برامج جامعة جنوب الوادي الأهلية.. اعرف طريقة وموعد التقديم والأوراق المطلوبة    لا تمويل بدون تنفيذ الإملاءات..صندوق النقد يوجه ضربة قاضية لحكومة الانقلاب بتأجيل المراجعة الخامسة    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخين أطلقا من جنوب قطاع غزة باتجاه كيسوفيم    رئيس البرازيل: بريكس أصبحت مجتمعًا لاقتصادات مزدهرة وديناميكية    اتصالات مكثفة لوزير الخارجية لتثبيت وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    "الإندبندنت" : بوتين ربما يسخر من ترامب في ملف أوكرانيا    وزير الرياضة ومحافظ القاهرة يفتتحان الملعب الخماسي بمركز شباب شبرا مصر    الاتحاد السكندرى يوافق على إعارة حارسه إلى أبو قير للأسمدة    إصابة 14 شخصا فى حادث انقلاب ميكروباص داخل أرض زراعية بالدقهلية    محمد أنور وكريم عفيفى ينضمان لأسرة فيلم "الست لما" بطولة يسرا    عائلة الزعيم تطمئن الجماهير على صحة عادل إمام فى أحدث ظهور له.. صورة    غدًا.. النواب يستكمل مناقشة قانون المهن الطبية    «الفيوم بلا بلاستيك» حدوتة أطلقتها «أمنية»    تأهل ثلاثي مصري لنهائي الرجال بكأس العالم للخماسي الحديث    تأهل ثلاثي مصري لنهائي الرجال بكأس العالم للخماسي الحديث    الأمين العام للأمم المتحدة يُحذّر من خطر نووى فى زابوريجيا    إصابة سيدة وثلاثة أطفال في حادث تصادم أمام مديرية أمن الإسماعيلية    أمام محله.. مشاجرة بسبب معاكسة سيدة تنهي حياة جزار بالخطأ في الهرم    فلسطين: الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على طولكرم ويقتحم عدة بلدات بالمحافظة    أمريكا.. مقتل 27 شخصًا جراء فيضانات مفاجئة وسط ولاية تكساس    أيمن الرقب: ترامب وإدارته جزء من المقتلة الكبيرة ضد المدنيين في قطاع غزة    «خفاف على القلب» 3 أبراج روحهم حلوة.. هل أنت واحد منهم؟    الهلال الأعلى والأهلي يتساوى مع فريقين.. كم حصدت الأندية العربية في كأس العالم 2025؟    نائب وزير الصحة يتفقد حالة مصابي حادث الإقليمي بالمنوفية في مستشفى الباجور التخصصي    إجتماع تنسيقي بين «الرعاية الصحية» و«التأمين الصحي الشامل» في أسوان    "بقت إدمان".. رئيس تحرير مجلة الزمالك السابق يثير الجدل بشأن صفقة جديدة للأهلي    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    «محتوى البرامج الدراسية» في ندوة تعريفية لطلاب علوم الحاسب بجامعة بنها الأهلية    التضامن تفتتح مركز سيطرة طوارئ بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    سحب 659 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    محلل بريطاني: انتقادات زيلينسكي قد تدفع ترامب للانسحاب من تسوية الحرب الروسية الأوكرانية    أوبك+ يرفع إنتاج النفط بمقدار 548 ألف برميل يوميًا    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    لمرشحي مجلس الشيوخ 2025.. «الصحة» تطلق منظومة إلكترونية لخدمات «الكشف الطبي» (تفاصيل)    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    شريهان تعود للأجواء الفنية بزيارة خاصة لمسرحية "يمين في أول شمال"    براتب 8000 جنيه.. العمل تعلن عن 300 وظيفة بإحدى شركات تسويق الأدوية    طبق عاشوراء يحسن صحتك.. فوائد لا تعرفها    الصحة: 10 كوادر يشاركون ببرامج تدريبية في الصين    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    استقرار أسعار السكر اليوم السبت بالسوق المحلي    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة ويحيي ذكرى ميلاد والده    ياسين بونو يكشف رد فعل نيفيز وكانسيلو بعد صدمة وفاة جوتا    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    وزير البترول يشهد وصول ذراع التحميل البحري «Loading Arm» إلى مطار القاهرة    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    الجريدة الرسمية تنشر قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي    منطقة الغربية الأزهرية تحتفل بتكريم أوائل مسابقة حفظ القرآن الكريم بحضور قيادات الأزهر    محافظ المنوفية يتوجه لمستشفى الباجور العام للإطمئنان على الحالة الصحية لمصابي حادث الإقليمي    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    الجار قبل الدار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف عبدالرحمن سيف النصر يكتب:الواقع لا تنقصه الإثارة

كان الرسام الفرنسي جوستاف كوربيه يرسم صورا مباشرة جداً، لا تحوي أي بعد رمزي، ولكنه مع ذلك كان يعتبر نفسه الأصدق بين مصوري عصره، وكان يقول إن المهم هو الصدق في نقل الواقع، فاللوحة الصادقة تفعل في النفس أكثر مما تفعله عشرات الرموز والإيحاءات التي كانت تمتلأ بها لوحات معاصريه من فناني أوروبا. سمى اتجاه كوربيه بالاتجاه الواقعي، وأثار هذا الاتجاه جدلاً فى البداية حيث اعتبر جافاً وغير مثير، خاصة وأن محاكاة الواقع كانت تعني الجمود أو الخلو من العاطفة أو التأثير.
