إعادة التفكير في منهجية التقنيات والتطبيقات، مؤتمر بعلاج طبيعي بني سويف    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي يستكمل جلسات مناقشة مشروع قانون العمل    موعد انعقاد لجنة قيد الصحفيين تحت التمرين    منها اثنتان محملتان ب 96 ألف طن قمح.. ميناء دمياط يستقبل 10 سفن    رئيس دفاع النواب يطالب وزير الصحة بتأجيل تطبيق زيادة رسوم تذاكر المستشفيات    وزارة الإسكان تخطط لإنشاء شركة بالشراكة مع القطاع الخاص لتنشيط الإيجارات    توريد 244 ألف طن منذ بدء موسم حصاد القمح بمحافظة المنيا    هيئة موانئ البحر الأحمر تكشف حصيلة تداول البضائع خلال أبريل الماضي    مصر والصين تبحثان التعاون في توطين صناعة النقل    حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية الدوليين للقطاع الخاص فى مصر    «الشعب الديمقراطي»: مصر وقفت سدا منيعا أمام تصفية القضية الفلسطينية    الدفاعات الجوية الأوكرانية تسقط 37 طائرة مسيرة روسية    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    جولة الحسم| من يظفر بلقب البريميرليج.. مانشستر سيتي أم آرسنال؟    مديرية تموين دمياط تشن حملات مكثفة لضبط الأسواق    موعد انتهاء الموجة الحارة في مايو .. وبداية فصل الصيف    الجوازات والهجرة تواصل تسهيل خدماتها للمواطنين    18 صورة لنجوم الفن في حفل "المرأة في السينما" بمهرجان كان السينمائي    رئيس المرصد الأورومتوسطى: وثقنا تدمير الاحتلال 70% من المنشآت المدنية فى غزة    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    دراما الشحاذين.. كوميديا سوداء تبحث عن النور في المهرجان الختامي لنوادي المسرح 31    يعرض في عيد الأضحى.. كواليس تصوير فيلم "اللعب مع العيال"    احتفالات متنوعة لقصور الثقافة بالجيزة في اليوم العالمي للمتاحف    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير الصحة للنواب: المريض لن يتحمل أي أعباء بقانون المنشآت الصحية    كيفية خفض درجة حرارة جسمك في فصل الصيف    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    توقيع الكشف الطبي على 1531 حالة خلال قافلة طبية بقرية في مركز ملوى بالمنيا    أكبر مدن أمريكا تفتقد إلى الأمان .. 264 ألف قضية و4 آلاف اعتداء جسدى ضد النساء    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل صديقهما لسرقته شقة أحدهما بحدائق القبة ل11 يونيو    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    أسعار البقوليات اليوم الأحد 19-5-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    بعثة الأهلي تغادر تونس في رحلة العودة للقاهرة بعد التعادل مع الترجي    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليمان جودة يكتب:غباء (جماعة)
نشر في الوفد يوم 10 - 06 - 2012


[سليمان جودة يكتب:غباء (جماعة)]
سليمان جودة
كان الرئيس السادات، قد أطلق عبارة شهيرة على خصومه السياسيين، في بدايات عهده، وهي عبارة راح يرددها كثيرا، فيما بعد، ليدلل بها، طول الوقت، على مدى تواضع القدرات العقلية للذين كانوا ينافسونه على الحكم، بعد رحيل عبد الناصر.
الغريب، أن العبارة ذاتها، تصلح اليوم، للتعبير بدقة، على نحو ما، عن وضع جماعة الإخوان المسلمين، في حياتنا العامة، في القاهرة، منذ حصلت من خلال حزب الحرية والعدالة الذي يمثل ذراعها السياسية، على 47 في المائة من إجمالي مقاعد البرلمان الحالي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. فالجماعة تملك أغلبية نسبية في البرلمان، ولا تملك أغلبية مطلقة، ومع ذلك، فإنها تتصرف في كل لحظة، على أنها لا شريك لها في البرلمان، وأنها تملك جميع مقاعده، ومن حقها، بالتالي، أن تحكم، وتشرِّع، وتفعل ما تشاء دون ضابط، ولا قيد، ولا مراعاة لأصول، أو قواعد.
