رأت صحيفة "جارديان" البريطانية ان التدخل الاجنبى الخارجى فى سوريا لا يعنى سوى مزيد من اراقة الدماء. وقالت الصحيفة فى مقال للكاتب "سيوماس ميلين" ان الولاياتالمتحدة وحلفاءها فى الخليج يغذون الصراع الطائفى فى سوريا فى حرب بالوكالة مع عدوهم المشترك، ايران. واوضحت الصحيفة انه فى الوقت الذى تنزلق فيه سوريا بعمق نحو الحرب الاهلية، تتصاعد الدعوات فى الغرب للتدخل العسكرى هناك. فقد اعلن الجنرال "مارتن ديمبسى" رئيس الاركان الامريكى الاسبوع الماضى، ان الولاياتالمتحدة جاهزة للتدخل العسكرى ، اذا طلب منها ذلك ، فى الوقت نفسه طالب المرشح الجمهورى لانتخابات الرئاسة الامريكية "ميت رومنى " الحكومة الامريكية بتسليح المعارضة السورية . التدخل بعيدا عن الاممالمتحدة ورغم تأكيد روسيا والصين مجددا ، على معارضتهما تغيير نظام الرئيس السورى "بشار الاسد" بالقوة ، ودعمهما لخطة المبعوث الاممى " كوفى عنان " للسلام فى سوريا ، الا ان "سوزان رايس " المندوبة الامريكية فى الاممالمتحدة اعلنت بوضوح ان القوى الغربية يمكن ان تتصرف بشكل فردى ، وتتخذ اجراء بعيدا عن سلطة الاممالمتحدة ، ويأتى ذلك بعد ايام قليلة من تصريحات الرئيس الفرنسى الجديد "فرانسوا هولاند" والتى قال فيها ان العمل العسكرى ضد سوريا ليس مستبعدا. واضافت الصحيفة ان مجزرة "الحولة" فى حمص التى وقعت منذ ايام وراح ضحيتها 118 شخصا منهم 49 طفلا، كانت نقطة تحول فى النزاع فى سوريا ، فقد القت جماعات المعارضة والناشطيين السوريين بالمسئولية على "الشبيحة" وهى الميليشيات الموالية للحكومة، فى حين القت الحكومة بالمسئولية على ارهابين من تنظيم القاعدة ، وايا كان الفاعل ، فأن عمليات القتل والتفجيرات المتواصلة فى سوريا ، تجعل من الطبيعى ، التحرك الفعال لوقف مثل هذه الافعال امرا حتميا ، وهذا ما حدث فى كوسوفو قبل 13 عاما ، عندما ادت عمليات القتل المتواصلة فى مدينة " راتشاك "الى تدخل حلف شمال الاطلنطى " الناتو " بعيدا عن سلطة الاممالمتحدة . ومع ذلك لا تزال الولاياتالمتحدة ترفض مطالب التدخل العسكرى فى سوريا ، الا ان " هيلارى كلينتون " وزيرة الخارجية الامريكية اعلنت مؤخرا، ان ضرورة التدخل العسكرى تزداد يوما بعد يوم ، فى الوقت نفسه اعلنت المعارضة السورية انها فى حل من اى التزام بخطة المبعوث الدولى "كوفى عنان". امريكا والخليج يشعلون الازمة واشارت الصحيفة الى انه فى حقيقة الامر ، التدخل في سوريا من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها قد بدأ بالفعل. فقد أيدت القوى الغربية ،المعارضة السورية المنقسمة، وعلى رأسها المجلس الوطني ، منذ الأيام الأولى للانتفاضة في العام الماضي ، كما كثفت الأنظمة الاستبدادية فى الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية، من تدفق الاسلحة والاموال لرعاية الجماعات المتمردة فى سوريا في الأشهر الأخيرة، في حين أن تركيا تحولت الى قاعدة عبر الحدود، للمعارضة ، وذلك بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة، التي تمد الجماعات نفسها بالمساعدات اللوجستية ومعدات الاتصالات. امريكا لا ترغب فى نجاح عنان وبمعنى آخر فأن الولاياتالمتحدة وحلفاءها فى الخليج يرعون تغيير النظام السورى ، عبر اشعال الحرب الاهلية . وقالت الصحيفة انه رغم تشدق الغرب بخطة "عنان" للسلام ، الا انهم يعلمون تماما ، انها لن تنجح . والنتيجة