هكذا راح أحد الزملاء، فى مقالة له، يصف رئيس الوزراء الجديد الدكتور هشام قنديل بمجرد الإعلان عن تكليفه بتشكيل الوزارة، وهو ما يمثل فى نظرى أبلغ تعبير عن حجم وطبيعة المواقف المسبقة التى تحكمنا ليس فقط تجاه قنديل وإنما تجاه من كلفه بالتشكيل الوزارى وهو الرئيس مرسى والتيار الذى يمثله وهو الإخوان.. فيما شن كاتب آخر هجوما عنيفا على قنديل لمجرد أنه لا يعرف عنه شيئا, وعندما وصله تعقيب بالغ التهذيب من قارئ معجب بما يكتبه ينتقد ما وصفه بكتاباته التربصية راح يصول ويجول فى نقد عدم احترام حرية الرأى معتبرا ذلك مؤشرا على دخولنا مرحلة جديدة من تكميم الأفواه. مثل آخر يؤكد ما نشير إليه التحقيق الذى نشرته الأهرام أمس الجمعة ويضع حكومة قنديل حسب العنوان الرئيسى فى مهب الريح. ومن مقدمة الموضوع يمكنك أن تستشعر ما وصفه القارئ المشار إليه ب«الحالة التربصية» الأمر الذى يكشف عن عمق الأزمة التى نواجهها بالفعل وكان وصول الإخوان للحكم سواء من خلال مجلس الشعب المنحل أو من خلال الرئاسة سببا رئيسيا فيها. الأمثلة عديدة ويصعب حصرها رغم أنها تتعلق بقضية لم يمر عليها سوى أسبوع أو اكثر قليلا مما يكشف عن حجم الاهتمام بها وارتباطها بجوانب عديدة تتعلق بمسارات مستقبل الأوضاع فى مصر. بعبارة صريحة.. هناك حرص على فشل الإخوان أو افشالهم وتسريع ماكينة تحقق هذا الفشل. على سبيل المثال فإنه بدلا من دعم حملة النظافة التى أطلقها مرسى بدا غريبا أن يخرج علينا الدكتور أيمن نور بعبارة يملؤها اليقين بأن مرسى سيكون واهما إذا تصور أنه سيحل مشكلة النظافة.. وهى عبارة لا يمكن وصفها ب«تكسير مجاديف» بالمصطلح البلدي. أما الشيخ حافظ سلامة فيبشرنا بأن قنديل لن يستطيع تطهير البلاد من الفساد؟ لماذا؟ لا ندري. هل هو شخصيا – قنديل - امتداد لهذا الفساد مثلا؟ هل حكومته تضم عناصر فاسدة؟ هل ستكون من الضعف بحيث لا تتمكن من تحقيق هذا الهدف؟ أما النائب السابق محمد أبو حامد والذى يبدو أن هناك ثأرًا «بايت» بينه وبين الإخوان فقد راح يحذرنا من أن الحكومة الجديدة لا تسعى سوى لهدف واحد – هكذا – هو الهيمنة والسيطرة ، بما يعنى أن هذه الحكومة لن تعمل على إصلاح أحوال البلاد ولو من باب تعزيز وجودها وشرعيتها.. وإنما هى حكومة مريضة بمرض اسمه «الهيمنة». ليس ذلك فقط بل إنها أيضا حسبه «خلت من الكفاءات الحقيقية القادرة على الخروج بمصر من الظروف الصعبة التى تمر بها الآن ولن تكون قادرة على استعادة الأمن ووقف التراجع الاقتصادى الذى تمر به البلاد».. يعنى من الأفضل أن ترحل من الآن. ليس لذلك من نتيجة سوى أننا نفتقد القدرة على تقبل الآخر رغم كل الدعاوى التى يرفعها الكثيرون.. والآخر هنا ليس من وطن مغاير أو من عرق أو ديانة مختلفة وإنما هو من بنى جلدتنا يأكل ويعيش بيننا.. والمشكلة أننا بذلك نصنع الفشل ليس لقنديل وحكومته فقط وإنما لأنفسنا، لنصبح ب«حق وحقيق» فى عداد الدول الفاشلة. وإذا كان من الصعب تبرئة الإخوان تماما وممارساتهم بعد الثورة خاصة على صعيد شبهة الاستحواذ، والتى ولدت حالة من القلق الكامن لدى كثيرين، إلا أننا يجب أن نقبل بقواعد لعبة الديمقراطية.. ومن يلوح لنا بمصادرة الإخوان للحكم فهو إما مخادعًا أو واهمًا يتعين علينا افاقته من وهمه.. فقد مضى الزمن الذى يمكن أن يحكمنا فيه من نرفض وجوده.. إخوانا كانوا أم فلولاً!