تتسلم مصر اليوم رئاسة الاتحاد الافريقي خلفاً لرواندا خلال أعمال القمة الثانية والثلاثين للاتحاد التي تٌعقد علي مدار يومين بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا ، وذلك في لحظة تاريخية تعود فيها مصر لقيادة العمل الأفريقي المشترك لأول مرة منذ عام 26 عاما. ويشهد جدول أعمال القمة عددا من القضايا والموضوعات التي تهم الشعوب الأفريقية، وذلك تحت محوري التنمية والسلم والأمن، فضلاً عن الارتقاء بآليات تنفيذ عملية الإصلاح المؤسسي والهيكلي للاتحاد الأفريقي. ويناقش ، الزعماء الافارقة خلال القمة ، موضوعات التنمية المستدامة في إطار أجندة التنمية الأفريقية 2063، وأبرزها مسألة التكامل والاندماج الإقليمي من خلال تطوير البنية التحتية القارية ومشروعات الربط القاري، ومتابعة جهود تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، وتعظيم التنسيق مع مؤسسات التمويل الدولية والشركاء الاستراتيجيين للقارة من الدول والمنظمات لحشد التمويل والدعم اللازمين للجهود التنموية في أفريقيا، ودفع المساعي القائمة لطرح حلول مبتكرة للتغلب على التأثير السلبي لظاهرة تغير المناخ، بالإضافة إلى بعض الموضوعات ذات الصلة بالصحة والتعليم والابتكار وتوطين التكنولوجيا. كما يبحث الزعماء آخر التطورات على صعيد أبرز بؤر النزاعات في أفريقيا، والمساعي القارية الحثيثة لتسويتها وتعزيز أطر الدبلوماسية الوقائية بالقارة من خلال اتخاذ تدابير عملية لتطبيق مبادرة إسكات البنادق في أفريقيا بحلول عام 2020، وكذلك جهود إعادة إحياء السياسة الأفريقية لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، بالإضافة إلى أنشطة مكافحة آفة الإرهاب والتطرف بالدول الأفريقية. ويلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي ، عقب تسلمه مهام رئاسة الاتحاد الافريقى من الرئيس المنتهية ولايته الرئيس الرواندي بول كاجامي ، كلمة يستعرض خلالها رؤية مصر حول أولويات القارة خلال عام تولى الرئاسة المصرية للاتحاد الافريقى. ويؤكد السيسي - في كلمته – علي ضروة دفع جهود التنمية في القارة الأفريقية وإيجاد حلول عملية لكافة المشكلات والتحديات على أرض الواقع ، وذلك اعتمادا علي التقارب الكبير الذي حدث بين مصر والدول الافريقية في السنوات الاخيرة ، والخبرات الضخمة التي تتمتع بها مصر في مجالات متعددة ، وبخاصة في القطاعات الساسية والاقتصادية والتجارية والصحية والبيئية والاتنموية والاجتماعية ويشير الرئيس ، في كلمته ، إلي أن أولويات الرئاسة المصرية خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقي، تنطلق من أجندة عمل الاتحاد الحالية، وآليات ومبادرات العمل الجماعي المتفق عليها في إطار الاتحاد الأفريقي، لا سيما أجندة التنمية في أفريقيا 2063، ومختلف مبادرات التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي وتعزيز التجارة البينية بالقارة، وآليات منع وتسوية النزاعات الأفريقية، وعملية الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي. كما يشدد الرئيس علي اهمية توسيع دائرة التعاون مع الدول الأفريقية الأشقاء ومد جسور التواصل الحضاري مع كافة شعوبها، وكذلك تفعيل القوى المصرية الناعمة بالقارة والانخراط بفاعلية في صياغة وتطوير مبادئ وآليات العمل الأفريقي المشترك تحقيقاً للمنفعة لجميع الدول الأفريقية فيما يتعلق بالقضايا المحورية التي تمسها، خاصةً الملفات التنموية وملفات صون السلم والأمن في أفريقيا. كما يُعلن السيسي استعداد مصر لتسخير إمكاناتها وخبراتها لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك لآفاق أرحب وحرصها على تحقيق مردود ملموس من واقع الاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الأفريقية، خاصةً