جاء سقوط منتخب مصر أمام جنوب أفريقيا وتوديع بطولة كأس أمم أفريقيا من دور ال16، بمثابة الكارثة "متوقعة الحدوث مجهولة الزمن"، فالجميع يعلم أن أداء الجهاز الفني ولاعبي المنتخب لا يرتقي لفريق يبحث عن التتويج أو المنافسة على اللقب، فالكل يأمل الاستمرار ولا يتوقعه. تخطى منتخب مصر بقيادة المدرب المكسيكي خافيير أجيري المدير الفني الفقير فنيًا والضعيف تكتيكيًا، دور المجموعات بثلاث انتصارات باهته بأداء أقل بكثير من الذي شاهدناه أمام جنوب أفريقيا على فترات خلال أحداث اللقاء، الذي انتهى بهدف قاتل في الدقيقة 85 للبافانا بافانا. تعد خسارة منتخب مصر في دور ال16 وتوديع البطولة التي تستضيفها على أرضها من هذا الدور، كارثة حقيقية أو فضيحة لا يمكن التجاوز عنها، أو غض البصر عن المتخاذلين كما جرت العادة سواء في اتحاد الكرة أو الجهاز الفني أو اللاعبين، فالفراعنة لم يتم إقصائهم على أرضهم من أمم أفريقيا سوى في نسخة واحدة عام 1974، وخرجت مصر من نصف النهائي "وليس دور ال16" بعد الهزيمة أمام الكونغو الديمقراطية بثلاثية مقابل هدفين، وتوجت الكونغو باللقب بعد الفوز في النهائي على زامبيا بهدفين دون رد. وفيما يلي نبحث سويًا عن أسباب ظهور منتخب مصر بهذا الأداء وتلك النتيجة الكارثية: 1- اتحاد الكرة برئاسة هاني أبو ريدة لم يتدارك المهندس هاني أبو ريدة ورفاقه في مجلس إدارة اتحاد الكرة، الأخطاء التي وقعوا فيها خلال مشاركة مصر في بطولة كأس العالم مونديال روسيا 2018، بعد أن خرج المنتخب من دور المجموعات بثلاث هزائم متتالية، بعد غياب عن المونديال لمدة 28 عام. كان من الطبيعي أن يحدث عواقب أكبر من التي شهدها معسكر المنتخب في روسيا، بعد تحمل الأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني للفراعنة وقتها نتيجة كل الإخفاقات وحده، بل ضحى به مجلس إدارة اتحاد الكرة وحمله كل شيء ليخفي بها ويتغاضى عن المهازل التي تابعناها جميعًا في روسيا، سواء استخدام محمد صلاح في الدعاية ولقاءه برئيس الشيشان، وحالة الهرج التي كانت عليها غرف بعض اللاعبين المشاركين في المعسكر للتسجيل مع الإعلاميين وعمل الإعلانات، وعدم الالتزام بالبرنامج الصحيح للاعبي المنتخب في المونديال، بالإضافة إلى الخلافات التي نشبت بين أبو ريدة ومجدي عبدالغني عضو مجلس إدارة الاتحاد. وفي النهاية اكتفى الجميع بتوجيه اللوم والعتاب والمسئولية كاملة إلى كوبر المدير الفني الذي قاد منتخب مصر للتأهل إلى كأس العالم بعد غياب 28 عام، وعاد بالفراعنة إلى منافسات أمم أفريقيا، بل نافس بقوة حتى وصل إلى المباراة النهائية وخسر أمام الكاميرون بهدفين دون رد، ليأتي في النهاية ويتم طرده من القيادة الفنية، والتعاقد مع المكسيكي خافيير أجيري. 