عمرو الجارحي أميناً للخطة والموازنة بحزب الجبهة الوطنية    وزير التموين يؤكد أهمية تطوير منافذ «العامة لتجارة الجملة» لضمان استدامة الإمدادات    وزير السياحة يطلق منصة إلكترونية مجانية لتدريب العاملين.. ومبادرة لاحتواء غير المتخصصين بالقطاع    محافظ أسوان يتابع جهود رصف الطرق للحد من الحوادث    ارتفاع المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.3% ليغلق أعلى مستوى عند 34500 نقطة    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    زعيما تايلاند وكمبوديا يلتقيان في ماليزيا    المغرب.. إخماد حريق بواحة نخيل في إقليم زاكورة    حماس: خطة الاحتلال بشأن الإنزال الجوي إدارة للتجويع لا لإنهائه وتمثل جريمة حرب    المستشار الألماني يجري مجددا اتصالا هاتفيا مع نتنياهو ويطالب بوقف إطلاق النار في غزة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية جنوب نابلس.. وتطلق قنابل صوت تجاه الفلسطينيين    النصر السعودي يحسم صفقة نجم تشيلسي    مباراة الأهلي والزمالك فى الجولة التاسعة من الموسم الجديد للدوري    6 مباريات خارج القاهرة.. تعرف على مشوار الأهلي في بطولة الدوري    تحديد موعد مباراتي المنتخب ضد إثيوبيا وبوركينا فاسو    بورسعيد تودع "السمعة" أشهر مشجعي النادي المصري في جنازة مهيبة.. فيديو    جنايات الإسكندرية تُصدر حكم الإعدام بحق محامي المعمورة بعد إدانته بقتل 3 أشخاص    درجات الحرارة تزيد على 45.. توقعات حالة الطقس غدا الاثنين 28 يوليو 2025 في مصر    "تعليم أسوان" يعلن قائمة أوائل الدبلومات الفنية.. صور    الداخلية تضبط 254 قضية مخدرات فى القاهرة والجيزة    بسبب هزار مع طفل.. تفاصيل الاعتداء على شاب بسلاح أبيض في بولاق الدكرور    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش" لسماع أقوال الشهود    أحمد جمال يروج لحفله وخطيبته فرح الموجي: لأول مرة يجمعنا مهرجان واحد    نجوى كرم تتألق في حفلها بإسطنبول.. وتستعد لمهرجان قرطاج الدولي    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان الدورة العاشرة لمعرض الإسكندرية للكتاب.. غدًا    الثلاثاء.. سهرة غنائية لريهام عبدالحكيم وشباب الموسيقى العربية باستاد الإسكندرية الدولي    رانيا فريد شوقي تحيي ذكرى والدها: الأب الحنين ما بيروحش بيفضل جوه الروح    وزير الصحة يعتمد حركة مديري ووكلاء مديريات الشئون الصحية بالمحافظات لعام 2025    7 عادات صباحية تُسرّع فقدان الوزن    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    بمشاركة 4 جامعات.. انطلاق مؤتمر "اختر كليتك" بالبحيرة - صور    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    الدكتور أسامة قابيل: دعاء النبي في الحر تربية إيمانية تذكّرنا بالآخرة    أمين الفتوى: النذر لا يسقط ويجب الوفاء به متى تيسر الحال أو تُخرَج كفارته    "دفاع النواب": حركة الداخلية ضخت دماء جديدة لمواكبة التحديات    بالصور- معاون محافظ أسوان يتابع تجهيزات مقار لجان انتخابات مجلس الشيوخ    15.6 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" حتى الآن؟    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    تنسيق الجامعات 2025، تعرف على أهم التخصصات الدراسية بجامعة مصر للمعلوماتية الأهلية    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر.. والإدعاء بحِلِّه تضليل وفتح لأبواب الانحراف    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبشرون باللجنة
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 04 - 2012

ترشيح جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية كان قنبلة شديدة الانفجار سوف تتردد أصداؤها ليس فقط فى آفاق السباق الرئاسى وإنما داخل الجماعة ذاتها أيضاً، وسينكشف خلال أيام، بل ربما ساعات، لغز تحضيرها إذا ما كان قد تم باتفاق مع المجلس العسكرى أم كان فى مبارزة معه.. لكن القنبلة مهما باغتت العديدين إلا أنها لم تكن مفاجئة للبعض تماماً.. كانت المقدمات قد بدأت بواكيرها عندما استخدموا سلاح التكفير فى استفتاء 19 مارس، ثم أخذت ملامحها تتضح عندما تراجع الإخوان عن موقفهم فى قصر ترشحهم على 30٪ فقط من مقاعد البرلمان فإذا بهم يدفعون بمرشحين على 70٪ من المقاعد، ثم استبانت المعالم عندما عدلوا عن تأييدهم لحكومة الجنزورى فإذا بهم يرفضون بيانها ويبهدلون وزراءها وينادون بإسقاطها، لكن الخطة انكشفت تماماً عندما قرروا التهام اللجنة التأسيسية للدستور التى كانوا قد وعدوا بأن تشكيلها سوف يتم بالتوافق.
