سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "ارتفع 140جنيه".. سعر الذهب بختام تعاملات الأمس    "فيتش" تغير نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر الائتماني إلى إيجابية    إسكان البرلمان تعلن موعد تقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء    شهيد وعدد من الإصابات جراء قصف شقة سكنية بحي الجنينة شرق رفح الفلسطينية    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام الجونة    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    حار نهاراً معتدل ليلاً.. حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    آمال ماهر تغني بحضور 5000 مشاهد بأول حفلاتها بالسعودية    «من الأقل إلى الأكثر حظا».. توقعات الأبراج اليوم السبت 4 مايو 2024    فوبيا وأزمة نفسية.. هيثم نبيل يكشف سبب ابتعاده عن الغناء السنوات الماضية    وفاة الإذاعي أحمد أبو السعود رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الأسبق.. تعرف على موعد تشييع جثمانه    محمد سلماوي يوقع كتابه «الأعمال السردية الكاملة» في جناح مصر بمعرض أبو ظبي    المتحدة تنعى الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    التموين تشن حملات لضبط الأسعار في القليوبية    لندن تتوقع بدء عمليات ترحيل اللاجئين إلى رواندا في يوليو المقبل    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    بركات: شخصية زد لم تظهر أمام المقاولون.. ومعجب بهذا اللاعب    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    سيول وفيضانات تغمر ولاية أمريكية، ومسؤولون: الوضع "مهدد للحياة" (فيديو)    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    سيدات سلة الأهلي| فريدة وائل: حققنا كأس مصر عن جدارة    ملف يلا كورة.. اكتمال مجموعة مصر في باريس.. غيابات القطبين.. وتأزم موقف شيكابالا    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    "والديه كلمة السر".. كشف لغز العثور على جثة شاب مدفونًا بجوار منزله بالبحيرة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    حسين هريدي ل«الشاهد»: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    تصريح دخول وأبشر .. تحذير من السعودية قبل موسم الحج 2024 | تفاصيل    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمم العربية دليل على أننا أحياء
أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية فى حوار مع رئيس تحرير «الأهرام العربى»:
نشر في الوفد يوم 22 - 03 - 2019

هذا الرجل هو شاهد على «الحرب والسلام»، ذهبت لمحاورته حول القمة العربية التى ستعقد فى تونس 31 مارس الجارى، فلم أستطع الإفلات من أسر سفير ووزير وأمين عام الجامعة العربية فى توقيت صعب جدا، لديه الكثير والكثير من الأسرار والمعلومات..
أتحدث عن الأمين أحمد أبو الغيط.. مكتبه يبعد أمتارا قليلة من يمين عدة سلالم لا تزال تحتفظ ببصمات أقدام قادة، ورؤساء وزعماء، وتواريخ ومعاهدات واتفاقيات سرية، وأخرى علنية.
هنا مكتب الأمين العام، يخرج علينا بتواضعه المعتاد، بوجه مشرق بالابتسامة، ليأخذنا من صالون إدارة مكتبه إلى صالون مكتبه.
أخذ جلسته المعتادة التى يعتبرها علامة مميزة، واستهل ترحابه بمشاكسة زميلى المصور الفنان عماد عبدالهادى، مشيدا بقدراته وتميزه الفنى.
على مقعد أمامى بزاوية جلس مائلا بكتفه اليمنى، حيث يجد فيها راحته، يشعرك بالألفة منذ اللحظة الأولى، دردشته من نوع السهل الممتنع.
صاحب قاموس هندمته حكمة المسئولية، ملامح استضافته تؤكد كرما ونبلا قادمين من سنوات غنية بخبرات صناعة الأصدقاء، يعرف متى ينظر إليك وهو يتحدث، ومتى يشارك الآخرين الحديث.
دائمًا لديه ما يقوله ويفخر به من مؤلفات سواء التى تتعلق بالطبعة الثامنة لمؤلفه الشهير «شهادتى»، أم مؤلفه «شاهد على الحرب والسلام».
