بعد براءة المتهمين في جرائم القتل واتهام الشهداء بأنهم هم «قتلة أنفسهم» واتهام المصابين و«المفقوءة أعينهم» بأنهم هم المسئولون عن أنفسهم، وبعد ضياع الحقائق وحرق مستندات الأدلة وإعدامها وإتلاف ال c.d التسجيل الدال علي إعطاء التعليمات والأوامر بالقتل وبعد صدور الأحكام الهلامية اللينة ضد القتلة والمجرمين الحقيقيين، واختفاء سلاح الجريمة بعد أن تبين أن عدد الشهداء الذين قتلوا رمياً بالرصاص أو بغيره، كل ذلك تم بأربعة أسلحة فقط، واختفت كافة الأحراز واختفت كل الأدلة، فهناك رأس مدبر، أما القائمون علي التنفيذ، فهم براءة! وبذلك لا يوجد أمامنا أي مجرم نحاكمه غير «اللهو الخفي» الذي طاردنا ولا يزال يطاردنا الذي أمهل الجميع الوقت الكافي لإخفاء كل أدلة الجريمة ليضع قضاءنا النزيه في «خانة اليك» أو «يحبسه» في «لعبة شطرنج» فلا يجد أمامه مخرجاً غير أدلة مهلهلة لا يمكن الاستناد عليها أو إعلان الأحكام مستنداً عليها، لك الله يا مصر حسبنا الله ونعم الوكيل. اليوم.. وبعد صدور أحكام البراءة في محاكمة القرن لا يصرخ أهالي الشهداء فقط، ولكن الشهداء أنفسهم يستصرخونا، يستنجدون من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، من قتل هؤلاء؟.. من هو «ابن المخفي» الذي لا نريد أن نعلن اسمه، لكن الأمور أصبحت قاب قوسين أو أدني أن يعلن اسم هذا الملعون الذي استشعر شباب الثورة خطورته، فخرجوا في مظاهرات عديدة يطالبونه بالرحيل؟ ولكن يجب أن نعترف بأننا أغبياء، فكيف لم نتوقع مثل هذه الأحكام وكل يوم تصدر أحكام البراءات لضباط وقتلة في «السويس» و«بورسعيد» و«الشرابية» و«الجيزة» و«البحيرة».. كان يجب أن نعرف أن كل هذه مؤشرات هادفة، بل أسنة رماح توجه لصدر القضية ولصدر القضاء النزيه الذي لم يجد أمامه سوي آلاف الأوراق ال 60 ألف ورقة التي لا تحمل معها دليل إدانة واحداً.. فكان عليهم أن يستغرقوا كل هذه الأيام والليالي والشهور.. حتي يصدروا حكمهم الذي كان رد فعله خروج ثورة أخري أعنف من الثورة الأولي. أعتقد أنها لن تنطفئ أبداً، قبل أن تعاد تلك الأحكام وتظهر الحقائق ويبرأ المتهمون خطأ ويتم القصاص من القتلة الحقيقيين الذين حصدوا أحكام القضاء اليوم بكل بساطة.. وكأنها وعود تجري وتنفذ علي أكمل وجه.. من يقول هذا.. القضاء كلمة الله في الأرض، اليوم، تسقط كل الأقنعة، اليوم تنتحر العدالة، اليوم.. وكما سمعت علي لسان أحد المستشارين «اليوم.. كفر الناس بالعدالة».. وأستغفر الله العظيم. إن دماء الشهداء لا تزال تغسل شوارع مصر، تغسل عار الذل، لقد استيقظ الشهداء اليوم أرسلت أرواحهم لتشاركنا الكارثة السوداء التي يعيشها الشعب المصري.. إن أرواح الشهداء ترفرف فوق رؤوس الملايين بميدان التحرير وبكل ميادين التحرير في مصر بكل محافظاتها.. فلم يتركوا بعد قضيتهم! اليوم جنازة حقيقية للديمقراطية وللحرية.. اليوم هو الرعب الحقيقي بعد أن أظلمت سماء العدالة سحابة سوداء لا نهاية لها، اليوم نبكي جميعاً الشهداء وكأنهم قتلوا اليوم.. اليوم أبكيك يا مصر.. اليوم لا رئيس ولا مرشح يصلح لهذا المكان.. وأي رئيس يريد أن يحصل علي كرسي الرئاسة يجب أن ينتقم لمصر والمصريين.. يجب أن يشفي صدور أمهات الشهداء وأهاليهم.. يجب أن يعدل الميزان.. هذا حق مصر الحقيقي ومن يستحق أن ينال شرف كرسي الرئاسة؟.. وكفانا لعيبة «الاحتياطي».. وكفانا أسماء وهمية.. وكأن مصر أصبحت عاقراً.. وفقدت القدرة علي إنجاب رئيس مصري من أب وأم مصريين.. لا كلمات أخري.. فقد جفت دموعي وأنا أكتب كلمات لا تشفي صدري وحزني علي ما آل إليه حالنا.. لك الله يا مصر. ميرفت السيد