الاتحاد: عيد تحرير سيناء يحمل ذكريات الفخر والسيادة المصرية على أغلى بقعة من أرضنا    «نقل النواب» تناقش طلبات إحاطة.. ووحيد قرقر يطالب بالجدية في تنفيذ المشروعات    المجلس القومي لحقوق الإنسان: مبادرة حياة كريمة شاهد على إرادة الدولة    الخط الثالث للمترو يعلن مواعيد التشغيل الجديدة بداية من الخميس    «سياحة النواب» تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    المستشار القانوني لسوق السمك ببورسعيد: تراجع الأسعار 70% بسبب المقاطعة    تحذير من فيضانات تضرب الصين.. «تحدث مرة في القرن»    رسائل جمهور الأهلي للشناوي وإمام عاشور قبل موقعة دوري أبطال إفريقيا    "ذا صن" تكشف موعد رحيل محمد صلاح عن ليفربول    تصل إلى 41 درجة.. كيف يتجنب طلاب المدارس مخاطر ذروة الموجة الحارة غدا؟    هالة خليل: إقناع منتج بعمل بطولة امرأة صعب.. والإخراج يحتاج لمحارب    «وداعا صلاح السعدني عمدة الفن المصري» بالعدد الجديد من «مسرحنا»    هالة خليل عن تكريمها من مهرجان أسوان: «سعيدة بتقييم محتوى أعمالي»    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    اتحاد الكرة يحصل على موافقة 50 ألف مشجع لمباراة مصر وبوركينا فاسو    الخميس المقبل.. أحمد موسى يُحذر من الاجتياح البري لرفح الفلسطينية    خصومات متنوعة على إصدارات «هيئة الكتاب»    تعرف على الأمنية الأخيرة لشيرين سيف النصر قبل وفاتها ؟ (فيديو)    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    بروتوكول بين جامعة المنوفية الهيئة الاعتماد لمنح شهادة "جهار - ايجيكاب"    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بفخامة تطوير مسجد السيدة زينب    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    ختام ناجح لبطولة الجمهورية للشطرنج للسيدات ومريم عزب تحصد اللقب    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    سلك كهرباء.. مصرع شاب بصعق كهربائي في أطفيح    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    تقارير: الأهلي سيحصل على 53 مليون دولار نظير مشاركته في كأس العالم للأندية    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سر الهتاف الشهير «نموت نموت.. وتحيا مصر»
الكاتب الصحفى عبدالعظيم الباسل حفيد أيقونة الصعيد حمد الباسل يكشف:
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2019

«الديك يؤذن».. شفرة الهروب من رقابة الإنجليز لرسائل الثوار
«دهشة».. أكثر من ظلم حمد الباسل.. ويحيى الفخرانى اعتذر عن مغالطات المسلسل
ثورة 2013 الأقرب لثورة 1919.. والتفويض حدثٌ تكرر مؤخرًا بعد 94 عامًا من ميلاده الأول
البدوى الثائر «حمد» استضاف عمر المختار وثوار ليبيا وأهدى لهم 500 فدان ليعيشوا من زراعتها.. وأهدى قصره للمملكة العربية السعودية ليكون مقرًا لسفارتها فى القاهرة
فى السطور التالية لن تقرأ كلامًا فى التاريخ، ولا سردًا لسيرة حياة أحد زعماء ثورة 1919 ولكن ستكون أمام أسرار جديدة لثورة مر عليها 100 عام بالتمام والكمال، وستعرف سر المشاركة الكبيرة للصعيد فى الثورة، وستعرف سر العبارة الخالدة التى لا تزال تتردد حتى الآن، «نموت، نموت، وتحيا مصر».. وستعرف الشفرة السرية التى نقل بها قادة الثورة رسائلهم من داخل السجون إلى أهاليهم الثوار فى كل ربوع مصر، حتى لا تقع تلك الرسائل فى يد الإنجليز.
ستقرأ خفايا مما فعله قادة الثورة خلال الثورة، وما فعلته الثورة فيهم وفى مصر والسودان وليبيا والأردن والعراق، هذه الأسرار كلها تتجمع خيوطها عند رجل واحد من قادة الثورة وهو الثائر «حمد الباسل».
«الباسل» الذى تتصدر صورته كل صور قيادات الثورة، بزيه المميز وشاربه الأبيض.. كان قبل الثورة شيخ العرب وملكًا متوجًا وسط قبيلته فى الفيوم، ومع ذلك كان فى طليعة الثورة!
