عندما وقعت الإضرابات في روسيا، واشتدت الأزمة السياسية، خلال فترة حكم الرئيس بوريس يلتسن، قام «يلتسن» بإصدار قرار بحل مجلس الدوما «البرلمان الروسي» ورفض «سلطانوف» رئيس البرلمان الامتثال لقرار رئيس الجمهورية بالحل، وحرض النواب علي الاعتصام داخل المبني، وقالوا مش متعتعين من هنا حتي لو طربقوا المبني علي ادمغتنا، وما في أعلي خيلك يا يلتسن اركبه! وعندما استنفد يلتسن جميع المحاولات السلمية في اقناع سلطانوف باحترام قرار رئيس الجمهورية أمر الدبابات بقصف المبني، وتم اجلاء النواب بالقوة! شيء كما حدث في روسيا لا نريده أن يحدث في مصر خلال الأزمة الطاحنة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان علي تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان قرار الحل لم يخترعه العسكري ولم يسع إليه، ولم يقف أحد ضد أكثرية حزب الحرية والعدالة رغم قيامهم بتحويل مجلس الشعب خلال الخمسة أشهر الماضية إلي فزاعة لإرهاب كافة قطاعات الدولة من الحكومة إلي القضاء إلي الشعب إلا أن المحكمة الدستورية قضت ببطلان انتخاب المجلس منذ بداية تشكيله بعد أن رأت خلال نظرها لدعوي بعدم دستورية انتخاب المجلس أن بعض بنود قانون مباشرة الحقوق السياسية لم تحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين الحزبيين والمستقلين خلال الانتخابات البرلمانية السابقة، قضت المحكمة ببطلان انتخاب المجلس، والحكم كاشف للحل وليس منشئاً له وهو حكم واجب النفاذ ولا يقبل الطعن عليه وتطبيقه هو احترام للقضاء وللقانون الذي يجب أن نندرج تحت لوائع حكاما ومحكومين حتي نستحق أن نكون دولة قانون وبدلا من أن يعلن الدكتور سعد الكتاتني رئيس البرلمان المنحل احترامه لحكم القضاء، ويقوم بجمع متعلقاته من مكتبه ويسلم المصفحة بتاعة الدولة، رفض تنفيذ الحكم ودعا النواب إلي عقد الجلسات العادية وكأن حكم المحكمة لم يكن، وحرض الكتاتني نواب حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان الذين يمثلون الأكثرية البرلمانية دخول البرلمان وإثارة الشغب مع قوات الأمن والجيش المكلفة بتأمين البرلمان ضد محاولات اقتحامه من البلطجية. كما طلب الكتاتني من اللجنة التشريعية الاجتماع لمناقشة آثار حكم الدستورية. قد يكون «الكتاتني» معذورا فيما ذهب لأنه استاذ في علم النباتات بكلية العلوم ولم يدرس القانون، لكن الهم والباقي كما يقولون في الأمثال الشعبية علي المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية ونائب رئيس محكمة النقض السابق الذي توجه إلي البرلمان للدخول بالقوة ومعه بعض أعضاء اللجنة منهم وكيل اللجنة محمد العمدة خريج الحقوق وعلي ما أذكر انه حاصل علي الماجستير في القانون، وبعد محاولات شديدة تخللها كلام عنيف مع قوات الأمن المكلفة بحراسة البرلمان، تراجع الخضيري عن الدخول، ويدرس عقد اجتماع اللجنة في مكان آخر، كما يبحث الإخوان عقد جلسة للمجلس في ميدان التحرير أو دخول البرلمان بالقوة، لأنهم لم يعترفوا حتي الآن بقرار حل المجلس في تحد صارخ لأحكام القضاء. جماعة الإخوان يلعبون لعبة خطيرة فهم يحترمون احكام القضاء ويشيدون بنزاهته إذا جاءت الاحكام في صالحهم، ويرفضون الاحكام ويهددون بتطهير القضاء إذا حكم القضاء لغيرهم. هذا السلوك الملتوي من الإخوان يعتبر التفافاً علي الشرعية ويدفع ثمنه الشعب، من استقراره وأمنه. إننا نطالب الجماعة بأن تعود إلي رشدها وتتأكد اننا لن نكون دولة قانون إلا إذا احترمنا القانون وخضعنا لأحكامه حكاما ومحكومين، أما ان نأخذ من القانون ما يناسبنا ونرفض ما لا يتفق مع هوانا فهذا يسمي شريعة الغاب التي يحاول فيها القوي التهام الضعيف، ان الأمن المصري سيظل يحمي الشرعية ويحمي مبني البرلمان، وسيتحلي بضبط النفس، كما عهدناه منذ بداية الثورة، ولن ينجر إلي رغبات الذين يسعون إلي استمرار الارتباك لأنهم يرون أنه يسهل لهم الاصطياد فيه.