ما بين المؤلفين، أنتم أمام دبلوماسى يستحق أن يكون وزيرا، ووزير قادته لحظة تصحيح المفاهيم إلى كرسى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
طاف بنا فى بستان على ضفتى مشواره الطويل.. قطف زهرة من كل مرحلة، واستوقفته بعض الأشواك تارة أخرى، أشواك بطعم المرارة من إعلام دافع عن حزب الله عام 2006، وإعلام دافع عن حماس 2009.
كلما حاول العبور عائدا إلى حديث حول الزهور المضيئة، سرعان ما تستدعى ذاكرته غضبا من أجواء قلبت الحقائق أثناء ما يسمى بالربيع العربى، مستشهدا بتلميذه فى محراب الدبلوماسية السفير رفيع المستوى محمود عفيفى، المتحدث الرسمى باسم الجامعة العربية، الذى جاءت إجابته باقتناع وعمق تحمل معنى أقرب إلى «أنه لا يصح إلا الصحيح»، بينما يواصل الأمين العام، متذكرا جملاً من بيانه عندما كان وزيرا للخارجية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها ال 59، يوم 24 سبتمبر 2004، يتذكر:«إن غرور القوة هيأ للبعض أن لديهم القدرة ليس فقط على كتابة التاريخ، بل على إعادة كتابته أيضا لتغيير حقائقه وتجاهل وقائعه».
ثم يصمت صمت العارفين، ليقول:«كنا نعلم، ومن لا يعلم شيئا كان ينتقد وهو جاهل بكل شىء».. نعم.. رجل صنع اختلافه بالعلم والثقافة.
يتحدث مثلما يكتب.. علمته الدبلوماسية كيف يمارس السياسة، وعلمته السياسة قيمة وحكمة العسكرية التى قضى فيها عشرة أشهر طالبا بالكلية الحربية، وتعلم من الإصرار أنه لا يوجد شىء مستحيل.
تعلم الوفاء فى مدرسة والده الطيار الذى قال:«ابنى سيصبح وزيرا للخارجية»، تحقق الحلم.. اعترف الوزير بالعرفان لمن أحاطوه ودعموه، وفى المقدمة زوجته وأبناؤه.
كلما كان الحديث يأخذنا إلى محطات تستحق التوقف، يقلب هو فى أوراق مؤلفيه، خط بيده إهداءه لى، ولسانه يؤكد أنهما من أخطر الوثائق، أهدانى الكتابين، ثم سألته: هل لا يزال لديكم الكثير من الحقائق والأسرار والوثائق التى لم تنشر؟ أجابنى بكل ثقة.. نعم.
فالخيط الرفيع بين مصلحة الوطن وبين أعدائه، يحتفظ بالعديد من الأسرار والحقائق.. على الفور اقتنصت منه وعدا بحوار آخر خاص، بهذه الحقائق والأسرار، ثم انطلقت أدير دفة حوارى حول القمة.. قمة تونس المقبلة.
فى هذا الحوار توقع الأمين العام للجامعة العربية، أن تشهد قمة تونس المقبلة مشاركة جيدة للغاية من جانب القادة العرب، نظرا للعلاقات الطيبة التى تجمع القادة العرب بالرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، وتوقع أبو الغيط أن القمة لن تشهد اتخاذ خطوات رسمية فيما يخص المقعد السورى فى جامعة الدول العربية، وإن كان يتوقع أن يكون هذا الموضوع حاضرا فى النقاشات غير الرسمية، وأن قمة تونس ستمثل فرصة مناسبة تماما، لتأكيد وجود وعى وإدراك عربى، بأهمية العمل على تنشيط منظومة العمل العربى المشترك، وأن حل القضية السورية سيستغرق سنوات، نظراً لغياب التوافقات السورية والإقليمية والدولية، وجدد أبو الغيط رفض الجامعة العربية إنشاء تركيا لما تسميه بالمنطقة الآمنة، واعتبر هذه الخطوة ضارة بوحدة سوريا، وبالأمن القومى العربى، كما رفض أبو الغيط السلوك الإيرانى المزعزع للاستقرار فى الشرق الأوسط، داعيا تركيا وإيران للتوقف عن السياسات الحالية، واتباع سياسات تتفق مع حسن الجوار .
