- قبل أن تقرأ: رئيس الوزراء الذى تستحقه مصر.. قضية تشغل المصريين منذ أن غابت عن كرسى الوزارة أسماء كبيرة مثل الدكتور عزيز صدقى وعبد العزيز حجازى ومن قبلهما مصطفى النحاس, ومع أن فى مصر ثورة إلا أن فى مصر «صدمة» أيضا, بنفس القدر من الغضب والغليان, من عدم إدراك أولى الأمر نوع الرجال الذين تحتاجهم مصر الآن فعلا لتجاوز محنتها الحالية. - أنا لست من حواريى المجلس العسكرى, وقد أدنت أسلوبه وسياساته فى الحكم فى المرحلة الانتقالية وسأظل.. بل مازلت أرى أن من «شطر» مصر إلى هذه الفرق والأشياع هو هذه السياسات, مع احترامى للأشخاص والقيادات ولجيشنا الباسل.. لكن الموقف الحالى هو مسئول عنه, كما تسأل النخبة (من فسد منها)وأيضا من حازوا ثقة الناس فى الانتخابات والاستفتاءات ومع هذا لم يرتقوا إلى حجم مصر ولم يصعدوا إلى مستواها ويتخلصوا من هذه الأساليب العتيقة فى اختيار الرجال.. فحينما نقبل ب «ديمقراطية الصناديق» وبالدكتور مرسى رئيسا للجمهورية.. فإن هذا يكون معناه أن يختار رجلا له تاريخ يتناسب مع مكانة مصر الحضارية والتاريخية وحجمها كلاعب سياسى أساسى فى المنطقة العربية والشرق أوسطية.. تحتاج مصر إلى رجل له تاريخ فى النضال السياسى فى مواجهة الظلم والاستعباد.. له تاريخ فى الشعور بمعاناة الناس.. فى الإحساس بهم.. فى معرفة أوجاعهم ومكامن الخطر التى واجهتهم.. والأهم من ذلك أن تكون له مواقف معروفة وواضحة من كل قضايا الأمة, ولا يكون هو رئيس الوزراء الوحيد الذى يحتاج إعلان قرار تكليفه إلى مذكرة إيضاحية وتفسيره لأسباب تكليفه بالمسئولية الوزارية؟ أم أنكم «مشبعتوش» من الرجال «الغامضين» و«الصناديق السوداء»..كعمر سليمان وشركاه (لا طيب الله ثراهم أبدا بقدر ما ما مرغوا سمعة الوطن فى التراب).. أم ترى أنكم تتعمدون ذلك جسرا بين مرحلتين تأتون بعدها بمن تريدون وهل تحتمل مصر ترفا كهذا؟ - من وحى صدمة اختيار قنديل رئيسا لوزراء مصر.. وإدراكى أنه لن يكون بمقدوره أن ينير الطريق.. ويمهده لكى نعبر عليه ونسير نحو المستقبل.. أكتب كلماتى بمداد نازف بحبر القلب (رحم الله محمد مستجاب).. اكتب «طلقة حبر»-أستعيرها من أستاذنا الكبير عادل حمودة.. أكتب صرخة عالية الصوت.. استلهم فيها ما كان الكاتب الراحل مصطفى شردى - مؤسس هذه الصحيفة العريقة - يوجهه من سهام نقد لاذع لولاة الأمور فى أزمنة غابرة, وصفتها فى مقالات سابقة بأنها كانت أصدق كلمات شرف مهدت للثورة الينايرية العظيمة.. نعم أنا مصدوم مما جرى.. مذهول مما حدث.. ولست وحدى.. «فعم لبيب» السائر على عكازين الآن منذ عام تقريبا بعد عدد من الجراحات الخاطئة فى ساقيه أقعدته عن العمل ومزقت أحلامه وكبرياءه.. يسألنى.. مين قنديل ده؟.. ده قريب عبحليم قنديل الصحفى؟ مش أنت رفضت انتخاب شفيق.. أهو جالكم مجهول أهوه؟ - أصاب عم لبيب.. وشقيقتى مها ومحمود الطوخى.. ومحمد يونس من الإسكندريه.. وميزو السائق بمطار برج العرب.. وبوجى - أبو بسنت - من المنشية وغيرهم, فرئيس وزراء مصر رجل مجهول بلا تاريخ.. لا نعرف راية فى القبح الذى تركه لنا مبارك على امتداد البلاد وعرضها.. قبح يملأ الطرق كلها من قبح المواكب والتشريفات الرئاسية التى تدوى أصداؤها التعسة فى آذاننا.. والتى تصورنا اننا سنفتقدها فإذا ب «الكتاتنى» يحن - دوما - إليها والرئيس مرسى يستسلم لها والوزراء على الطريق.. ومن هذا القبح الإنسانى إلى قبح الطرق والكبارى والمجارى والسلوك اليومى الشوارعى.. ولا نعرف كيف سيواجهه كما لم نعرف رأيه فى قبح المحاكمات العسكرية.. ومصير الآلاف الذين يحاكمون أمامها..وموقفه من احمد شفيق والبلاغات التى لدى النائب العام بشأنه ولا يجبره أحد أن يحدثنا عنها, وما رأيه فى ادب نجيب محفوظ وهل قرأ قصائد الأبنودى أم أنه يعتبر الشعر ضلالة وأن الشعراء ايضا يتبعهم الغاوون..؟ من هو هذا الرجل الذى تعوزه الخبرة الدولية والعربية والسياسية والذى لم نعرفه أبدا كرجل دولة.. من هو هذا الرجل الذى لم يكن يستطيع أن «يكلم مصر» أو يخاطب المصريين مطمئنا إياهم على مواردهم المائية؟ من هو ؟ وهل جاء به الدكتور مرسى ليكون سكرتيرا أول له فى القصر الرئاسى؟ - لا يا سيادة الرئيس..«عم لبيب المقعد يحتاج رجل دولة يجيد أولا التعبير عن مصر بلغة يفهمها العالم الذى يريد مصر طالبة لا مطلوبة, مثلما يستطيع أن يصل بالخدمات الطبية الصحيحة الى قرى مثل ميت فارس ومدن مثل شبين القناطر وشبين الكوم والحصة ومليج.. وسيد جلال وأم المصريين ويعرف كيف يستطيع أن يوظف قروض الصندوق الكويتى الميسرة لتدخل إلى موازنة خطة التنمية..فتساهم فى حل مشكلات الكهرباء والصرف الصحى واستصلاح الأراضى..السيدة مها يا سيادة الرئيس تقول لك لم ننتخب شفيق ولكن لم نتوقع هذا منك..أما «ميزو» السائق فيسالك: على أى اساس اخترت هذا الرجل.. وطنى؟ إحنا كمان. ملتحى؟ اربيها بكره! كفاءة؟ طيب ادينى أمارة؟ -بعد أن قرأت: عذرا سيادة الرئيس.. أخطات وأصابت مها وميزو وعم لبيب..عذرا فمصر أكبر من هذا الاختيار وحاجتها إلى رجل دولة الآن حتمى لا مهرب منه ولا فرار!!