«صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 4-6-2025 في مصر بعد ارتفاعه الكبير (آخر تحديث)    محافظ البنك المركزي يبحث مع رئيس البنك الصناعي والتجاري الصيني تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي    قمة مصرية إماراتية اليوم في أبو ظبي    أول مرة منذ 3 سنوات.. وزير دفاع أمريكا يتغيب عن اجتماع الناتو.. ما السبب؟    اليوم.. قمة مصرية إماراتية في أبو ظبي    إسرائيل: مراكز توزيع المساعدات في غزة ستغلق اليوم والطرق المؤدية إليها تعتبر مناطق قتال    انتظام لجان امتحانات الشهادة الإعدادية فى اخر ايامها بأسيوط    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    حالة الطقس اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    مجلس الأمن يصوت اليوم على قرار لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم وسط تحذيرات أوروبية من رد سريع    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    توافد الحجاج إلى"مشعر منى" لقضاء يوم التروية (فيديو)    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    النيابة تقرر حبس 5 متهمين بالتنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    «إنتوا هتجننونا».. خالد الغندور ينفعل على الهواء ويطالب بمنع زيزو من المشاركة مع الأهلي في المونديال    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «شعار ذهبي».. تقارير تكشف مفاجأة ل بطل كأس العالم للأندية 2025    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    مراجعة المخططات النهائية لأعمال تطوير محاور العاشر من رمضان    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    تامر حسني: «زعلان من اللي بيتدخل بيني وبين بسمة بوسيل ونفسي اطلعهم برة»    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التى فى خاطرى
نشر في اليوم السابع يوم 05 - 04 - 2011

فى بلد تخطت حضارتها سبعة آلاف عام.. استطاع أحمس أن يطرد الهكسوس بعجلاته الحربية؛ محققاً آنذاك أول إنجاز فى تطور الحروب عالميا، وبهذا تكون مصر قد أطلت برأسها على العالم كله من نافذة لا حدود لها.
ثم يقف العالم كله أمام عجائب الأهرام عاجزين عما صنعه المصريون، وقدرتهم الفنية والمعمارية التى تجلت فى عظمة مسجد السلطان حسن وغيره.. وفى كرسى القداسة بالكرازة المرقسية بالعباسية الذى مازال تحفة فنية منذ أكثر من 1500 عام.. إن عظمة المصريين فى تاريخهم الذى لديه معطيات بأن هذه الأرض بها خصوبة قادرة على إنبات النسيج الطيب والقادر على اجتياز المحن مهما كانت العقبات.. والمتأمل لتاريخ مصر لا يتعذر عليه إدراك الترابط الاجتماعى بين أبناء شعبها، ويلمس بوضوح الوشائج القوية التى تنظم نسيج مجتمعها، مما جعلها عقبة كؤوداً أمام كل من يحاول النيل من وحدة هذا النسيج الاجتماعى.. وإذا كانت مصر قد شهدت فى مهد تاريخها ملامح التوحيد – زمن أخناتون – وجذور العقيدة؛ فإنها – فى الوقت ذاته – كانت متفيئاً ظليلاً للعقائد السماوية التى انتشرت على أرضها، ونعمت بوجود وزيارة عدد من الأنبياء (عليهم السلام) فحق لها أن تكون مهد الأديان