تعتبر مصر ثانى دولة فى العالم بعد إنجلترا أدخلت السكك الحديدية إلى أرضها، وتعد خطوط السكك الحديدية المصرية أول خطوط يتم إنشاؤها فى أفريقيا والشرق الأوسط، حيث بدأ إنشاؤها فى خمسينيات القرن التاسع عشر وتحديدا يوم 12 يوليه عام 1851، وبدأ تشغيلها عام 1854. ورغم هذا تتصدر سكك حديد مصر ترتيب حوادث القطارات فى العالم، مثلما تتصدر حوادث السيارات نفس الترتيب، وتتعدد أسباب كوارث القطارات والنتيجة واحدة، موت مئات المواطنين على القضبان، ورغم تكرار نفس الحوادث بصورة مستمرة، إلا أن المسئولين عن قطاع النقل بشكل عام، وقطاع هيئة السكة الحديد بشكل خاص، يهملون ملف إصلاح السكة الحديد ويغضون الطرف عن عدم تطبيق اشتراطات الأمن والسلامة، بكل قطاعات السكة الحديد. وتعتبر الهيئة القومية لسكك حديد مصر من أكبر المؤسسات الاقتصادية فى مصر والعالم العربى، وهى الأكبر فى مجال خدمات النقل (الركاب والبضائع)، وتعتبر العمود الفقرى لنقل الركاب فى مصر، حيث يبلغ حجم نقل الركاب بالسكك الحديدية نحو 1,4 مليون راكب يوميا، ويبلغ نصيبها من نقل الركاب أكثر من 30% من إجمالى حجم النقل على المستوى القومي. وهيئة السكك الحديدية عضو عامل فى الاتحاد العربى للسكك الحديدية وفى لجنته الدائمة، وكذا فى اتحاد سكك حديد آسيا والشرقيين الأوسط والأدنى، كما أنها عضو عامل فى الاتحاد الغربى للسكك الحديدية، وتتابع المؤتمرات الدولية الدورية لهذه الاتحادات، وتشارك بأبحاثها واقتراحاتها بصفة مستمرة فيها وفى التجمعات الدولية المشابهة، سعيا إلى الاحتكاكات المفيدة مع غيرها من القطاعات المماثلة. وفيما يختص بنقل الركاب توفر الهيئة قطارات سريعة فاخرة بالدرجتين الأولى والثانية مكيفة الهواء (جميع الخطوط)، وقطارات توربينية فاخرة (خط القاهرة - الإسكندرية)، وقطارات نوم فاخرة (طوال العام للوجه القبلى، وصيفا من القاهرة إلى مرسى مطروح)، كما تيسر الهيئة قطارات الاكسبريس السريعة بالدرجات العادية والمختلطة، إلى جانب قطارات خطوط، ومناطق الضواحى بالدرجة الموحدة. وتمتلك مصر باعتبارها ثانى أقدم سكك حديد فى العالم خطوط حديدية بطول 9 آلاف و570 كم عبر 705 محطات ركاب و1330 مزلقانا و3500 آلاف عربة ركاب و10 آلاف عربة بضائع و800 جرار. وتقوم سكك حديد مصر بدور فعال فى خدمة نقل الركاب وتداول البضائع من وإلى جميع أنحاء الجمهورية، حيث يتم نقل الركاب فى اليوم الواحد من خلال 920 رحلة، و4,8 ملايين طن بضائع فى العام، وذلك يمثل فقط 1,2% من حجم البضائع التى تنقل فى مصر. كما تربط السكك الحديدية جميع الموانئ الرئيسية بوصلات حديدية تربطها بشبكة سكك حديد مصر، مع إنشاء السكك اللازمة لخدمة الأرصفة والاحواش الداخلية لكل منها. وتشير إحصائيات الهيئة القومية لسكك حديد مصر إلى نقل 500 مليون راكب سنوياً (حوالى 1.4 مليون راكب يومياً)، ولنقل البضائع: 6 ملايين طن سنوياً. ويجب الإشارة إلى أن السكك الحديدية فى مصر أُصيبت بحالة ضعف نتيجة سنواتٍ طويلة من الاستخدام المتواصل على كل الأصعدة، وبعد 50 عاما تقريبًا من الإهمال، شرعت القيادة السياسية، على مدار ال5 سنوات ماضية، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 2014، لتكثيف جهودها لتنفيذ خطة تطوير