النظر بإمعان فى تشكيل اللجنة يبين لنا كيف مضى الإخوان فى تنفيذ خطتهم للاستئثار بالبرلمان، ثم الاستيلاء على اللجنة، تمهيداً لفرض مشروع دستورهم سابق التجهيز، والانقضاض فى الوقت ذاته على الحكم ليس فقط من خلال حكومة يلتهم الإخوان معظم مناصبها ويلقون ببعض الفتات كالعادة للغير، لكن أيضاً بالتهام منصب الرئاسة ذاته، وبذلك يكون قد تم اختطاف الثورة، بل فرض وصايتهم كاملة على الوطن.
لنتوقف قليلاً عند اللجنة المكلفة بوضع الدستور، آخر خطوات الإخوان التى بشرت بترشيح «الشاطر».. كما هو معروف، فإن اللجنة مشكلة من مائة عضو اختارهم أعضاء مجلسى الشعب والشورى، نصفهم أعضاء فى البرلمان والنصف الآخر منتخب من خارجه.. هنا أول الإشكالات، إذ إن القاعدة الراسخة هى أن الدستور يصنع البرلمان (وغيره من السلطات) لا أن يصنع البرلمان الدستور.. هنا تضارب فى المصالح، إذ الأرجح أن ينحاز أعضاء البرلمان، خاصة ممثلى الأغلبية بينهم، إلى دولة برلمانية فى حين قد يكون الأنسب لمصر فى المرحلة الراهنة أن تكون الدولة رئاسية.. ثم، كيف لأعضاء الشعب والشورى أن يقرروا ما إذا كان نصف الأعضاء فى البرلمان الذى سيقرره الدستور الجديد من العمال والفلاحين أم لا، فى حين أن عديدين منهم أنفسهم عمال وفلاحون؟.. وكيف لأعضاء الشورى فى اللجنة التأسيسية أن يفصلوا فيما إذا كان مجلس الشورى سيلغى أم سيبقى؟
إجابات هذه الأسئلة الشائكة لا تحتاج سوى إلى المنطق، لكن هناك مسألتين آخريين تحتاجان إلى خبرة قانونية، بل أيضاً إلى حكم قضائى.. الأولى هى أن البرلمان ذاته الذى شكل اللجنة التأسيسية للدستور مهدد بالبطلان، حيث ميز الحزبيين عن المستقلين، فاختصهم بثلثى المقاعد فى القوائم إضافة إلى مشاركتهم المستقلين فى الثلث الذى انتخب بالنظام الفردى، وهو الأمر الذى تنظره الآن المحكمة الدستورية العليا.. أما المسألة الثانية فهى أن بعض الفقهاء الدستوريين يرون أن تشكيل اللجنة التأسيسية مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستورى، التى تنص على أن يجتمع مجلسا الشعب والشورى لانتخاب اللجنة - أى انتخاب آخرين لا انتخاب أنفسهم، وقد رفعت بهذا الشأن قضية ينظرها الآن مجلس الدولة.. أى طعنة سوف تصيب مصداقية البرلمان لو أفتى مجلس الدولة ببطلان قراره بتشكيل اللجنة التأسيسية، وأى فوضى سوف تحدث إذا أفتت المحكمة الدستورية ببطلان البرلمان ذاته؟!