على ارض الواقع واضحة ، فقد انفخص معدل عمليات العنف القاتل ، حسبما رصدت جماعات حقوق الانسان ، بنسبة 36% منذ ان دخلت خطة "عنان" حيز التنفيذ ، فى الوقت نفسه زادت خسائر النظام والحكومة فى نفس الفترة بشكل كبير ، حتى ان عدد القتلى بين صفوف القوات الحكومية ارتفع الى 935 قتيلا منذ منتصف مارس ، حيث اعلنت المعارضة انها قتلت 80 جنديا حكوميا فى عملية واحدة الاسبوع الماضى . اعلام السعودية وقطر واذا كانت التقارير التى تبثها وسائل الاعلام الغربية والعربية التابعة للخليج ، تصور الاحداث فى سوريا على انها انتقاضة شعبية ضد نظام استبدادى ، فأن ذلك جانب واحد من الحقيقة ، فالحكومة السورية لا زالت متماسكة وتتمتع بدعم قوى ، والمعارضة تزداد تسليحا وضراوة ، خصوصا فى ظل الدعم التى تحصل عليه من عناصر اجنبية وجماعات مدعومة من الخارج ، تبنى استراتيجيتها على اساس ان التدخل الخارجى هو سبيلها للوصول الى الحكم . اشعال الفتنة الطائفية لاحتلال العراق واكدت الصحيفة ان الحكومة السورية التى تنتمى الى الطائفة العلوية الشيعية ، تستمد قوتها من دعم الاقليات العرقية والدينية المتخوفة من هيمنة السنة فى البلاد . وقالت ان الولاياتالمتحدة استغلت الصراع السنى الشيعى، لاحتلال العراق ، حيث لعبت الولاياتالمتحدة بلا هوادة على الوتر الطائفي لمنع نشوء مقاومة وطنية حقيقية ، كما استخدم هذا الكارت سكينا في قلب الثورة العربية ، حيث بنت السعودية استراتيجيتها لمنع الانتفاضات التي تجتاح المنطقة من الوصول الى أنظمة الخليج، على اساس التخويف من المد الشيعى وذلك بمساعدة امريكا. السعودية والمد الشيعى واضافت الصحيفة ان السعودية تستخدم فزاعة المد الشيعى للتغطية على عدم القيام باصلاحات حقيقية داخل المملكة، وفى سبيل ذلك ساعدت البحرين فى حربها ضد المعارضة الشيعية وتزود المعارضة السورية بالسلاح والمال ، ونجحت المملكة فى ان تكون الحرب ضد الشيعة بعيدا عن اراضيها ، حييث ساعدت فى تدفق عناصر القاعدة والمتطوعين السنة الى دمشق للقيام بحرب بالوكالة ضد الشيعة هناك، ومع تصاعد القتال الطائفى ، يمكن ان تنجرف سوريا ولبنان الى حرب كارثية لا تعرف نهايتها . تفجير المنطقة وختمت الصحيفة انه فى ظل الوضع المعقد فى سوريا وعلاقتها الوطيدة بايران وحزب الله اللبنانى الشيعى ، فأن التدخل العسكرى فى هذا البلد ليس بالامر اليسير ، حيث انه سيفجر المنطقة باثرها ويشعل حربا شاملة قد تطول العديد من البلدان ، لأن ايران لن تسمح بهزيمة سوريا وحزب الله ، لأن ذلك يغنى ببساطة عدم وجود موطىء قدم لها فى المنطقة ، وتفقد بالتالى نقطة قوة لتهديد اسرائيل . وقالت الصحيفة ان التحالف الايرانى السورى هو احد الاسباب الرئيسية التى تجعل التدخل الغربى العسكرى فى المنطقة، هو اشعال للصراع وليس انهاء للأزمة ، وستكون النتيجة عدد كبير من القتلى يفوق اضعاف اضعاف الذين سقطوا فى مجزرة "الحولة"، ولا يمكن بأى حال من الاحوال مقارنة سوريا ب ليبيا ، حيث المدن المكدسة بالسكان فى سوريا ، فضلا عن قدرات الجيش السورى الجوية والبرية ، اضافة الى الانقسامات الطائفية ، ورأت الصحيقة ان السبيل الوحيد هو حدوث انقلاب داخلى فى سوريا، او تدعيم خطة "عنان" من قبل امريكا وحلفائها الخليجيين بدلا من اشعال الحرب ، وان تمارس ايرانوروسيا مزيدا من الضغوط على "الاسد " من اجل التوصل لحل سياسى للازمة فى سوريا.