ونفى أبو الغيط أن تكون الجامعة العربية تم إطلاعها على ما يسمى بصفقة القرن، وقال إن الخطوات الأمريكية المتمثلة فى نقل السفارة من تل أبيب للقدس، ووقف تمويل الأونروا تشكل تراجعا عن المبادئ الدولية المتفق عليها لحل القضية الفلسطينية، وفى مقدمتها حل الدولتين، وكشف أبو الغيط عن إجراء حوار عربى مع اليابان وروسيا، بالإضافة للقمة العربية - الإفريقية خلال العام الجارى، مؤكدا أن دعم العلاقات العربية مع هذه التكتلات السياسية والجغرافية، يهدف إلى تعزيز المصالح العربية مع هذه التكتلات، وشدد الأمين العام للجامعة العربية على وجود مقاربة شاملة لمحاربة الإرهاب، مؤكداً وجود إستراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب، مع توافر الخبرة العربية للتعامل مع العائدين من ساحات الإرهاب الدولية.
وفى أول تعليق من الجامعة العربية على ما يحدث فى السودان والجزائر، قال أبو الغيط: إن التطورات الأخيرة فى السودان والجزائر، أوضحت أن الوضع لم يستقر بعد فى العالم العربى، فيما يتعلق بإدراك التكلفة التى عانت منها المنطقة منذ عام 2011، مجددا دعمه لجهود المبعوث الدولى لليبيا غسان سلامة، وكاشفا عن اجتماع للجنة الرباعية الخاصة بليبيا على هامش القمة العربية المقبلة فى تونس، وجدد الأمين العام قلقه من عدم التزام الحوثيين باتفاق «استوكهولم»، واستمرار التدهور للأوضاع الإنسانية فى اليمن.، وإلى نص الحوار...
● فى 31 مارس الجارى تستضيف تونس القمة العربية فى دورتها العادية.. ما توقعاتكم لهذه القمة، وما أبرز القضايا التى يمكن أن يحدث فيها اختراق سياسى كبير؟ وما أهم رسائل هذه القمة؟
- الموضوعات والتحديات العربية الرئيسية معروفة فى المجمل للرأى العام، سواء فيما يخص التحديات القائمة منذ عقود على غرار استمرار عدم وجود تسوية، أو أفق واضح
حتى الآن للقضية الفلسطينية، أو تلك المتعلقة بالأزمات والنزاعات الكبيرة التى قامت على مدار السنوات الأخيرة، على غرار الأزمات فى كل من سوريا وليبيا واليمن، وتزايد التدخلات الخارجية فى الشئون الداخلية للدول العربية، خصوصا من جانب أطراف إقليمية، وما يرتبط أيضا بالأزمات من تصاعد فى حدة ظاهرة الإرهاب، وزيادة تدفقات المهاجرين واللاجئين، إضافة إلى موضوعات الأولوية فى المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، وستكون قمة تونس فرصة مناسبة لتأكيد الإرادة السياسية، للمضى قدما فى تعزيز ما تم الاتفاق عليه خلال قمة بيروت فى يناير الماضى، فيما يخص هذه الموضوعات الأخيرة. وأتصور من جانبى أن هذه القمة ستمثل فرصة مناسبة تماما فى هذه المرحلة الدقيقة، لتأكيد وجود وعى وإدراك عربى بأهمية العمل على تنشيط منظومة العمل العربى المشترك، وفى ذات الوقت مواجهة التحديات المتصاعدة للأمن الإقليمى العربى.