مرفق السكك الحديدية، من خلال خطة لرفع كفاءة البنية الأساسية وتطوير أنظمة الإشارات وشراء وصيانة جرارات جديدة وتطوير الخطوط والعربات، وذلك بهدف زيادة معدلات الأمان والارتقاء بمستوى الخدمة. ودفعت مصر بنحو 12 مليار جنيه لتحديث نظام الإشارات فى السكك الحديدية فقط، وضخت أكثر من 56 مليار جنيه لتطوير هذا المرفق. وقامت الدولة بتمويل الاستثمارات اللازمة لتحديث القطاع والارتقاء بمستواه، ورفع كفاءة الأداء، من خلال تحديث الإشارات وتطوير المزلقانات، وكذلك تطوير ودعم أسطول الوحدات المتحركة واستحداث قطارات جديدة، لتحقيق خدمة نقل متميزة، من أجل توفير عوامل الأمان فى مسيرة القطارات، وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين، ورفع معدلات الإنجاز فى نقل البضائع بما يشكل قوة دفع كبيرة فى جذب الاستثمارات وتنشيط المشروعات الاقتصادية الحيوية، ودفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفى أغسطس 2018، أعلن مجلس الوزراء، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، آنذاك، ووزير النقل السابق هشام عرفات، عن خطة تطوير لمنظومة السكك الحديدية ورفع كفاءتها، والتى تم إقرارها عام 2015، بتوجيهات من رئيس الجمهورية، وفق البرامج الزمنية الموضوعة، وكذا العمل على توفير الاعتمادات المالية لتلبية الاحتياجات المطلوبة لاستكمال الخطة المستهدفة. وأضافت هيئة السكة الحديد فى تقرير لها، أنه تم الانتهاء من الأعمال المدنية لعدد 595 مزلقانا أخرى مدرجة بخطة تطوير المزلقانات، وأنه يجرى تنفيذ أعمال ونظم التحكم فيها للعمل إلكترونيا بشكل كامل. بدأ العمل منذ 2015 فى 3 مشروعات ضخمة لتطوير أنظمة الإشارات ونظم الأمان تصل تكلفتها لنحو 6 مليارات جنيه استمرت ل4 سنوات طبقًا للتعاقد مع كبرى الشركات الأجنبية، فضلاً عن التعاقدات التى تمت بالفعل لشراء 200 جرار جديد وصيانة 181 جرارًا بتكلفة تبلغ 8 مليارات جنيه. وتعاقدت الهيئة على شراء 25 عربة قوة بتكلفة تصل إلى 360 مليون جنيه، فضلاً عن تطوير أنظمة التحكم الآلى بتكلفة تصل إلى 18 مليون يورو. وفى أواخر العام الماضى، أوضح الوزير السابق، أن الوزارة تعاقدت على استيراد قطع غيار بتكلفة مليار و120 مليون جنيه، لاستكمال تطوير عدد من مزلقانات السكك الحديدية، فضلاً عن خطة رفع مستوى الأمان على خط (القاهرة/ الإسكندرية/أسوان)، لافتًا إلى مراجعة قانون السكك الحديدية وتعديل اللوائح الخاصة بالجزاءات والمكافآت. وأكد «عرفات» فى ذلك الوقت أن إجمالى التكلفة المطلوبة للمشاريع المستهدفة حتى عام 2022 تصل لنحو 45 مليار جنيه، بخلاف تكلفة المشروعات الجارى تنفيذها حاليًا ضمن خطة الوزارة. وفى 2018، أعلن المهندس أشرف رسلان رئيس هيئة السكة الحديد، عن تخصيص 450 مليون جنيه لتطوير وإعادة تأهيل 200 عربة درجة ثالثة عادية، ضمن خطة إعادة وتحديث أسطول القطارات، بالإضافة إلى العربات الجديدة ال1300 التى تعتزم الهيئة شراءها. وفى نوفمبر من نفس العام، أكد وزير النقل السابق، أن إشارات السكة الحديد عفى عليها الزمن ولم تعد هناك قطع غيار لتطويره، لافتا إلى أن آخر تطوير لجزء منه كان فى الثمانينات، وأن إشارات السكة الحديد تشهد ثورة من خلال مشروعات تحديث نظم الإشارات