وخلال الثورة تم سجنه مرتين.. وتم الحكم عليه بالإعدام، ولكن القدر كتب له النجاة من الموت، والمفاجأة أن والده أيضًا حكم عليه الإنجليز بالإعدام رميًا بالرصاص لمشاركته فى ثورة عرابى، ولكنه نجا أيضًا من الموت برصاص الإنجليز!
هذه الأسرار كلها وغيرها، كشفها ل«الوفد» الكاتب الصحفى مدير تحرير جريدة الأهرام عبدالعظيم الباسل، أحد أحفاد الثائر حمد الباسل، وعضو الهيئة العليا للوفد.
الثائر «حمد الباسل» كان ثريًا وشيخ عرب وأشبه بالملك وسط أبناء قبيلته، فما الذى جعله فى طليعة الثوار عام 1919؟.. سؤال بدأت به حوارى مع الكاتب الصحفى عبدالعظيم الباسل فقال «حمد الباسل لم يكن بعيدًا عن العمل الوطنى منذ نعومة أظافره، وشاهد وهو فى المهد صبيًا، ممارسات سياسية وطنية متميزة لوالده الذى كانت له صولات وجولات خلال ثورة عرابى،
كان ميلاد «حمد» عام 1870 لأب هو محمود الباسل عمدة قبيلة الرماح، والذى شارك بقوة فى الثورة العرابية، فأصدر الإنجليز حكما بإعدامه رميا بالرصاص، ولكن القوات الإنجليزية لم تتمكن من الوصول إليه فأمسكوا بشقيقه « رحيم الباسل» وأعدموه بدلا منه.. وهذا الثائر هو والد «حمد الباسل»
وفى عام 1910 توفى الأب فتولى «حمد» العمدية خلفًا لوالده.. ومنذ ذلك الحين ومنزله قبلة لكل السياسيين من مختلف الأطياف.
وفى عام 1914 حصل على لقب «الباشوية»، ومع بدايات عام 1918 لاحت إرهاصات الثورة المصرية فأعطى حمد الباسل حياته كلها للثورة وترك العمدية لشقيقه عبدالستار الباسل، وبالمناسبة هذا لشقيق تزوج من ملك حفنى ناصف باحثة البادية وأقامت فى منزله بالفيوم.
وكيف بدأت علاقته مع زعيم الوفد سعد زغلول؟
عام 1908 زار «سعد باشا زغلول» الفيوم، وكان وقتها وزيرًا للحقانية (العدل) والتقى ب«حمد الباسل» فوجده شابًا لماحا ووطنيًا ومتفتح الأفق، شديد الذكاء فتوطدت علاقاتهما، واقترب «حمد» بشدة من «زغلول» لدرجة أن آخر اجتماع عقده سعد زغلول ورفاقة قبل نفيهم، كان فى منزل حمد الباسل بالقاهرة.
وماذا جرى فى هذا الاجتماع حتى ينتهى بنفى سعد ورفاقة خارج مصر؟
كان منزل حمد الباسل يجاور منزل سعد زغلول، الشهير باسم «بيت الأمة» وكانت أغلب اجتماعات قيادات الوفد تعقد فى بيت حمد، خاصة بعدما تم منع سعد زغلول من الخطابة ومن عقد المؤتمرات السياسية، وأثناء الاجتماع تجمع أمام منزل «الباسل» مئات من المصريين وظلوا يهتفون باستقلال مصر، وعندها توجه سعد زغلول إلى شرفة المنزل وهتف هو الآخر باستقلال مصر.. كان ذلك يوم 8 مارس 1919، وبعد دقائق قليلة من هتاف «سعد» تم القبض عليه هو ورفاقه واقتيادهم لثكنات قصر النيل، وقضوا ليلتهم فيها، وصباح اليوم التالى تم نقلهم إلى بورسعيد ومن هناك تم نفيهم إلى مالطا.
وهل هناك أسرار وراء الاجتماع الأخير لقادة الوفد فى منزل حمد الباسل؟
وقتها كانت إرهاصات الثورة فى أشدها، وكانت مطالب كل المصريين تنحصر فى رفض الاحتلال والمطالبة بالاستقلال وتحرير البلاد، وكان الرئيس الأمريكى ويلسون قد تعهد عام 1918 بأن تنال شعوب العالم الحق فى تقرير مصيرها عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وعندما وضعت الحرب العالمية أوزاها فى 11 نوفمبر 1918، وبعد 48 ساعة من نهاية الحرب قرر الزعيم سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى التوجه إلى دار الحماية البريطانية لمقابلة المندوب
السامى البريطانى، السير ريجنالد ونجت، طالبين السماح لهم بالسفر والمشاركة فى مؤتمر الصلح الذى سيعقد فى باريس، لعرض قضية مصر على المشاركين فى المؤتمر، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض، وقيل إنهم لا يمثلون سوى أنفسهم فقط، ومن هنا جاءت فكرة التوكيلات التى وقعها المصريون لسعد زغلول ورفيقيه لتفويضهم للسفر، لتكون تلك هى النواة الأولى لثورة 1919 وتشكيل حزب الوفد.