لم يلتفت البرلمان إلى شىء من هذا، لكنه سارع لاهثاً إلى تشكيل اللجنة التى منحه الإعلان الدستورى 6 أشهر كاملة لتشكيلها، فاستولت الأغلبية البرلمانية على ثلثى مقاعد الأعضاء فى المجلسين وعلى أكثر من ثلث مقاعد الأعضاء الذين انتخبوا من خارج البرلمان.. بين هؤلاء رفيق حبيب، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، وعبدالرحمن البر، عضو مكتب إرشاد الإخوان، ونادر بكار، المتحدث باسم حزب النور السلفى، والمفكر الإسلامى محمد عمارة، وأسامة إبراهيم السيد، عضو الإخوان، ومحمد يسرى إبراهيم، المرشح السلفى الذى خسر الانتخابات فى مدينة نصر، وثلاثة من نقباء النقابات المهنية ممن خاضوا انتخاباتهم على لوائح الإخوان، وهم نقيب المهندسين ونقيب الصيادلة ونقيب الصحفيين (أى أن 60٪ ممن تم انتخابهم من النقابات يتبعون الإخوان)، وهناك أيضاً د. معبد الجارحى، أستاذ الاقتصاد المقرب من الإخوان، وحينما تم اختيار ممثل عن المصريين فى الخارج كان أمين عام اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، فى حين لا يمكن لأحد أن يزعم أن غالبية المصريين المغتربين ينتمون إلى تيار الإسلام السياسى.. أما الطالب الوحيد فى اللجنة فهو من طلاب الإخوان، فى حين ترددت أنباء أن الطالبة الوحيدة تمت بصلة قرابة لأحد أعضاء مكتب إرشاد الجماعة.. تلك كانت مقومات العضوية فى معظم الحالات: إما أن تكون من صلب الجماعة، أو على صلة بها، أو أن تكون محل رضاها.. أما إذا لم تكن واحداً من هؤلاء فلست من المبشرين باللجنة.
اهتزت موازين الاختيار، ونسف معيار الكفاءة، وساد منطق الشلة، ودخلت اللجنة شخصيات مجهولة، وغاب أعلام مثل د.محمد غنيم و«هيكل» و«البرادعى» ود.حامد عمار والشيخ القرضاوى ود. ميلاد حنا ود. عبدالجليل مصطفى وأحمد رشدى، وزير الداخلية الأسبق، والشيخ حافظ سلامة ود. أحمد جويلى وغيرهم.. وأُقصى عن اللجنة فقهاء دستوريون كبار مثل إبراهيم درويش وثروت بدوى وجابر نصار ويحيى الجمل ومحمد نور فرحات (فى اللجنة عضو واحد من أساتذة القانون الدستورى).. ولم يزد عدد القضاة الأعضاء على 8 (ليس بينهم نهى الزينى ولا زكريا عبدالعزيز ولا أحمد مكى).. والنقابات المهنية لم يمثلها سوى خمسة أعضاء، وسيناء غير ممثلة، والنوبة هى الأخرى مستبعدة، دعك من أن الأزهر تم تمثيله بعضو أما الكنائس المسيحية فلم تمثل رسمياً بأحد.. هناك 6 أعضاء من المسيحيين ليس أكثر، وهناك 6 نساء فقط يمثلن المرأة التى تشكل نصف المجتمع، والتى تقدمت الصفوف مع الرجال يوم 25 يناير (اعترضت 17 منظمة نسوية على التشكيل).. أما الشباب فقد تم تجاهلهم كما جرت العادة، ومثلوا بعضو واحد فقط لم يكن مستبعداً أن يكون الدكتور أحمد حرارة ليدغدغ الإخوان باختياره مشاعر الثوار حتى إن كانت ظروفه الصحية لا تسمح بمشاركة فعالة.
لهذا انسحب نحو ربع أعضاء اللجنة، وبينهم ممثلو الأزهر والمحكمة الدستورية وأحزاب المصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار والكرامة والتجمع وتحالف الثورة مستمرة، وهددت بالانسحاب نقابة الصحفيين، وانتقدت عدة هيئات تشكيل اللجنة بضراوة، بينها اتحاد العمال والغرف السياحية، وأعلنت الطرق الصوفية أنها تراجع موقفها.. لكن احتجاج البعض لم يكن قاطعاً، وغادر آخرون تاركين الباب موارباً وجعجع عديدون أمام الميكروفونات فى حين صمتوا وراء الأبواب، وهُرعت قامات تستنجد بالمجلس العسكرى واستدعى «العسكرى» أحزاباً ورموزاً ألقى فيهم خطباً عصماء لكنه اكتفى بترقيع فى خطة الإخوان لا يحل ولا يربط، ربما ليشجع الإخوان - فى خطة بلهاء - على التمادى بحيث يرشحون واحداً منهم للرئاسة يفتت أصوات المرشحين الإسلاميين.
هكذا مضى الإخوان فى نهمهم يزدادون غروراً واستعلاءً ولا يأبهون بأحد.. وكانت الخطوة الأخيرة التى ذكرتنا بعهد الاستبداد والفساد عندما قنص حزبه الوطنى كل السلطات وولى مناصب الدولة لرجال الأعمال.. ها هو صوت آخر من حيتان الأعمال الكبار يُرشَّح لأعلى منصب فى الدولة.. خيرت الشاطر الذى شطر ترشيحه الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.