تسعى مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتوطيد العلاقات مع القارة الإفريقية على كافة المجالات، وأهمها الجانب الاقتصادي، نظرًا لثراء وغنى القارة السمراء، حيث بدأ الرئيس في تكثيف جهوده تجاه أفريقيا منذ ترأس مصر للاتحاد الافريقي، بإبرام مزيد من الاتفاقيات الاقتصادية. وانطلقت اليوم القمة الافريقية الاستثنائية بالنيجر، برئاسة السيسي لعقد اتفاقية التجارة الحرة الافريقية القارية، وهو يعد حدث تاريخي ويُحسب لمصر من أهم انجازتها في فترة توليها للاتحاد. ومن جانبه، قال الدكتور هشام ابراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن اجتماع الدول الإفريقية في النيجر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته رئيسًا للاتحاد الإفريقي، يحدد الآلية التي تسير عليها الدولة التي ستستضيف مقر التجارة الحرة، ومصر من الدول المتقدمة لذلك. وأضاف ابراهيم في تصريحه ل"بوابة الوفد"، أن الاتفاقية عندما تدخل في حيز التنفيذ ستزيد من حجم التجارة مع المجتمعات الدولية، فضلًا عن تهيئة السوق الافريقية للاستثمار، لأنه سيفتح المجال أمام الشركات العالمية لاستثمار اموالهم في القارة الافريقية، وهي في حاجة لمزيد من فرص العمل. وأكد ابراهيم، أن الرئيس السيسي يبذل مجهود كبير حتى من قبل مصر للاتحاد الافريقي، في محاولات لتأهيل الدول الافريقية، لافتًا إلى اقتراح مصر لصندوق مخاطر الاستثمار، لاحتضان آلية المشروعات ورواد الأعمال، فضلًا عن أن افريقيا تلعب دورً هامًا على المستوى الاقتصادي في مصر. فيما قال الدكتور ماهر هاشم، الخبير الاقتصادي، إن ترأس الرئيس السيسي للقمة الإفريقية الاستثنائية بالنيجر يعبر عن التحول الاقتصادي للقارة، باعتبار مصر هي الجاذب الأول للاستثمار في افريقيا، حيث تعد قمة النيجر تاريخية لأنها تهدف إلى مناقشة عدد من الملفات الهامة منها الاقتصادية والأمنية. وأضاف هاشم، أن القمة تعتمد على 3 محاور وهم، التنمية الاقتصاد، والسلم، والأمن، فضلًا عن طرح الرئيس لرؤية جديدة، وهي تحرير التجارة الحرة للقارة الإفريقية إسوةً ب"الجات". وأكد هاشم، أن في مستجدات في المنطقة منها إعادة هيكلة الاتحاد الإفريقي ومناقشة الصعوبات المطروحة من تمويل الاتحاد وصندوق السلام، فقد تهدف القمة من زيادة حجم التبادل التجاري بين دول القارة ليتخطى 60 % بحلول عام 2022. وقال إن هناك عدة دول متقدمة لاستضافة مقر منطقة التجارة الحرة الافريقية على رأسهم مصر، وكينيا ومدغشقر وغانا، وسيتم تحديد الدولة المناسبة بحسب قدراتها، موضحًا أن الرئيس السيسي سيطرح خلال القمة رؤية التبادل الحر لكي يكون السوق الإفريقي مدمجًا وهذا يعتبر إنجاز تاريخي للقارة. وأضاف هاشم، أن أهمية مصر تكمن في كونها البوابة الذهبية للسوق الافريقي، وذلك نظرًا لموقع مصر فهي نقطة لالتقاء التجارة الحرة ف ال3 قارات، فضلًا عن تعظيم الأهمية الاقتصادية للمشروعات القومية المصرية مثل قناة السويس والمنطقة الاقتصادية في بور سعيد والعلمين وتنمية الصعيد وسيناء، التي تجعل مصر نموذج للتطبيق في معظم دول افريقيا. وأكد الخبير الاقتصادي، أن اشتراك مصر في التحالفات الاقتصادية سواء الإفريقية أو الدولية، واتجاهها لتفعيل شراكات مع غرب إفريقيا، مما جعل من قارة افريقيا منطقة التنمية الاقتصادية المنتظرة. وفي السياق ذاته، قال أحمد علي، الخبير الاقتصادي، إن زيارة الرئيس السيسى للنيجر تعد خطوة قوية في إطار استعادة مصر لمكانتها الإقليمية ودورها الريادي في إفريقيا، من خلال التأكيد على أواصر التعاون المصرى الإفريقي، ولاشك أن ذلك يأتى فى إطار ترأس مصر للاتحاد الإفريقي فى دورته الحالية، وهو مايؤكد حجم العلاقات المصرية والإفريقية. وأضاف علي، أن مصر الآن تنظر لإفريقيا من واقع ومنظور مختلف، ولعل المدخل الاقتصادى هو مايشكل وبقوة إطارًا جديدًا فى التعامل مع القارة الإفريقية، ليس ذلك فحسب بل أن هناك رغبة قوية من كافة دول العالم الآن لتدعيم أواصر التعاون مع القارة الإفريقية وتحديدًا من الجانب الاقتصادى ولكن بمباركة مصرية. وأكد أن القمة الافريقية الاستثنائية لها أبعاد اقتصاديه ستركز بشكل أكبر على تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية وتحرير تام لحركة التجارة البينية بين كافة الدول الإفريقية، وهو مايمثل الحلم الاقتصادى الأكبر والأقوى لكافة الدول الإفريقية، معتقدًا أن هذا الهدف واحدًا من أهم الأهداف الاقتصادية التى بنيت عليها استراتيجية مصر إفريقيا للتنمية المستدامة 2063. وقال إن مصر قامت بإعداد برنامج عمل "مكثف وطموح" لعام رئاستها للاتحاد الافريقي، انطلاقًا من عناصر أجندة عمل الاتحاد الإفريقي، وأولويات العمل المتفق عليها في إطاره؛ من خلال تسخير كافة إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الإفريقي المشترك لآفاق أرحب، في ضوء حرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الإفريقية . وأضاف علي، أن مصر وضعت في هذا الإطار حزمة من الأولويات في العديد من المجالات، بينها قضايا "السلم والأمن"، ودعم جهود الاتحاد الإفريقي وإصلاح مجلس السلم والأمن الإفريقي، وتعزيز التعاون القاري لدحر الإرهاب وتجفيف منابع التطرف الفكري، فضلًا عن العمل على دفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة في النزاعات. وتابع الخبير الاقتصادي: إن أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي سوف تركز كذلك على محور التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال السعي لتوفير فرص العمل الكريم وتعظيم العائد من الشباب الإفريقي، وتطوير المنظومة الزراعية الإفريقية والتوسع في مشروعات الثروة السمكية بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائى. وأوضح علي، أن الرؤية المصرية تضمن أيضًا التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي حيث ستركز مصر على الإسراع بدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ، وكذلك العمل على دعم تنفيذ مشروعات البنية التحتية في إفريقيا للمساهمة في تحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وتعزيز التجارة البينية.