شهدت المحكمة الدستورية العليا المصرية (السبت) بداية عصر الجمهورية الثانية بأداء الرئيس المصرى الدكتور محمد مرسى اليمين الدستورية أمام جمعيتها العمومية. فقد سلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة،الذى تولى إدارة شئون مصر منذ تنحى الرئيس السابق حسني مبارك فى فبراير 2011 ، رسميا السلطة التنفيذية " بارتياح ورضا " إلى الرئيس محمد مرسي الذى ادى اليمين الدستورية بادئا بذلك عصر الجمهورية الثانية للبلاد . وقال الرئيس مرسي، خلال عرض عسكري اقيم بمناسبة تنصيبه رئيسا للبلاد عقب ادائه اليمين الدستورية، ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة سلم السلطة "بارتياح ورضا " ويستحق " كل التكريم والتقدير". واعتبر ان العالم يشهد " نموذجا فريدا " فى كيفية انتقال السلطة من القوات المسلحة إلى رئيس مدني منتخب. واضاف ان " هذا يوم فارق فى تاريخ مصر، ونموذج سيدرس فى العالم بعد ذلك " مشيرا إلى ان قادة القوات المسلحة " وقفوا ليقولوا نعم لارادة المصريين ويسلمون السلطة بارتياح ورضا ويوفون بما عاهدوا الشعب عليه". وتابع " اتقبل نقل السلطة "من المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة لاصبح مسئولا عن القوات المسلحة والشعب مبديا امتنانه للجيش على قدراته المتميزة . واردف " اتقبل التحية العسكرية كرئيس للبلاد واردها للقوات المسلحة جميعا " مؤكدا انه " لن يمس حق من حقوق القوات المسلحة ، وانتم ستنالون كل العناية ". واشار إلى انه سيقيم فى المستقبل حفلا لتكريم قادة القوات المسلحة الذين يعتبرهم " اهل تقدير" ويستحقون " كل التكريم " . وادى مرسي فى وقت سابق اليوم اليمين امام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية قائلا " أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهورى ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ، وان احافظ على استقلال الوطن وسلامة اراضيه " . وبأدائه اليمين الدستورية يصبح مرسي، رئيس حزب (الحرية والعدالة) الذراع السياسي لجماعة (الاخوان المسلمين) ، اول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة 25 يناير . واكد الرئيس المنتخب، خلال اداء اليمين، أن " مصر اليوم دولة مدنية ، وطنية، دستورية ، حديثة، قوية" مضيفا " ننطلق جميعا إلى غد أفضل، إلى مصر الجديدة، إلى الجمهورية الثانية ". واشار إلى أن الشعب المصري " أسس اليوم لحياة جديدة ، لحرية تامة، لديمقراطية حقيقية ، لاعلاء مفهوم المؤسسية والاستقرار" متعهدا بضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية واحترام احكامه. وعقب الانتهاء من اداء اليمين توجه الرئيس مرسي إلى جامعة القاهرة حيث اقيم احتفال بمناسبة تنصيبه حضره المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري ونائبه الفريق سامي عنان والدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة تسيير الاعمال ولفيف كبير من القيادات التنفيذية والشعبية واسر الشهداء. ووجه مرسي خطابا الى الشعب اكد فيه ان المجلس العسكري اوفى بوعده وان المؤسسات المنتخبة ستعود لاداء دورها . وقال مرسي ، الذى قوبل بعاصفة من التصفيق وسط هتافات " الجيش والشعب ايد واحدة" ، " لقد اوفى المجلس الاعلى للقوات المسلحة بوعده وعهده ، الذى اخذه على نفسه ، بألا يكون بديلا للارادة الشعبية " مضيفا " تحية لهم على ما بذلوه من جهد وما تحملوه من مشاق". وشدد على ان الجيش سيعود الى ثكناته ليتفرغ لمهمة حماية امن وحدود البلاد باعتباره "درع الوطن وسيفه " الذى يردع كل من تسول له نفسه المساس بمصر او تهديد امنها مؤكدا " الحفاظ على قواتنا المسلحة قوية ، متماسكة ، تعمل مع باقى مؤسسات الدولة فى اطار الدستور والقانون" . واضاف ان " مصر لن تعود الى الوراء .. وسنبدأ معا مرحلة جديدة في تاريخ مصر