خالف الرئيس المنتخب د. محمد مرسى التوقعات بالتأكيد على ماتعهد به مسبقًا من الحفاظ على مدنية الدولة، والاستجابة لمطالب الثوار بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل "المكبل" لسلطات رئيس الجمهورية وإعادة مجلس الشعب المنتخب لممارسة مهامه وغيرها من القضايا. ولم تتبع كلمة "المدنية" قرينتها "الدولة" التى نطق بها مرسى خلال خطابه الأخير بجامعة القاهرة والذى استغرق أكثر من ثلاثين دقيقة. وخالف بذلك تعهداته المستمرة أثناء جولاته الانتخابية بالسباق الرئاسى واجتماعاته مع القوى السياسية بالتأكيد على مدنية الدولة. غاب تأكيد الرئيس على بناء الدولة المدنية بعد أن تحدث عنها مساء أمس بميدان التحرير، واقتصر قوله تحت قبة جامعة القاهرة على "مصر دولة وطنية دستورية حديثة"، غير مهتم بمدنية الدولة التى تغنى بها طوال الاتفاقيات التى كان يعقدها مع ممثلى القوى المدنية فى فترة جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية. وبالنظر إلى خطاب مرسى نجد أنه تضمن أكثر من قضية سواء بالإهمال أو التأكيد وكان أولها تجاهل قضية الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسلب فيه العديد من صلاحيات الرئيس الجديد، والاهتمام فقط بالتأكيد على أنه رئيس بكامل الصلاحيات ولن يسمح لأحد أن ينتقص منها، والاستطراد بتسلم السلطة من المجلس العسكرى وإعادتهم لثكناتهم وقيامهم بأداء وظيفتهم الخاصة بالأمن القومى دون أن يذكر موقفه الواضح من الإعلان الدستورى سواء بالرفض كما كان يتحدث فترة السباق الرئاسى. وتضمن الخطاب تأكيد الرئيس على إعادة المؤسسات المنتخبة لمزاولة أعمالها فى إشارة لمجلس الشعب الذى أصدرت المحكمة الدستورية قرارا بحله دون أن يؤكد صراحة عودة البرلمان، واكتفى بقوله "إن الهيئات والمؤسسات المنتخبة ستعاود عملها". وتعد وعود مرسى بإعادة البرلمان تناقضا صريحا فى تصريحاته قبل وبعد الفوز برئاسة مصر؛ فمرسى الذى شدد على احترام أحكام القضاء والدستورية العليا وأنه لا كلمة تعلو فوق كلمة القانون قبل الرئاسة، سمح لأمانة مجلسى الشعب والشورى بتوجيه الدعوه للنواب لحضور خطابه بجامعة القاهرة، بما يعد اعترافًا بمشروعية استمرارهم فى كونهم نوابًا عن الشعب وضربا بقرارات القضاء عرض الحائط بعد الرئاسة. وبعث مرسى رسالة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم فى البلاد مفادها أن القوات المسلحة أوفت بعهدها وسلمت السلطة لرئيس مدنى منتخب، قاطعا الشك باليقين فيما يتردد بشأن خلافات حادة بينه وبين العسكرى. وتضمن الخطاب رسائل خفية على المستويين الداخلى والخارجى منها أن "مصر دولة لا تصدر الثورات"، "مصر لا تتدخل فى الشئون الداخلية للشعوب ولا تقبل بأن يتدخل فى شئونها أى دولة أخرى". واختتم مرسى برسالة للشعب المصرى، مؤكدا على أنه لن يخون الله فينا قائلا:"لن أخون الله فيكم".