وإذا كنا نقول هنا، إن «الجماعة» فعلت «كذا» ولم تفعل «كذا» دون أن نفرِّق بينها، كجماعة دعوية من ناحية، وبين الحزب السياسي الذي خرج من باطنها، من ناحية أخرى، فإن ذلك راجع إليها هي، وليس إلى الذين يتحدثون عن الكيانين باعتبارهما كيانا واحدا، إذ المعروف أن أصواتا بلا حصر، كانت قد خرجت، ولا تزال، لتطالب بحل الجماعة، واندماجها في الحزب، لنكون أمام حزب سياسي شأنه شأن باقي الأحزاب، فيجري عليه ما يجري على تلك الأحزاب، ولكن نداءات هذه الأصوات، قد ذهبت دون جدوى، فلا تزال الجماعة كما هي، كما كانت أيام الرئيس السابق حسني مبارك، ولا تزال تخلط الدين بالسياسة، ولا يزال المتابعون للشأن العام عاجزين عن التفرقة بين الحزب في جانب، والجماعة في جانب آخر.
في كل الأحوال، يمكن رصد ثلاثة مآخذ أساسية، تُحسب على الجماعة، وليس لها.. ويكفي كل مأخذ منها، بمفرده، لأن يجعل عبارة السادات إياها، منطبقة تماما على الجماعة وقياداتها.
الأول، أن الجماعة راحت تكيد لحكومة الدكتور كمال الجنزوري، منذ يومها الأول، وإذا كانت هذه الحكومة قد قضت حتى الآن، نحو ستة أشهر في الحكم، دون أن تحقق ما كانت تريد أن تحققه، فإن السبب الأول في ذلك، يعود إلى نوع من التحرش الدائم كان البرلمان يمارسه معها، من خلال حزب الحرية والعدالة، ولو أن أحدا راح يراجع هذه السلسلة من التحرشات التي مورست بشكل دائم، مع الحكومة، فسوف يلاحظ أنه كان تحرشا من أجل التحرش في حد ذاته.. وإلا.. فماذا يعني أن يظل البرلمان، من خلال أغلبيته النسبية، يهدد طول الوقت، بأنه سوف يسحب الثقة من الحكومة، ثم لا يسحبها، وما معنى أن يظل يضغط من أجل إقالة الحكومة دون هدف واضح، فلما أدخل المجلس العسكري الحاكم، تعديلا وزاريا محدودا للغاية، على الحكومة، تراجعت الضغوط واختفت، وكأن الهدف كان مجرد إحراج الحكومة، وتعطيلها، ووضع العقبات في طريقها.. لا أكثر.. وربما لهذا السبب، ضج المصريون، من هذه اللعبة العبثية المكشوفة، مع الحكومة، لأن المواطنين أنفسهم، هم الذين دفعوا ثمن هذه اللعبة، في صورة تعطيل مصالحهم، و«وقف حالهم» على مدى الأشهر الستة، التي هي كل عُمر البرلمان والحكومة معا!
هذا عن المأخذ الأول.. أما الثاني، فهو يتصل باللجنة التأسيسية التي سوف تكتب دستور مصر فيما بعد الثورة، إذ رغم أن القضاء الإداري حكم ببطلان تشكيل اللجنة من بين أعضاء البرلمان، فإن الجماعة كانت ولا تزال مصممة، على أن أغلبيتها النسبية في البرلمان تعطيها الحق في أن تتحكم في اللجنة، وتنفرد بها، وتضع بالتالي دستور البلد، على غير ما يعرفه العالم كله، من أن الدساتير توضع بإجماع الأمم، وليس بأغلبية برلمانية فيها.