ولكن لاحقاً أعيد اكتشاف كوربيه وبدأ النقاد يفكون أسرار واقعيته، ويثنون على الفلسفة التي يمثلها، تلك الفلسفة التي ترى أن الواقع لا يخلو من الإثارة. المهم أن يتم نقل تفاصيله بصدق، فمن خلال التعبير الصادق عن الواقع يمكن أن تتجلي الكثير من المعاني العميقة. بطبيعة الحال ظل البعض على رفضهم لهذا الاتجاه، و أصروا على الاستمرار في إضافة المحسنات، غير الحقيقية، إلى رسوماتهم للواقع بغرض جعله أكثر إثارة مما هو عليه.
تداعت إلى ذهني هذه المعلومات عن المدرسة الواقعية وأنا أتابع الطريقة التي تعامل من خلالها الكثيرون مع أخبار التفجير الذي حدث فى مقر جهاز الأمن القومي السوري، وخبر وفاة رئيس المخابرات المصري السابق عمر سليمان، فعلى الرغم من أن هذه الوقائع—في صورتها المجردة والمباشرة—تمتلئ بالمعاني البليغة التي لا تنقصها الإثارة، والتي لم تكن بحاجة لأكثر من أن يتم تناولها كما هي، ومن دون التطوع بإضافة أى نوع من المؤثرات إليها، على الرغم من ذلك، تم التعامل مع هذه الأحداث من خلال أكثر المداخل افتعالا وهو المدخل المؤامراتي وذلك بهدف زيادة جرعة الإثارة والتشويق فيها.
وفي إطار نظرية المؤامرة تم الربط بين هذين الحدثين وراجت تكهنات مفادها أن رئيس جهاز المخابرات المصري السابق لم يمت على نحو طبيعي، وإنما لقى حتفه أثناء حضوره نفس الاجتماع الذي لقي فيه المسؤولون السوريون مصرعهم، ولإكمال الحبكة المؤامراتية أضيف إلى أسماء من قتلوا من الجانبين المصري والسوري، أسماء أخرى تركية بل وإسرائيلية أيضاً، مثل نائب رئيس المخابرات التركي، هاكان فيدان، (على الرغم من صدور تكذيب من جهاز المخابرات التركية لهذا الخبر)، بالإضافة إلى مسؤول كبير في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (يدعى بن عوزي شامير)، زعم مروجو هذا الخبر أن خبر وفاته أذيع حصرا على التلفزيون النمساوي! ولم يذع في أي مصدر آخر.
وهكذا لم يستطع البعض أن يقبل الواقع الثري مجردا من الإضافات المفتعلة، ولم يستطع أن يقتنع أن الواقع يمكن فهمه فقط من خلال ما يحويه من تفصيلات. وعليه كان لابد —وفقا لهذا الفريق— من أن يتم استدعاء شيء ما خارق للطبيعة، شيء من نوعية المؤامرات الكونية أو الخطط الماسونية لقوى الشر التي تعمل من وراء ستار، والتي لا يمكن إحباط عملها أو تعطيل مخططاتها!
وفي إطار التفسير بالمؤامرة، لا بأس أن تجتمع كل الأضداد، فالإخوان يتحالفون مع أمريكا، والمخابرات المصرية تتحالف مع المخابرات السورية، والمخابرات الإسرائيلية تنسق مع حزب الله، أما الاستفسار المشروع: كيف تجتمع كل هذه الأطراف المتناقضة على مصلحة واحدة وهدف مشترك؟ فليس له إجابة واضحة، كما أن السؤال البرئ من نوعية ما الذي يمكن للمخابرات المصرية أن تقدمه من أجل إفشال الثورة الشعبية السورية في الوقت الذي لم تنجح فيه في إحباط الثورة التي نشبت في عقر دارها في مصر؟ فليس له بدوره تفسير فى إطار نظرية المؤامرة التي تطرح على أنها تفسير نهائي مصمت، لا يجوز أن يعقب عليه بالمزيد من التساؤلات.
إن الاستسلام لمثل هذا النوع من التفكير التآمري، ورفض التعامل مع الواقع من خلال منطق الدليل والبرهان، يعكس حالة مرضية من قلة الثقة بالذات والهوس بقدرات الآخرين. ولقد كان الراحل القدير الدكتور عبد الوهاب المسيري يعزو شيوع هذا التفكير إلى الكسل العقلي لدى البعض، فبدلاً من إجهاد العقل بالبحث عن التفسيرات الحقيقية لأى موضوع، يتم دوما إرجاعه إلى مؤامرة كبرى ومتآمرين أخفياء يخططون كل شيء ويدبرون لكل شيء. ولكن الغريب حقا أن الجهد الذهنى الذي يتطلبه فهم الواقع على نحو مباشر يقل كثيرا عن الجهد الذي يبذله أنصار نظريات المؤامرة في محاولتهم التوفيق بين المؤامرات المتناقضة التي يحشون بها تفسيراتهم للواقع. فالأمر إذن يتعدى مجرد الكسل العقلي ليشير إلى أزمة فى الاستدلال لدى من يمارسون هذا النوع من التفكير.
إن الواقع الذي تحياه الأمة العربية والإسلامية هذه الأيام ليس بحاجة إلى أي من الإضافات التأثيرية، فهو واقع ملحمي بامتياز، سيتوقف عنده قارئ التاريخ بعد ألف سنة، معتبرا إياه بمثابة ترجمة مباشرة لإرادة الله التي تعلو على إرادات خلقه، ولهذا فإن فهم هذا الواقع يمكن أن يتحقق على نحو أفضل من خلال توظيف مدخل السنن الإلهية بأكثر مما يتحقق باستخدام منطق المؤامرات الخفية، وذلك دون أن يتضمن هذا تجريدا لتفاصيل هذا الواقع من جاذبيتها أو أوجه الإثارة فيها
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.