هل نص المادة(98) من الدستور المعطل الخاصة بالأفكار والآراء تحصن البرلمانيين ضد القذف والسب؟، هل أجاز الدستور أو القانون لأعضاء مجلس الشعب قذف أو سب الشخصيات العامة(قاض، وزير، صحفى، مهندس، مدير شركة ..) أو الشخصيات الاعتبارية(مؤسسة، هيئة، شركة ..) خلال مناقشاتهم بالمجلس؟، هل يحق للنواب استخدام ألفاظ خارجة على الآداب العامة تهين أو تسيء إلى كرامة أو سمعة أشخاص تناقش موضوعات تمسهم؟، هل الحصانة البرلمانية تعطى الأعضاء حرية قذف وسب الآخرين؟، هل للنواب حق القذف والسب داخل البرلمان وخارجه؟، هل يجوز تطبيق مواد القذف والسب على البرلمانيين فى حالة تجاوزهم خلال مناقشات برلمانية؟. يعتقد أعضاء مجلس الشعب أن الدستور حصنهم ضد قضايا القذف والسب، وأن مواده أعطتهم الحق فى استخدام الألفاظ والكلمات التي تعن له خلال المناقشات البرلمانية، حيث يرون أن المادة(98) نصت على عدم مؤاخذتهم: «لا يؤاخذ أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه». حتى أن بعضهم يتمادى فى تجاوزاته اعتمادا على نص المادة(99) من الدستور المعطل، والمادة(45) من الإعلان الدستورى، والتى تحصنه من اتخاذ الإجراءات القانونية ضده سوى فى حالة التلبس»: لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس. وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس. ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء». والذي يعود إلى نص المادة 98 سوف يكتشف أن المشرع تحدث عن الأفكار والآراء وليس عن الكلمات والأوصاف التي قد تسيء للآخرين، حيث تعطيه المادة حرية إبداء رأيه والتعبير عن أفكاره دون أية قيود أو مخاوف، ولم تعطه حق القذف أو السب أو السخرية من الآخرين، كما أن الأصل فى المناقشة هو الموضوع وليس الأشخاص، وما يدعم تفسيرنا هذا نص المادة(284) من لائحة مجلس الشعب، والتى اشترطت المحافظة على كرامة وهيبة المؤسسات والأشخاص: «يجب على المتكلم التعبير عن رأيه ووجهة نظره، مع المحافظة على كرامة وهيبة المؤسسات الدستورية بالدولة، وكرامة المجلس وكرامة رئيس وأعضاء المجلس، كما يجب على المتكلم ألا يكرر أقواله ولا أقوال غيره، ولا يجوز له ان يخرج عن الموضوع المطروح للبحث، ولا ان يأتي بصفة عامة أمرا مخلا بالنظام والوقار الواجب للجلسة». المدهش أن بعض البرلمانيين يعتقدون أن(98) والمادة(99) من الدستور المعطل والمادة(45) من الإعلان الدستوري، تمنحه حصانة داخل البرلمان وخارجه، وأنه له أن يدلى بآرائه في أي مكان بكل حرية مستخدما أي ألفاظ أو أوصاف دون محاسبة، وهذا الاعتقاد الخاطئ عن جهل أو عدم فهم هو الذي شجع بعض أعضاء البرلمان الحالي للتجاوز فى كلماتهم إلى حد القذف والسب تحت قبة البرلمان وخارجه، وأصبح من الطبيعي أن نسمع بعض البرلمانيين يقذفون الغير فى البرلمان أو فى الفضائيات أو المؤتمرات أو فى الصحف، على سبيل المثال ما سمعناه من بعض البرلمانيين من اتهامات للقضاة بتلقي رشاوى فى قضايا مخدرات، وما سمعناه من أن القاضي الذى حكم فى قضية الرئيس مبارك قد حصل على أراض على سبيل الرشوة، وغيرها من الاتهامات التي وجهت تحت قبة البرلمان على مرأى ومسمع العالم أجمع إلى هيئة المحكمة التي قضت فى قضية القرن، مثل أن الحكم صدر بناء على تعليمات من المجلس العسكري، أو لإعادة إنتاج النظام الفاسد، أو أن الحكم أملى عليهم بالتليفون، أو أن الحكم صدر لمساندة المرشح المنافس لمرشح جماعة الإخوان. المؤسف فى هذا أن مجلس الشعب قد خصص جلسة لانتهاك حرمة السلطة القضائية، وأتاح المجال أمام الأعضاء لقذف القضاة وسبهم ونهش سمعتهم وتاريخهم، والأمر لا يتوقف على القضاة وحدهم فقد سبق ورشق البرلمانيون الحكومة وبعض الشخصيات بالألفاظ تحت دعوى حق البرلمان فى المناقشة، والطريف في هذا السيرك أن الإعلان الدستوري الذي يحكم الفترة الحالية لم يضم بين مواده المادة(98) الخاصة بالأفكار والآراء، كما أن المادة(99) لا تحصن البرلماني من قضايا القذف داخل البرلمان أو خارجه.