من خلال خلق حالة من التوافق حول المهددات الرئيسية للسلم والأمن، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وقيادة مسار التنمية المستدامة بالقارة، ونقل التجارب والخبرات الفنية المصرية من خلال تكثيف الدورات والمنح التدريبية المختلفة للأشقاء الأفارقة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرسخ الدور المصري المحوري في أفريقيا بما لديها من أدوات مؤثرة وخبرات فاعلة ورؤى متوازنة. ويؤكد السيسي ، في كلمته ايضاً ، علي إن مصر تضع نصب أعينها كأولوية متقدمة للغاية دفع الاندماج الاقتصادى الأفريقى بما يعنى الاندماج بين الأسواق الأفريقية الأقل حجما في إطار التجمعات الاقتصادية الإقليمية عبر التركيز على مضمار البنية التحتية على اعتبار أنه ما لم تتحسن شبكة البنية التحتية الرابطة للبلدان الأفريقية . وعلي هامش اعمال القمة ، يعقد الرئيس السيسى، اليوم ايضا قمة ثلاثية مع كل من رئيس وزراء إثيوبيا أبى أحمد والرئيس السودانى عمر البشير لمناقشة أهم القضايا المطروحة على جدول أعمال الدورة 32 للاتحاد الافريقى. ويبحث الزعماء الثلاثة تطورات الأوضاع فى القارة وجهود إحلال السلم والأمن ومكافحة الارهاب وحل النزاعات الحالية فى عدد من دول القارة ، فضلا عن استعراض تطورات المفاوضات الجارية فى إطار اللجنة الوطنية الثلاثية حول سد النهضة، فى إطار مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول الثلاثة والمنفعة المشتركة لشعوب دول حوض النيل. كما يستعرض السيسي والبشير وأبي احمد نتائج الاجتماعات التى عقدها وزراء الخارجية والرى من الدول الثلاثة واللجنة الوطنية الثلاثية ، فضلا عن بحث سبل تعزيز التعاون بينها ومستجدات تفعيل الصندوق الاستثمارى المشترك بين الدول الثلاثة لتمويل مشروعات البنية التحتية. وكان الرئيس السيسي قد استهل زيارته لأديس ابابا بلقاء قمة مع «فيلكس تشيسيكيدي» رئيس الكونغو الديمقراطية الجديد، وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ان هذه القمة تأتي في إطار العلاقات القوية والممتدة بين مصر والكنغو والتي يعكسها بوضوح مواقف الكنغو الداعمة لمصر في ملف حوض النيل، مشيرا الي زيارة الوفد الرئاسي الكونغولي الأخيرة للقاهرة والتي أكد خلالها السيسي أن مصر ستظل صديقاً داعماً لجمهورية الكونغو الديمقراطية الشقيقة، وستعمل من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي وكذا في إطار التعاون الثنائي القائم على مساندة الشعب الكونغولي سياسياً وتنموياً خلال المرحلة الهامة القادمة للحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه. واضاف «راضي» ان السيسي أعرب ايضا عن تطلع مصر لأن تكون التطورات الجارية في الكونغو الديمقراطية مقدمة للحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وهو الأمر البالغ الأهمية لدفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من الموارد الغنية والقدرات البشرية التي تمتلكها، و حرص مصر على الاستمرار في توظيف إمكاناتها لدعم الكونغو الديمقراطية في المجالات التنموية والفنية المختلفة، وذلك بالتوازي مع دفع مستوى العلاقات السياسية بين البلدين. كما التقي السيسي مع انطونيو جوتيريش الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة ، وأكد السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ، أهمية هذا اللقاء في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، والتي ستستدعي مزيدَا من التنسيق والتعاون بين مصر كرئيس للاتحاد والمنظمة الدولية الكبرى في العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك والتي تشهد بالفعل تعاونا حقيقيا ومتواصلا في ظل الدور المحوري للقاهرة لإحلال الأمن والسلم العالمي.