هل نحتاج إلى كتب عن المؤامرات لنفهم أن منْ يدوس على كرامة الشعب السوري لا تهمه كرامة الشعب الفلسطيني. بهذا السؤال يستهل موقع (ميدل إيست اون لاين) الذى يبث من لندن تقريرا حول موقف الثورات العربية خاصة الوضع فى سوريا من نظرية المؤامرة..مروراً بالتفسيرات التى يزخر بها العديد من التحليلات حول هذه القضية. ويقول التقرير الذى اعده الكاتب الجزائرى بوزيدى يحى لقد برز الكثير من التحليلات التي تفسير الثورات الشعبية التي تشهدها العديد من الدول العربية على أنها مؤامرة غربية وتحديدا ( صهيوأميركية) ضد الأمة تهدف إلى السيطرة على مقدرات الأمة بصيغة جديدة بعد أن استنفدت الأنظمة السابقة كل طاقاتها ولم تعد صالحة لخدمة القوى الكبرى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة الاميركية التي قد تتحالف مع الإسلاميين من أجل ذلك وفق ما يذهب إليه البعض." "وتبني نظرية المؤامرة لا يقتصر على اتجاه واحد فكل التوجهات السياسية تستند بدرجات متفاوتة في أطروحاتها على نظرية المؤامرة وتجد في الوقائع السياسية المتضاربة خاصة في ظل الانتشار الكبير لوسائل الإعلام وتعددها المواد التي تدعمها. ولا شك أنه يصعب حصر كل الأطروحات المؤامراتية وتعداد مبرراتها فضلا عن تفنيدها ولسنا في وراد هذا أو ذاك. ويضيف التقرير الذى اعده الكاتب الجزائرى بوزيدى يحى " إن المناقشات التى تجرى حول هذه القضية والتي يردد فيها بعضهم هذه الأفكار فهذا يتحدث عن دور لإسرائيل في الثورات من خلال الإعلامي والفيلسوف بنرار هانري ليفي وآخر عن مؤامرة الفيسبوك وغيرها من المبررات التي هي صدى لما يكتب وتتحدث عنه الفضائيات أعادت إلى الآذهان بعض الأفكار المؤامراتية التي رضعناها في صغرنا ونعنى بهذا بشكل عام جيل ما بعد الحرب الباردة وقد نختلف كثيرا عن الجيل السابق لها الذي تشبع كثيرا بنظرية المؤامرة." ويمضى الكاتب الى القول " على سبيل المثال فان أول مانتذكره من أفكار مؤامراتية هو حديث معلمنا في الصف الثاني ابتدائي عن أن الغرب الآن يقومون بتقليد رؤسائنا من خلال شخصيات تعرف نفسيتهم وطريقة تفكيرهم وبهذا يستبقون كل قرار يتخذونه، ولكن بعد تخصصي في العلوم السياسية اكتشفنا أن المعلم يومها كان يتحدث عن نظرية المحاكاة في العلاقات الدولية لا أكثر ولا أقل وليس لها علاقة بنظرية المؤامرة لا من قريب أو بعيد". ويستطرد الكاتب بوزيدى يحى :" ويبدو أن معلمنا قرأ عنها غير أنه لم يفهمها وأولها بخلفية مؤامراتية، ونظن أن مصدر معلومات الأستاذ أو من نقلها له هو كتاب النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية لجيمس دورتي وروبرت بالستجراف الذي ترجمه وليد عبدالحي. ويقول الكاتب:" في تلك المرحلة أي بداية التسعينات كان الدكتور وليد عبدالحي يدرس بالجزائر وكان لكتبه رواج كبير فقد وجدت في مكتبة صديقين نسختين من كتابه الدراسات المستقبلية في العلاقات الدولية وهو كتاب نظري بحث يفترض فى قارئه أن يكون متخصصا في العلوم السياسية ووالدا الصديقين ناشطين سياسيين غير أنهما ليسا متخصصين في هذا المجال. وبتساءل الكاتب هنا.. عن الفهم الخاطئ لأفكار الكتاب وإذا ما كان نقل إلى غيرهما خاصة وأنهما يشتغلان في مجال التعليم أيضا." ويستعرض الكاتب موقفا آخر فيقول:" عندما كان أحد أقاربي يتابع برنامج على قناة البي بي سي العربية حول عودة اليهود إلى ليبيا ومطالبهم بحقوق لهم هناك، هذا البرنامج بالنسبة له يبين أن ما يجري في ليبيا هو مؤامرة يهودية ونصحني للتأكد من ذلك أن أقرأ كتاب بروتوكولات حكماء صهيون) فذكرني هذا أيضا بموقف قبل بضع سنوات في معرض للكتاب أقيم بمدينتي عندما نصحني صديق باقتناء كتاب (أحجار على رقعة الشطرنج) وشوقني لقراءته ولم أتردد في ذلك خاصة وأن مبلغه كان رمزيا مما طرح عندي علامات استفهام وتعجب، وبعد بدايتي في قراءته اكتشفت أنه سبق لي أن قرأت الكتاب في الثانوية عندما كنت أستعير الكتب من أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا وفي الصفحات الأخيرة من الكتاب وجدت قائمة إصدارات الدار التي كان من بينها كتاب(بروتوكلات حكماء صهيون) و (الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام) وغيرها من الكتب التي طبعت لمرات عديدة والكثير منها تم قراءتها في تلك المرحلة وكانت منتشرة ، و والسؤال الذي يطرح هنا حسب التقرير هل حقا نحتاج لإثبات نظرية المؤامرة لكل هذه الكتب؟ أليس طبيعيا أن يتآمر علينا أعداؤنا؟ وماذا ننتظر منهم غير ذلك؟ ويضيف :" بالتأكيد كانت هناك مؤامرات ولا تزال موجودة ولا يتوقع أن تنتهي، ومواجهتها بسيطة جدا وذلك من خلال تحصين البيت الداخلي وغلق كل المنافذ بتحقيق الانسجام بين الشعوب وحكامها دون الدوس على قيمها وحرمانها من أبسط حقوقها لأن بداية النهاية ستكون من هنا." والثورات العربية الحالية تدخل في إطار السنن الكونية بعد عقود من الظلم والطغيان التي دفعت الشعوب في الأخير إلى كسر حاجز الخوف والثورة على أنظمتها مع الإشارة إلى أنه سبقتها العديد من المحاولات السلمية والعنيفة، واختلاف مسالك الثورات ونتائجها من بلد لآخر يرجع إلى طبيعة الأنظمة فيها وتحديدا المؤسسة العسكرية (حالتي تونس ومصر مقابل ليبيا وسوريا)، أما المؤامرة الغربية فتكمن في محاولة تكييف الثورات لصالحها فقط. وليس كما يحاول ترويجه النظام السوري بشكل خاص أن ما يجري مؤامرة غربية يدفع فيها ثمن دعمه لفلسطين والمقاومة لأن هذا النظام أكثر من استغل القضية الفلسطينية لخدمة مصالحه الخاصة بل ووظفها في قمعه لشعبه، وكما يقال فاقد الشيء لا يعطيه ومن يدوس على كرامة الشعب السوري لا تهمه كرامة الشعب الفلسطيني.