استعدادا لفصل الشتاء.. مياه المنيا تنفذ خطة تطهير لشبكات الصرف الصحي    وفد من حماس يصل القاهرة.. لجنة الإسناد والخروقات على الطاولة    هل فقد ليفربول هيبته رغم جهود ومحاولات محمد صلاح لانتشال الفريق؟    سلوت عن تبديل محمد صلاح: "غير معتادين على ذلك من مو"    التحفظ على والد طفل الإسماعيلية المتهم بقتل زميلة وتقطيع جثته    كروان مشاكل من البث المباشر إلى قفص الاتهام.. وقف 6 مرات أمام القضاء ودخل 7 خصومات انتهت بالقبض عليه.. ليلى الشبح تصالحت معه.. وريهام سعيد حصلت على حكم بحبسه.. والأخبار الكاذبة والفيديوهات الخادشة أبرز التهم    تحفة نادرة.. تفاصيل تاج أوجيني بعد العثور عليه    مطار سفنكس الدولي.. بوابة الذهب نحو المتحف الكبير وعصر جديد للسياحة المصرية"    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    استشهاد أسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي    شوط سلبي بين ميلان ضد فيورنتينا في الدوري الإيطالي    ترامب يصف الرئيس الكولومبي بزعيم مخدرات    ماكرون: سرقة اللوفر اعتداء على جزء من تاريخنا وتراث نعتز به    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    لابورتا: نصطف بجانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بدلا من السوبر ليج    مصطفى محمد يقود تشكيل نانت أمام ليل في الدوري الفرنسي    ياسين منصور يتحدث في حوار مطول عن انتخابات الأهلي وعلاقته مع مرتجي ورسالة للجماهير    كرة يد – من أجل اللقب الثامن.. الأهلي إلى نهائي بطولة إفريقيا    مشاركة زراعة عين شمس في معرض أجرينا الدولي بدورته الخامسة والعشرين    رئيس البنك الأهلى: استمرار طرح شهادة الادخار 17%.. اعرف تفاصيل أعلى عائد    مصرع وإصابة شخصين بحادث تصادم بكفر الدوار في البحيرة    القبض على كروان مشاكل بتهمة ممارسة أفعال خادشة ونشر أخبار كاذبة    19.7 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    هاني شاكر يغني «في حل» لأول مرة أمام جمهوره في مهرجان الموسيقى العربية    «اوعى تقولي وأنا مالي».. عمرو أديب: غزة في رقبة مصر ليوم الدين    ب«فيلم تسجيلي».. «الغرف السياحية» يوثق رحلة خالد العناني من الحضارة إلى اليونسكو    أزهر كفر الشيخ: مد فترة التسجيل بمسابقة الأزهر لحفظ القرآن إلى 30 أكتوبر    ما حكم إجبار الفتاة على الزواج من شخص معيّن؟.. أمين الفتوى يجيب    في ظل انتشار الأمراض المعدية بالمدارس، نصائح مهمة لتقوية المناعة    الليمون.. السلاح الطبيعي لمقاومة البرد وتقوية المناعة    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    أمير عيد يستقبل عزاء والدته الراحلة.. في هذا الموعد    محافظ كفر الشيخ يُسلّم 6 عقود تقنين أراضي أملاك دولة للمستفيدين من المواطنين    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    «بلاش بالله عليكم».. جدل على منصات التواصل مع الإعلان عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2»    ظهور 12 إصابة بالجدري المائي بين طلاب مدرسة ابتدائية في المنوفية.. وتحرك عاجل من الصحة    وفاة الفنان أحمد عبد الرازق مؤسس فرقة الأقصر للفنون الشعبية    مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    مصرع فتاة دهسها قطار اثناء عبورها مزلقان محطة ببا ببني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    أسيوط: تركيب كشافات جديدة ورفع كفاءة الطرق بالقوصية ضمن خطة استكمال تطوير مسار العائلة المقدسة    «الأمم المتحدة» تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة    بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حظك من برجك.. توقعات اليوم    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الأول الثانوي العام    «الرعاية الصحية»: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره شرم الشيخ    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشارى الزايدى يكتب :الكرسي ومرسي.. و«الإخوان» في السلطان
نشر في الوفد يوم 26 - 06 - 2012

أما وقد انتهت الجولة الثانية من السباق الرئاسي المصري بفوز مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي، ولو بفارق ضئيل جدا عن منافسه أحمد شفيق، فقد وجب النظر للأمور بشكل مختلف.
