وسط هذا الزخم من المسلسلات جاء مسلسل قمر هادى للنجم هانى سلامة، محاولاً إثارة فضول وتشويق المشاهد خاصة أنه منذ بداية الحلقة الأولى ونحن نشاهد مشهداً للقمر إلى جانب الاستعانة بآيات الوعيد فى الذكر الحكيم مقترنة بحدث جلل يحدث للبطل الذى يؤدى دوره هانى سلامة «هادى أبوالمكارم» صاحب معرض السيارات الذى يصاب فى حادث ويخرج منه معتقداً أن زوجته مجرد سيدة قابلها على البحر بعد موت ابنته التى يكتشف أيضاً أنها على قيد الحياة رغم أنه دفنها بيده، وكانت بداية استخدام الآيات القرآنية والإشارة للقمر من قبل السيناريست إسلام حافظ الذى يعرض له فى التليفزيون عملان، الأول «علامة استفهام» والثانى «قمر هادى». وإسلام ممثل وسيناريست مصرى حاصل على كورسات فى علم النفس والسيكودراما وبدايته مع المخرج خالد يوسف عندما قدمه فى فيلم «كف القمر»، وشارك فى بعض الأفلام الأجنبية كفيلم The Blood وفيلم LORA وفيلم أكلير للمخرجة الجزائرية ريما قاسى، وربما هذا هو السبب فى أن العمل يعمل على استخدام كل سبل تشويق مستخدماً أساليب السيكودراما ولكن على الطريقة المصرية، ما تجعل المشاهد مرتبطاً به لمعرفة الأحداث وحل ألغازها، خاصة أن مع كل حلقة هناك مفاجأة صادمة للجمهور تجعل المشاهد يزداد حيرة فى معرفة حقيقة ما يحدث، ولأنه استخدم فكرة تعرض البطل لحادث فهو يهيئ المشاهد أنه فاقد للذاكرة، ما يجعل من الطبيعى استخدام مشاهد الفلاش باك، لنكتشف أن شخصية هادى أبوالمكارم على نقيض الشخصية الحالية على طول الخط. ولقد تم استخدام تلك التيمة من قبل فى مسلسل «الرجل الآخر» تم إنتاجه فى مصر فى سنة 1999، من إخراج مجدى أبوعميرة، ومن بطولة نور الشريف وميرفت أمين عن رجل يفقد ذاكرته ثم تصل عائلته إليه ومع مرور الزمن يكتشف أخطاء جسيمة ارتكبها فى حق بعض الناس، الاختلاف هنا أنك تضع المشاهد بين أن البطل فقد ذاكرته أم أن أسرته بأكملها تتآمر عليه، وهو ما قد يبدو فى كل حلقة من خلال معلومة يستنبطها المشاهد من تسلسل الأحداث. إلى جانب الدور الذى يلعبه القمر والذى فى الغالب قد يوظفه السيناريست فى النهاية لوجود علاقة بين تصرفات البطل ومراحل تكوين القمر، وإذا كان هذا هو المبرر لمشاهد القمر فإن المخرج قد أخفق فى إظهار ذلك من خلال انفعالات البطل واكتفى بالأسلوب المباشر فى الطرح. ومهما كان المغزى الدرامى الذى سيظهر بعد ذلك من تحكم القمر فى بعض قرارات بطل العمل، سيبدو الأمر مفتعلا. فالأطروحة الدرامية لا تمهد لذلك منذ اولى الحلقات وعودة البطل إلى منزله وشكه المستمر فى الجميع بداية من أخيه وزوجته وأولاد عمومته، والمطعمة بمشاهد تساعد على ترسيخ تلك الفكرة وخاصة عندما يعود بنا المخرج الى الماضى مستخدما أسلوب «الفلاش باك»، ليسترجع ذكرياته مع «سلمى» داليا مصطفى و«مريم» زوجته يسرا اللوزى وصديقه رامز «مراد مكرم»، الذى تسبب فى موته عن طريقة «أوفر دوز» وتخلصه منه فى البحر بمساعدة عارف «محمد عزمي». وخاصة أن تلك المشاهد أكدت أن زوجته «مريم» هى «سلمى» وهى صديقة زوجته وابنته تحبها كثيراً، وهناك مشهد فى الفرح يؤكد ان يسرا اللوزى كانت تعرف هادى من قبل. أما شخصية زوجة شقيقه