وبشكل عام القمم العربية، ومن واقع كونها محفلا للقاءات بين القادة العرب داخل وخارج البرنامج الرسمى للقمة، تمثل فرصة يجب استغلالها بأقصى قدر ممكن، لإعطاء قوة دفع متجددة للعمل العربى، للتعامل مع التحديات والتهديدات، والتوصل إلى تفاهمات بين الدول وخطط وإجراءات تنفيذها، وأرى أن انعقاد القمة فى تونس يخدم إلى حد كبير تحقيق هذا الهدف، خصوصا فى ضوء العلاقات الطيبة التى تربط هذا البلد، والرئيس السبسى بمختلف الدول والقادة العرب، الأمر الذى أتوقع معه أن تكون هناك مشاركة جيدة للغاية من جانب القادة العرب فى هذه القمة، فضلا عن أنه وسط المأساة التى تعرضت لها هذه المنطقة منذ عام 2011، ولا تزال، فإن انعقاد مثل هذه القمم فى حد ذاته هو رسالة بأننا أحياء وقادرون على حل مشاكلنا.
● وكيف تنظرون إلى الدور المصرى فى دعم هذه القمم؟
- من المؤكد أن مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تلعب دورا كبيرا فى إنجاح هذه القمم، ولم الشمل العربى والتأكيد على ترسيخ وعدم اهتزاز الدولة الوطنية، فالرئيس السيسى داعم بقوة لفكر العمل العربى المشترك، ونحن هنا فى الجامعة نلمس ذلك جدا، ونسعى بكل جهد لتحقيق طموحات القيادة المصرية، وأشقائنا العرب، وهنا أريد التنويه إلى أننى من أكثر الداعمين لرؤية مصر بقيادة الرئيس السيسى تجاه المنطقة، هذا فضلا عن أننى على المستوى الشخصى أرى أنه لا يوجد أحد ينافسنى فى تقديرى للرئيس السيسى.
● هناك تباين إقليمى ودولى حيال الوضع فى سوريا، ما رؤيتكم لحل هذه القضية فى ظل الحديث عن انسحاب أمريكى من سوريا؟
- القضية السورية، ربما تكون هى أكثر القضايا العربية تشابكا وتعقيدا على مدى السنوات الأخيرة، وذلك فى ضوء طبيعة التفاعلات والحسابات الإقليمية والدولية المرتبطة بها، خصوصا أن الإقليم السورى أصبح ساحة للتجاذبات بين أطراف إقليمية ودولية على رأسها روسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى دولتى جوار إقليميتين، تحدثت أكثر من مرة حول نهجهما غير الإيجابى فى التعامل مع الإقليم العربى بشكل عام، ومع التطورات فى دول عربية بعينها على غرار سوريا.
وفيما يتعلق بفرص حل هذه القضية واحتواء المأساة التى عانى منها الملايين من أبناء الشعب السورى، فإن نقطة البداية فى رأيى، هى ضرورة وجود توافق كامل بين جميع الأطراف المنخرطة فى التعامل مع هذه الأزمة، حول مجموعة من الثوابت اللازمة لحلها، علما بأننى أتصور أن التوصل إلى حل نهائى وشامل لهذه الأزمة سيستغرق سنوات، بالنظر إلى حجم تداعياتها الواسع. ويأتى على رأس هذه الثوابت احترام السيادة السورية، ووحدة الإقليم، أو الأرض السورية، والمواجهة الجماعية لخطر الجماعات والتنظيمات الإرهابية، مع ضرورة مخاطبة آمال وطموحات جميع أبناء الشعب السورى، بما يكفل فى النهاية الوصول إلى معادلة نهائية للحل، تكون عادلة ومتوازنة وتكفل حقن الدماء، وإعادة الاستقرار إلى هذا البلد العربى المهم، ومعالجة الأزمة الإنسانية الواسعة التى عانى منها أبناؤه.
