بعد تحذير صدر عن محمد حسنين هيكل وأغضب الإخوان المسلمين، عندما قال إن إجراء انتخابات الرئاسة المصرية قبل صياغة الدستور الجديد، يشبه الزواج دون عقد، توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار أول رئيس للجمهورية عن طريق الانتخابات الحقيقية. والمرشحون للرئاسة هم ثلاثة عشر، لكن كثافة التصويت تتركز على خمسة: عبدالمنعم أبو الفتوح، ومحمد مرسي، وعمرو موسى، وحمدين صباحي، وأحمد شفيق. وسواء كانت تحذيرات هيكل قد أطلقت للتعبير عن شكوكه في سلامة الانتخابات، أو للتهكم على عجز السلطة في مصر وخاصة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم عن تحديد المراحل الدستورية بدقة، تبقى انتخابات الرئاسة التي بدأت صباح أمس وتستمر حتى مساء اليوم، فرصة شعبية لم يألفها المصريون بعد عقود من المسرحيات الانتخابية الهزلية التي كانت تجري في عهد مبارك ومن سبقوه. وإذا كان هيكل قد صب ماء بارداً على رؤوس الناس بملاحظته الصارخة، فإن هذا الماء فشل في تبديد الحماسة التي قابل بها الشعب أول فرصة لانتخاب رئيسه بنزاهة وتحت إشراف مراقبين دوليين ومحليين. ويمكن حل المشكلة الدستورية بعد انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وقبل حلول موعد الجولة التالية بين أعلى اثنين أصواتاً في منتصف يونيو المقبل للحصول على عقد زواج يسبق الولادة! وفي الوقت الذي فشلت فيه استطلاعات الرأي القليلة التي جرت في تحديد أصحاب الحظ الأكبر بالفوز، فإننا نعذر السلطات المصرية على هفواتها الدستورية والانتخابية لعدم تعودها على إشراك الشعب في اختيار برلمانه ورئيسه، ولوقوعها عقوداً طويلة تحت تأثير أنظمة استبدادية كانت ترسم نتائج الانتخابات مسبقاً. وعلينا أن نعترف أن عيون العالم وخاصة العيون الأميركية والإسرائيلية مركزة على ما يجري من تطورات في كبرى الدول العربية، تحوطاً لما قد يحدث لمعاهدة كامب ديفيد من تعديلات تطلبها السلطات المصرية خاصة وأن المرشحين الأقوياء للرئاسة أبدوا تحفظهم على عدد من بنود تلك المعاهدة. لكننا لا نستطيع في هذه الأيام التاريخية والمفصلية التي تجتاح مصر، إلا أن نوجه التحية والتهنئة والتقدير إلى الشعب الثائر والصابر الذي حقق إنجازات لم تكن موضع تصور قبل سنة من الآن. نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية