أكد تقرير حقوقى صادر عن المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان فشل إدارة المرحلة الانتقالية، وأن مجمل الخطوات السياسية المتعاقبة يعبر عن فشل كامل فى المرور بالمرحلة الانتقالية بنجاح، لعدد من الأسباب، أهمها الخطأ السياسى الذى تعيشه إدارة المرحلة الانتقالية، التى أدت الى اعتراف بعض ممثلى المجلس العسكرى بخطأ المنهج الذى اتبعوه فى إدارة المرحلة بالتعاون مع القوى السياسية التى أيدت خيار الانتخابات أولاً. وأشار التقرير الى محاولات جماعة الاخوان المسلمين والقوى السلفية من خلال حزبيهما استمرار الهيمنة على تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى والثانية بمختلف الأشكال الممكنة، وهو ما ساعدهم عليه الصياغة القانونية القاصرة والفاشلة والغامضة والسابقة للمادة «60»، وأدى ذلك الى مناداة بعض القوى السياسية الأخرى باصدار اعلان دستورى مكمل يحدد معياراً لتشكيل هذه الجمعية ويعطى دوراً للمجلس الأعلى فى ذلك. وتعرب المؤسسة عن قلقها من رفض عدد من أعضاء مجلس الشعب لحكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب والصادر يوم «14 يونيو» الماضى،والذى انتهت فيه المحكمة فى قضائها الى أن انتخابات مجلس الشعب أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها. وأضح التقرير ان طلب رئيس مجلس الشعب المنحل القيام باستفتاء شعبى على حل المجلس، أو فتوى من مجلس الدولة بذلك يتنافى مع النصوص القانونية الصريحة بقانون المحكمة الدستورية ما نص عليه حكمها، وسبق لتلك المحكمة أن أبطلت انتخابات مجلس الشعب عامى «1984 و1987» وتم حلهما بقرار من الرئيس المخلوع. وأضاف التقرير ان الصراع الحادث حالياً عن صراع بين السلطات فى مصر، وهوصراع نجده بين السلطة القضائية والتشريعية خاصة بعد محاولات مجلس الشعب اصدار قانون يقيد دور المحكمة الدستورية العليا وتصريحات رئيس نادى القضاة المتشددة ضد نواب مجلس الشعب وتهديده غير القانونى بعدم تنفيذ أى قوانين يصدرها مجلس الشعب، وكذلك صراع ثان بين السلطة التشريعية وحزب الحرية والعدالة وأغلبيته البرلمانية المتحالفة مع القوى السلفية والسلطة التنفيذية بشقيها «المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء» فضلاً عن الصراع الثالث بين أنصار الدولة الدينية وأنصار الدولة المدنية وجزء من هذه الصراعات يتم على السلطة، وسببه الأساسى التراجع عن صياغة مشروع دستور جديد يحدد موقع كل سلطة من الأخرى بما يؤدى الى التوازن بين حقوق وواجبات كل سلطة تجاه الأخرى وإلا تفتئت سلطة على حقوق السلطة الأخرى وهو المبدأ المعروف بالفصل بين السلطات. ودعت المؤسسة العربية أعضاء مجلس الشعب الى احترام حكم المحكمة الدستورية العليا القاضى ببطلان انتخابات مجلس الشعب، كما دعت حزب الحرية والعدالة وأنصار المرشحين فى جولة الاعادة الى احترام نتيجة الانتخابات الرئاسية التى من المنتظر ان تعلنها لجنة الانتخابات الرئاسية المشرفة على تلك الانتخابات وعدم استباق النتيجة بما يؤدى الى مزيد من التوتر السياسى. ودعت الى التوافق على جمعية تأسيسية جديدة تمثل فيها كل القوى السياسية والمهنية بدون استئثار لقوة على أخرى، خاصة بعد الحكم ببطلان مجلس الشعب ما يلحق البطلان بالجمعية التأسيسية الثانية التى انسحب منها عدد من الأحزاب والقوى السياسية، والبدء بوضع مشروع دستور على أساس التوافق وليس على أساس منطق الأغلبيات البرلمانية. وأكدت المؤسسة ضرورة التوافق على نظام انتخابى يكون أساسه القائمة سواء للأحزاب السياسية أو المستقلين، لتلافى مطاعن عدم الدستورية أو الدمج بين القائمة والفردى مع عدم ترشح الأحزاب على مقاعد المستقلين، وتحديد موعد لاجراء انتخابات مجلس الشعب