تدق »الوفد الأسبوعي« ناقوس الخطر حول فساد أكبر كيان ثقافي مصري تديره ذيول سوزان مبارك حتي الآن وهو مكتبة الإسكندرية، فقد كانت المكتبة تدار بأسلوب »العزبة« حتي تحولت إلي أكبر بؤرة للفساد وإهدار »المال« وظلت لسنوات طويلة لا يستطيع أحد من أجهزة الدولة الإشارة من قريب أو بعيد إلي مخالفات المكتبة لأنها تتبع سوزان مبارك باعتبارها رئيساً لمجلس الأمناء، لكن الأمور بدأت تتكشف مؤخراً عندما ترددت أنباء عن استيلاء قرينة الرئيس المخلوع علي تبرعات المكتبة. وهو ما جعل النائب العام وجهاز الكسب غير المشروع وجهاز الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات يفتحون الملفات المغلقة، ويبدو أن التحقيقات في البلاغات المقدمة من العاملين بالمكتبة ومن بعض أعضاء مجلس الشعب السابقين والمهتمين بأمر الكيان العلمي الفريد ولعل أهمها مطالبة المحكمة بالكشف عن الحسابات السرية لمكتبة الإسكندرية من حسابات وودائع بجميع البنوك سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية بعد ما ظهرت معلومات عن قيام سوزان مبارك بالتحكم في الحسابات السرية بتوكيل من زوجها الرئيس المخلوع والتي تقدر بحوالي »145« مليون دولار. ورغم إنكار الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة معرفته بهذه الحسابات إلا أن »الوفد« تؤكد أن أحد تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات كشف عن قيامه بتحويله الملايين من التبرعات بحسابين بالبنك الأهلي فرع مصر الجديدة، واذا كان العاملون بالمكتبة يطالبون بإقالته ومحاكمته فالأساتدة والمثقفون والسياسيون يطالبون بكشف حقيقة علاقته بإسرائيل وعلمائها خلال استضافتهم في مؤتمرات علمية والدخول معهم في أعمال مباشرة من خلال مؤسسة »أناليندا« واذا سلطنا الضوء علي ما يحدث داخل المكتبة نجد تقارير رقابية تكشف عن صرف أجور ومرتبات بلغت »171« مليوناً و»157« ألف جنيه لموظفي الصفوة خلال »24 شهراً« فقط بالاضافة الي »120« مليوناً بدل سفريات ومعارض، وتبني الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية السابق اعتمادات متوالية للمكتبة بلا حدود مجاملة لسيدة القصر بلغت في عام واحد ملياراً و»141« مليوناً و»142« ألف جنيه كتكلفة لبعض مشروعات المكتبة خلال 2009 فقط، بالاضافة الي المنح الخارجية والتي تقدر بالمليارات والتي تقدمها دول أجنبية ومؤسسات محلية وأجنبية ورجال أعمال. ومن الوقت نفسه أثبت تقرير آخر للجهاز المركزي اختفاء »66« مليوناً و»250« ألف دولار قيمة تبرعات بعض الدول العربية والأوروبية في عام واحد عن طريق حساب فتحه الدكتور اسماعيل سراج الدين بالبنك الأهلي المصري فرع مصر الجديدة تحت رقمي »1002223645« بالعملات الحرة والآخر تحت حساب »100222364/9« بالعملة المحلية وقيامه بإصدار القرار رقم »136« في »15مارس عام 1990« باغلاق جميع حسابات إحياء مكتبة الاسكندرية وتحويل أرصدتها والتبرعات المقدمة لها الي الحسابين السابقين. كما رصد الجهاز المركزي في تقرير آخر اهدار المكتبة لمبلغ »12« مليوناً ونصف سنوياً