والأنبياء.. وما أن تم التبشير بالمسيحية حتى اعتنقها عدد كبير من المصريين.. ولما بعث محمد صلى الله وسلم بادر بإرسال حاطب بن أبى بلتعة عام 6 ه 627 م على رأس وفد إلى المقوقس – حاكم مصر (قيرس) الذى أحسن الاستقبال، وأهدى الوفد "ماريا" القبطية وشقيقتها "سيرين"، وبعض الهدايا الأخرى، فتزوج النبى الكريم من ماريا التى أنجبت له إبراهيم وزوج سيرين إلى الصحابى الشاعر حسان بن ثابت الذى أحب مصر بلداً وشعباً فى أشعاره.. وبضدها تتميز الأشياء، إذ إن شعب الغساسنة وملوكهم لم يحسنوا استقبال وفد رسول الله الكريم، بل وقتلوا رسول رسول الله (الحارث بن عمير الأزدى).. ذلك مؤشراً طيباً جعل النبى صلى الله عليه وسلم يبشر بأن مصر ستفتح، وأن أهلها خير أجناد الأرض؛ وأن للعرب فيهم خؤولة وصهراً.. وهذا مبعث التأكد للوحدة المشتركة، حتى فى مواجهة عدو واحد هو اليهود، وقد حرص قداسة البابا شنودة الثالث على تأكيد هذه الروح المشتركة بمقاطعة زيارة الأماكن المقدسة فى فلسطين المحتلة حتى تتحرر من أيدى الصهاينة، وتعود إلى المسلمين والمسيحيين كما تؤكد ذلك الكتب السماوية.. ومصر هى بلد الأمن والأمان منذ بدء الخليقة، فحينما جاءت المسيحية إليها فى وقت مبكر، جاءت العائلة المقدسة إلى مصر هربا من غطرسة اليهود ومليكهم فى فلسطين.. ولم تمضِ سنوات عشر على وفاة النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى أقدم عمر بن الخطاب على فتح مصر، وكان قائد الفاتحين آنذاك عمرو بن العاص.. وللتاريخ هنا وقفة، حيث تؤكد المصادر التاريخية على حسن استقبال أهل مصر للفاتحين، وهذا ما أفصح عنه الأسقف يوحنا النقيوسى فى كتابه "تاريخ مصر" الذى يعد رؤية قبطية للفتح الإسلامى لمصر.. كما تشير المصادر إلى أن المصريين لم تكن لهم – فى ذلك الوقت - أية مشاركة فى حكم بلادهم، أو أى حقوق مدنية، وحرموا من الاشتراك فى الجيش، بل وخضعت لغتهم لجبروت وقهر اللغة اليونانية التى صارت هى اللغة الرسمية بمصر منذ عصر البطالمة حتى الفتح الإسلامى.. وقد استسلم المصريون للظلم – فى غالب الأحيان تحت وطأة القهر والبطش.. ثم سرعان ما استراح المصريون فى ظل الحكم الإسلامى من الاضطهاد الدينى الذى عاشوه فى ظل الإمبراطورية الرومانية، وتمتعوا بالحرية الدينية، وأمنوا على أنفسهم وممتلكاتهم وكنائسهم.. وفى ظل هذه الحرية الدينية والتعايش السلمى تنفس الجميع الصعداء وشاركوا فى صنع القرار، وأحسوا بعمق الانتماء والوطنية.. وعلى الرغم من أن الفاتحين كانوا قلة إذا ما قورنوا بأبناء الوطن المتواجدين، إلا أنه مع مضى الوقت ومرور الزمن حدث اندماج بين هؤلاء وأولئك، وامتزجت مشاعرهم بحكم القرابة والمودة المؤكدة بقوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون".. وكما ذكر بالكتاب المقدس فى سفر أشعياء النبى "مبارك شعبى مصر"، فتمخضت عبر هذه القرون عن هذا النسيج المتلاحم من عنصرى الأمة، فربما لا يعرف كثيرون من الناس إن كانت جذورهم زمن الفتح من أولئك العرب الفاتحين، أم أجدادهم من أقباط مصر، وعليه فإننا نؤكد أن وجود الشعب أسبق من دخول الأديان، فالشعب المصرى ضارب بجذوره فى الانتماء لهذه الأرض الطيبة، ثم اعتنق المسيحية