ساعات معدودات تلك التى تفصل بيننا وبين رئيس مصر القادم فى إنتخابات حرة ، ساعات ونعود لطوابير الكرامة نختارفى جولة الإعادة من نحتكم فيه إلى ضميرنا وعقولنا ثم من تهواه أفئدتنا ، لاننكر أننا أصبحنا بين إختيارين إما الدولة الدينية وتعنى محمد مرسى أو الدولة المدنية وتعنى إختيار أحمد شفيق ، إنقسم المصريون بين مؤيد ومعارض وبالأمس لفت نظرى مشهد وأنا فى طريقى إلى مدينة نصر حيث قابلتنا حملة شفيق تهتف وتوزع على المارة وقائدى السيارات الصور والتى شيرتات ، طالعت الوجوه فإما مبتهجة ترفع إشارات النصر وآخرين يمدون أياديهم يلتقطون تلك الصور فيقومون بتمزيقها وإلقائها أرضا كنوع من التنفيس عن الغضب أو الرفض الكامن بالصدور ، دقائق معدودات لأواجه بحملة ( لا للفلول ) التى تطالب الجماهير بإبطال الصوت ، أما حملة مرسى فنعرف شعاراتها ، المصريون معروفون أنهم شعب متدين بالفطرة أقباطه ومسلميه ، لكننا يجب ان نعترف بأن لدينا أمية فكرية عقيمة ومناخا من التلوث ومشاكل عديدة جعلتنا نعيش فى ظلام دامس يثير فى النفوس الحقد الكراهية التى تضعف من ر وح الإنتماء والولاء لتراب هذا الوطن ، فلنذهب السبت صباحا نختار من سيقضى على الفساد المستشرى للأجهزة الإدارية ، يحل مشاكل غلاء الأسعار والتكدس المرورى والتسول وبلطجة الأرصفة وعشوائيات المبانى ، يضع حلولا جذرية لمشاكل التعليم والفقر والبطالة فنقضى على شيوع شهوة الإنتقام والتشفى والأخذ بالثأر التى إزدادت بشكل بات ينبئ عن خطر يداهم أمننا وسلامنا دون أدنى إحترام لحياة الآخرين فإحترام الحياة هو الأساس فى قيام الحضارة والقانون والعدالة ، فما الذى أصاب المصريين ؟ لهذه لأسباب مجتمعة أصبحت الأهداف شخصية والعزيمة واهنة ، فمصر يتملك أبناءها الآن الإحباط ،واللامبالاه عنوانها ، تباعدت وتنافرت القلوب ، تاهت خطواتهم وجفت أحلامهم وفوق الجباه حزن مرسوم سطرته ليالى القهر فى ظل الثلاثة عقود المنصرمة فى عهد الرئيس المخلوع ، نختار من يعيد لمصر الريادة فمصر على مدى التاريخ العريق إمتطت صهوة القيادة تملك زمام أمورها فأين نحن اليوم مما يحدث وهو مناقض تماما لما كنا عليه وما سر هذا التفاوت الكبير بين الأمس واليوم ؟ فإذا عدنا للتاريخ العظيم وتذكرنا كيف التف المصريون حول النبى يوسف (عليه السلام ) عندما كشف لمصر عن هدف جعلهم يجتمعون عليه لدفع خطر المجاعة عنه تحمس الشعب فقام يزرع ويحصد فتوحدت القلوب والأرواح وعندما جاء السيد المسيح عليه ( السلام ) توحد المصريون فى هدف قومى وعقائدى فآمنوا برسالته رغم ظلم وبطش الرومان ورأوا أن الخلاص فى الإيمان والوحدة وأصبح من الصعب على إمبراطوريات التاريخ القوية أن تخرجه عن عقيدته ، ثم جاء الفتح الإسلامى فآمنوا وتوحدوا على هدف قومى واحد هو الدفاع عن عقيدتهم ضد كل عدوان أجنبى عليها فقام الشعب المصرى بطرد الإستعمار الصليبى بقيادة صلاح الدين الأيوبى حينما استولى على الشام والمسجد الأقصى وباتوا يهددون أمن مصر، كما قهرت مصر أيضا أعتى الجيوش التى عرفها التاريخ حينما إختارت السلطان ( قطز ) قائدا استطاع أن يهزم جيش التتار الذى قهر وقتل بكل عنف وبقر البطون وأثار الرعب فى قلوب الشعوب التى خضعت له خوفا وذلا فالتف المصريون حول هدف قومى ليذودوا عن وطنهم رافضين الخنوع والإستسلام ، دافعوا بكل عزة وشمم فهزموا عدوهم ، إختارت مصر ( محمد على ) قائدا ووقفت إلى جواره حتى أصبحت أقوى الدول وعندما إستعد جيشها وأوشك على دخول الإستانة عاصمة الخلافة العثمانية وأكبر إمبراطورية لولا جيوش أوروبا التى إجتمعت وأحالت دون ذلك بوقوفها الى جوار الدولة العثمانية ضد الجيش المصرى ، نتذكر ونفخر بوقوف الشعب المصرى بجوار زعيمه سعد زغلول عندما تم نفيه وإذا بالمحتلين يرضخون لمطالب الشعب المصر على الإستقلال وعاد الزعيم من منفاه لتبدأ مفاوضات تنتهى بتصريح 28 فبراير وهو أول إعتراف رسمى بالإستقلال وتم وضع أول دستور مصرى ، حرب أكتوبر كانت مثالا رائعا على صلابة المصريين أكتوبر الذى أعاد لنا كرامتنا والآن نعيد بناء مصر جديدة نحتاج الى التوافق والتكاتف ، وأن نعلى مصر فوق الرؤوس فيتحقق الإستقرار بعد ثورة الميدان