أزعجت هذه الخطوة السلطات البريطانية وقرروا نفى زعماء الوفد إلى مالطة، وما إن تم نفى الزعماء الثلاثة حتى ثار الشارع المصرى بمختلف فئاته ودياناته.. المرأة إلى جوار الرجل، المسيحى إلى جانب المسلم، ورفع أول شعار للوحدة الوطنية وهى وحدة الهلال والصليب.. وهكذا بدات أحد أعظم الثورات فى تاريخ مصر.
ربما يكون أحد عجائب ثورة 1919 هو المشاركة الكبيرة لصعيد مصر فى الثورات، فما سر هذه المشاركة غير المسبوقة للصعيد فى الثورة؟
طبيعة الصعيد جامدة، ونشأته نشأه قبلية، وبالتالى فهم ينتصرون لزعيمهم أو كبيرهم وكان حمد الباسل يمثل أيقونة الصعيد فى هذه الفترة، وكان لنشاطه الاجتماعى والسياسى وعلاقاته المتعددة، ما جعل من قصره فى الفيوم قبلة لقيادات الصعيد، وما أن اشتعلت الثورة حتى هاج الصعيد بالكامل وانطلقت شرارة الثورة من الفيوم، بقيادة حمد باشا الباسل، الذى ألقى الاحتلال الإنجليزى القبض عليه، فى الأيام الأولى للثورة فكان ذلك هو شرارة الثورة ضد الإنجليز فى الفيوم، والصعيد كله، وانطلقت المظاهرات من ميدان قارون ثم ميدان السواقى بالفيوم، مطالبين بإنهاء الاحتلال، مما أسفر عن سقوط 400 شهيد، ومن هنا جاء اختيار يوم 15 مارس عيدا قوميا للفيوم، تخليدًا لهذا الحدث، واحتفاءً ووفاءً بدور حمد الباسل فى الثورة.
خلال أحداث الثورة ألقى الإنجليز القبض على حمد الباسل مرتين، وتم تقديمه للمحاكمة وصدر ضده حكم بالإعدام، فما التهم التى تم توجيهها له؟
بالفعل تم إلقاء القبض على حمد الباسل مرتين، الأولى كانت فى بدايات الثورة، وكانت التهمة هو الحض على الثورة ضد الإنجليز، وقضى حوالى شهر فى السجن، وخرج أكثر إصرارًا على الثورة، وبعدها تم إلقاء القبض عليه للمرة الثانية بتهمة تخريب الاقتصاد، لأنه شارك فى تأسيس حزب مصر، واتهموه أيضًا بالحض على كراهية الشركات الإنجليزية، حيث كان يدعو إلى مقاطعة كل المنتجات الإنجليزية، واتهموه أيضًا بأنه وراء إشعال الثورة المصرية فى الصعيد.. ووقتها تم القبض على 6 آخرين من قيادات الوفد، وهم جورج خياط وعلوى الجزار ومرقص حنا وواصف غالى ومراد الشريعى وقدموا جميعًا للمحاكمة، وخلال المحاكمات، قال «حمد الباسل» عبارته التى خلدها التاريخ، وهى «أنتم تحاكمونا (يقصد الإنجليز) ولكن ليس لكم الحق فى أن تحكمونا»، ولما صدر الحكم بإعدام السبعة، هتف «حمد» فى قاعة المحكمة بعبارة صارت الهتاف الأشهر لثورة 1919 فقال «نموت نموت، وتحيا مصر» ، ومن هنا أطلق الثوار على حمد الباسل وزملاؤه لقب «الأسود السبعة».
وكيف نجا الأسود السبعة من الإعدام؟
حكم الإعدام تم تخفيفه إلى السجن 7 سنوات، ثم تم تخفيفه مرة ثانية إلى غرامة 500 جنيه لكل منهم، وكان هذا مبلغًا كبيرًا وقتها.