حينما وفدت إليه – كما أشرنا قبل – واعتنق بعضهم الإسلام حينما وفد إليه مع الفتح الإسلامى.. وتكاد تشير المصادر إلى ما يؤكد وحدة اللٌحمة المصرية ووحدة مصير شعبها فى مواجهة أعدائهم.. حيث لم يهرع مسيحيو مصر إلى الوقوف إلى جانب أبناء ملتهم من الغزاة الذين اتخذوا الصليب شعاراً لهم لاستمالة الكثيرين، تنبه مسيحيو مصر إلى ذلك، ووقفوا إلى جانب أشقائهم من أبناء الشعب ولم يقفوا إلى الغزاة.. وغلبت وطنيتهم كثيراً على شىء من عواطفهم.. ومن ثم نجح الشعب المصرى كله فى التصدى لهؤلاء وغيرهم من المغول إلى أن قيض الله له النصر على اليهود فى حرب أكتوبر المجيد – وامتزجت دماء الشعب كله بقياداته العسكرية دون فصل بين عنصرى الأمة، الكل يضحى بروحه من أجل وطنه الذى تفيأ ظلاله وتربى تحت شمسه، وتغذى بخيراته منذ فجر التاريخ إلى الآن.. وعلا اسم القائد فؤاد عزيز غالى إلى جانب إخوانه من قادة معركة التحرير.. وإذا وثبنا على درج سنوات تاريخنا لنصل إلى عصرنا الحديث، نجد القلوب قد اجتمعت والتفت مؤازرة الدكتور بطرس غالى ليكون أميناً عاماً للأمم المتحدة فى العقد الأخير من القرن الماضى.. وبوصوله إلى هذا المنصب عمت الفرحة الشعب المصرى بأكمله.. وخلاصة القول بأن الشعب المصرى عاش على أرض واحدة شاءت الأقدار ألا تكون هناك أية حواجز طبيعية بين جميع أبنائه شمالاً أو جنوباً.. شرقاً أو غرباً، فالكل يلتف حول النيل لا تفصل بينهم حواجز.. الشعب المصرى تعامل بروح واحدة أمام ما يفد إليه من عقائد فيعتنق من شاء ما شاء له أن يعتنق دون إكراه، سواء حينما دخلت المسيحية مصر، أو حينما دخل الإسلام.. الذى أكد حرية العقيدة، ومنح أبناء الشعب كله حرية الأديان فى ظل تعايش سلمى وأمن ورخاء.. الشعب المصرى توحد فى كل مواقفه فى الأفراح والأتراح.. والعادات والتقاليد، لا تستطيع أن تميز بين مصريين لا بأسمائهم ولا بألوانهم ولا بأزيائهم، عاداتهم فى الأفراح واحدة، وتقاليدهم فى المآتم واحدة، التزاور بين الجميع سمت دائم تحكمه تقاليد الجوار، ووشائج المودة التى أكدها التاريخ.. الشعب المصرى متوحد فى تقرير مصيره، وفى صنع قراره الجميع يشترك – فى ظل الديمقراطية الممنوحة – فى صنع القرار ومؤسسات الحكم، فى دور العلم وكافة مؤسسات الدولة، وتمثيلها الخارجى وسلطاتها التشريعية والقضائية والتنفيذية.. وإن أى مساس يتأتى من خلال عبث العابثين أو هرطقة بعض المغرضين، لن يجد له مساراً، ولن يشق وحدة الجسد المصرى، وهو عبث سيذهب إدراج الرياح، وكم.. وكم من محاولات تحاول النيل من هذه الوحدة لكون مصر رائدة فى منطقتها، والظن بأن النيل منها سيؤذن بانهيار المنطقة كلها لكن بفضل الله عز وجل، ثم بيقظة شعب مصر وحكامه ؛ لن ينال أحد من المغرضين هدفه.. وهيهات.. هيهات لما يحلمون والله غالب على أمره.. وهو بما تعملون بصير.
اللهم أدم على مصر وحدتها، وقوى عزائم أبنائها، واشدد من أزرهم.. لتظل مصر خير بقاع الأرض، ولتظل أمناً وأماناً لكل زائريها تصديقا لقوله تعالى "أدخلوا مصر إن شاء الله أمنين"، وليظل أهلها خير أجناد الأرض إنك نعم المولى ونعم النصير.
نقيب المحامين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.