2- خافيير أجيري جاء خافيير أجيري مديرًا فنيًا لمنتخب مصر، أملا في تغيير طريقة لعب الفراعنة من الكرة الدفاعية التي كان يصر عليها كوبر، إلى الكرة الهجومية المعتدلة التي يحب أن يراها محبي وعشاق المنتخب. ولكن للأسف مع أجيري لم نرى كرة دفاعية ولا هجومية، لعب عشوائي بخط وسط هجومي هزيل، دون قدرة من المدير الفني على تغيير الشكل أو حتى طريقة اللعب تسمو بالمنتخب للظهور بالمستوى الذي يليق به في أفريقيا. منذ أول مباراة للفراعنة أمام زيمبابوي وحتى أخر مباراة أمام جنوب أفريقيا، جاءت تغييرات أجيري واحدة وثابتة بدون تغيير أو إبداع، وعدم ظهور ما يسمى بالفكر التكتيكي للمدير الفني خارج الخطوط، فأجيري الذي حلمنا معه بالكرة الهجومية قد أفسد الكرة الدفاعية التي تعود عليها الفراعنة مع كوبر رغم عدم تلقيه سوى هدف وحيد خلال أربع مباريات، وهو الأمر الذي يبدو وكأننا أمام منتخب لديه قوة دفاعية بحته، وهذا على النقيض تمامًا، حيث دائما ما ظهر المنتخب بأداء هزيل وضعيف وأخطاء دفاعية كبرى لم يستغلها المنافس بالنظر إلى مستوى المنتخبات الثلاث التي واجهناها في دور المجموعات "زيمبابويوالكونغو وأوغندا"، وحتى منتخب جنوب أفريقيا الذي تأهل كأفضل ثالث، ولم يواجه أجيري فريق قوي بحجم الجزائر أو السنغال أو نيجيريا وغيرهم من الفرق الكبرى في القارة السمراء. في النهاية لا أدري على أي أساس تم الاستقرار على خافيير أجيري مديرًا فنيًا لمنتخب مصر!؟ 3- سقطات محمد صلاح في بداية الحديث عن محمد صلاح، إذا كنت ممن يمجدون "مو" ولا يتحملون توجيه النقد أو تحميله أي مسئولية سلبية في المنتخب، فلا تستمر في المتابعة. ظهر محمد صلاح مع منتخب مصر في أمم أفريقيا بدور أشبه بالحاضر الغائب على الرغم من تسجيله هدفين، في دور المجموعات، لكن لم يكن هذا فقط هو الدور المنتظر من لاعب بحجم صلاح الذي يعد واحدًا من أفضل لاعبي العالم والذي رشح لها بالفعل العام الماضي، وتوج بدوري أبطال أوروبا مع ليفربول. بدا محمد صلاح وكأنه لاعبًا عاديًا في الملعب ولم يظهر بالشكل المتوقع منه مع المنتخب، حيث كان من الطبيعي للاعب بحجمه أن يكون قائدًا ومحفزًا لزملاءه داخل أرضية الميدان، لكنه كان يميل إلى الأنانية بالتفكير الأول في التسديد على المرمى بدلا من اللعب مع المهاجم بجواره، كان على صلاح توجيه اللاعبين أكثر من ذلك وتحميسهم، لكنه اكتفى بالوقوف مع اللاعبين خارج الملعب، ونسى أن دوره الحقيقي كلاعب كان يجب أن يكون في المباريات وليس خارجها. تعمد محمد صلاح وعدد كبير من اللاعبين وعلى رأسهم أحمد المحمدي قائد المنتخب، الدفاع عن عمرو وردة الذي تم استبعاده من المعسكر لسبب أخلاقي يعلمه الجميع، وكانت تلك من أكبر الأخطاء التي وقع فيها صلاح ورفاقه، والتي قللت كثيرًا من قيمته عند الكثير من المشجعين، الذين رأوا أن وردة لاعب مخطيء ويستحق العقاب على أفعاله الغير أخلاقية. وقاد محمد صلاح حملة للضغط على متخذي قرار استبعاد وردة من المعسكر، الأمر الذي لم يكن في وقته، فبدلا من أن يتحد اللاعبون فيما بينهم على تحسين أداءهم الهزيل والضعيف في البطولة، اتحدو للوقوف بجوار زميلهم الذي أساء إلى الجميع بفعلته قبل أن يسيئ إلى نفسه، وبالفعل عاد وردة وشارك بديلا في المباراة التي خسرها الفراعنة أمام جنوب أفريقيا. في النهاية لست متحاملا على محمد صلاح ولكنني كنت أتمنى مثل الكثير من محبيه أن يكون دوره مع منتخب بلاده أكبر من أن يدافع عن زميل أخطأ في حق نفسه وفي حق الجميع، بل كان على صلاح ان يحث زملاءه على التركيز في البطولة من أجل التتويج وفرحة المصريين باللقب، ومن ثم يطالب بالصفح عن زميله المخطيء، كان هذا السيناريو أفضل لصلاح ولجميع المصريين.