بالهيئة واستبدال النظام القديم بنظام جديد. وأكد عرفات، أن الوزارة تعمل على تطوير نقل البضائع بالسكة الحديد لزيادة نصيبه من قطاع البضائع، كما تم تشغيل تطبيق لحجز تذاكر القطارات عبر الموبايل ضمن خطة ادخال التكنولوجيا وتطوير خدمات السكة الحديد. واتجهت مؤخراً إلى تبنى مشروع بناء خط حديدى كهربائى تسير عليه قطارات فائقة السرعة بين مصيف العين السخنة على البحر الأحمر وبدقة أكبر أكثر من مينائها القريب من مدينة السويس- ماراً بالمنطقة الاقتصادية الجديدة لقناة السويس- وبين مدينة الضبعة الجديدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط مع وصلة مباشرة إلى الإسكندرية والعلمين. ويمتد هذا الخط إلى مدينة وميناء دمياط ما يعنى أن الإسكندرية سترتبط لأول مرة بطريقة مباشرة بدمياط ومينائها البحرى الجديد بالسكك الحديد. كما يمر هذا الخط بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومناطق صناعية جديدة أخرى. وتسعى الدولة إلى ربط الموانئ المصرية الكبيرة ببعضها بطريقة مباشرة وبالشبكة الحديدية الحديثة مترامية الأطراف وتمتد من شبه جزيرة سيناء (التى ستشهد تطويراً صناعيا وزراعيا ضخمًا بغية تقليل استيراد المواد الغذائية من الخارج) بعد تحريرها من العصابات الإرهابية الممولة من الخارج حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط والحدود الليبية. وشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونظيره الصينى، فى سبتمبر التوقيع على عدد من الاتفاقيات للتعاون الاقتصادى والفنى بين البلدين، ضمت الاتفاقيات تنفيذ مشروع القطار الكهربائى للربط بين العاصمة الإدارية ومدينة العاشر من رمضان، بحيث يخدم المشروع 340 ألف راكب يوميًا، بتكلفة تصل إلى مليار و255 مليون دولار. ويتكون المشروع من 11 محطة، ويهدف إلى خدمة أهداف التنمية فى عدة مناطق سكنية وصناعية، وذلك من خلال الربط بين مدن السلام، والعبور، والمستقبل، والشروق، وبدر، والروبيكى، والعاشر من رمضان، كما يربط العاصمة الإدارية الجديدة بالعاشر من رمضان. وكان الجانب الصينى قد قدم للمشروع معونة بلغت 739 مليون دولار، تسدد على 20 سنة، بفترة سماح 5 سنوات، وفائدة 1.8، ليوفر القطار المكهرب 2.3 مليار جنيه سنويًا من بند دعم الوقود، بهدف تخفيف الضغط عن محور طريق الإسماعيلية. جهود مصرية غير عادية، تسعى إليها الدولة لإنقاذ السكة الحديدية، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يسعى للتوسع فى المشروعات القومية وعلى رأسها هذا المشروع، إلا أن ما زالت مصر فى حاجة إلى مزيد من الجهود لإنقاذها مما تعانيه، من خلال حلول سريعة، موجودة وتم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء فى فبراير عام 2014، عندما أعلنت عن المشروع القومى لتطويرها. وتشمل الخطط زيادة الاهتمام بالعنصر البشرى وتأهيله بالأسلوب المناسب لأداء واجبه فى جميع التخصصات، بدءًا من سائق القطار، مرورا بعامل المزلقان والتحويلة، والإدارى وخضوع هذه العناصر للتدريب والتأهيل للتعرف على مشكلات السكة الحديد والأمن والسلامة، ويتم العمل بالتوازى مع مشروعات الإصلاح، التى تتم فى كهربة الإشارات وتجديد خطوط السكة الحديد وشراء الجرارات والوحدات المتحركة.