نطوي بها صفحة بغيضة ونفتح صفحة مضيئة" متعهدا بالحفاظ على انجازات الشعب العظيمة التى ولدت من "رحم المعاناة" . واوضح ان " المؤسسات المنتخبة ستعود لاداء دورها " فى اشارة على ما يبدو الى مجلس الشعب الذى قرر المجلس العسكري حله تنفيذا لحكم قضائي رفضته قوى الاسلام السياسي . واشار الى أن الدستور الجديد سيأتي " معبرا عن التوافق الوطني ، ومرسخا للدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية ، ومحافظا على هوية الامة والمقومات الاساسية للمجتمع ، وحارسا للحريات العامة والخاصة". واستطرد انه " دستور يقوم على الحق والعدل والقانون ، ويحمي استقلال القضاء ، ومطلقا لحرية الفكر والتعبير والتنظيم والابداع ، دستور يحقق العدل الاجتماعي ، وينقل مصر إلى مصاف الدول الحديثة التي يكون الحاكم فيها أجيرا عند الامة وخادما للشعب". واردف " إن النهوض بمصر مسؤوليتنا جميعا، فمصر في حاجة ماسة إلى كل يد تبني مستقبلها المشرق " واعدا ب " تفعيل مفهوم المواطنة بين المصريين جميعا " و" فتح الافاق لتمكين المجتمع بكل فئاته وتوسيع دور المجتمع المدني للمساهمة بجد في كل قضايا الوطن " . وحاول الرئيس المنتخب تبديد مخاوف البعض من تغيير هوية مصر بقوله " لمن تنتابهم هواجس من تبدل مسار الدولة المصرية إلى مسارات اخرى أن الشعب اختارني من أجل مسيرة حضارة الدولة المصرية ودورها العظيم ولن يقبل الشعب الخروج عن تلك المسيرة ولا اريده أن يقبل". وتعهد مرسي باعادة " تشكيل منظومة الامن القومي بما يتفق مع قدرات مصر الصلبة والناعمة وثقلها الحقيقي فى الدوائر العربية والاسلامية والافريقية والدولية" وذلك بعد ان " فرط النظام السابق في أمن مصر القومي وأدى إلى تقزيم دورها الدولي والاقليمى" . واكد انه يحمل " رسالة سلام للعالم " ووعد باحترام التزامات مصر من معاهدات واتفاقيات الدولية فى اشارة خصوصا الى اتفاقية السلام مع اسرائيل. لكنه شدد على " ان مصر الشعب والحكومة ومؤسسة الرئاسة تقف مع الشعب الفلسطيني حتى يحصل على كافة حقوقه المشروعة، وسنعمل على اتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية ليكون الشعب الفلسطيني صفا واحدا لاستعادة أرضه وسيادته". كما ابدى دعمه للشعب السورى داعيا الى وقف اراقة الدماء فى سوريا مؤكدا " سنبذل كل جهد من اجل ذلك". واوضح ان " المصريين لا يصدرون الثورة ، ولا نتدخل في شئون أحد ، ولا نسمح في نفس الوقت أن يتدخل أحدا في شئوننا ، وإذا كنا الان في مصر نبني مصرنا الجديدة فاننا لا ننفك ابدا على أمتنا العربية والاسلامية ولا نعادى أحد في هذا العالم". من جانبه ، سلم المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة درع القوات المسلحة الى الرئيس مرسي مؤكدا ان الجيش سيقف مع الرئيس الجديد. وقال المشير طنطاوي إن القوات المسلحة " اوفت بعهدها " واصبح لمصر رئيس منتخب تولى مقاليد الحكم عبر انتخاب حر مباشر يعبر عن ارادة المواطنين . واوضح ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة اكد انه ليس بديلا عن الشرعية التى يرتضيها الشعب وان " شعبنا قال كلمته بكامل إرادته واختار السيد الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية في انتخابات حرة نزيهة " . واعتبر ان مصر " تعيش ميلادا جديدا لمرحلة ديمقراطية حديثة ، السيادة فيها للشعب" وان " الطريق لا زال صعبا وطويلا " لكنه اكد ان مصر" تمتلك مقومات تحقق طموح " ابنائها . وجه المشير طنطاوي الشكر للرئيس المنتخب وتمنى له التوفيق فى مهامه فى حكم مصر. من جانبه ، قال المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا إن "هذا يوم مشهود من تاريخ مصر " حيث " تستقبل المحكمة الدستورية أول رئيس منتخب لمصر بإرادة شعبية ديمقراطية أثمرتها انتخابات حرة نزيهة حسم نتائجها قول فصل لجموع المواطنين". (