بسبب تحميل الدولة والموازنة العامة مبالغ دون مقتضي. وبلغت هذه المبالغ الآن حوالي »130« مليون جنيه خلال عشر سنوات، كما تبين خلال مذكرة داخلية بالمكتبة التستر علي أحد العاملين بقسم بيع الكتب علي عجز قدره »120« ألف جنيه من عهدة الخزينة من خلال المذكرة رقم »1/22« FAPES، كما اعتاد مسئولو المكتبة عدم الاعتداد بموافقة اللجان المسئولة عن عمليات الشراء.. ويتبلور ذلك خلال الممارسة العامة رقم »2008/2« لتوريد وتركيب وصيانة نظام »CCTV« وهو جهاز لنظم التأمين حيث وافق يحيي »منصور« رئيس القطاع المالي والإداري علي شراء الجهاز بمبلغ »8« ملايين و»800« ألف جنيه بتفويض من سراج الدين بالرغم من عدم موافقة المستشار عادل عزب المستشار القانوني و»6« أعضاء آخرين باللجنة المشكلة من أصل »12« عضواً، الا ان الجهاز أثبت فشله بسبب تهريب مقتنيات فضية خاصة بالملك فاروق من قصر انطونيادس التابع للمكتبة كانت معبأة في »6« كراتين كبيرة.. ولم يكتشف الجهاز السرقة.. لولا إبلاغ احمد عبدالله المسئول المالي ولإكمال منظومة الفساد كان سراج الدين معه حاشيته من المديرين ونوابهم وكذلك سكرتارية رئيس المكتبة ويصل عددهم الي »70« فرداً يسافرون خارج الإسكندرية بعدة مصايف منها شرم الشيخ والحجز بالفنادق الكبري لمدة ثلاثة أيام بحجة قيام سراج الدين بإلقاء محاضرات عمل وذلك رغم ان مكتبة الإسكندرية بها عدد كبير من القاعات العالمية التي يمكن استغلالها في هذا الغرض. كذلك قام سراج الدين بإنشاء ستوديو تليفزيوني داخل المكتبة وعين مصورين وعاملين ومخرجين واستعار مذيعة من القناة الخامسة تتقاضي حوالي »17« ألف جنيه من أجل استخدام الاستوديو في تطوير صفحته علي »الفيس بوك« الي جانب عمل بسيط جداً لصالح المكتبة مما كلف المكتبة أعباء مالية تقدر بملايين الجنيهات. ولم يقتصر فساد المكتبة علي إهدار المال العام بل تخطي إلي إجبار العاملين علي رد المبالغ المالية المهداة والتي قامت بتوزيعها الشيخة موزة حرم أمير قطر اثناء زيارتها للمكتبة بواقع ألف دولار لكل موظفة وعاملة بالاضافة إلي رد الساعات »رولكس« السويسرية المهداة الي إدارة المكتبة أيضاً، وتحت »التهديد« قامت الموظفات والعاملات برد جميع المبالغ التي تسلمنها من الشيخة موزة باعتبارها هدية الي إدارة المكتبة وكذلك الساعات السويسرية. ولم يعترف سراج الدين بقرارات جامعة الإسكندرية وأحكام القضاء طالما مست ذراعه اليمني الدكتور يوسف زيدان مدير قسم المخطوطات، فبالرغم من صدور قرار من جامعة الإسكندرية بعدم تعيين زيدان تحت رقم »582« بتاريخ »22 مايو 1997« بناء علي حكم المحكمة في الدعوي رقم »1253« لسنة »49ق«. وكذلك بالتعارض مع لائحة المكتبة الا ان سراج الدين صمم علي تعيينه ورغم تقرير لجنة الخبراء المشكلة من النائب العام والذي جاء فيه ان يوسف زيدان لايستحق ان يعين بالمكتبة سواء كان مستشاراً أو مديراً طبقاً للوائح الجامعات ولائحة مكتبة الإسكندرية وعدم توليه أي منصب علمي كما أن شهادته لا تؤهله لشغل وظيفة مستشار رئيس المكتبة للمخطوطات أو أن يكون