دفع «حمد الباسل» ضريبة ثوريته بالسجن مرتين، فهل حالت قضبان السجن بينه وبين الثورة؟
أبدًا، فرغم سجنه ظل يتواصل مع الثوار، ويرسل إليهم رسائل وتعليمات، من خلال ابنته الكبرى «فاطمة» التى كانت تهرب رسائله من السجن إلى الثوار، بإخفائها وسط أوانى الطعام، ومن السجن أرسل «حمد» رسائل فى غاية الأهمية فى مقدمتها الرسالة الخاصة بالدعم المالى للقيادات الثورة.
وما هى هذه الرسالة؟
عندما تم نفى سعد زغلول ورفاقة. واجهت اسر قيادات الثورة أزمات مالية.. وووقتها كان «الباسل» نفسه سجينا، وكان غير مسموح لهم بإرسال رسائل للخارج، إلا بعد الموافقة عليها واراد حمد الباسل أن يرسل لشقيقة رساله يطلب منه إرسال مبالغ مالية لاسر قيادات الثورة، فكتب إلى شقيقة عبدالستار الباسل رسالة قال فيها «أخى عبدالرحمن الباسل، الديك يؤذن على الرحى».. بمعنى أن الديك لا يجد حبوبًا لكى
يأكلها، ولم يفهم الإنجليز مغزى الرسالة، فسمحوا له أن يرسلها لشقيقة ولكن عبدالستار الباسل فهم مغزاها وعرف أنها تعنى إرسال دعم مالى لثوار الوفد، فدبر «عبدالستار» مبلغًا ماليًا كبيرًا وأرسله لأسر قيادات الثورة.
يذكر التاريخ أن الثائر حمد الباسل احتلف مع الزعيم سعد زغلول وحدثت بينهما جفوه خلال أيام الثورة، فما السبب؟
حمد الباسل التقى سعد زعلول فى سن مبكرة وشارك بقوة فى الثورة من ساعتها الأولى، وكان الساعد اليمنى لسعد زغلول، وكانت قضيته الأولى هى مصر، ووقع الخلاف بينهما بسبب حب مصر، وكان «حمد الباسل» يؤمن بضرورة التفاوض مع الإنجليز للخروج بأكبر مكاسب ممكنة، ولكن سعد زغلول رفض التفاوض، فما كان من الباسل إلا أن ابتعد قليلاً عن سعد زغلول ولكنه لم يبتعد عن الثورة وظل يعطيها من روحه وماله.
وكيف عادت العلاقات بينهما مرة أخرى؟
قبيل النفى الثانى لسعد زغلول فى ديسمبر 1921، أرسل خطابًا إلى حمد الباسل، قال فيه «أخى حمد الباسل، الاتجاه الآن إلى اعتقالى ونفيى إلى خارج البلاد مرة أخرى.. أخى «حمد» الأمة ترفض التفاوض.. الأمة ترفض التدخل الأجنبى.. الأمة ترفض الشركات الأجنبية، عد إلى الوفد وتولى قيادته فهو مكانك».. وأزال هذا الخطاب كل أسباب الجفوة بين سعد وحمد وسارع الأخير
بالعودة إلى الوفد من جديد وقاد الحزب فى غياب زعيمه سعد زغلول وكان وكيلاً للحزب، واستطاع أن يترشح للبرلمان عام 1923.
عن دائر الفيوم (أبو جندير)، وظل حمد الباسل وكيلاً للبرلمان المصرى عامى 1924 و1925.
قلت إن «حمد الباسل» قدم للثورة الكثير فماذا أخذ منها؟
«حمد الباسل» أعطى ل«الوفد» عمره وجهده وحياته وماله ورجاله، ووهب حياته لاستقلال مصر ولهذا كان يردد «نموت نموت.. وتحيا مصر» وأخذ «الباسل» من الثورة حب المصريين، وحب القبائل العربية فى ليبيا والأردن والعراق، وكان يتوسط للصلح بين أى خلاف يقع بينهم.
ألقاب كثيرة أطلقها المؤرخون على حمد الباسل، فقالوا إنه الثائر، وإنه شيخ العرب، وإنه أحد الأسود السبعة، فما أقرب هذه الألقاب إليه؟
لقب البدوى الثائر هو اللقب الأكثر تعبيرًا.