● هناك تصريحات لدول عربية بأن عودة سوريا للجامعة العربية يمكن أن تناقش خلال القمة العربية المقبلة.. فما توقعاتكم فى هذا الملف؟
- سبق أن أوضحت فى مناسبات مختلفة الوضعية القانونية لموضوع المقعد السورى، والملابسات التى أحاطت بتعليق العضوية السورية فى الجامعة فى نوفمبر 2011، بناء على قرار من المجلس الوزارى للجامعة، وبالتالى فلن أستطرد فى شرح هذه الجزئية، ولكن قصدت الإشارة هنا إلى هذه المسألة لتوضيح أن الآلية المعنية بالتعامل مع هذا الموضوع هو مجلس وزراء الخارجية، الذى علق العضوية السورية فى 2011، وبالتالى فإن بحث موضوع رفع التعليق يحب أن يكون أيضا من خلال هذا المجلس، حتى الآن لم يتحقق أمران، الأول هو وجود توافق بين الدول الأعضاء على عودة سوريا لشغل مقعدها فى الجامعة، وذلك نتيجة استمرار وجود اختلاف بين الدول فى هذا الصدد، والثانى أنه برغم تواتر الحديث من جانب المسئولين فى بعض الدول الأعضاء، حول أهمية عودة سوريا، فإنه لم يحدث حتى الآن أى تحرك رسمى فى هذا الاتجاه من جانب أى دولة عضو، فلم ترد مثلا مذكرة رسمية إلى الأمانة العامة قبل الاجتماع الأخير للمجلس الوزارى فى 6 مارس تطلب بحث هذا الموضوع خلال الاجتماع، ولم تتم أيضا إثارته بأى شكل من الأشكال خلال النقاشات الرسمية لاجتماع المجلس. لا يعنى هذا بالطبع أن الموضوع غير حاضر فى النقاشات غير
الرسمية بين الدول.
والأزمة السورية، وتطوراتها، وسبل حلها، تحظى دائما بنقاشات مستفيضة فى حوارات الوزراء والقادة، من منطلق الأهمية الكبيرة للعمل على تسوية هذه الأزمة. فى ضوء ما تقدم لا أتوقع شخصيا أن تشهد قمة تونس المقبلة، اتخاذ خطوات رسمية من جانب القادة فيما يخص المقعد السورى، وإن كنت أتوقع فى ذات الوقت أن يكون هذا الموضوع حاضرا فى النقاشات غير الرسمية.
● عبرتم عن رفضكم لإنشاء منطقة آمنة تركية فى شمال سوريا.. لماذا تتخوفون من هذه المنطقة، وما تأثير ذلك على الأمن القومى العربى؟
- كما ذكرت، فإن من أهم الأولويات التى يجب أن يتم التعامل معها باعتبارها من الثوابت الرئيسية فى التعامل مع الملف السورى، هى احترام السيادة السورية ووحدة الأرض السورية، وبالتالى فإن أى حديث عن اتخاذ ترتيبات تخل بهذه الثوابت، على غرار إنشاء منطقة آمنة، هو أمر مرفوض، لأنه ستكون له تأثيراته المستقبلية العنيفة، ليس فقط فى الإقليم السورى، إنما فيما يرتبط بالأطماع الإقليمية فى الأرض العربية. وكنت قد أشرت أيضا فى السابق، إلى أنه، ومع تفهم الموقف التركى والتخوفات من النشاط الكردى فى منطقة شمال سوريا وتأثيراته على الإقليم التركى، فإن هناك حلولا وبدائل للتعامل مع هذا الموقف، وهو ما أشرت إليه أخيرا خلال مشاركتى فى أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن، عندما أشرت إلى إمكانية العمل على تفعيل اتفاق أضنة لعام 1998، الذى أبرم بين الجانبين السورى والتركى وبرعاية مصرية، كصيغة مناسبة لمخاطبة أولويات وتخوفات الجانبين. من ناحية أخرى، فإن إصرار تركيا على المضى قدما فى هذا الاتجاه، يمكن أن تكون له آثاره الوخيمة على مستقبل وفرص تسوية الأزمة السورية، وأيضا على منظومة الأمن الإقليمى العربى ككل، والتى نسعى لتثبيت عناصرها، التى يأتى على رأسها وحدة الإقليم فى كل دولة عربية، ورفض التدخلات الخارجية، سواء فى الشئون الداخلية للدول الأعضاء، وأيضا التدخلات على الأرض، التى من شأنها أن تغير من العديد من العناصر السياسية والديمغرافية وغيرها، وتدخل بنا جميعا إلى نفق مظلم.
