمثلا صوت الدوما (البرلمان الروسي) على قرار يدمغ أي منظمة غير حكومية أو ناد ثقافي أو معهد بحوث يتلقى تبرعات من الخارج بخاتم «العمالة الأجنبية»، والتعبير عند الروس يعني التجسس للمعسكر الإمبريالي المعادي في الضمير الشعبي الذي شكلته البروباغندا البلشفية أثناء فترة الحرب الباردة.
البلاشفة استولوا على ثورة 1917 التي كان وقودها الفلاحين والطلاب والمثقفين، وأسسوا ديكتاتورية نظام الحزب الواحد كنموذج شمولي قلدته ديكتاتوريات شرق أوروبا. وعندما أشرق فجر الديمقراطية دفنت جماهير شرق أوروبا النسخ التقليد من الديكتاتورية تحت أنقاض سور برلين، بينما يصر الروس على التمسك بالنسخة الأصلية.
في مصر انقلاب العسكر بزعامة اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر تطور عنه ديكتاتورية الحزب الواحد (الاتحاد الاشتراكي)، كان النموذج الذي قلدته البلدان العربية ببيروقراطية الدولة البوليسية وأجهزة سحق الفرد، كالمخابرات وأمن الدولة. واليوم تبدو مصر، مثل روسيا، تختار التمسك بالشمولية الديكتاتورية عبر صناديق الاقتراع، بينما لم تقع ليبيا مثلا في هذا الفخ.
شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا رزحت تحت الديكتاتوريات الشمولية (ما بين 50 و60 سنة) للمدة نفسها التي خنقت فيها الديكتاتورية شرق أوروبا؛ فلماذا تجد الأخيرة (حتى بلدان كانت داخل الاتحاد السوفياتي نفسه مثل لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) في غضون أشهر، اندمجت في الثقافة السياسية الاجتماعية الاقتصادية للعالم الحر، وتمارس شعوبها الحياة اليومية من تجارة وفنون وصحافة بمستوى ديمقراطيات أوروبا الغربية؟ بينما في نهاية منتصف العام الثاني من ثورة انبهر العالم بها إعجابا تستبدل مصر - بإرادة انتخابية - ديكتاتورية الحزب الوطني (الاتحاد الاشتراكي سابقا) بحزب آخر شمولي ديكتاتوريته أكثر سحقا للفرد وتطلعاته وإرادته؟
سيعترض البعض على وصف «الإخوان» بالشمولية بتأثير euphemism («الكناية») والتعود على تغليف المضمون السلبي بورق إيجابي، كتضمن مينيو الأربعاء «طبق الثلاثاء»، بينما مكانه الطبيعي صندوق الزبالة.
فتسربل الجماعة بالدين كان عباءة الاختفاء السحرية في الفولكلور الشعبي، فلا يرى الناخب سوى زبيبة الصلاة والمسبحة ولوحة «الله» المطعمة بالذهب في برواز ثمين معلق في المكتب الفخم. أما المضمون، فنفس أساليب الحزب الوطني لفرض السيطرة على أدوات تشكيل الرأي العام (تغيير قيادات الصحافة إلى محررين يلتزمون بفكر الجماعة وتكفير الصحافيين المستقلين «كسحرة فرعون» وتقليد بوتين في لصق تهمة العمالة بمن يتلقى تبرعات مصريين من الخارج).
وقد يعكس المظهر أنك أشد المسلمين تقيا ومواظبة على أداء الشعائر، وفي الوقت نفسه إذا فرضت على عباد الله الزي والمأكل وأسلوب الحياة وصادرت الكتب وشددت الرقابة على الفنون واتهمت المبدعين بالكفر، فلا شك أنك ديكتاتور تنتهك حقوق الإنسان.
جزء من الإجابة عن إفلات الوعي الجماعي لشعوب البلطيق من سيكولوجية الخضوع بينما سار المصريون في نومهم لاستبدال ديكتاتورية بأخرى تجده في كتاب مكيافيللي الشهير «الأمير». استراتيجية صاغها مكيافيللي في بداية القرن ال 16 تساعد الحاكم على تقوية قبضته والقضاء على أي تهديد سياسي بتطوير أساليب تجعل الشعب يقع في غرام المستبد العادل، وتتطلع الجماهير إليه لتحقيق ما تقنعه بروباغندا النظام بأنه طموحها.
شعب تأصل في وجدانه مفهوم الحساب في العالم الآخر لسبعة آلاف عام، لا شك سينتخب المرشح «بتاع ربنا» فآلاف من أئمة الجماعة يحذرون مصلين أغلبيتهم أميون بأن من يصوت لمقلدي الأجانب الكفار سيذهب إلى جهنم وبئس المصير.
مطربات شابات للفرقة الغنائية «pussy riot» (أو مظاهرة القطط)، لا يمكن أخذها على محمل الجد، اعتقلهن نظام بوتين بتهمة تهديد الأمن القومي والسلم الاجتماعي، ويمثلن للمحاكمة بتهم ازدراء الدين وإهانة الكنيسة. البنات سجلن فيديو يسخر من النظام السياسي ولا يتعرض للدين، لكنه التقط في كاتدرائية عزفت فيها عشرات الفرق الموسيقية من قبل.
وبحسابات مكيافيللية يهب الرئيس المؤمن بوتين لحماية دار الرب من دلع البنات وحماية الدين من استهتار الفن (لاحظ البنات سخرن من النظام، وليس من الدين، الذي اختزله بوتين في المبنى وليس المضمون الروحي).
الجماهير تستمد معلوماتها من تلفزيون الدولة الذي يخيرها ببساطة بين طرفين: بنات حواء (التي أخرجت بتمردها آدم من الجنة - حسب التراث المسيحي) أو نظام الرئيس المؤمن الذي تباركه المؤسسة الدينية.
وببراءة، تختار الجماهير الديكتاتورية معتقدة أنها ترضي الله بهذا الاختيار.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.