لقد فتحت صفحة جديدة ليس في تاريخ مصر، بل في تاريخ العمل السياسي للجماعات الأصولية المسيسة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي تربى على يدها محمد مرسي، وعلى صهواتها وصل إلى كرسي الرئاسة المصرية، على الرغم من التصريح «اللطيف» الذي قاله أمين عام جماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين، عقب إعلان فوز مرسي، بأن الأخير لم يعد عضوا في الجماعة ولا في حزبها، الحرية والعدالة، أي أنه أصبح الصبح وقد «مسح» كل أدبيات وتربية الجماعة له، أصبح فقط رئيسا لكل المصريين، في عبارة شعرية لذيذة.
أقول: فتحت صفحة جديدة، لأن هذه أكبر ثمرة وقعت في سلة الإخوان المسلمين من ثمار ما سمي بالربيع العربي، الذي التحقت به جماعات الإسلام السياسي متأخرة (كما في تونس ومصر)، لكنها حصدت مغانم ومكاسب هذه الثورة من خلال مقاعد البرلمان والآن مقاعد الرئاسة، وجلس شبان الثورة «النقية» يندبون حظهم، ومعهم الكتاب الشعبيون من المتسمين بالليبرالية، سواء في الشرق أو الغرب، غير أن هذا حديث مختلف، تأتي مناسبته لاحقا.
بعيدا عن تفاصيل المنافسة الانتخابية بين شفيق ومرسي، وبعيدا عن «اللغو» الكثير الذي قيل عن استفراد العسكر بالحكم، وميل القضاء المصري، ومنه لجنة الانتخابات الرئاسية، إلى صالح شفيق، تبين أن كل هذا مجرد إرهاب إعلامي وشعبي، كما قال رئيس اللجنة المستشار فاروق سلطان، وأن مرسي فاز، ليخرج لنا مرسي في أول خطاب وهو يحيي القضاء المصري، على الرغم من أن جماهير الإخوان وأبواقهم الإعلامية، ومعهم بعض مراهقي الثورة المصرية، كانوا طيلة الأيام الماضية يغمزون بالقضاء المصري، ويشنون الحملات المتوالية عليه، لكن بعد فوز مرسي أصبح القضاء شامخا وعمودا من أعمدة الدولة المصرية، كما قال محمد مرسي في خطابه إلى «الأهل والعشيرة»!
سبق أن تحدث كاتب هذه السطور عن أن جماعة الإخوان ومن لف لفها هم من سيحصد مكاسب هذه الفوضى «الخلاقة»، وأنهم يلاعبون الجميع من أجل الظفر بهذه اللحظة التاريخية؛ تارة يرفعون شعار الدولة المدنية والحقوق، وتارة يرفعون شعار الثورة مستمرة، وتارة يرفعون شعار الخلافة الإسلامية والولايات المتحدة الإسلامية التي عاصمتها القدس الشريف، حسب المقام والسياق والمناسبة والجمهور المستهدف، وكل هذا مشاهد وموثق، فقط في الشهرين الأخيرين.
قلت في منتصف العام الماضي إن ثمة هلالا إخوانيا جديدا يبزغ من اليمن إلى مصر، وربما الأردن، يتلاقى مع الهلال الشيعي البازغ من إيران فالعراق فسوريا، ولبنان والأردن مناطق تلاقي شفرات هذه الأهلة. وكان الحديث وقتها، من البعض، بكلام شعري ساذج عن «ثورة مدنية» لا مكان فيها للأصوليات، بل فجر مجتمع متحضر وطني جديد. قال هذه التوقعات أناس يُحسبون على النخب العربية أو الغربية، وتبين أنهم إما يفكرون بطريقة رغبوية، أو أنهم شربوا فعلا حيل ودعايات الإخوان المسلمين حول أنهم يؤمنون في العمق ب«الأساس الفلسفي» لفكرة الديمقراطية.
البعض من هذه النخب استيقظ «متأخرا»، مثل عالم الاجتماع السياسي المصري سعد الدين إبراهيم، فأعلن مساندته لشفيق ضد مرسي، من أجل حماية مدنية الدولة ضد مشروع الدولة الدينية، وقيمة اسم إبراهيم، أنه صاحب مصداقية عريضة في المعارضة السياسية أيام مبارك، فقد كان من زوار سجون العهد المباركي، كما أنه كان من أنصار فكرة منح الإسلاميين الحق في العمل السياسي والمشاركة، والوصول للسلطة، لكنه تنبه لاحقا إلى أن «الإخوان» لا يؤمنون، بشكل عميق، بمبدأ المشاركة إلا على سبيل التكتيك والاضطرار، وفق فقه المرحلة المكية، والمرحلة المدنية.. كما يعرف من يدرك أدبيات «الإخوان»، وقد قال سعد الدين إبراهيم ليلة الانتخاب إنه سمع من جمال البنا، شقيق حسن البنا، مؤسس الجماعة، أن «الإخوان» يعتمدون مبدأ التمسكن حتى التمكن ثم الإمعان في التمكن من السلطة (وهي المرحلة التي نعيشها الآن) ثم التأبيد في السلطة.
