بعد الحكم بعدم دستورية قانون العزل السياسي، وحل مجلس الشعب فإنني أتقدم بالتهنئة مقدما للفريق أحمد شفيق، فهو الرئيس القادم لمصر الثورة رغم أنه رمز الثورة المضادة. فوز شفيق بات شبه مؤكد بالنسبة لي على الأقل ليعود السجين حسني مبارك للحكم لكن بوجه أحمد شفيق. هذا ليس استباقا لحكم صندوق الانتخابات إنما هو استنتاج من قراءة سير الأحداث المتسارعة في الفترة الأخيرة وأبرزها أحكام الدستورية وهذا بالتبعية لابد أن يقود إلى هذه النتيجة حيث لم يعد هناك مجال لمزيد من حسن النوايا إنما هناك نوايا مسيسة تخطط وتهندس المشهد لشفيق وعودة النظام السابق لكن ببعض المكياج السياسي. أنحني للمجلس العسكري لذكائه النادر في إدارة الفترة الانتقالية بما يخدم كل أهدافه دون أن يفرط في هدف واحد منها بل إنه يجني أكثر مما يريده، فالحُكمان الأخيران للمحكمة الدستورية سجل بهما مزيدا من الأهداف الأول التخلص من مجلس الشعب، بأغلبيته الإسلامية وإزاحتها عن السلطة وإلقائها في الشارع بعد تراجع جماهيريتها وهي القوة الأساسية في الشارع التي يمكن أن تناوئه، والثاني تأكيد شرعية خوض شفيق لانتخابات الرئاسة حتى عندما يفوز - وهو الاحتمال الأغلب - يكون فوزا شرعيا غير مشكوك فيه أمام أي احتجاجات شعبية خصوصا مع استمرار محمد مرسي في المنافسة ليكون شفيق هو الواجهة فقط بينما المجلس العسكري هو من سيحكم البلاد فعليا وتكون الثورة قد انتهت بالفعل ، والهدف الثالث أن سلطة التشريع تعود إلى المجلس العسكري مرة أخرى ليصدر ما يشاء من إعلانات دستورية وقوانين، وفي المجمل يكون العسكري قد أحكم سيطرته التامة على السلطة وأصبح اللاعب الوحيد. كل هذه الأهداف تتحقق للعسكري بأحكام القضاء دون أن يلجأ إلى انقلاب مباشر بينما هو في الحقيقة يقوم منذ 11 فبراير بانقضاض ناعم وهادئ على الثورة، توج بحكم الدستورية الذي أطاح بالبرلمان وثبت شفيق. ظلت تساورني مخاوف من قيام المجلس العسكري بانقلاب مباشر في أي لحظة للاستحواذ على السلطة لكن هذه المخاوف تراجعت بعد أحداث محمد محمود، فقد كانت تلك الأحداث فرصة مواتية للعسكري مدعوما بشريحة واسعة من المصريين ممن تضرروا أمنيا واقتصاديا لإعلان الأحكام العرفية لكن حساباته كانت مبنية على أساس أن الانقلاب لن يكون مقبولا من الخارج ومن أحزاب وقوى الثورة التي رغم تشرذمها كانت مازالت قادرة على الحشد والتأثير فلجأ إلى استنزافها واللعب على انقساماتها وتناقضاتها وتلك القوى ساعدته بأخطائها بالاحتراب والتخوين وتبادل الاتهامات بين بعضها البعض، الثوار صنعوا ثورة عظيمة لكنهم لم يحافظوا عليها، قاموا وبأنفسهم بتمكين العسكري من أن يفعل بهم وبثورتهم ما يريد. العسكري لجأ أيضا إلى استنزاف جماعة الإخوان القوة الأكثر تنظيما حتى شيطنها ، والجماعة سهلت مهمته بالأخطاء التي ارتكبتها وجعلت القوى السياسية وقطاعات شعبية تخشى منها ولا تثق فيها. بنجاح باهر شيطن العسكري الثورة حتى كرهها جانب من المصريين، وشيطن الإخوان القوة الوحيدة القادرة على مواجهة فلول النظام القديم والحزب المنحل سياسيا وانتخابيا حتى انفض عنهم جانب من المصريين، وهنا عندما يفوز شفيق سيكون ذلك نتيجة طبيعية، ثم تأتي الخطوة التالية وهي إجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب ليقتنص الفلول المقاعد التي يتوقع أن يفقدها الإسلاميين، فهذه المقاعد لن تذهب للقوى والأحزاب الثورية المدنية ليخرج بذلك شركاء الثورة جميعا خاسرون. قبل ساعات من التصويت، أقول مبروك لشفيق. tmyal66@hotmail