تواجه صناعة الدواجن العديد من المعوقات التى تهدد استقرار الصناعة رغم إسهامها لفترة ليست بقصيرة فى استقرار سوق البروتين الحيوانى، بالإضافة لتحقيقها اكتفاء ذاتياً لفترة طويلة لعقود من الزمن إلا أن الأزمة التى واجهت هذه الصناعة بعد ظهور أنفلونزا الطيور كانت بمثابة نقطة فارقة فى تاريخها. ومقارنة بالأرقام ما بين الأسعار والإنتاج قبل الكارثة وبعدها ندرك مدى الخسائر التى تحققت، فالإنتاج تراجع إلى 700 مليون طائر يومى بعد أن كان يحقق أكثر من 2 مليار قبل الأزمة، وبلغت الأسعار بعد معاودة الإنتاج الذى توقف لفترة نحو 20 جنيهاً بدلاً من 700 قرش للكيلو قبل الأزمة. وشهدت الأسعار عمليات صعود وهبوط بعد عام 2006 تأثراً بعدة عوامل أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف، بالإضافة لظهور أكبر معوق على عتبات الصناعة وهى فيروس أنفلونزا الطيور الذى ينشط فى فصل الشتاء ويتسبب فى نفوق معظم الإنتاج وبالتالى مزيد من الارتفاعات فى الأسعار. ولم تفلح محاولات هيئة الخدمات البيطرية فى القضاء عليها نهائياً ربما لتوطن الفيروس أو التعرف على عترة المرض حتى يتسنى لها تحديد اللقاحات المقاومة واستمر مسلسل عدم الاستقرار والذى تزايد مع ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً والذى يؤثر بشدة، خاصة إذا عرفنا أن مصر فى الفترة الأخيرة أصبحت تعتمد بالكامل على الأعلاف ومستلزمات الأعلاف المستوردة من الخارج ربما لأسباب ضعف العائد الذى لا يغرى المزارعين لزراعتها أو ترشيد استخدامات المياه بعد بروز أزمة تشييد سد النهضة الإثيوبى ورغم أن مصر تنتهج سياسة السوق الحر إلا أن ذلك لا يعنى تخليها عن القطاع نهائياً. وشهدت الأسعار شدا وجذبا بين المنتجين والوسطاء ووصلت إلى حد تبادل الاتهامات بين الطرفين وتأرجحت الأسعار صعوداً وهبوطاً، وتقبل المواطنون على مضض تقلبات الأسعار إلى أن وجه منتجو الدواجن ضربة للسوق مستغلين بعض الأوضاع، ففى العام قبل الماضى وبعد الفترة التى أعقبت تحرير سعر الدولار تقدم مستوردو الدواجن بطلب لرئيس الوزراء طالبوه بإعفاء الدواجن من الرسوم الجمركية لفترة 6 أشهر خاصة مع اقتراب موسم رمضان، وأصدر رئيس الوزراء وقتها قراراً بذلك لكنه لم يلق قبولاً لدى الشركات المنتجة التى أصرت على رفض القرار ما أدى إلى تراجع رئيس الحكومة عنه واضطر رئيس الوزراء لدعوتها لاجتماع أبرموا خلاله اتفاقا بتوريد 20 ألف طن دواجن بسعر التكلفة وهى كميات اقترحتها الشركات بنفسها ووافق عليها رئيس الوزراء آنذاك نظير إلغاء قرر الإعفاء، وامتنعت العديد من الشركات المستوردة عن الاستيراد وأصبح السوق فى حوزة المنتجين بمفردهم وانتظرت الحكومة طويلاً لتنفيذ الاتفاق والالتزام بالتوريد، إلا أن الشركات ماطلت فى التوريد وأصبح رمضان على الأبواب ووصلت الأسعار لأرقام فلكية تعدى كيلو الدواجن سعر ال 45 جنيهاً. وفجر قرار فرض القيمة المضافة البالغة 14% على مدخلات الصناعة المستوردة من الخارج أزمات الصناعة. واستمرت الأسعار فى هبوط وصعود حتى يومنا هذا، ولكنها لم تبارح سعر ال27 جنيهاً للكيلو فى كل الأحوال. ورغم أن خبراء المهنة يؤكدون أن الفترة القادمة سوف تشهد انخفاضاً فى الأسعار بعد تراجع سعر الدولار واستقرار أسعار الأعلاف عالمياً، إلا أن الواقع يؤكد أن أسعارها مرتفعة، خاصة أن الانخفاض لن يتعدى بضعة جنيهات. وأشار سيد نواوى، عضو غرفة القاهرة التجارية، إلى أن الأيام القادمة سوف تشهد تراجعا فى الأسعار مع بدء الدورة الإنتاجية الجديدة للدواجن تزامناً مع تراجع أسعار الدولار. ويرى نواوى أن مسألة اللجوء للاستيراد قد تسهم فى حل مشكلة على المدى القصير ولكنها تضر القطاع، ولذلك الحل البديل أن يدخل القطاع الخاص بقوة وباستثمارات ومستثمرين جدد. وقال الدكتور عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية: إن القانون 67 لعام 2017 أن إضافات الأعلاف معفاة من الجمارك ما عدا أكل القطط والكلاب، وهنا القيمة المضافة التى قررتها الحكومة مؤخراً تخالف القانون، ولأول مرة يطبق قرار بأثر رجعى على الفترة من يناير 2017 حتى يومنا هذا وهو قرار خطير له تداعياته على القطاع، وأشار إلى تقدمه بمذكرة لوزير المالية طالب خلالها بإعفاء جميع مدخلات الصناعة، خاصة أن معظمها ليس لها بديل. وأشار «السيد» إلى مشكلة أخرى تواجه القطاع وهى فرض ضريبة عقارية على المزارع باعتبارها مبانى ورغم الوعود بإلغائها فى التعديلات المرتقبة إلا أنها طبقت بالفعل على بعض المزارع، وأكد أن مشكلات القطاع ليست مسئولة عنها الحكومة بمفردها ولكن يشارك فيها القائمون على القطاع. وأضاف: يجب أن يشارك الجميع فى النهوض بالقطاع حتى لا تفقد مصر أهم صناعة تعد أمنا غذائيا مهما بالنسبة للمجتمع، فالمفترض أن نخصص ميزانية لتطوير الأبحاث العلمية فى هذا المجال ولأن الأموال التى تدعم الأبحاث عادة تكون ضخمة فلابد من مساهمة الحكومة بجانب بعض الشركات الكبرى. وأشار إلى افتقاد القطاع لثقافة الاندماج أو الشراكة إلا أنه فى الفترة الأخيرة ظهرت محاولات من بعض أصحاب الكيانات الصغيرة للاندماج فى كيان واحد يضم عدة شركات مساهمة، وقد بدأت بالفعل بإنشاء شركة قنا للدواجن وخصصت لها المحافظة نحو 2500 فدان وتضم 10 كيانات، ومن المقرر بدء إنتاجها فى أول 2020. وأشار إلى البدء فى إجراءات إنشاء شركة مساهمة بالقاهرة تضم أعضاء الشعبة وحصلنا على موافقة مبدئية من محافظ القاهرة إقامتها بطريق القاضمية، وأكد أهمية الاهتمام بتطوير الأمصال واللقحات لمكافحة الأمراض والفيروسات التى تظهر بين الدواجن وهذا دور الطب البيطرى.