عصام «نورهان»، فأظهرها السيناريو على أنها على خلاف مع عصام إلى حد طلب الطلاق، والخيانة مع ابن عمهم مروان، والتى تنتحر لمعرفة هادى بتلك العلاقة. ومع تذكر هادى للماضى مقترناً بمشهد تكسير زجاجات الخمر فى «الإستاكوزا» الحجرة الخاصة به فى حديقة الفيلا، تعود له الذاكرة ليكتشف أنه يتاجر فى المواد المخدرة. وحتى تزيد جرعة السيكودراما فلا مانع أن تكون الطفلة «فيروز» هى الأخرى مريضة نفسيا فتقتل الكلب لتريحه وهى تبكى ممسكة بالوسادة وتضعها على الكلب لخنقه وأعتقد أن تلك الوسيلة للقتل من المستحيل أن تفكر بها طفلة فى مثل سنها! واستكمالاً لإظهار مدى سوء شخصية «هادى» الحقيقية، نجد أن «شهد» ابنة عمه تخبره بأنها «حامل»، فيأخذها إلى الطبيب لتجهض الجنين، ويذهب «هادى» بعد ذلك مرتين للمقابر، الأولى يجد فيها إمام المسجد الذى صلى فى جنازة ابنته، ليكتشف أنه مأجور وعندما يهرب من هادى يموت تحت عربات سيارة مسرعة وكأنها وسيلة جديدة للغموض، وفى مرة أخرى بعدها بعد حلقات يكتشف أن هناك بنتا لا يعرف من هى فى المقابر بدلاً من ابنته. ويستمر التداخل بين أبطال المسلسل فنرى «رجاء» «رشدى الشامي» يذهب إلى «مروان أبوالمكارم» ويهدده بألا يعمل مع «مجدى القرش»، وفجأة يدخل هادى إحدى الفيلات ليجد صورته فى مرسم لمريم حسن التى ذهبت من قبل إلى «كوافير» «شهد أبوالمكارم». واستكمالاً لمعرفة شخصية هادى نكتشف معه أنه كان يسجل للجميع ليعرف من تسجيلاته خيانة زوجة أخيه، ولدخولنا فى منحنى تجارة المخدرات تظهر شخصية «القرش» فيستمر مهددا «مروان» لإيجاد «الغندور» الذى يعرف حقيقته هادى، الغريب والعجيب أن مروان الذى يظهر لما يقرب من 15 حلقة ليس لديه أى علامة صلاح يموت فى المسجد ساجداً وفجأة تتحول كل الشخصيات لمعرفة الله وبالأخص أخته وأبوه وهادى! واستكمالاً لحالة الغموض تظهر شخصية عبدالجليل عبدالحق الذى يحاول الحصول منه على حق سارة. ويتفرع السيناريو إلى حدوتة أخرى تخص «رجاء» الذى يحاول اقناع ابنته «سمر» بخطوبتها من «فتحي» أحمد ثابت، والسيناريو يمهد لأنها شخصية متدينة بقولها: «مش هحط فى جوفى لقمة حرام»، وعندما يختطفها القرش تطلب مصحفا! واستمراراً لاكتشاف غموض الحلقات التى تصب جميعها فى أن الجميع ضد هادى نجد بالفلاش باك أن «رجاء» يذهب ل «وحيد أبوالمكارم» والد «هادى» ويجعله يمضى على توكيل عام بأمر من «هادي» لينتقم منه «عصام» ويجعل «هادي» يوقع على توكيل عام من «عصام» عند الحادثة. وأياً ما كانت ستسفر عنه الأحداث القادمة فكلها تصب فى محاولة إيجاد تشويق وإثارة فى الأحداث من خلال مزيد من الجرائم والاكتشافات فى ماضى هادى، وهذا وإن جعل المشاهد يتابع الأحداث إلا أنه يفقده عنصر المصداقية مع الأخذ فى الاعتبار أن من عناصر الإجادة فى العمل هو رتم الأحداث السريع والذى كان سيكون مميزاً لو لم يلجأ المخرج إلى مشاهد استخدام آيات القرآن بشكل مقحم على الأحداث، إلى جانب أن الممثلين وعلى رأسهم هانى سلامة وهادى الجيار وداليا مصطفى ويسرا اللوزى ومحسن محيى الدين كانت لديهم القدرة على تلوين أدائهم من مشهد لآخر بشكل يعد سببا رئيسيا فى زيادة جرعة الإثارة والتشويق.