● هناك قوات تركية فى معسكر بعشيقة بالعراق، وترفض تركيا الانسحاب من هناك فى ظل حديث عن العودة لاحتلال الموصل حال انتهاء اتفاقية لوزان 2023.. فما الخيارات العربية لوقف التمدد التركى فى شمال العراق؟
- بشكل عام التدخلات التركية فى شمال العراق وانتهاكها للسيادة العراقية، أمر مرفوض، وسبق أن أصدرت تصريحات واضحة فى هذا الصدد، كما أن هناك قرارات تصدر بشكل دورى عن مجلس الجامعة، وعن القمم العربية تتعلق بهذا الموضوع. وأنا أدعو الجانب التركى لإعادة تعديل مساره للتعامل مع المنطقة العربية، وذلك لخطورة المسار الحالي، وبالتأكيد فإن الدول العربية لا ترغب فى وجود توتر مع الطرف التركى، خصوصا فى ضوء الروابط الجغرافية والثقافية والحضارية والمجتمعية والاقتصادية التى تربط بين الجانبين، وبالتالى أدعو الجانب التركى لمراجعة نهجه تجاه الدول العراقية المجاورة له بشكل رئيسى، وتجنب اتخاذ خطوات قد يكون من شأنها فتح الباب لمزيد من التعقيدات، التى أتصور أن الجميع فى غنى عنها خلال المرحلة الحالية.
● أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار فى الشرق الأوسط مصدر للقلاقل فى المنطقة العربية.. ما رؤيتكم لوقف التدخلات الإيرانية فى الأراضى العربية؟
التدخلات الإيرانية فى الشئون الداخلية لعدة دول عربية هو أمر معلوم للجميع، وهناك قرارات تصدر باستمرار عن الجامعة العربية فى هذا الإطار، سواء من مجلس وزراء الخارجية أم على مستوى القمة، وذلك فى ضوء خطورة هذه التدخلات، واتساع دائرة تأثيرها على أمن واستقرار عدة دول عربية، وأيضا على السلام الاجتماعى والتوازنات الداخلية فيها فى ضوء ما تشهده من استخدام نبرة طائفية، وفى بعض الأحيان نبرة استعلائية، وهو أمر نرفضه تماما.
ورسالتى للجانب الإيرانى هى: ضرورة أن يكف يده عن القيام بمثل هذه التدخلات، وأن يسعى لإقامة علاقة صحية مع العالم العربى، لا تتأسس بالتأكيد على استخدام النعرات الطائفية أو السعى لإحداث انقسامات داخلية فى الدول العربية، أو محاولة استغلال مثل هذه التدخلات كأوراق ضغط فى إطار توازناته مع الأطراف الدولية.
الأمر يحتاج إلى التعقل من الطرف الإيرانى، خصوصا أن هناك بعض التصرفات التى جرت، التى كانت من الممكن أن تدفع بالمنطقة كلها إلى حافة الهاوية على غرار إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية العام الماضى من جماعة الحوثيين على المملكة العربية السعودية.