أعتقد أن من أسباب ملاعبة «الإخوان» لمن يصنف نفسه من جماعات الفكر المدني أو حماة الديمقراطية، هو إما جهل هؤلاء بأدبيات ومشاريع «الإخوان» الحقيقية، أو غلبة النزعة الشخصية الثأرية من أفراد معينين في الأنظمة السابقة إلى درجة «هدم» الدولة نفسها وهدم فكرة الحرية الشخصية، كما صنع الخميني من قبل بجماعات اليسار والقوميين في إيران، ضد الشاه. أو يكون الدفاع لدى هؤلاء هو ركوب الموجة الشعبوية، والنجومية الثورية.
أن يفرح «الإخوان» ومن لف لفهم في مصر أو خارجها بهذا المقعد الرئاسي، فأمر مفهوم، فهم أهل الشأن، ومن حقهم الفرح، لكن ما لا تفهمه كيف يغني ويصفق من يقول إنه علماني ويدعو لحماية الحقوق والحريات الشخصية والفنون وحرية التعبير والتفكير وكل ما يمت بصلة إلى فكرة الدولة العلمانية؟! هل هو جهل أو تجاهل..؟! لا ندري.
جولة موجزة بهدوء، من القراءة في تاريخ وأدبيات «الإخوان»، حتى القريب منها، كافية للتنور والفهم، عوض التسمر على شاشات ال«آي باد» وال«آي فون» لمتابعة ثرثرات «تويتر»، أو الفضائيات الخفيفة. لكن نحن في عصر هش فعلا.
«الإخوان» يدركون هذه الهشاشة ويعملون على استثمارها، بما فيه استثمار الشعارات المدنية الفضفاضة لخلق «جبهة» من التحالفات تغطي على النواة الإخوانية الصلبة، التي لا تظهر إلا لحظة الاستحقاق السلطوي وتوزيع المغانم.
يقول المثقف السوداني، عصام البشير، وهو من الأسماء اللامعة في عالم التنظير الحركي والثقافي ل«الإخوان» في مجلّة «المجتمع» الكويتية، الناطقة باسم «الإخوان» هناك (عدد 1231) في هذا الشأن: «وهناك كوادر في الساحة لا تقف في موقع الخصم للتيار الإسلامي، وهي محبة لقضايا وطنها، ومن هنا فإنه ينبغي أن يُستفاد من كل القوى والشرائح في المجتمع من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي تشكل عامل تأثير على الحكام».
أعرف أن هناك من سيقول: ولكن محمد مرسي جلبته صناديق الانتخابات، وأصبحت له شرعية رسمية.
بالنسبة لي هذا يهم الدول وكيفية التعامل الرسمي عبر القنوات المعتبرة، وأنا أعترف أنه رئيس مصر، من الناحية القانونية الرسمية، بل وأعجبني تهنئة شفيق له، فهذا تصرف حضاري، ونحن يجب أن نحيي بادرة حضارية نادرة كهذه.
لكن التعامل الرسمي أمر، وتقويم المحتوى الثقافي والاتجاه السياسي لهذه الجماعة أمر آخر، القصة ليست مواقف شخصية، بل نظر عقلاني لجماعة أفرزت لنا من بين أخلص كوادرها شخصية محمد مرسي لتولي رئاسة الجمهورية المصرية. وعلى الرغم من دعاية «الإخوان» الصاخبة عن كونه رئيسا مدنيا ثوريا، فإنه - بالنسبة لمن يقرأ جيدا - رئيس مصري ينتمي إلى حركة الإخوان المسلمين إلى قبل يومين من الناحية الرسمية، وسيظل ينتمي له عاطفيا وثقافيا إلى ما شاء الله.
هذه مجرد ملاحظات ورسم بالقلم على خطوط المرحلة المقبلة لفرز الألوان وإعادة التأكيد على ما كان، بصرف النظر عن وصول مرشح «الإخوان» للرئاسة المصرية، فهذا لا يغير من الأمر شيئا، إلا أن «الإخوان» حققوا خطوة جديدة في الانتقال من المرحلة المكية إلى المرحلة المدنية (نسبة للمدينة المنورة لا الفكرة المدنية!).
الآن «الإخوان» جماعة على الأرض بعد أن كانت تمارس العمل من السماء.. سنرى ماذا يفعلون، وليس ما يقولون.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.