قرأت يوم الخميس الماضي في عدد جريدة «الوفد» الأسبوعي أن هناك اتجاهاً داخل الجمعية التأسيسية للدستور لإلغاء المجالس القومية المتخصصة، وأن الجمعية تدرس حالياً من خلال جلسات استماع من الخبراء حول الموضوع ، وقد ذكر مصدر الخبر محمد أنور عصمت السادات عضو لجنة الأجهزة الرقابية بالجمعية أن هناك بعض الاقتراحات داخل اللجنة بتقسيم المجالس القومية المتخصصة بحيث تتبع كل مجموعة منها الوزارة المختصة، وقد استمعت اللجنة إلى المشرف العام للمجالس القومية المتخصصة المستشار احمد رضوان الذي ذكر أن المجالس تقوم بدورها في اعداد التقارير وإرسالها إلى الرئيس، ليترك له التنفيذ من عدمه، وأن بعض الأعضاء قد أبدوا ملاحظاتهم في المقابل على أداء المجالس حتى أن البعض يرى أنها وسيلة لترضية كبار موظفي الدولة عند وصولهم الى سن المعاش! وعندما فرغت من قراءة هذا الخبر المطول قلت في نفسي: «خيراً.. اللهم اجعله خيراً»! فمعنى ذلك أن هناك من يتناول أمر هذه المجالس بجدية!، وهناك من ينتقد استمرارها حيث لا فائدة منها ولا عائد لما ينفق عليها من الأموال على أي صعيد!، وإنما هي المجالس التي انشئت - كما يرى بعض الأعضاء - لترضية كبار الموظفين بعد احالتهم الى المعاش!، ولو كان أمر هذه المجالس يحتاج الى إيضاحات تزكي الرأي الذي يطالب بإلغائها، لما احتاج الأمر الى غير نفر من الشهود العدول على فساد الفكرة التي هدفت في الأصل الى الانتفاع بها! فقد بدأت الفكرة هادفة، ثم راحت تفسد بعد انشاء المجالس الى حد انها لم تكن تعني أحداً في جميع أرجاء النظام الذي سقط!، فلما اهتدت الجمعية التأسيسية للدستور الى أن هناك نسياً منسياً اسمه «المجالس القومية المتخصصة» تطلب الأمر دراسة الجدوى من استمرارها من عدمه! إن عنوان هذا المقال «فض المجالس» ليس جديداً، فقد سبق أن كتبت تحت هذا العنوان أطالب بإنهاء وجود هذه المجالس منذ أكثر من عشر سنوات!، وكان عندي المبرر القوي لطلبي هذا بعد أن عاصرت وقائع تحكي كيف كانت تقارير المجالس القومية المتخصصة تذهب الى الوزراء في طبعات أنيقة مجلدة تجليداً فاخراً، وحافلة بدراسات هي قيمة بالفعل، وحصاد لعمل جاد، ولكن الوزراء كانوا - فيمن قابلتهم - يضيقون بهذه المجلدات!، ولا يحاول أي ممن قابلتهم قراءة ما في المجلدات!، بل قبلوا شاكرين لي الحصول على بعضها وكأني قد قدمت لهم مكرمة بإخلاء مكانها للانتفاع به في غرض آخر!، وخلال سنواتي الطويلة في العمل الصحفي - والمجالس القومية المتخصصة منعقدة - لم أسمع بأن دراسة لهذه المجالس كانت الأساس في تحول أو تغيير يعدل مسار أي شأن من شئون حياتنا العامة!، وهذا على تعاقب الرئاسات التي تصل الى المجالس أيا ما كانت الأسباب التي أدت الى ذلك!، فهل آن الأوان لفض المجالس؟!.