● هناك من يرى تراجع الإيمان الأمريكى بحل الدولتين، فهل أطلعتكم واشنطن على الخطة التى يروج لها البيت الأبيض حول القضية الفلسطينية؟
- منذ تولت الإدارة الأمريكية الحالية مقاليد الأمور فى الولايات المتحدة، ونحن نسمع من وسائل الإعلام بالدرجة الأولى، عن وجود خطة تنتظر اللحظة المناسبة للإعلان عنها، وهو ما أطلق عليها البعض «صفقة القرن»، لكن حقيقة الأمر أننا لم نطلع حتى الآن على تفاصيل محددة لمثل هذه الخطة، وتتواتر إلينا أفكار من هنا وهناك، ونحن على علم بأن ما أثير مع القيادة الفلسطينية حتى الآن لم يرق، بالتأكيد، لأن يكون خطة متكاملة لتسوية فلسطينية إسرائيلية، تشمل آفاقا واضحة للحل النهائى، وتضمن إعمال حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بل وللأسف فإن كل ما شهدناه من هذه الإدارة الأمريكية كان عمليا، ارتدادا عن تحقيق هذا الهدف، مع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وتعليق المساهمة الأمريكية فى ميزانية وكالة الأونروا وغيرها من الخطوات التى قامت بها هذه الإدارة، والتى أرى أنها لا تؤدى سوى إلى المزيد من التأزيم للقضية الفلسطينية والتعقيد لفرص التسوية المستقبلية.
● ما رؤيتكم للحل فى ليبيا فى ظل عدم وجود أفق سياسى حتى الآن للحل؟
- الوضع الليبى ليس بالوضع السهل أيضا، وذلك على الرغم من أن ليبيا لا تواجه ذات الانقسامات العرقية أو الطائفية القائمة فى كل من سوريا واليمن على سبيل المثال، لكن ضعف البنى المؤسسية التى كانت قائمة وقت حكم القذافى وغلبة الطابع القبلى على المجتمع الليبى، وتربح الميليشيات من وراء استمرار الوضع الحالى، هى جميعها عناصر لعرقلة هدف تحقيق انتقال سلس للسلطة فى ليبيا، والتى واجهت على مدار السنوات الأخيرة مخاطر الانقسام إلى دولتين ليس فقط فى الشرق والغرب، وإنما إلى أكثر من ذلك، وهو إن حدث فسيمثل كارثة ليس فقط للشعب الليبى ومنطقة شمال إفريقيا، وإنما للوطن العربى ككل.
● من المؤكد أنكم تتابعون محاولات الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق إستوكهولم بين الحكومة الشرعية فى اليمن والمتمردين الحوثيين.. فكيف يمكن الدفع بالحل السياسى لإنهاء الحرب فى اليمن فى طل تعنت الحوثيين؟
- هذه الأزمة تكتنفها أيضا تعقيدات ناتجة عن الحرب التى دارت بين الحكومة الشرعية والحوثيين، المدعومين بقوة من إيران، التى نتجت عنها مأساة إنسانية كبيرة، ومعاناة لقطاعات واسعة من أبناء الشعب اليمنى، سواء على المستوى الصحى أم على مستوى توفير الغذاء اللازم، ونحن نتابع الجهود التى يقوم بها المبعوث الأممى مارتين جريفيث، والتى كان على رأسها التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى إستوكهولم، وإن كان لم يحدث حتى الآن تواصل مباشر بينه وبين الجامعة العربية حول هذه الجهود، وهو الأمر الذى سنسعى لمعالجته خلال الفترة المقبلة.
بشكل عام يقلقنى كثيرا استمرار عدم التزام الحوثيين بصورة كاملة باتفاق وقف إطلاق النار، خصوصا فى منطقة الحديدة، إضافة بالطبع للتدهور المستمر للأوضاع الإنسانية خصوصا للأطفال والنساء والشيوخ، مما فتح الباب للحديث حول إمكانية دخول اليمن إلى مجاعة كاملة، وتفشى وباء الكوليرا بشكل واسع، وبالطبع سيكون هذا الملف حاضرا بقوة خلال قمة تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.