الجديدة بما لا يتجاوز ثلاثة أشهر، وفى الفترة المخصصة لوضع مشروع الدستور وفقاً للتعديلات الأخيرة على الإعلان الدستورى. وأكد تقرير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الانسان تزايد حالة الارتباك السياسى وتصاعد مشاعر القلق الشعبى بخصوص الوضع الحالى، والجدل المتزايد حول نتائج جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة من أنصار المرشحين المتنافسين وتهديد البعض باستخدام القوة فى حالة إعلان فوز المرشح الآخر بالإضافة الى عدم التوافق حتى الآن حول جمعية تأسيسية تقوم باصدار مشروع دستور توافقى يحافظ على مفهوم الدولة المدنية، وأشار الى تزايد حالة الارتباك السياسى والتعامل الخاطئ من زغلب الأطراف مع عدد من الأحداث والتطورات، أهمها حكم الدستورية العليا يوم «14 يونيو» الماضى ببطلان انتخابات مجلس الشعب بسبب عدم دستورية نص المادة السادسة من الفقرة الأولى بالمرسوم بقانون رقم «108» لسنة 2011 من اطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب فى الدوائر المخصصة بالانتخاب بالنظام الفردى للمنتمين للأحزاب السياسية الى جانب المستقلين. وأكد التقرير غياب التوافق علي تشكيل الجمعية التأسيسية للمرة الثانية بعد صدور حكم قضائي من محكمة القضاء الاداري يبطل تشكيل الجمعية الأولي بسبب تمثيل البرلمانيين بخمسين في المائة منها ومحاولات الاقصاء التي يقوم بها حزبا الحرية والعدالة والنور علي تشكيل الجمعية، وأنه لا تزال هذه الأزمة مستمرة في ظل عدم رضا الاطراف والقوي السياسية علي تكوين الجمعية الثانية، والتي شابها سيطرة حزبي الحرية والعدالة والنور، وأدي ذلك إلي انسحاب بعض ممثلي الاحزاب السياسية منها. وحول تعديل الاعلان الدستوري قال التقرير إن اصدار المجلس الاعلي للقوات المسلحة التعديل بتاريخ 17 يونيو 2012 علي الاعلان الدستوري الذي يحكم العملية السياسية منذ 30 مارس 2011، بحيث تعطي هذه التعديلات الحق للمجلس الاعلي في تقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة بما فيها من تعيين قادتها ومد خدمتهم، واعطي رئيس المجلس جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع حتي اقرار الدستور الجديد، كما الاعلان يشير إلي قيام الرئيس المقبل بأداء اليمين امام المحكمة الدستورية العليا، مشيراً إلي أن الاعلان الدستوري يربط قيام رئيس الجمهورية بإعلان الحرب بموافقة المجلس الاعلي للقوات المسلحة وفي حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب تدخل القوات المسلحة يجوز لرئيس الجمهورية اصدار قرار باشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالبلاد. واضاف التقرير: تشير التعديلات إلي قيام رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة بمباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في البند 1 من المادة 56 من الاعلان الدستوري لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته. واشار التقرير إلي أن التعديلات شملت استغلال الفرصة من قبل المجلس الاعلي للقوات المسلحة في الهيمنة بكل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة والمشاركة في اقرار اعلان الحرب وكذلك موافقته علي استخدام القوات المسلحة في حفظ الأمن، مؤكداً أن هذه التعديلات تدشن دوراً أساسياً للمجلس الاعلي للقوات المسلحة في العمل السياسي، خاصة بما أكده في حق المجلس الاعلي بالاعتراض علي مشروع الدستور وحق المجلس في تشكيل الجمعية التأسيسية في حالة وجود مانع يحول دون تشكيلها وابرزها غياب التوافق علي ذلك ومحاولة البعض الهيمنة علي تشكيلها وأعضائها، ويري البعض من القوي المدنية ان ذلك يؤدي إلي احداث توازن في تشكيل تلك الجمعية بصلاحيتها المهمة.