حوار دار مع بعض جيران بلطجية مدينة ( سدود ) بالمنوفية فأدمت رواياتهم أفئدتنا ، نموذج مصغر من حياة انسان الغابة ، متوحش فاقد للوعى والإدراك ، قالوا روعنا أربعين عاما من أسرة واحدة أبطالها رب الأسرة تاجر المخدرات هذا العقل المدبر والمخطط الرئيسى تعاونه فى سدة الإجرام حرمه المصون فاستقى الأبناء من معين الوالدين كل فن فى تمزيق الأوصال وإحالة الأجساد ألى أشلاء ، إسالة دماء الأبرياء مطلب يروى نفوسهم العطشى للسادية ، أربعة عقود من الإرهاب والظلم تحول فيها أهل القرية إلى عبيد لعتاة الإجرام ، كم كانت تتفاخر أم البلطجية الذين صالوا وجالوا يعيثون الفساد فى الأرض فأحرقوا القلوب المسالمة على فلذات الأكباد ، أطفال البراءة الذين حرموا من أبسط حقوقهم اللعب بالكرة الشراب مع أطفال الجيران ،قالت المرأة التى إتخذت من ( ريا وسكينة )مثلا أعلى وقدوة أن كلمتها سيف على رقاب الجميع ، وأن ضابط المركز يترك لها مقعده لتجلس بدلا عنه ، لم يقو أى من أبناء القرية على التفوه ببنت شفة والظلم جاثم على صدورهم ، مهددون بالطرد والسحل والقتل فى وضح النهار ، روايات وروايات تصدم المجتمع المصرى ونتساءل هل هذه هى مصر قبل الثورة وبعدها ؟ مهد الأديان ومنبع الحضارات التى علمت الدنيا كل فن وعلم ودين ؟ تحولت ( سدود ) إلى دويلة لها قانونها وعرفها إلى ماقبل التاريخ ، من أباح للإجرام أن يتفشى إلى هذا الحد ؟ إحدى الامهات قالت حرمت من رؤية إبنتى ومازالت على قيد الحياة أرسلتها إلى أقاربنا فى قرية أخرى خوفا عليها من البطش والتنكيل بعدٍ صارت أنثى فالمجرمين يعترضون طريقها أينما ذهبت وأخشى أن تصاب بمكروه ففضلت إبتعادها عنى حرصا على سلامتها إلى هذا الحد تفرق شمل الأسر المسالمة ؟ من سمح لهؤلاء أن تكون لهم اليد الطولى والكلمة العليا على مدار السنين للدرجة التى جعلت الأم تتطاول على الشرطة فتتباهى بأن كلمتها مسموعة لايرد لها طلب ؟ الكارثة المروعة ليست ماقام بها أهل القرية عندما ثاروا على الطغيان والظلم وجعلوا منهم دروسا وعبرا فمزقوهم بعد سحلهم فى ذات المكان الذى قتلوا فيه آخر ضحاياهم ثم هرعوا إلى الأم المحرضة فذبحوا أحد أبنائها لتتذوق من نفس الكأس ثم جاء دورها فأجهزوا عليها ، وتعالى التصفيق والزغاريد دوت فى أنحاء القرية إيذانا بانتهاء عصر العبودية ، وراحت كل أم توقظ طفلها فلتذهبوا جميعا للعب مع أطفال الجيران ، اليوم حرية لم نتذوقها راحة لم نعرفها هدوء وفرح سيعم القلوب ، وصار هذا نموذجا يحتذى به بعد الثورة ، الجماهير المقهورة تمردت على الظلم والإستعباد على يد حفنة من الخارجين على القانون فقررت أن تأخذ حقوقها بالذراع يساندهم كل من له حق ضاع بين أروقة المحاكم ومحاضر الشرطة منذ سنين والقانون غائب وعتاة الإجرام يزدادون تجبرا وصلفا ، حالات عديدة ملء السمع والبصر كان الإنتقام فيها من البلطجية يجرى لى قدم وساق وكان حادث مدينة دسوق البداية بعد ثورة يناير المجيدة عندما استجمع الأهالى شجاعتهم ومزقوا إثنان من المجرمين إلى قطع ثم حملوهم على ( تريسكل ) وطافوا بهم المدينة ليطمئنوا الجميع أنه منذ اليوم لم يعد للأجرام مكان ، وابتهجت كل المدينة بعدها وعمت السعادة كل بيت فرضوا عليه إتاوة وروعوا أفراده نحن مقبلون على خطر داهم تجاوز الآن كل مدى القتل لم يعد حادث فردى القتل أصبح ظاهرة تدعو للقلق والرعب على مستقبل البلاد وجميع أخبارنا تنقل عبر الشاشات لدول العالم المصدوم فينا الآن بعد الثورة التى إنحنى لها تقديرا وإعزازا ، لن نعطى للمنتقمين الضوء الأخضر ، لن نثنى على فعلهم أو نثمن مجهوداتهم للقيام بدور الشرطة الذى نحّوه جانبا ، ولكن الواقع الأكثر مرارة أن المجرمين المنتشرين على طول البلاد مازالوا يفرضون سطوتهم يستعذبون صرخات الأبرياء الذين ضاقوا صبرا فحقوقهم باتت من الأحلام فققروا الإنتقام والثأر بأيديهم ، خاصة أن كل من يمارس البلطجة والإرهاب ينجو بفعلته بالهروب والإختباء ، لو تم القصاص بسرعة حزم لفكروا ألف مرة قبل أن يخربوا فى الأرض ولما تجرأت بوقاحة إمرأة ( سدود ) لتعلن بفخر وزهو أن الضابط يترك لها مقعده تصدر أوامرها وربما قال لها ( حاضر ياافندم )