لماذا؟
طبيعة البدو أن ينغلقوا على قبيلتهم وأسرهم، ولكن حمد الباسل لم ينغلق على قبيلته، ومارس السياسة بقوة وقاتل من أجل وطنه مصر، وقاتل أيضًا من أجل مساندة كل الثوار العرب، فاستضاف فى منزله الثائر الليبى عمر المختار وكثيرًا من أسر الثوار الليبيين، وخصص لهم 500 فدان لكى يعيشوا من ريعها، وامتدت علاقاته أيضًا إلى الأردن والعراق والشام، وكان وزير الزراعة فى السودان يستشيره أيضًا فى زراعات القطن، لأن حمد الباسل كان زارعًا بارعًا وثائرًا وطنيًا وقوميًا عروبيًا، ويسجل المؤرخون أن المملكة العربية السعودية عندما أرادت أن تفتح لها سفارة فى مصر فى عشرينات القرن الماضى، وبمجرد أن علم حمد الباسل بالحكاية أهدى قصره بجاردن سيتى للمملكة لكى يكون مقرًا لسفارتها فى القاهرة.
وكيف كانت وفاته؟
داهمه المرض عام 1938 فلزم بيته، ورغم مرضه، كانت الوفود تتوالى عليه لسؤاله فى كل القضايا السياسية والقبلية والزراعية ورحل عن الدنيا عام 1940.
وهل كتب مذكراته؟
للأسف لا.. ولكن مؤرخون كثيرون رصدوا دوره فى الثورة، وكتبوا حكاياته مع الثورة والثوار، وفى مقدمتهم عبدالرحمن الرافعى ومحمود عفيفى ومحمد على علوبة باشا والدكتور يونان لبيب رزق، والكاتبان الصحفيان الكبيران مصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل، وأيضًا قصة حياة حمد الباسل يتناقلها آل «الباسل» جيلاً بعد جيل.
وهل هناك من المؤرخين من ظلم الثائر «حمد الباسل»؟
للأسف تعرض «حمد الباسل» لظلم كبير فى مسلسل «دهشة» الذى تم عرضه فى رمضان قبل الماضى، وقام ببطولته الفنان يحيى الفخرانى، ورغم أن المسلسل مأخوذ عن قصة الملك لير، إلا أنه تضمن شخصية تحمل اسم «الباسل حمد» وكانت شخصية سلبية للغاية، وأبعد ما تكون عن حقيقة الثائر «حمد الباسل» وكدت أقاضى منتجى المسلسل وتواصلت مع الفنان يحيى الفخرانى فاعتذر عما حدث.
وماذا فعلت الدنيا بأحفاد حمد الباسل؟
حمد الباسل ترك ابنًا وحيدًا وهو محمد حمد الباسل و4 بنات تزوجن جميعًا من نفس العائلة، ومحمد أنجب المهندس أبوبكر الذى ظل عضوًا فى البرلمان منذ عام 1968 وحتى 2004 الذى أنجب ابنة وهى «رويدا الباسل» المتزوجة من المهندس عبدالحميد الدمرداش عضو مجلس النواب ورئيس المجلس التصديرى، وهناك أحفاد كثر لآل الباسل منهم الدكتور خالد الباسل أستاذ المناظير بمعهد الأورام، والمرحوم العميد محمود الباسل الذى رفض رشوة ضخمة لعصابة من المهربين وألقى القبض عليهم.
ويسجل التاريخ أن دنيا السياسة توارثها آل الباسل جيلاً بعد جيل، ولهذا كان لهم ممثل فى البرلمان منذ 1910 حتى عام 2012، وكانت البداية بحمد الباسل نفسه فى عام 1910 ووقتها صار وكيلاً للبرلمان نفسه، وخلفه فى البرلمان شقيقة عبدالستار الباسل، ثم عبدالقادر الباسل (زوج ابنة حمد الباسل) ثم صادق الباسل (شقيق زوجة حمد الباسل) ثم محمد أبوبكر حمد الباسل (حفيد حمد الباسل) الذى ظل عضوًا فى البرلمان من 1968 حتى 2004، ومن بعده كنت أنا عضوًا فى البرلمان حتى ثورة يناير، ورفضت الترشح فى برلمان الإخوان، ولكنى خضت انتخابات حزب الوفد مؤخرًا وفزت بعضوية الهيئة العليا لحزب الوفد.
الآن وبعد 100 سنة، هل بقى شىء من ثورة 1919؟
التفويض الذى منحه الشعب المصرى للقوات المسلحة عقب ثورة 2013 هو أحد بقايا ثورة 1919 فهى الثورة التى ابتدعت التفويض الشعبي.
وما الفارق بين ثورة 1919 وما تلاها من ثورات فى مصر؟
كلها حلقات بعضها من بعض، ولكن تبقى ثورة 1919 هى الأعظم لأنها ثورة شعب هب من القرى والنجوع والمدن وخرج بكل فئاته مطالبًا بالاستقلال، وربما أقرب ثورة مصرية لثورة 1919 هى ثورة 2013 التى حررت مصر من قبضة جماعة الإخوان الإرهابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.