قد يطالب الشعب عبر ممثليه ونخبه الوطنية مثلاً ، بزيادة مخصصات البحوث العلمية فى ميزانية الدولة ، وقد تستجيب السلطة فتزيد هذه المخصصات إلى القدر الممكن ، ولكن الأهم عندما يتحاور المختصون حول أوجه إنفاق هذه المخصصات المالية ، التى خصصها وزير المالية بالعافية ربما وبالتوافيق والتباديل ، ولكنه غير مطالب ، بالإنشغال بأكثر من هذا. فيقول زيد ، علينا أن نهتم بالبند سين. فيعقب عمرو ، نعم البند سين يجب أن نهتم به ، ولكن علينا أولاً أن نراجع منهج البحوث بصفة عامة ، وكيف ندعم تطويره؟ فيأخذ عبيد طرف الحديث من عمرو فيضيف ، ومناخ البحوث إجمالاً ، ومنظومته الإدارية ، وثغرات الإستنزاف كذلك. فيعود زيد وقد إستمع جيداً لزميلية وإستفاد من مداخلتهما فيقول ، الكادر البحثى وعلاقته باحتياجات مصر وإستشرافه لها ، كيف نحرره من صومعته العلمية ، ليتفاعل مع هذه الاحتياجات ، ويسخر فكره لابتكار الحلول لها أو لدعمها. خلاصة الأمر ، بعد هذا الإيجاز النموذجى البسيط أو الذى تعمدت تبسيطه ، لما يجب أن يكون عليه الحوار «الإستراتيچى» فى كل ما يخص شئوننا العامة ، الصغيرة منها مثل الكبيرة ، وهذا ما أظنه يميز إسرائيل مثلاً عنا ، أو هكذا الأمم التى تقدمت ، فأقول أن علينا أن نثقف أنفسنا ، إن كنا نريد حقاً أن ننهض ، وأتمنى من كل وزير جديد أن يتحرر من العمل التنفيذى المباشر ، فيفوض سلطاته لمساعديه ، حتى يتفرغ لما هو إستراتيچى ، ومن ثم للقضايا الكلية الكبرى ، التى تحل تلقائياً قضايانا الجزئية. ومن هنا مثلاً ووفقاً لفقرتى الأخيرة ، فقد أحول قضية كبرى من قضايانا بالغة الأهمية ، وهى قضية توفير فرص تشغيل متنامية ، أقصد قضية البطالة حين أحولها إلى قضية جزئية مجازاً ، حين أتفرغ للتفكير والبحث فى مشروع إقتصادى عملاق ، سيحقق تلقائياً مليون فرصة تشغيل حين يتحقق. بالتأكيد هذا مثال يحوى مبالغة منى ، لأن قضية البطالة هى قضية كلية بالتأكيد ، ولكنها عندى هى عنوان دافع للإبداع ، لا يغيب عن خلدى ، مثله فى ذلك مثل قضية نهضة مصر ، فهى قضية كلية عظمى ، لكن لا يكفى أن أرفعها شعاراً ، ولا أبحث فى القضايا الكلية التى ستحقق هذه القضية الأم. وفى الطريق إلى هذا البحث عن تلك القضايا الكلية ، رؤية ونهج ، فسياسة وبرنامج. مصر من الآن ، لن تحتمل المقامرة ، ولا حتى التجريب ، وبالتأكيد لن تحتمل العشوائية ، وهذا ما نحسب حكومتنا التى أوشكت أن تبدأ عملها ، أن تراعيه بإذن الله. محسن صلاح عبدالرحمن