أنا اليوم ممتنع عن الكتابة وذلك لأهمية وخطورة الأحداث العديدة المتلاحقة على الساحة المصرية بحيث أصبح من الصعوبة اعطاء الأولوية لموضوع منها فهل أكتب عن عودة الطوارئ فى ثوب قانون الضبطية القضائية أم عن الانقلاب العسكرى المسمى بالاعلان الدستورى المكمل وهو اسم على مسمى حيث أنه مكمل على ماتبقى من الثورة أم عن احتكار العسكر لكل شئ حتى استباحوالأنفسهم تعيين كبير الياوران رئيساً لديوان رئيس الجمهورية دون أخذ رأى رئيس الجمهورية نفسه وهو شئ يدعو للدهشة الى حد الغثيان ، ومحاولة يائسة أخرى لتجريد الثورة من جوهرها ونقاط قوتها توحى بأن المجلس العسكرى يشعر بالتورط الذى لاخروج منه الابمزيد من التورط. أم أتحدث عن تهديد المشيرطنطاوى لمعارضيه بالضرب بيد من حديد والغريب أنه يفعل ذلك فى زمن ثورة انكسر فيها حاجز الخوف عند الناس بعد أن خلعوا مبارك نفسه ووضعوه فى السجن مع ولديه وحبيبه العادلى ووزرائه وهزموا بمنتهى السهولة جحافل شرطتة..أقول للمشير طنطاوى حاول أن تستخلص العبرة مما جرى لمبارك . أم أكتب عن ارهاصات اللعب فى نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الفساد..أم أكتب عن دعوى حل جماعة الاخوان المسلمين وهى دعوى ساذجة للغاية لأن جماعة الاخوان تستعصى على الحل لما تحظى به من تأييد شعبى وتوغل فى الحياة السياسية والاجتماعية وتحولها إلى أكبر حزب سياسى فى مصر ..هذه الجماعة فى رأييى (مالهاش حل). أم أكتب عن انصار شفيق الذين يعلمون علم اليقين أن مرشحهم قد خسر ومع ذلك يقيمون الأفراح والليالى الملاح احتفالاً بفوزه فى مشهد مريض وبالغ الغرابة ولاعجب فهم يراهنون على فساد الذمم الذى يمكن أن يقلب الحق باطلاً والمهزوم فائزا ودليلهم فى ذلك كل ماحيك للثورة من قبل من مؤامرات ، ولكن ان حدث ذلك فقد وقع القول على الظالمين ولنتذكر ماجرى فى الجزائر بعد شئ مشابه. أم أكتب عن مرسى الرئيس الناتج عن الثورة والتحديات التى تنتظره والمعادلات الصعبة التى عليه حلها بينما تتربص به مراكز قوى الفساد من أجل افشاله واسقاط الخيار الثورى . أم أكتب عن براء علاء وجمال من تهمم الفساد بعد ثلاثين سنة من الفساد وبراءتهما وكل رجال الداخلية من تهمة قتل ألف متظاهر مما لايعنى سوى أن المتظاهرين قد قتل كل منهم الآخر فى حادثة انتحار جماعى لادخل للشرطة البريئة بها. أم أكتب عن جريمة حل مجلس الشعب بعد كل الجهد والأموال التى أنفقتها الأمة من أجل انجازه وانعكاس ذلك على مسيرة مصربعد الثورة واذا كان السبب دستوريا بحسب المعلن فمن يتحمل المسئولية ولماذا لم يستشر العسكر الخبراء قبل اقرار نظام الانتخاب؟ أم أكتب عن ضرورة استمرار الثورة وإعادة تأجيجها بعد أن ثبت أن الضمانة الوحيدة لنجاح الثورة هو استمرار الثورة نفسها حتى يتحقق لها النجاح فالثورة لم ولن يحميها أحد إلا الثوار الشجعان الأمر الذى تأكد بعد مرور عام ونصف العام من التخبط والغباء السياسى فالذى يدعى حماية الثورة هو فى الواقع لايحمى غير نفسه وكرسى سلطته ، فالذى ذاق حلاوة أن يكون الرجل الأول لن ينتازل عن ذلك الاصورياً أو على نحو كاذب. أم أكتب عن الاعلام الحكومى وسقوطه الرهيب فى براثن التبعية للحاكم أياً كان؟ أم أكتب عن نجاح خطة العسكرى فى شق الصف الشعبى الى فريقين أحدهما منحاز للحق والآخر للباطل ممثلاً فى خيار العودة الى الفساد الذى كان؟ أم أتحدث عن الظاهرة العكاشية الخطيرة التى تتلخص فى سيطرة الجهل ونشر الأكاذيب على الاعلام واستخدام الديكتاتور لذلك فى التأثير فى قطاعات كبيرة من الأميين وأشباههم ..هذه الظاهرة تحتاج الى دراسات. أم أكتب عن أخطاء الاخوان التى أثرت على شعبيتهم إلى درجة الفوز فى انتخابات الرئاسة بالكاد على مرشح لاثقل له ولارصيد سياسى؟ المواضيع كثيرة وخطيرة بحيث عجزت عن اختيار موضوع لأتحدث..ولهذا فلن اتحدث.