يتصرف الإخوان المسلمون، بوعي، أو عن غير وعي، بالطريقة ذاتها التي كان الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة يتصرف بها، بما جعل كثيرين يقولون، عن صدق، إننا اليوم نجد أنفسنا أمام حزب وطني جديد، ولكنه ب«لحية» هذه المرة!
عطلت الجماعة، إذن، أعمال الحكومة، وراحت في الوقت ذاته، تعطل تشكيل اللجنة التأسيسية، لدرجة أن المجلس العسكري لما ضاق ذرعا بهذا التعطيل المتواصل، والمتعمد، أعطاهم فرصة أخيرة المفروض أنها انتهت صباح الخميس الماضي، فبعدها، سوف يجد «العسكري» كما لوَّح مهددا، أنه مضطر لتشكيل اللجنة من جانبه هو، وبمبادرة منه هو، دون انتظار أحد.
وكانت انتخابات الرئاسة، هي المأخذ الثالث الأهم، على الجماعة، لأنها كانت قد وعدت، منذ وقت مبكر، بأنها لن يكون لها مرشح في الرئاسة، وقد صدقها الناس وقتها.. ولماذا لا يصدقونها؟!.. أليست جماعة تؤكد في كل ساعة، أنها تعمل وفق ما قال الله تعالي، وما قال رسوله الكريم؟!.. لقد فوجئنا بها تدفع بمرشح، في اللحظة الأخيرة، ولا تكتفي بذلك، وإنما تشم رائحة عن أن مرشحها ربما يخرج من السباق، لأسباب قانونية، فتدفع بمرشح احتياطي، هو الذي يخوض الانتخابات الآن فعلا!
من قبل، كانت قد قالت إنها سوف تنافس على 35 أو 40 في المائة فقط من مقاعد البرلمان، فإذا بها أيضا، وقت الجد، تنقض وعدها، علانية، وتنافس على 100 في المائة.. ومن قبل كانت قد فصلت الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لأنه أعلن أنه سوف يرشح نفسه للرئاسة، بما يعني أنه خرج على مبادئها المعلنة، التي تقضي بعدم الترشح، فإذا بالجماعة نفسها، هي التي تخرج على مبادئها، وتدوس فوقها، دون أن تلتفت إلى أنها وعدت الناس، ثم تنصلت من وعودها، وأن هؤلاء الناس يراقبون ما يحدث، ليكون لهم رأي في النهاية!
وقد جاء هذا الرأي ليتجسد في مجمل الأصوات التي حصل عليها مرشح الجماعة في انتخابات الرئاسة، مقارنة بأصواتها في انتخابات البرلمان، فمرشحوها في البرلمان حصلوا على 10 ملايين صوت، بينما حصل مرشحها الرئاسي على 5 ملايين صوت، بما يعني أنها خسرت 50 في المائة من مصداقيتها لدى المصريين، في ستة أشهر!
كان خصوم السادات، في بدايات أيامه، قد أرادوا أن يحرجوه فقدموا استقالات جماعية إليه، فقبلها هو في الحال، ثم راح في مناسبات لاحقة يقول إن هؤلاء الخصوم يجب أن يخضعوا للمحاكمة بتهمة الغباء السياسي.. وكان يزيد فكرته شرحا فيقول ما معناه، إنه كان يبحث دون أمل عن وسيلة يتخلص بها من هؤلاء الخصوم، فإذا بهم هم أنفسهم يقدمون له الوسيلة على طبق من ذهب، وإذا بهم كما قال هو، يربطون أنفسهم بحبل، ثم يعطونه طرف الحبل، فيشده ليسقطوا جميعا، في لحظة!
الشيء نفسه، ارتكبه الإخوان في حق أنفسهم، مع الرأي العام، تارة، ومع سائر القوى السياسية، تارة أخرى.. والشيء المدهش أنهم لم يربطوا أنفسهم بالحبل مرة، وإنما ثلاث مرات!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.