مديراً للمخطوطات بهيئة علمية رفيعة مثل مكتبة الإسكندرية. هذا بخلاف تحدي سراج الدين اكثر من »130« موظفاً مثبتاً بنقلهم تعسفياً الي شقة صغيرة بمنطقة الشلالات والبعض الآخر الي ديوان محافظة الاسكندرية دون أسباب ودون تكليفهم بأعمال رغم انهم كفاءات في مجالات مختلفة وقد اختيروا بعد اختبارات قبل تعيينهم ولكن سراج الدين طردهم خارج مملكته وجعلهم يحصلون علي مرتبات ضئيلة لا تتجاوز »1800« جنيه ودون عمل بالمقارنة بزملائهم بالمكتبة والذين يحصلون علي مرتبات تصل الي »30« ألفاً وقد فعل سراج الدين ذلك لانه طلب تحويل المعينين الي العمل بنظام العقود وعندما رفض المعينون طلبه تعمد التنكيل بهم وجعلهم قوة عاطلة كلفت الدولة حوالي »130« مليون جنيه وعن إهدار المال العام من خلال المرتبات الخيالية التي يحصل عليها بعض العاملين، فهناك فتحي صالح مدير مركز توثيق التراث بفرع القاهرة وراتبه »44« ألف جنيه شهرياً، كما يتقاضي يحيي منصور المدير المالي والإداري »40« ألفاً ونها عدلي »38«ألفاً رغم انها منتدبة ويتقاضي المهندس طارق ياسين مدير الإدارة الهندسية »34« ألف جنيه وخالد عزب مدير إدارة الإعلام »30« ألفاً والمايسترو شريف محيي الدين »30« ألفاً وشريف رياض مدير العلاقات العامة والحارس الخاص لسوزان مبارك سابقاً »30« ألفاً وشيرين جعفر مديرة الإرشاد »28« ألفاً فضلاً عن حالة صارخة وهي حالة الدكتورة سحر عبدالمحسن محمد فهي التي تعمل أستاذة بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب وفي نفس الوقت عميدة كلية اللغات بجامعة فاروس بالإعارة الا ان سراج الدين انتدبها لتعمل بوظيفتين في آن واحد الأولي نائب مدير مركز دراسات الاسكندرية وحضارة المتوسط بمرتب »15« ألف جنيه والثانية مديرة لمركز الدراسات الهيلينيستية فكيف تكون معارة ومنتدبة لوظفيتين في آن واحد؟. ويؤكد العاملون بالمكتبة أن المرتبات ترسل مجمعة لوزارة المالية دون الكشف عن المرتبات الفعلية التي يتقاضاها المديرون حتي لا يتم كشف أمرهم. ومن الحالات الصارخة أيضاً موظفان تم تعيينهما في تاريخ واحد وهو 1991/8/18 الأول خالد محمد عبدالسلام المزاحي يتقاضي الأولي »2000« جنيه والثانية شيرين جعفر »28« ألف جنيه. بالإضافة الي الموافقة علي سفر المقربين لأمريكا وأوروبا والدول الخليجية بحجج مختلفة وصرف بدلات سفر وأيضاً احتكار البنك التجاري الدولي لوديعة المكتبة وقدرها »100« مليون جنيه وتحمل مصاريف الدكتوراه لتوفيق النحاس بلندن وتحمل مصاريف الاقامة وبدل السفر وتذاكر الطيران مرتين في السنة للامتحان فضلاً عن حجز تذاكر لباريس ولندن لزيارة أقاربه ويتم صرف مبلغ »60« ألف جنيه بدل سفر بخلاف التذاكر والإقامة ومصاريف الهاتف كذلك صرف مكافآت دورية لرجال الشرطة دون إخطار الوزارة. بالإضافة الي مشروع القروض المخالف للقانون ومخالفات التأمين الصحي ووثائق التأمين الإجبارية وقيام سراج الدين بتعيين طالبة بالفرقة الثانية بإحدي الكليات بمبلغ »3« آلاف جنيه شهرياً وإهدار »8« ملايين، جنيه في سفريات للعاملين بحجة المحاضرات.