وسط هذا الزخم من الأعمال الرمضانية المعتمدة على النجم الأوحد، والسيناريو المأخوذ من مسلسل أو فيلم أجنبى بميزانيات يضيع معظمها لصالح النجم يجىء مسلسل «زودياك» المأخوذ عن المجموعة القصصية «حظك اليوم» للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق والذى تخلى عن منظومة المسلسل الذى قد يتجاوز 30 حلقة إلى عمل مبنى على حلقات أقل، 15 حلقة كوسيلة شبه مضمونة للإثارة والتشويق خاصة أن أطروحته الدرامية معتمدة على سلسلة من الجرائم الغامضة ورغم أنه عرض على منصة الكترونية مشفرة إلا أن هناك من شاهده خاصة الشباب. الفكرة الموجودة بالرواية تتمركز حول لعنة تطارد مجموعة من الصحفيين فضحوا مشعوذا لقراءة الأبراج مما يجعله يحول كل برج منهم إلى سبب لقتله ويبدأ الكاتب بعبارة «اثنا عشر برجا، اثنتا عشرة طريقة للموت ولعنة تطاردك فى كل صوب، تمر بالأطوار المعتادة فى البداية أنت لا تعف.. بعد هذا أنت لا تلاحظ فلا تصدق.. ثم تصدق فلا تعرف ما ينبغى عمله»، والكتاب صفحاته 95 صفحة فقط و«زودياك» هى إحدى قصص المجموعة، وارتبطت عملية القتل فى المسلسل على الأبراج المختلفة، حكايات التاروت هى الرواية رقم 20 كما أنها حلقة الرعب الثانية فى سلسلة ما وراء الطبيعة للكاتب أحمد خالد توفيق تعد السلسلة أول سلسلة روايات عربية فى أدب الرعب. والمسلسل راهن على مجموعة من الوجوه المبشرة أسماء أبوزيد ومى الغيطى وأحمد خالد صالح وهند عبدالحليم وخالد أنور وكما هو معتاد منذ سنوات هناك ورشة كتابة تحت إشراف محمد المعتصم والإخراج محمود كامل، البناء الدرامى للأحداث معتمد على استنباط روح أحمد خالد توفيق فى إعطاء شخوصه مزيجا من الغموض، ولكنه معتمد هنا على ثلاثة اتجاهات تسير بالتوازى بينها تارة وتتشابك فيما بينها تارة أخرى لخلق الحدث، فالاتجاه الأول نراه من خلال الأصدقاء والثانى المجموعة الشريرة والثالث أسماء أبواليزيد الخياطة بأحد مصانع الملابس، التى تعيش داخل سلسلة من الكوابيس تظهر فيها مرتدية زيا فرعونيا بينما المسلسل بدأ بسرقة مومياء فرعونية من أشخاص مجهولين مع الإشارة إلى حدث جلل فى ليلة القمر الدامى، يكتمل بمقتل 12 إنسانا كفدية. أسماء أبواليزيد التى أدت شخصية «يمنى» التى كان ظهورها فى أولى الحلقات ليس بالكثافة التى ظهرت بها بعد ذلك، والتى تحاول إنقاذ الأرواح من القتل، فى ظل أحداث يكتنفها الغموض خاصة مع تقطيع أجزاء من المومياء وطحنها وعمل خلطة غريبة والواقع أنه لاوجود للمومياء بالكتاب. الإثارة تزداد مع تمكن أسماء من جعل المشاهد يعيش معها التحولات الغريبة التى تنتابها، ويزداد الأمر مع إحضار ساحر مغربى لها فينتابه الرعب منها صارخا بأنها «جنية» كالمعتاد كانت أسماء مميزة وهى المسكونة بروح فرعونية، بل إن أسماء أبواليزيد واقعة تحت تأثير حية غريبة صنعت على شكل رأسها، عباية الحية توجد فى الأحداث بأحد المعابد الفرعونية حيث تقوم المجموعة بتحضير مراسم اليوم الدامى. يخلق المخرج جوا من الإثارة استعدادا لليلة القمر الدامى، خاصة أن الضحية الأولى «عدنان»، تم بناء شخصيته بكونه أحد المتخصصين فى علوم الفيلم والتاروت ويقتل بتدافع «الخرفان» فى القفص الذى حاول الهروب به إلى الحدود، وبالبحث وراء سبب اختيار ذلك القربان البشرى كبداية يصلون إلى فساد عدنان، وتورطه فى عمليات غسيل أموال مع وجود رسومات وخريطة أبراج بها إشارة إلى برج الحمل. قد تلمح بين الأحداث روح فيلم Final Destination، فيلم رعب خارق للطبيعة من كتابة وإخراج جيمس وانج وشارك فى كتابته «جلين مورجان» و«جيفرى ريديك»، يصور الفيلم شابا مراهقا قام بخداع الموت بعد أن شعر بتحذير مسبق له ولآخرين معه بأنهم سوف يموتون بانفجار الطائرة التى كانوا على متنها قبل إقلاعها ويستخدم هذا التحذير لإنقاذ نفسه وعدد من الركاب الآخرين، لكن الموت يبقى يطاردهم بعد انفجار الطائرة لأن حياتهم ينبغى أن تنتهى حيث يلاحقهم الموت بنفس التسلسل الذى ينبغى أن يموتوا به إن بقوا على متن تلك الطائرة، وإن كانت هناك نقاط عادة من الاختلاف وربما هذا يرميك إلى عالم الإبداع والتشويق، خاصة أنك قد تشعر بين الحين والآخر أن بعض المشاهد لم تكن مرعبة كما توقعت فى ثناياها. الجيد فى البناء الدرامى الاعتماد على التقويم القمرى والأبراج المقترن مع موت الضحايا بطريقة مختلفة فى كل مرة معتمدة على تلك اللعنة والبرج الذى يتبعه الضحية. استخدم المسلسل اللغة الهيروغليفية بإتقان مستعينا بالترجمة على الشاشة ولعل الحوار بين مختصى الآثار والأبراج طوال الحلقات أعطى نكهة متفردة للعمل. التفاصيل و الخطوط الفرعية التى تنتمى لهذا العالم من اللعنة والمومياء والقرابين تجعلك تتابع الأحداث وتتساءل عما سيحدث لها ومثال على ذلك عندما طلب «عزت» من «مريم» المهتمة بقراءة التاروت أن تقرأها فتكشفت أن ورقة «المستقبل» بها «الموت». وفى النهاية أعتقد أن المنصات الدرامية المشفرة تحتاج إلى أعمال بها إثارة وتشويق وأنها موجهة بشكل كبير إلى متابعى تلك الألغاز من الشباب.