فى الوقت الذى تستعد فيه مصر لوضع دستور جديد وتتهيأ البلاد إلى مرحلة سياسية مختلفة، تجددت المطالبات بإلغاء مجلس الشورى وإلغاء نسبة ال50٪ التى تم تخصيصها للعمال والفلاحين. ولم تأت هذه المطالب من فراغ فمجلس الشورى يعتقد كثيرون بأنه لا فائدة منه والبلاد أولى بالتكاليف التى تنفق عليه، فتكلفة انتخاباته الأخيرة بمرحلتيها بلغت مليار جنيه، بمعدل 500 مليون جنيه لكل مرحلة، فضلاً عن تكلفة جلساته التى تصل إلى 200 مليون جنيه سنوياً ومع التعديل الأخير لاختصاصات الشورى أصبح المجلس حسب الإعلان الدستورى مجرد استشارى، يؤخذ رأيه فقط فى مشروعات خطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومشروعات القوانين المحالة إليه من رئيس الجمهورية. ومن هنا جاء الإعلان الدستورى مارس 2011 ليقلص من صلاحيات مجلس الشورى، وأصبحت سلطته محدودة تقتصر فقط على إبداء الرأى فى الأمور المشار إليها، وبالتالى فمجلس الشورى بعد ثورة 25 يناير أصبح منزوع الصلاحيات وأصر المجلس العسكرى على انتخابه على الرغم من المطالبات الكثيرة بإلغائه. وإذا كان كثيرون يطالبون بإلغاء مجلس الشورى، فإن المطلب الأهم هو إلغاء نسبة العمال والفلاحين التى وضعت فى العهد الناصرى ولم تعد تلائم الحياة السياسية المصرية وتركيبة المجتمع. واتفق عدد من السياسيين على ضرورة إلغاء كل من مجلس الشورى ونسبة ال50٪ عمال وفلاحين بمجلس الشعب، معتبرين ما يتفق على أن الشورى إهداراً للمال العام وبمثابة مقهى لأصحاب المعاشات ومحاسيب النظام والرئيس يحق للرئيس تعيين ثلث أعضائه، فضلاً عن أن نسبة ال50٪ تم تخصيصها لتزيين شكل مجلس الشعب فى عهد «عبدالناصر» ومجاملة لثورة يوليو بخلاف أنه منذ فترة حكم السادات ثم التحايل على هذه الصفة من خلال اقتناصها لبعض المتعلمين تحت ستار الصفة العمالية. وفى هذا الإطار يطالب المهندس حمدى الفخرانى، النائب بمجلس الشعب المنحل، بإلغاء مجلس الشورى حفاظاً على أموال الشعب المصرى، مشيراً إلى رفعه دعوة قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بهذا الشأن. وأكد «الفخرانى» أن الرئيس السابق حسنى مبارك كان يقوم بتعيين ثلث الأعضاء من الموالين له ولنظامه بهدف الحصول على مصالحهم الخاصة والاستيلاء على أموال الشعب وأراضيه، مشيراً إلى أن عدداً من نواب الشورى فى العهد السابق كانوا يستغلون مناصبهم فى الحصول على إعفاءآت جمركية لا يستحقونها وإعفاءات ضريبية بالمخالفة للقانون. وكشف «الفخرانى» عن أن مجلس الشورى المنحل كان يضم ترزية القوانين الذين كان يعينهم الرئيس لإعداد قوانين تؤكد مصالح الفاسدين وتقنين أوضاعهم، مشيراً إلى أنه يستنزف من موازنة الشعب نحو مليار و400 مليون جنيه فى الدورة البرلمانية ويكفى أنه استنزف نحو 900 مليون فى إصلاحه عندما تم حرقه. ويرى النائب أبوالعز الحريرى، أنه كان يجب إلغاء مجلس الشورى من الإعلان الدستورى السابق الصادر عن المجلس العسكرى عقب الثورة إلا أنه كان هناك إصرار على وجوده رغم صوريته. واعتبر «الحريرى» بقاء مجلس الشورى إهداراً للمال العام، وقال إن إنفاق مليار جنيه على مجلس بدون صلاحيات يشكل جريمة لدولة تحتاج كل جنيه. ويرى المستشار محمد حامد الجمل أن مصر عاشت تجربة ناجحة عام 1923 عندما تم إنشاء مجلسى النواب والشيوخ، ولكن مع بداية حكم السادات ابتدع قصة مجلس الشورى وكان هدفها نقل تبعية الصحف القومية إلى سلطة شعبية تكون موالية له فى الوقت نفسه، كما ضم مجلس الشورى مؤيدى ومناصرى الحاكم حتى تحول إلى «جراج لخريجى الحكومة من المسئولين» فيتم تعيين أعضائه بالمجاملة. وأشار «الجمل» إلى أن هذا المجلس صورة فى دولاب الدولة وليس له أى اختصاص تشريعى واضح وهو عبء مالى كبير على الشعب، موضحاً أن هناك حلين له إما أن يتم إلغاؤه فى بنود الدستور القادم أو يتم تحويله إلى مجلس لشيوخ القضاة والقانونيين والنخبة السياسية ويتم اختيارهم بالانتخاب ويكون هناك آلية أوسع ليكون مجلس تشريعى رقابى. ومن ناحية أخرى، قال «الجمل»، بشأن المطالبة بإلغاء نسبة ال50٪ عمال وفلاحين بمجلس الشعب أنها كانت هبة من الراحل جمال عبدالناصر للأميين وعندما جاء السادات وحاول إلغاء هذه النسبة وفشل فى تغييرها من الدستور فتم وضع بند يوحى بتزوير الصفة، بحيث يمكن للواء أو الدكتور أن يدخل بصفة عامل أو فلاح والنص أصبح شكلياً فقط. ويرى «الجمل» أنه ليس من المفترض أن يكون المدافع عن حق العامل أو الفلاح أحد منهم فمعظم التاريخ السياسى والنضالى يؤكد أن المدافعين عن الفقراء والمهمشين هم مثقفون ومتعلمون فنسبة ال50٪ ليس لها أى معنى ويتم استغلالها بشكل خاطئ. وأشار «الجمل» إلى أنه عندما تم وضع قانون يقضى بنسبة ال50٪ تم تعريف العامل بأن يكون منتمياً إلى نقابة عمالية وأن يكون مصدر رزق عمله الذى يمارسه ولا يكون حاصلاً على شهادة جامعية، والفلاح أن يكون مصدر رزقه الزراعة ومقيم بالريف ولا يجوز هو وزوجته وأولاده حيازة أكثر من عشرة أفدنة.. وهو الأمر الذى لم يعد له أى أساس من الواقع. ولفت «الجمل» إلى أنه فى البداية من تطبيقه ظهر عدد من النواب مستواهم الثقافى أقل من استيعاب مهمات التشريع والقدرة على عرض مشاكل دوائرهم مما أعطى الفئات الفرصة فى الالتفاف حول هذا القانون حتى سنة 2010، وأصبح كل الممثلين للعمال والفلاحين من خارج هذه الطبقة وأصبح من السهل التلاعب ببنود القانون، الذى فرق بين أبناء الشعب فى المساواة فى الحقوق السياسية.