مضي أكثر من خمسة عشر شهراً علي إصدار فرنسا قانون حظر ارتداء المسلمات النقاب والحجاب في الأماكن العامة الذي أقرته الحكومة المحافظة اليمينية السابقة في عهد «نيكولا ساركوزي» في 11 أبريل عام 2011، وتفرض غرامة مالية قدرها 150 يورو لمن يتم ضبطها ترتدي النقاب، أو يتم إلزامها متابعة دورة دراسية في الاندماج.. قائمة سوداء حكومية تضم عدداً من دعاة وعلماء مسلمين علي رأسهم الشيخ «يوسف القرضاوي» منعتهم السلطات الفرنسية الدخول لأراضيها، إنها فرنسا التي تتغني بأنها قبلة الثقافة الأوروبية ومعقل الحريات والديمقراطية، تلك البلد البالغ تعداد سكانها حوالي 65 مليون نسمة، ويعيش فيها أكثر من خمسة ملايين مسلم، وهي تعتبر أكبر نسبة في غربي أوروبا، وغالبيتهم من المستعمرات الفرنسية السابقة بالمغرب العربي «تونس - المغرب - الجزائر» وهؤلاء لديهم مشاعر مرارة، خاصة بعد مشاركة 93٪ من المسلمين في الانتخابات الرئاسية الذين قد أعطوا أصواتهم لصالح الاشتراكي «هولاند» أملاً في أن يحقق لهم مطالب اجتماعية لم يتمكنوا من تحقيقها إبان حكم الرئيس الفرنسي السابق «ساركوزي». يأتي ذلك في الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الداخلية الفرنسية مؤخراً تقارير أمنية تفيد بأن تزايد عدد المسلمين في فرنسا «يخلق مشكلة» في المستقبل، وينشط اللوبي الصهيوني أكثر من أي وقت مضي، لتقليل المكاسب الاجتماعية التي حصل عليها مسلمو فرنسا خلال السنوات الماضية، خاصة بعد تفجير ثورات الربيع العربي، وفوز التيارات الإسلامية في تونس. كما يثير غضب الأغلبية العظمي من المسلمين في فرنسا القانون الذي تم تطبيقه بالفعل عام 2004 الذي يقضي بحظر كل الرموز الدينية في المدارس، ويشمل التلميذات والمدرسات اللواتي يردن ارتداء الحجاب. تتسم علاقة الحكومة الفرنسية بمسلميها بالغرابة، فهي ليست عدائية، لكن لا يمكن وصفها بالود والشفافية، حيث تتحكم فيها معايير سياسية حذرة تشوبها الشكوك من جانب إدارة باريس الحاكمة، ومن جانب المسلمين ثقتهم في الحكومة دائماً منقوصة، خاصة في الأجهزة الأمنية، وهذا لم يأت من فراغ أو من منطلق افتراءات، خاصة من الجزائريين الأصل المقيمين في هذا البلد، الذين لم ينسوا تدخل الاستخبارات الفرنسية عقب فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية بالجزائر في انتخابات ديمقراطية في التسعينيات، وهو التدخل الذي تحيطه شبهات بأن فرنسا هي مفجر العمليات الدموية باستخدام أساليب التحريض.