يُحيي الشعب الفلسطيني في ال 5 من أبريل كل عام، بكافة مؤسساته الرسمية، وبشراكة المؤسسات الأهلية والدولية التي تعنى بالطفولة في فلسطين، يوم "الطفل الفلسطيني". يهدف ذلك اليوم إلى مناصرة أطفال فلسطين الذين لا يزالون يعانون من افتقاد أبسط حقوق التمتع بطفولتهم البريئة وحق الحياة، جراء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة. يرجع أصل اختيار هذا اليوم إلى عام 1995، في مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، حيث أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن الخامس من ابريل يومًا للطفل الفلسطيني، علما بأن المصادقة الرسمية لدولة فلسطين على اتفاقية حقوق الطفل الدولية كانت في 2 أبريل 2014م. ومازالت تستهدف إسرائيل أطفال فلسطين من خلال القتل والاعتقال، والخطف وحرمانهم من أبسط حقوقهم، وقتلهم وهم في أحضان ذويهم، كما يخطف المستوطنون الإسرائيليون الأطفال ويحرقونهم أحياء، كما حدث مع الطفل المقدسي محمد أبو خضير، إضافة إلى حرق الأطفال الرضع، كما حدث مع سعد دوابشة وعائلته في قرية دوما. وهناك العديد من الأطفال، والقصص التي لا تعد ولا تحصى، ولكن ستبقى قصة استشهاد الطفل "محمد الدرة"، قصة لاتنسى على مدار العصور، والذي اهتز العالم لاستشهاده، خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية. في ذكرى يوم الطفل الفلسطيني تعرض "بوابة الوفد"، أبرز محطات الشهيد "محمد الدرة"، أيقونة النضال الفلسطيني. المولد والنشأة ولد محمد جمال الدرة يوم 22 نوفمبر عام 1988 بمخيم البريج في قطاع غزة، وعاش في كنف أسرة التي تعود أصولها إلى مدينة الرملة التي احتُلت وطرد أهلها منها عام 1948. والده جمال كان نجارا، ووالدته أمل ربة منزل عانت كثيرا في تربية أطفالها في ظل ظروف البلد العصيبة. تعليمه درس محمد حتى الصف الخامس الابتدائي، وأغلقت مدرسته بسبب الاحتجاجات يوم استشهاده. الاستشهاد بينما كان الطفل محمد يسير مع والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، فوجئا بوقوعهما تحت نيران إسرائيلية، فحاولا الاختباء خلف برميل إسمنتي، وذلك أيام انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000. حاول الأب جمال يائسا أن يحمي ابنه بكل قواه، ولكن الرصاص اخترق يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى وصرخ: "أصابوني"، ليفاجأ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر ابنه الصغير محمد، الذي ردد: "اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم"، قبل أن يرقد الصبي شهيدا على ساق أبيه، في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية. شكلت حادثة استشهاد الطفل محمد صدمة كبيرة، ليس فقط لوالده الذي كان معه وإنما لوالدته وعائلته، لكن الله سبحانه وتعالى عوضهم عن الشهيد بطفل آخر أطلق عليه اسم "محمد" تيمنا بأخيه. وحاول بعد ذلك الاحتلال الاسرائيلي بإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، والادعاء أن الطفل محمد قتله فلسطينيون لتشويه صورة الجيش الإسرائيلي لدى الرأي العام الدولي، ولكن العالم كله لم يصدق، وأصبح الطفل "محمد الدرة"، أيقونة الانتفاضة الفلسطينية ومُلهمها، وصورتها الإنسانية في مشهد لن ينساه العالم.